الى القيادة الفلسطينية : خارطة الطريق الوطنية ... د.يوسف عبدالحق*اغسطس 31,2015 بقلم بدلا من التلهي والتكسب من هذه الحكومة او تلك دعونا بدون مقدمات ندخل في لب المحنة التي نعيشها منذ حوالي ربع قرن. لقد أفرزت تجربة السلطة خلال هذه الفترة عدة حقائق تشكل خرسانة البناء الفلسطيني القادر على الصمود في وجه الأبارتهايد الاسرائيلي الاحتلالي الذي ندعي دوما أننا نشكل الحكومات والقيادات من أجل التصدي له. أكدت هذه التجربة اولا و بشكل قطعي على أن الغزو الصهيوني ليس فقط لن ينسحب من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ عدوانه عام 67 بل هو حتى لن يتوقف عن توسعه في كل المجالات والاتجاهات بغير مواجهته بالقوة بالمعنى الشمولي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لها، باعتبارها هي الوحيدة القادرة على جعل تكلفة استمراره في هذا النهج الاستعماري فوق قدرة طاقته على التحمل.
ثانيا أن هذه القوة لا يمكن خلقها في هذه المرحلة بدون وحدة وطنية فلسطينية ليس فقط لأن تاريخ حركات التحرر العالمية قد أثبت ذلك واقعيا بل وايضا نتيجة لأن الوضع العربي الذي يشهد انهيارا استراتيجيا في كل المجالات والاتجاهات يحرم حركة التحرر الفلسطيني من اي دعم بل واحيانا يتساوق مع الغزو الصهيوني متسترا بحجة الانقسام الفلسطيني من خلال عمله الدؤوب على تعميق وتوسيعه بشكل يخدم بوعي اوبدون وعي المخططات الصهيونية الامبريالية .
ثالثا: اتضح بشكل قاطع أن هذه الوحدة الوطنية لا يمكن نحقيقها بدون برنامج وطني تتوافق عليه جميع الفصائل والقوى الفلسطينية. إن التجربة التحررية الوطنية والاجتماعية الفلسطينية أكدت بيقين لا لبس فيه أن برنامج الحد الأدنى للاجماع الوطني هو برنامج الاجماع الوطني لفلسطيني المستند الى قرارات الشرعية الدولية والمتمثل في الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة والثابتة غير القابلة للتصرف في الانسحاب الاسرائيلي العسكري والاستيطاني الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الكاملة السيادة على هذه الأراضي على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الخالدة وحق تقرير المصير مع ضمان حق العودة. فهذه قرارات دولية لا يمكن لأي فلسطيني يتمتع بالعقل والضمير أن يتنازل عنها .
رابعا: يستلزم برنامج الاجماع الوطني المشار اليه سابقا، هيكلية قيادية قادرة وطنيا وعربيا ودوليا على أن تشكل الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وهو ما تم تعميده بالدم الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطيني على قاعدة إعادة بنائها استنادا الى هذا البرنامج وعلى أساس انتخابات حرة ديمقراطية تعددية وفقا لمبادئ حرية التفكير والاعتقاد والرأي والتعبير وحقوق الانسان واستنادا للتمثيل النسبي الكامل باعتباره يمكن الجميع من المشاركة في القرار بما يضمن حشد جميع طاقات الشعب الفلسطيني، على أن تتم هذه الانتخابات اولا للمجلس الوطني حيثما امكن ذلك وإلا بالتوافق بالتزامن مع انتخابات المجلس التشريعي على أن يتم انتخاب اللجنة التنفيذية فورا ثم بعد ذلك تتم انتخابات الرئاسة.
خامسا: من الواضح أن هذه العملية تستلزم مرحلة انتقالية يتولى قيادتها الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية المشكل من الأمناء العامين لجميع الفصائل والقوى الوطنية والاسلامية باعتبارهم يمثلون الكل الفلسطيني تعبيرا عن المشاركة الوطنية الفعلية في القرار بعيدا عن الاقصاء والتفرد والفساد والافساد وذلك الى أن يتم اتخاب اللجنة التنفيذية. يتولى هذا الاطار فورا تنفيذ الانتخابات للمجلس الوطني والتشريعي ومن ثم الرئاسة الفلسطينية خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخه.
