(9)بسم الله الرحمن الرحيم(9)
الحلقة التاسعة من سلسلة ربط العبادات بالسلوك والمعتقد :____
بعد ان دخلت بالتكبير، واحرمت بالتعظيم ، تضع يمناك على يسراك ، معظما لربك متادبا مع حضرة القدس جل وعلا ، مكتفا نفسك وتقودها لتضعها بين يديه مستسلمة منقادة لامره منصاعة لطاعته ، وبامره تخضع تلبية وطاعة نازعة لغيره كل امر وطاعة ، متخلصة من الشرك والكفر والنفاق وطباعه ، مخلصة لله دينها بالتزام سنة نبيها وكتابه.ترجوا رضوان ربها وحده وتحسب حساب حسابه وتعد ليوم لقائه.
ثم يسن لك ان تستفتح لقائك مع الاهك باعلان انك على ملة ابراهيم عليه السلام التي امرربك نبيك سلام ربي عليه باتباعها (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)النحل.. والملة : هي الطريقة والمنهج ، وفي المعنى الشرعي :طريقة ربط الحياة بالمعتقد - اي :
كيفية ان تكون العقيدة منطلقا ، ومقياسا للفكر، وقاعدة لتنظيم السلوك والتصرف في مجالات النشاط البشري في الحياة. ولخصت ملة ابينا ابراهيم في الاية{قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)الانعام} والاية
﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)﴾الانعام).والمتمعن بهذا النص الكريم يجد ملة ابينا ابراهيم قامت على مايلي:
1-الايمان بالذي فطر السماوات والارض مع التوجه اليه في كل امر وشأن صغر ام كبر .
2-اعلان الاسلام : وهو الاستسلام والانقياد بالفكر والنفس والهوى لمنهج الله تعالى ، دون ميل او حيد عنه -حنيفا - اي مستقيما لايحيد عن منهجه لا الى يسار ولا الى يمين.
3-البراءة من الشرك واهله بالطاعة او الاتباع او الصلة او التواصل حتى لو كان من الاقربين ، ولما اصر ابوه على الشرك ولم يبق في اسلامه امل وانحاز الى قومه المشركين تبراْ عليه السلام منه ومن قومه وهجرهم وما يعبدون.
4-اتباع امر الله وحده بتلقي الامر من جهته سبحانه فقط لانه وحده المستحق للعبودية والطاعة ، وليس له شريك في الخلق ليشركه الخلق في الطاعة والاتباع ، ولا ينبغي لمخلوق ان يطيع مخلوقا الاطاعة فقط في امرالله وبامره سبحانه تعالى .
5- ربط الحياة باوامر الله ونواهيه حتى الممات اي ربطها بواهبها ومن بيده انتهائها ، فالذي خلقها ووهبها كما بيده انهائها هو وحده صاحب الولاية على تنظيمها ، وله الحق وحده في التشريع لاهلها ، وسيحاسبهم على تشريعه والتزامه وينقم على من اتبع تشريع غيره.
6 -ان القربات على وجه التعبد والتقرب والنسك من اطعام وذبائح وزيارات التعظيم للاماكن وتقديسها لله وحده ايضا ،فهو الذي يحددها ويبين كيفيتها وطريقة اداءها .فهو سبحانه الذي يشرع ما يعبد به او يمنع ، وهو الذي يقول ويحكم ان تقدس كذا او لا تقدس .
7 -ان من ملة ابراهيم تحقير الاوثان وتحطيم الاصنام ، التي تعظم وتقدس وتعبد وتطاع من دون الله ، سواء كانت حجرية او بشرية فلا قدسية في الارض الا لما جعله الله مقدسا وكل ما اتخذ مقدس بالهوى فهو نجاسة يجب ان تزال.
بهذا الفهم للملة والطريقة وعلى هذه الملة تتوجه في صلاتك وبها لربك العظيم والى لقاء اخر استودعكم الله دينكم وخواتيم اعمالكم ولا تنسوا اخيكم من دعوة صالحة وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .