المواضيع الأخيرة | » 77- من دروس القران التوعوية-الدوران حول النفس خلق مذموم!!اليوم في 1:42 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutionsأمس في 2:05 pm من طرف سها ياسر » 76- من دروس القران التوعوية- حُسن الجوار2024-11-13, 10:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 75- من دروس القران التوعوية - وجوب اخذ زمام المبادة للامة والجماعات والافراد2024-11-12, 9:29 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 74-من دروس القران التوعوية- الحقوق !!!2024-11-11, 9:37 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 34- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - التزكية والتعليم2024-11-10, 11:47 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 73-من دروس القران التوعوية - التوكل والتواكل2024-11-08, 10:09 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 17- من ذاكرة الايام - من مواقف شهامة الرجال 2024-11-07, 8:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 72- من دروس القران التوعوية- المال ...2024-11-07, 6:55 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 71-من دروس القران التوعوية-معالجات الاسلام للفقر والعوز2024-11-06, 8:20 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 70- من دروس القران التوعوية -العمل لكسب الرزق والمعاش2024-11-05, 7:44 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 69- من دروس القران التوعوية-حرب الاسلام على الفقر واسبابه2024-11-05, 8:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 68-من دروس القران التوعوية -الاسلام وحده المحقق للعبودية والاستخلاف2024-11-05, 1:35 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 33-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - مفهوم التزكية2024-11-04, 12:43 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 67- من دروس القران التوعية- الالتقاء على كلمة سواء2024-11-02, 8:30 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 66- من دروس القران التوعوية -تحقيق العدل في اوساط البشرية مهمة جمعية2024-11-02, 11:32 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » حديث الجمعة -الى متى ننتظر ؟؟!!2024-11-01, 1:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » الطائفة الناجية!!!2024-11-01, 1:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 65- من دروس القران التوعوية - كُونُوا رَبَّانِيِّينَ !!2024-10-31, 12:46 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 64- من دروس القران التوعوية - وقاية النفس من الشح2024-10-30, 2:59 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية2024-10-29, 11:10 am من طرف سها ياسر » 32-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - العقيدة العملية2024-10-29, 1:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 63- من دروس القران التوعوية- العدل والعدالة في القران2024-10-28, 8:03 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 62-من دروس القران التوعوية :الشورى2024-10-27, 6:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 61- من دروس القران التوعوية-الحذر من مؤسسات الضرار حتى لو لبست لباس شرعي2024-10-25, 9:51 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 60- من دروس القران التوعوية - اسباب النفاق2024-10-25, 5:18 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 59- من دروس القران التوعوية -العداء المستحكم في النفوس !!2024-10-24, 7:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 58- من دروس القران التوعوية - التكاليف الشرعية جاءت ضمن قدرات الانسان2024-10-23, 8:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 57- من دروس القران التوعوية - ادب الدعاة2024-10-22, 6:10 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية2024-10-21, 10:03 am من طرف سها ياسر |
عداد للزوار جديد | |
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 700 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 700 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث لا أحد أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 752 بتاريخ 2024-09-20, 4:22 am |
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى | |
احصائيات | هذا المنتدى يتوفر على 1031 عُضو. آخر عُضو مُسجل هو Mohammed mghyem فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 66425 مساهمة في هذا المنتدى في 20324 موضوع
|
عداد زوار المنتدى |
|
|
| دراسة قرآنية حول فعل “شاء” وما يتعلق به - أ.د عبد العزيز بايندر | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
نبيل القدس ابو اسماعيل المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 38802 تاريخ التسجيل : 18/03/2009
| | | | نبيل القدس ابو اسماعيل المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 38802 تاريخ التسجيل : 18/03/2009
| موضوع: رد: دراسة قرآنية حول فعل “شاء” وما يتعلق به - أ.د عبد العزيز بايندر 2018-07-08, 9:18 pm | |
| وقد ترك معنى المشيئة الحقيقي وهو إيجاد شيء كما رأينا فيما سبق، ثم قيل إنها بمعنى الإرادة. ولم يكتف بذلك بل قيل إن المشيئة مصدر أصلي من فعل “شاء” وبالتالي أصبح “شاء” بمعنى أراد. وقد سلك هذا الطريق الجوهري وهو من اللغويين القدماء؛ حيث قال: والمشيئة: الارادة، وقد شئت الشئ أشاؤه. [37]
وقد توفي الجوهري بعد الإمام الماتريدي بستين سنة. ومما يدعو إلى الدهشة هو أن الكلمة قد اعتراها تغيير جذري في معناها اللغوي خلال هذه المدة القصيرة خلافا للقواعد اللغوية. ويقول الراغب الاصفهاني الذي مات بعد الجوهري بعشرين سنة أن المشيئة عند أكثر المتكلمين الإرادة. وهذا يدل أن ما كتبه الجهوري في معنى المشيئة كان بتأثير المتكلمين.
فمنذ ذلك الوقت تورد جميع المعاجم اللغوية أن شاء بمعنى أراد. كما هو الحال في التفاسير. قال اللغوي الشهير إن منظور: “شيأ: الـمَشِيئةُ: الإِرادة. شِئْتُ الشيءَ أَشاؤُه شَيئاً ومَشِيئةً ومَشاءة ومَشايةً: أَرَدْتُه”[38] كما قال إن المَشيئة مصدرُ شاءَ يَشاءُ مَشيئَةً.[39]
وهذا التغيير العجيب والمدهش في “شاء”، أدى إلى عدم فهم الآيات التي وردت فيها كلمة شاء. ننظر إلى الآيتين التاليتين من سورة الأنعام، قال الله تعالى: «سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ؛ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ» (سورة الأنعام، 6 / 148-149)…
سيقول هؤلاء المشركون، اعتذارا عن شركهم، لو شاء الله ألا نشرك به، ولا يشرك آباؤنا من قبلنا، لما أشركنا، ولما أشركوا، ولو شاء الله ألا نحرم شيئا من الحرث والأنعام وغيرها، لما حرمنا، ولكنه شاء أن نشرك به الأولياء والشفعاء، وشاء أن نحرم ما حرمنا من البحائر والسوائب وغيرها فحرمناها، فإتياننا بها دليل على مشيئة الله تعالى، وعلى رضاه بها.
وكما كذب المشركون كذلك كذب من كان قبلهم تكذيبا غير مبني على أساس من العلم. حتى ذاقوا بأسنا. ولو كان الله راضيا عن أفعالهم لما عاقبهم عليها، كذلك لو كانت أعمالهم صادرة عنهم جبرا، لما استحقوا العقاب عليها، ولما قال الله تعالى : إنه أخذهم بذنوبهم، وأهلكهم بظلمهم . واسألهم يا محمد : هل عندهم علم يعتمدون عليه فيما يقولون ويحتجون؟ فإن كان عندهم مستند صحيح على أن الله رضي لهم الشرك، والتحليل والتحريم، فليظهروه. ثم يقول تعالى: إنكم لستم على شيء من العلم الصحيح، بل تتبعون في عقائدكم وآرائكم الحدس والتخمين الذي لا يستقر عنده حكم.
«قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ» أي: له الحكمة التامة، والحجة البالغة في هداية من هَدى، وإضلال من أضل، «فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ» وكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويُبْغض الكافرين.
وعلى هذا التفسير فقد توافق قول الله تعالى مع قول المشركين؛ مع أنه تعالى ذمّهم على قولهم… ونضع أحد القولين تحت الآخر حتى يسهل لنا الفهم:
قول المشركين: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا…
قول الله: فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ…
وقد تشابه القولان بسبب مثل هذا التفسير الخاطئ الذي جعل الآيتين متضادين، وهو مما يثير الارتباك في الأذهان. وقد أدخل المتكلمون هذا التفسير الخاطئ في العقائد عبر مسألة القدر. وقد انزلق المسلمون تبعا لذلك في مستنقع ليس من السهل الخروج منها.
القدر
القدر في القرآن الكريم، يعني تلك المقاييس والمقادير. والله تعالى هو الذي وضع مقياس كل شيء، وهو سبحانه يثيب أو يعذب بحسب هذه المقادير. قال الإمام الماتريدي: وأما القدر فهو على وجهين. أحدهما الحد الذي عليه يخرج الشيء وهو جعل كل شيء على ما هو عليه من خير أو شر، من حسن أو قبح، من حكمة أو سفه وهو تأويل الحكمة أن يجعل كل شيء على ما هو عليه ويصيب في كل شيئ الأولى به وعلى مثل هذا قوله تعالى : ” إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ” (القمر، 54 / 49).
