السلام ليكم ورحمة الله وبركاته
الجاهل لايقبل النصح ولا ينتصح
الجاهل ليس معناه الصغير في السن، بل الصغير بعقله وادراكه، وهو التافه السفيه الذي لا رادع له من خلق او دين عن عمل او قول ما بدا له من منكرات وفواحش واثام تهواها نفسه، وهو الذي يغتر بجهله وجاهليته، ولا يسمع نصحا ولا يتبع هدى فهو الذي قال فيهم الله تعالى:- (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)البقرة،قال ابن كثير في تفسيرها رحمه الله:-
وقوله : ( وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ) أي : إذا وعظ هذا الفاجر في مقاله وفعاله ، وقيل له : اتق الله ، وانزع عن قولك وفعلك ، وارجع إلى الحق امتنع وأبى ، وأخذته الحمية والغضب بالإثم ، أي : بسبب ما اشتمل عليه من الآثام ، وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير ) [ الحج : 72 ] ، ولهذا قال في هذه الآية : ( فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) أي : هي كافيته عقوبة في ذلك .وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)البقرة
والجهل ان كان نابعا من عدم معرفة وعدم علم، فانه يعالج بالتعليم والتذكير وتبليغ من لم يبلغه الخبر والدعوة، روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية)، إن واجب كل مسلم سمع آية أن يبلغها وبذلك ينتفي الجهل من حياتنا، وربَّ مبلغ أوعى من سامع إن شاء الله، ولا يجوز لنا أن نستسلم للجهل مطلقاً وهذه مهنة الأنبياء مع أقوامهم ومهمتهم، رغم سفاهة الأقوام وجهلهم على أنبيائهم، فمرة كان الأنبياء يؤمرون بمجادلة الجاهلين وخطابهم، قال تعالى: )وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوماً تجهلون( وذلك لاقامة الحجة عليهم وطلبا لهدايتهم ان اقبلوا وتعلموا وعرفوا ما يجهلون بسبب نقص العلم والمعرفة، ومرة كانوا يؤمرون بالإعراض عن الجاهلين، قال تعالى: )سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين( وقال تعالى: )خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.اي الذين يصمون اذانهم عن سماع ما فيه سعادة حياتهم ويتبعون ما فيه شقائهم وتعاستهم فامثال هؤلاء الجاهلين فكريا وعقليا ومنهجا وسلوكا ويصرون على ذلك لا نبتغيهم ونعرض عنهم..ويبقى باب التوبة مفتوحا لمن اراد ولوجه فتب إلى ربك عن معصيةٍ تجاوزتَ بها الحدود وأنت جاهل لا تعلم، قال تعالى: )ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك إن ربك من بعدها لغفور رحيم).
وكان نبينا سلام الله وصلاته عليه كلما خرج من بيته قال : (اللهم إني أعوذ بك أن أضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أزِلَّ أو أُزَلُ، أو أظلِمَ أو أُظلَمُ، أو أجهل أو يُجهل عليَّ). وقال تعالى حكاية عن موسى - عليه السلام - : ( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) . ونتذكر من السيرة النبوية المشرفة ان عمرو بن هشام سمى نفسه ابا الحكم ولما كان ليس كذلك وان تسميته لم تنطبق على واقع مسماه اسماه النبي سلام الله عليه اباجهل وحفظ له وانتشر وذاع ما اسماه به رسولنا صلى الله عليه وسلم.فلا يغرنك الاسماء الرنانة ولا الالقاب الطنانة وانظر الى الافكار فاما سمت بالانسان واما بها انحط وهوى..فما قيمة لقب سماحة لمن لا سماحة له وما قيمة لقب فضيلة لمن لا فضيلة له وما قيمة لقب الدكتور لمن حمله بجهالة او البرفسور لمن لقبه على ضلالة... اللهم نعوذ بك من الجهل والضلال ونسالك الهدى والتقى والرشاد
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته