Hitskin.com

رسائل موقوتة
من الضياع إلى عزيزي أنا....
أما قبل...
لا مرحباً بك ، ولا سلام عليك..
وأما بعد ..
ها قد أدركت _ متأخراً _ أن الكائن الذي كنت تحلم أن تكونه بعيدٌ عنك تماما ، وأن المسافة الفاصلة بينكما ليست أقصر من تلك الواقعة بين انقراض "الديناصور" وظهور "الترانزستور"

وأن قميصك القروي الذي قُدَّ من قُبل لم يعد صالحاً لرد البصر على أحلامك التي ابيضت عيناها من طول انتظارها لغائبٍ لم يكن موجوداً أصلاً ..

وأن قصائدك الجميلة ليس بمقدورها أن تجعل أنثى واحدة تقطع حاجز الصمت بينك وبين قلبها ، ناهيك عن قطع يدها كما فعلت "نسوة المدينة " ذات مُتَّكأ...

وأن قلبك ليس جميلا بما يكفي لتراوده امرأة العزيز ويشغفها حباً ، وليس قوياً بما يكفي لأن يلبث في السجن بضع سنين ، وليس مكيناً ليكون جديراً بمنصب "العزيز" ...

عندما كنتَ شاعرًا...
كانت رائحتك القروية قادرة على اختراق الشاشات وإصابة قارئيك بالقرف ..
وأفكارك البلهاء كفيلة بأن تجعل مراهقةً "لها تسعتان من العمر " تنسى جدالها مع حبيبها قبل لحظات ، وتسقط أرضا من شدة الضحك ...

عندما كنتَ شاعرًا ..
كنتَ مفضوحاً للغرباء قبل القرباء ،
وكان قلبك أبيضاً لدرجة الوثوق بكائناتٍ محسوبة على الإنسانية ظُلماً وزوراً ،
ونقياً بما يكفي لأن يتصور أن وراء كل رسالة عابرة حُباً لا حدود له ...

أما الآن فقد أصبحتَ إنساناً غير ذلك الذي لم يكن أنت ..
لم تعد تعنيك النصوص المنقوعة بالدموع ، والقصائد الساقطة من رحم الوجع ،
والمفردات المتسللة من قاموس الفؤاد ...

لم تعد تعنيك الكتابات المغلفة بالشوق ،
والرسائل التي لم تُفتح بعد ،
والمحادثات المحذوفة باستمرار ،
والحالات.المأخوذة من أفواه المجانين ،
والوعود "العرقوبية" المُشبعة بالكذب ،
والنقوش المسمارية على صفحات الماء ،
والجراح المبثوثة في جسد الحلم ،
والآمال المعلقة على شجر الغيب ،
والذكريات التي لم تكن جزءاً منها ،

لم تعد تعنيك الرؤى التي ستجعلك على خزائن الأرض ،
والذئب الذي سيواري كيد إخوتك ،
والقافلة التي ستأتيك بهم من البدو ،
والصُّواع الذي ستضعه في إصبع ليلاك كي لا ترجع مع الوفد ، ...

لم يعد يعنيك شيء. ...
فقد أصبحتَ كبيراً بما يكفي لتعرف كم مرةً يَصُدُق الرجل...؟!
ولكنك لن تصبح كبيراً كي تعرف كم مرةً تكذب الأنثى ..

» ويسْألونَكِ عمَّنْ خلفَهُ مَرُّوا - غالب العاطفي
» --- رسائل الاردن ....
» هذا الشتاء - رسائل مريم البتول

Hitskin.com

رسائل موقوتة - غالب احمد العاطفي