ايها الاخوة بارك الله بكم جميعا ,
اسمحوا لي بكل محبة ان اقول لكم : لقد فاجأتموني .
وانا عادة لا اشارك في مثل هذه المواضيع وان كنت اتابعها , لانني ارى ان كثيرين يستوفونها بحثا لكثرة ما فيها من شروحات عند الحزب , وخاصة انها مشروحة في النظام والمفاهيم بشكل كبير . ولكن ما ورد في مسألة الصلة بالله هو الذي فاجأني , خصوصا اغفال الامر الاهم الذي قصد الحزب التركيز عليه , وهو الامر الاهم في اختلاف المبدأ الاسلامي عن مبدأ فصل الدين عن الحياة . لقد زرع كتاب النظام فكرة وتفاصيل ومضمون صراع الحصارات و صراع الاسلام مع الكفر , واراد ايجاد الوعي على ان الاسلام مبدأ وان المبادئ
ثلاثة وليست اثنين . وها هو العالم اليوم يضج في مقاومة ومحاربة الشجرة التي غرس نبتتها الحزب , من خلال وضع خططه الكبيرة وتحريك جيوشه وانفاق امواله على صراع الحضارات . ونحن اليوم في امس الحاجة لحمل الامة لخوض هذا الصراع معنا وبقيادتنا , من خلال هذه الافكار وهذه الحضارة , حضارتنا التي هي من صلتنا بالله .
ايها الاخوة لقد حدد كتاب نظام الاسلام بوضوح ان الصلة بالله تتمثل في أمرين :
الاول : الخلق والايجاد من عدم .
الثاني : الاوامر والنواهي .
وكان التركيز كبيرا على الامر الثاني , لان الامر الاول يدركه او يعترف به العالم بشكل شبه كامل ( باستثناء اصحاب المبدأ الشيوعي والملحدين ) ولكن كصراع يهمنا المبادئ وليس الافراد . والآن العالم فيه الحضارة الغربية التي نصارعها , وهي لا تواجة الاعتراف بصلة الخلق والايجاد من عدم , وانما تواجه الامر الثاني , وهو ان هناك اوامر ونواه من الله سبحانه وتعالى للانسان في الحياة يجب ان يسير حياته بها وعلى اساسها .صحيح ان هذا معروف بداهة لكل شاب في حزب التحرير بداهة , ولكن عدم ذكره فضلا عن عدم ذكره بوضوح وابراز , لفت نظري الى انه قد يكون هناك عدم انتباه ( وان كان هناك ممارسة ) الى ان هذا الامر الثاني هو موضوع الصراع اليوم عمليا . فيجب ابرازه .
هذه الاوامر والنواهي هي التي تعطي المفاهيم عن الحياة وهي التي تعطي المقاييس .
لقد ذكر اخي الكريم الدكتور ان الصلة هي ادراك العبد انه مخلوق ..... وذكر ضمن ذلك مسألة العبودية والطاعة , وهي تعني ذلك الامر الثاني من الصلة , ولكن لم يظهر الانتباه الى ذلك الامر بشكل مركز , وانما جاء بشكل تلقائي اي من مجرد انه مخلوق فهو عبد . فالامر لم يكن دقيقا , وانما كان مصيبا لانه كما قلت نحن نمارسه تلقائيا بسبب ما لدينا من افكار ومفاهيم . ولا يفوتني التنبيه الى ما اشار اليه بعض الاخوة , الى ان الصلة ليست هي الادراك , فالصلة حاصلة سواء اعترف بها العبد ام لم يعترف . فالعبد عبد رغما عنه واضطرارا , وانما مطلوب منه الاقرار والاذعان .
وهذه الصلة هي الامران معا , ورسالتنا وهدفنا و ان كان الامران معا , ولكن موضع الصراع والدعوة والتغيير اليوم هو الامر الثاني , وهو رأس الحربة في الصراع مع فكرة فصل الدين عن الحياة , واسأل الله ان يعيننا على القيام بهذا الامر وان ياخذ بايدينا الى النصر المبين المؤزر لوضع هذا المعنى للصلة بالله موضع التطبيق والتنفيذ. وبارك الله بكم.