هو حاجب بن زرارة بن عدس الدارمي التميمي. من سادات العرب و تميم في الجاهلية و حكمائها . كان عجباً في معرفة أخبار العرب , وأنسابها , ومن مشاهير فصحائها , ولبغائها , وأوفيائها .و كان رئيس تميم في عدة مواطن, وهو الذي رهن قوسه عند كسرى على مال عظيم ووفى به. وهو صحابي جليل أدرك الإسلام وأسلم وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات بني تميم لجبايتها. وكان من أشهر الشخصيات في الجاهلية التي يتم اللجوء أليهم لفض المنازعات .
حاجب بن زرارة ( أغلى فداء من الملوك )
كانت دية العبد في الجاهلية إذا قتل خمس من الإبل , ودية الحر عشرة , ودية الملك ألفا , فما دية الزعماء من قومي ( تميم ) ؟ إليك الإيضاح :
لم يسمع بملك , ولا سوقة , افتدى بمثل ( فداء حاجب بن زرارة ) لذا ضرب المثل بفدائه فقيل : أغلى فداء من حاجب بن زرارة وذلك أنه أدعى أسره ذو الرقيبة القشيري يوم جبلة وادعاه الزهد مان وهما من بني عبس , فحكمته عبس وعامر في نفسه , فحكم أنه أسير ذو الرقيبة بألف بعير , وأطلق له مائه من الأسرى : أسارى قيس في تميم وإنما ديات الملوك ألف بعير , فزادهم حاجب على فداء الملوك , مائه أسير , بل زعمت قيس في أشعارها أنها أخذت منه ( 1000 عبد ) و ( 2000 ناقة ) وعها أولادها , وقد صرح بهذا ( أصم باهله ) في قوله :
حتى افتدوا حاجبا منا وقد جعلت = سمر القيود برجلي حاجب أثرا
بألف عبد و ألفى رائم جعلــــــوا = أولادهم كقاض لؤمهم جــزرا
وفي ذك يقول الفرزدق مفتخراً :
أبت عامر أن يأخذوا بأسيرهــم =مئين من الأسرى لهم عند دارم
وقالوا لنا: زيدوا عليهم فأنهــــم =( لفاء ) وإن كانوا ثغام اللهــازم
رأوا حاجب أغلى فداء وقومــه =أحق بأيام العلى والمكــــــــــارم
فلا نقتل الأسرى ولكن نفكهـــم =ذا أثقل الأعناق حمل المغـــارم
وروى ابن قتيبة أن أكثر العرب فداء ( حاجب بن زرارة ).
بيت حاجب بن زرارة ( أشرف البيوت )
وكان بيت حاجب من أشرف بيوت العرب وسوف أسوق أليكم هذه القصة :
في أحد الأيام سأل كسرى _ ملك الفرس _ النعمان بن المنذر الذي ولاه الفرس عرش الحيرة هل في العرب قبيلة تشرف على قبيلة ؟ قال نعم.
قال: فبأي شئ ؟ قال .
من كانت له ثلاث آباء متوالية رؤساء , ثم اتصل ذلك بكمال الرابع , فالبيت من قبيلته فيه , وينسب إليه .
قال : فاطلب ذلك , فطلبه فلم يصل إلا في أربعه :
وكان منهم ( آل حاجب بن زرارة ) من حنظله من تميم .
وقد كان ( حاجب بن زرارة ) لسان تميم والعرب في كثير من المواضع والأيام منها:
فقد فاخر حاجب عند كسرى فقال :
قد علمت العرب أنا فرع دعامتهم , وقاده زحفها . قالوا: ولم ذاك يا أخا تميم ؟ قال : لأنا أكثر الناس عديداً , وأنجبهم وليداً , وأعطاهم للجزيل , وأحملهم للثقيل .
واعتز ( حاجب بن زرارة ) بقبيلته ( تميم ) بين وفود القبائل في بلاط الحيرة :
لقد علمت أبناء خندف أننــــــا =لنا العزُ قدماً في الخطوب الأوائلِ
وأنا هجان أهلُ مجدٍ وثــــروةٍ =وعـــزٍ قديم ليس بالمتضائـــــــــلِ
فكم فيهم من سيدٍ وابن سيـــــد =أغر نجيب ذي فعالٍ ونائــــــــــــلِ
فسائل أبيت اللعن عنا فأننـــــا = دعائم هذا الناس عند الجلائــــــــلِ
وكان ( حاجب بن زرارة ) من أعضاء الوفد الذينا وفدوا على كسرى .
