بسم الله الرحمن الرحيم(7)
الحلقة السابعة من سلسلة (ربط العبادات بالسلوك والمعتقد (7)):__
والحديث اليو م بعد ماطاب اللقاء بكم احبتي في الله في شرطين من شروط الصلاة : وهما الوقوف مع القدرة ، واستقبال القبلة المشرفة .
اما وقد طهرت في بدنك وثوبك ومكانك ، وطهرت باطنك ونفسك وقلبك من كل سوء يشين انسانيتك ، وسمعت النداء فلبيت معظما ومجلا ومحبا ومكبرا لربك ، معظما لامره على كل ما سواه ، فقف تعظيما واجلالا للعظيم فان لم تقوعلى الوقوف فتوجه اليه بالتعظيم واستقبله يالشوق والانكسار كيف ما استطعت ، فانه الرحيم بعباده الرؤوف باحوالهم ثم ول وجهك شطر البيت العتيق ، القبلة التي ولاها ربك لنبيه فرضيها سلام الله عليه ، وحرصا منه صلوات ربي عليه عليها .فقد اوصى امته ان لا يجتمع في الجزيرة موطن القبلة دينان حتى تبقى خالصة لاهل الايمان من اهل الضلال والعصيان والكفران واهل تحريف الملة والدين الحق بما وكيفما يهوى سلاطين الزمان ويرمون الله وراء ظهورهم ، ولا يريد ان يتسلل اهل المكر والكيد الى تلك البقاع الطاهرة لا بشخوصهم ولا بارجاس افكارهم ولا بنجاسة كيدهم ومكرهم لتبقى الجزيرة مأرزا للايمان طاهرة من كل وجود لغيره .
وها نحن تبعنا سننهم كما اخبر عليه السلام شبرا بشبر وذراعا بذراع وذلك باتخاذ مقاييسهم للافعال والافكار وحذوالقذة بالقذة في المعاملات والسلوك حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه بالتلقي عنهم والتقليد الاعمى ولا حول ولا قوة الا بالله. وذلك بعد ان تسللوا الى حصون الامة الفكرية والعقلية وتسوروها فهدموها في مشارق الارض ومغاربها واولها الجزيرة كي لا يبق للايمان مأرزا يأرز اليه ولا كيان يحمله ويدافع عنه او ينشره .
ولقد كانت قبلتنا الاولى المفروضة علينا بيت المقدس المباركة للعالمين والملاحظ ان بيت المقدس كانت تحت احتلال وسيطرة الروم الصليبية يوم اذ ، وكانت مكة تحت ولاية المشركين العرب ومع ذلك بقيت قدسية المكان مع نجاسة من يسيطر عليه ، ولذلك قاد النبي بنفسه فتح مكة وقاد بنفسه غزوة تبوك ، واشرف على معركة مؤتة وجهز لها لتكونان بوابة فتح الجهاد ضد الروم الدولة الاعظم في زمانها عددا وعدة وممتلكات ، واستمرت مسيرة الفتح والتطهير بالجهاد للعباد والبلاد حتى فتحها الفاروق رصوان الله عليه عمر الذي لو كان نبيا بعد رسول الله لكان هو ، فشرفه الله تعالى بتسلمه مفاتيح بيت المقدس هو ومن معه ممن رضي الله عنهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينم المسلمون ولن يناموا عن مقدس يدنس.
ولنا ملاحظتان في امر القبلة:1=في مكة : كان النبي سلام ربي عليه واله يضع الكعبة بينه وبين بيت المقدس في صلاته فلما راى المشركون انه يقدس الكعبة التي يقدسون ارادوا ان يتوصلوا معه الى نقاط مشتركة ليتعايشوا سويا على القواسم المشتركة الموهومة فنزلت سورة المفاصلة والممايزة (قل ياايهاالكافرون لا اعبد ما تعبدون. ولاانتم عابدون مااعبد........).
(...لكم دينكم ولي دين) فلا يمكن ان يلتقي الحق والباطل ولا يمكن ان يجتمع الكفر مع الايمان ولا النجس مع الطاهر فانتبه يا مستقبل القبلة اسقبالا لربك العظيم ، وسبح رتك العظيم ، ونزهه ان يكون في قلبك وفكرك سواه وسوى ما يرضى بما اوحى وشرع ولم يجعل له شريك في الملك ليشاركه التشريع لعباده.
2=في المدينة : صلى عليه السلام بالمسلمين متوجها الا بيت المقدس حوالي سبعة عشر شهرا وكان اليهود بخبثهم يوهمون الناس ليفرقوهم عنه ويبعدون الاخرين-انه عليه السلام على ملتهم ، وكان هذا التلبيس والايهام له اثره ووقعه على الاسلام ونبيه، وكانوا يوهمون الناس ان النبي طالما يتوجه الى قبلتهم فانما هو تابع لهم ويلتقي معهم كونهم اهل الكتاب الاول والاسبق ايمانا حسب زعمهم ، موهمين الناس بان ذلك شهادة لهم باحقية الاتباع ، وهذا من شأنه خلق البلبة الفكرية في الامة وايهام بانهم شركاء له في القيادة الفكرية ، وهي مسألة لا يخفى خطرها وتأثيرها على المجتمع والحياة . فلما غير الله القبلة وحولها الى مكة والبيت الغتيق جن جنونهم وبطل مكرهم واسقط في ايديهم وعلموا ان بهذا الدين وفكره وتشريعه عزلوا تماما عن الحياة الفكرية في مجتمعات الجزيرة وسحب البساط من تحت اقدامهم ، وسفها منهم قالوا مالذي غيرهم عن قبلتهم ونسوا ان ملتنا من مقتضياتها اتباع امر الله بلا نقاش ولاجدال ، ولا نملك ان نحرف كلام الله ولانبدل كلماته ولا نجادله فيا من استقبلت القبلة لتستقبل عظمة ربك اعلم انه (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) فتخلص من التاثر بفكرهم ومن عمى تقليدهم ومن الاعجاب بفسقهم من اتباع امرهم ومن الغرور بهم فلا يقاربوك الا كما تفعل الافعى في من تدفاْ ت بحضنه فتلدغه. واعلم انك باستقبالك لهذه القبلة التي جعلها الله لك انما فارقت ملل اهل الارض جميعا ولم تبق روابط ولا اواصر تربطك بمودة وموالاة بينك وبين الخلق الا من توجه الى قبلتك فاصبحت معهم انت وهم بنعمة الله اخوانا فلا تعودوا بعد نعمة الله واخوته عليكم كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض يا اهل القبلة الواحدة والملة الواحدة .( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) .
نعم قف متوجها لربك طالبا رحمته ورضاه وهداه مبتغيا الهداية لطريق الرشاد التي انارلك الحبيب سلام الله عليه معالمهاوتركك على المحجة البيضاء التي لايزيغ عنه الاالهالك اعاذنا الله واياكم من الزيغ والضلال وارشدنا سبيل الهداية والرشاد .
والسلام عليكم ختام حلقة هذا المساء ولا تنسونا من صالح الدعاء.