هكذا خذل أوباما الشرق الأوسط
30.08.2015
آرون ديفيد ميلر
ريال كلير وورلد 26\8\2015
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
سواء أكنت تعتبر نفسك من المعجبين في سياسات باراك أوباما في الشرق الأوسط أو من خصومها, فإن هناك أمرا واحدا يجب أن يكون واضحا تماما من الآن: جزء كبير من متاعب السياسة الخارجية للرئيس في هذه المنطقة تنبع من وجود نمط من الخطاب ذو سقف عال دون أن يكون هناك حاجة لذلك. في الواقع, مرة بعد مرة, أثار أوباما دون أي داع أو حاجة توقعات كبيرة ومن ثم فشل في الوفاء بها.
هذه الخطابات ذات السقف العالي خلقت فجوة مبكرة بين كلمات أوباما وأفعال إدارته, وهي الفجوة التي أضرت بمصداقية أمريكا وغذت الشكوك حول عزم الولايات المتحدة في أذهان الحلفاء والخصوم على حد سواء.
هذه الفجوة لم تسد, ويبدو أن الرئيس بعيد كل البعد عن التعلم من أخطائه, أوباما مستمر في أسلوبه في طرح التزامات لا يمكن له الوفاء بها. لننظر إلى الحالات التالية.
السلام الإسرائيلي- الفلسطيني: أسلوب وضع غايات كبيرة في غياب تام عن وجود سياسة مقنعة بدأ مباشرة. بعد يومين له في الرئاسة, عين أوباما وفي أول ظهور شخصي له في وزارة الخارجية جورج ميتشل كمبعوث خاص في الشرق الأوسط. ليس هناك أي رئيس منذ جيمي كارتر استثمر كثيرا في وقت مبكر في قضية لم يكن مستعدا لها. واستحال الأمر أكثر سوء عندما دعت الإدارة إلى تجميد إسرائيلي كامل للاستيطان في حين أنها لا تملك أن تمارس أي ضغط على إسرائيل للقبول به, وللوصول إلى اتفاقية سلام في غضون عامين, وهي فكرة بدت فيما بعد وكأنها ضرب من الخيال. وتعرضت لضربة أخرى ايضا بعد جهود وزير الخارجية جون كيري بين عامي 2013 و2014 للوصول إلى مسودة لاتفاقية سلام لم يكن لها أي فرصة لتطبق في الواقع. حاليا, عملية السلام التي كانت تتبناها الإدارة أصبحت في مهب الريح. كما أنه ليس لديها أي مصداقية الآن بين العرب والإسرائيليين.
" على الأسد الرحيل" والخط الأحمر السوري: ثم جاءت أمثلة أخرى على الخطاب الرئاسي الذي يفوق استعداد الولايات المتحدة وقدرتها على التحرك. ربما كان من المفهوم ردا على همجية نظام الأسد في استخدام الضربات الجوية ضد المدنيين, بما في ذلك استخدام البراميل المتفجرة, أن يدعو الرئيس مرارا إلى تنحي الدكتاتور السوري عام 2011 وأن يحذر بأن استخدام السلاح الكيماوي أمر غير مقبول, وان الرد سوف يكون قاسيا. تراجع الرئيس أوباما عن ما يطلق عليه الخط الأحمر يجب ان لا يقف بنا هنا. النقطة هنا هو أنه وللمرة الثانية في الشرق الأوسط, وفي أزمة أكثر أهمية من المشكلة الإسرائيلية الفلسطينية التي لم تحل يعد بأعمال لم يفي بها. لم يكن هناك أي رد عسكري على تخطي الأسد للخط الأحمر. لا يقتصر الأمر على أن الدكتاتور لا زال في الحكم, ولكن يبدو أنه ليس أمام الولايات المتحدة أي حل, إذا كان هناك حل سياسي لوضع نهاية لحرب الأهلية في سوريا, سوى القبول بالأسد كجزء من الحل.
هزيمة داعش: بالنظر إلى التقليل من خطر الدولة الإسلامية أول مرة, ووصفها عام 2014 بأنها فريق (جي في) التلفزيوني, سرعان ما بدأ الرئيس بالحديث حول تفكيك داعش وفي النهاية تدمير هذه الدولة الإرهابية. صيغة الخطاب الأخير الذي استخدمه أوباما هو أننا " على المسار الصحيح لهزيمة داعش". لا يمكن للرئيس أن يأخذ التهديد باستخفاف. بعد عام على إنشاء داعش لدولة االخلافة, فقد استقرت في سوريا والعراق ايضا. وفي حين أن الولايات المتحدة حققت بعض النجاح في استهداف مقاتلي داعش وقادتها, وفي العمل مع حلفاء محليين لاستعادة الأراضي, يبدو أن الدولة الإسلامية باقية. التقارير الأخيرة تشير إلى أن الإدارة دربت 60 مقاتلا سوريا فقط لمواجهة داعش-بعضهم قتل أو أسر على يد جبهة النصرة, فرع القاعدة في سوريا- وهو شاهد حي على الفجوة ما بين الوعود وتنفيذها.
الاتفاق مع إيران: من الواضح جدا أن الاتفاق النووي هو أحد القضايا التي وفت فيها الإدارة بالتزامها. للمفارقة, فإنها إحدى القضايا التي خفض فيها الرئيس ومساعدوه توقعاتهم ولم يرفعوا آمالهم إلى مستويات غير واقعية. ولكن حتى مع ذلك, يبدو أن هناك توجها للمبالغة, مع إشارة كيري إلى أن عمليات التفتيش سوف تستمر إلى ما لا نهاية أو القول بأن الولايات المتحدة لديها تأكيد مطلق بأنها سوف تعلم تماما ما تخفيه إيران. تقديم الاتفاق إلى الكونغرس أكثر صعوبة بسبب التزامات أمريكا المبكرة بالسعي إلى عمليات التفتيش في أي وقت وأي مكان وضمان أن طهران سوف تكون واضحة فيما يتعلق بالأبعاد العسكرية لنشاطات إيران السابقة. أي من الأهداف السابقة لا يمكن تحقيقه, والإدارة كانت على الأرجح تدرك هذا في ذلك الوقت.
جميع وعود الإدارة تفوق ما يمكن أن تقدمه. لننظر فقط إلى سلف أوباما عندما جاء إلى العراق. المفارقة هنا هو أن الرئيس يعتبر نفسه واقعيا, وليس انتقاليا, عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط؛ ويبدو أنه يقع في فجوة التوقعات في كثير من الأحيان.
عندما لا تتحرك أو لا تريد أن تتحرك, فإن الكلام يصبح بديلا للفعل. جزء من المشكلة ربما يتمثل في أن الإدارة ترى العالم بالطريقة التي تريدها, وليس كما هو فعلا. ربما يكون جزء من القضية هي وجود الرغبة في تخفيف ضغوط استخدام الكلمات الجريئة. مهما كان التفسير, ليكون لديك مصداقية في السياسة الخارجية عليك أن تقول ما تعنيه, وأن تعني ما تقوله. للأسف, في مناسبة عديدة, تفعل إدارة أوباما عكس ذلك تماما.