وخطبته هي :
ورى زندك وعلت يدك وهيب سلطانك إن العرب أمة قد غلظت أكبادها واستحصدت مرتها ومنعت درتها وهي لك وامقة ما تألفتها مسترسلة ما لاينتها سامعة ما سامحتها وهي العلقم مرارة والصاب غضاضة والعسل حلاوة والماء الزلال سلاسة نحن وفودها اليك وألسنتها لديك ذمتنا محفوظة وأحسابنا ممنوعة وعشائرنا فينا سامعة مطيعة إن نؤب لك حامدين خيرا فلك بذلك عموم محمدتنا وان نذم لم نخص بالذم دونها .
فقال كسرى : يا حاجب ما أشبة حجر التلال بألوان صخرها؟
فقال حاجب : بل زئير الأسد بصولتها .
حاجب بن زرارة ( أوفي العرب )
لماذا حاجب ( أوفى العرب ) ؟
إن حاجب بن زرارة وفد على كسرى لما منع العرب و منهم تميم من ريف العراق فاستأذن عليه فأوصل إليه: أسيد العرب أنت قال: لا قال: فسيد مضر قال: لا قال: فسيد بني أبيك أنت قال: لا.
ثم أذن له فلما دخل عليه قال له: من أنت قال: سيد العرب قال: أليس قد أوصلت إليك أسيد العرب فقلت لا حتى اقتصرت بك على بني أبيك فقلت لا قال له: أيها الملك لم أكن كذلك حتى دخلت عليك فلما دخلت عليك صرت سيد العرب قال كسرى: آه املئوا فاه دراً.
ثم قال: إنكم معشر العرب غدر فإن أذنت لكم أفسدتم البلاد وأغرتم على العباد وآذيتموني.
قال حاجب: فإني ضامن للملك أن لا يفعلوا قال: فمن لي بأن تفي أنت قال أرهنك قوسي.
فلما جاء بها ضحك من حوله وقالوا: لهذه العصا يفي! قال كسرى: ما كان ليسلمها لي لشيء أبداً فقبضها منه وأذن لهم أن يدخلوا الريف.
ووفي حاجب بوعده , فلم يعتد أحد من العرب أو تميم يومها على فارس .
ومات حاجب بن زرارة فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه فأخذه : فلما وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم عطارد بن حاجب وهو رئيس تميم وأسلم على يديه أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها فقالوا: يا رسول الله هلك قومك وأكلتهم الضبع يريدون الجوع - والعرب يسمون السنة الضبع والذئب. فقبله النبي صلى الله عليه وسلم .
دخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك على سليمان بن عبد الملك فقال له من أنت ؟ _ وجهم له كأنه لا يعرفه _ فقال الفرزدق أو ما تعرفني يا أمير المؤمنين !! قال: لا.
قال أنا من قوم منهم ( أوفي العرب ) وأسود العرب و أجود العرب وأحلم العرب و أفرس العرب وأشعر العرب .
أما ( أوفي العرب ) {فحاجب بن زرارة } الذي رهن قوسه عن جميع العرب فوفي بها.
وأما أسود الناس فقيس بن عاصم الذي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسط له رداءه وقال: هذا سيد أهل الوبر .
أما أحلم العرب فعتاب بن ورقاء الرياحي .
أما أفرس العرب فالحرش بن هلال السعدي .
أما أشعر العرب فهأنذا بين يديك يا أمير المؤمنين.
فاغتم سليمان مما سمع من فخره ولم ينكره وقال : ارجع على عقبيك فمالك عندنا شئ من خير , فرجع الفرزدق وقال :
أتيناك لا من حاجة عرضت لنا =إليك ولا من قلة في مجاشع
ما أعظم حاجب...
وما أعظم تميم التي أنجبت هذا الرجل العظيم ...