سادسا: تتولى م.ت.ف ممثلة بالاطار القيادي المؤقت لها في المرحلة الانتقالية أو باللجنة التنفيذية المنتخبة من المجلس الوطني الجديد، المسؤولية الكاملة عن التنفيذ الفوري لكل ما سبق وكذلك عن كل ما يتعلق بالجانب الوطني التحرري وتشكيل حكومة فلسطينية فورا تقتصر مسؤولياتها على الجانب المجتمعي الديمقراطي الداخلي فقط ،على أن تحصل على ثقة المجلس التشريعي الحالي الى ان يتم انتخابات المجلس التشريعي الجديد المخول بمنح الثقة للحكومة الجديدة التي تشكلها في هذه الحالة اللجنة التنفيذية المنتخبة من المجلس الوطني الجديد.
سابعا: يشكل الاطار القيادي المؤقت فورا قيادة موحدة لقوات الشرطة تحت مسؤوليته وتعمل تحت مرجعيته يتفرع عنها قيادتين واحدة في الضفة والأخرى في غزة على أن تنحصر مهام هذه القيادة في الأمن الداخلي المدني فقط.
ثامنا: يشكل الاطار القيادى المؤقت فورا قيادة وطنية موحدة للقوات الأمنية الأخرى تحت مسؤوليته وتعمل تحت مرجعيته يتفرع عنها قيادتين واحدة في الضفة والأخرى في غزة، على أن تنحصر مهام هذه القيادة في الأمن القومي فقط.
تاسعا: يتولى الاطار القيادي المؤقت اواللجنة التنفيذية الجديدة المنتخبة فيما بعد فورا معالجة جميع القضايا الخلافية العالقة اليوم بين الفصائل والقوى الوطنية وفيما بعد معالجة ما ينشأ بينها من قضايا خلافية تعجز الحكومة الفلسطينية عن معالجتها.
عاشرا: يتولى الاطار القيادي المؤقت فورا الاشراف على تشكيل مجلس القضاء الأعلى من خلال تعيين لجنة من أساتذة القانون في الجامعات الفلسطينية ذات صدقية عالية تشرف على انتخابات مجلس القضاء الأعلى التي يشارك فيها كل قاض لا تقل خدمته قاضيا في سلك القضاء عن 10 سنوات.
حادي عشر: يتولى الاطار القيادي المؤقت فورا تشكيل محكمة دستورية من خلال اختياره لخمسة قضاة من عشرة قضاه يرشحهم مجلس القضاء الأعلى.
هذه هي في اجتهادي خارطة الطريق الوطنية للمسيرة الفلسطينية الراهنة وحوهره يتمثل في برنامج الاجماع الوطني وفي تحمل الاطار القيادي المؤقت الى حين انتخاب مجلس وطني جديد ينتخب لجنة تنفيذية جديده، لمسؤولياته المتمثلة في اعادة بناء م.ت.ف والسلطة الفلسطينية بشكل ديمقراطي، وقيادة القوى الأمنية الوطنية والشرطية ، وتولي مسؤولية النضال الوطني التحريري بمختلف الأشكال وعلى مختلف الأصعده، و تحديده لصلاحيات الحكومة الفلسطينية بالجانب المجتمعي والديمقراطي، واصلاحه للقضاء. وإذا كانت القيادة الفلسطينية للحكمين في رام اله وغزة القادرة على تعبيد هذه الطريق فورا تبدو منذ فترة طويلة متقاعسة عن تعبيد هذه الطريق كل منها بسبب أجندته الخاصة، يصبح المطلوب من القوى اليسارية التي في ذاتها تعرف الحقيقة أن تشمر عن سواعدها لتنقية ذاتها اولا من سوس الانتفاع الفئوي والشخصي ووهم المكاسب الفئوية السياسية المظهرية ومن ثم الانطلاق ببرنامج موحد نحو تعظيم دورها في تعبيد هذا الطريق والا انطبقت عليها مقولة غسان كنفاني " لا عذر لمن أدرك الفكرة وتركها"
نابلس 25/6/2015
• استاذ جامعي ومحامي / المنسق الثقافي للمنتدى التنويري /نابلس
yosibrahaq@yahoo.com