والثاني بيان ما عليه يقع كل شيء من زمان ومكان، وحق وباطل ، وما له من الثواب والعقاب وعلى مثل أحد هذين المروي عن رسول الله عند سؤال جبريل عليه السلام إياه عن الإيمان أنه قرن ما ذكرنا بالقدر: خيره وشره من الله.[40]
وكان فهم الإمام الماتريدي للقدر صحيحا لأن تفسيره لفعل “شاء” كان صحيحا. ولكن المتكلمين الذين غيروا معنى شاء قد غيروا معنى القدر أيضا…
ومنهم الطحاوي حيث قال في القدر ما يلي: ولا يكون إلا ما يريد… وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته، ومشيئته تنفذ، ولا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا، وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله.[41]
وقال أيضا: أصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان وسلم الحرمان ودرجة الطغيان فالحذر كل الحذر من ذلك نظرا وفكرا ووسوسة فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه ونهاهم عن مرامه كما قال الله تعالى في كتابه : «لا يُسأل عمّا يفعل وهم يسألون» فمن سأل : لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين.[42]
وهو كلام لا يمكن توضيحه بآية أو عقل. لذا استدل الطحاوي بآية لا علاقة لها بالموضوع أصلا؛ وزعم أن إعمال العقل يؤدي إلى الكفر بالرغم من إخبار الله تعالى أنه يجعل رجس الكفر على من لا يستعمل عقله؛ حيث قال: « وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ» (سورة يونس، 10 99-100).
لا يعرف إيمان أحد إلا الله لأن الإيمان محله القلب، ولا يطلع على ما فيه إلا هو سبحانه. قال الله تعالى: «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» (سور القصص، 28 / 58).
المهتدي هو الذي اهتدى أي دخل الطريق الصحيح. والهداية تتحقق بما في القلب من الإيمان حيث لا يعرفه أحد إلا الله تعالى، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم حقيقة قلوب الناس ومن الممكن أن يعتبر المنافق مؤمنا. وعلى هذا فإن الإنسان يهتدي أولا ثم يُقبل عند الله مهتديا.
ومن الواضح أن ما استدل به الطحاوي من الآيات لا علاقة له بالموضوع. كما أن القول لماذا فعلت كان يعدُّ كفرا، لكان الملائكة أولى بذلك لأنهم وجهوا السؤال إلى الله تعالى حين أخبرهم بقوله” إني جاعل في الأرض خليفة. قال الله تعالى: «وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً[43] قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ» (سورة البقرة، 2 / 30).[44]
ومنشأ الخلاف العميق بين الطحاوي والماتريدي المتكلمان المتعاصران من متكلمي أهل السنة، هو التفسير الخاطئ لكلمة “مشيئة”. كما نفهم ذلك من التفسيرات لقوله تعالى: «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» (سورة النحل، 16 / 93).
فمعنى الآية قبل أن يعتري التحريف في معنى كلمة “شاء” على النحوي التالي: فلو اختار الله – سبحانه وتعالى – لجعل الناس متفقين على الهدى، ليس فيهم عاص، ولكن الله – سبحانه وتعالى – أعطى الإنسان حرية الاختيار، وبين له طريق الخير والشر، فمن سلك طريق الشر فسوف يعاقب على ما فعل؛ لأنه اختياره، ومن اختار طريق الخير فسوف يكافأ على إحسانه؛ لأنه اختياره…
أما تفسير الآية بعد أن اعترى التحريف معنى كلمة “شاء” كالتالي: لَوْ أراد اللَّهُ تعالى لجمع الناس على الهدى وجعلهم أُمَّةً وَاحِدَةً ولكنه تعالى المنفرد بالهداية والإضلال، وهدايته وإضلاله من أفعاله التابعة لعلمه وحكمته، يعطي الهداية من يستحقها فضلا ويمنعها عمّن لا يستحقها عدلا.
وقد أخذ الماتريديون قسطهم من هذا التحريف حيث قارب فهمهم للقدر فهم الطحاوي. كما قال فيه عمر نصوحي بلمن: إن الله – تبارك وتعالى – قدر الأشياء في القدم، وعلم – سبحانه – أنها ستقع في أوقات معلومة عنده – سبحانه وتعالى – وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى في الأزل. فكل ما قدره الله وجب الوقوع، وما لم يقدر لا يقع. وعلى هذا نؤمن بقدر الله وقضائه ونرضى بهما.[45]
فأصبح معنى القدر عند أهل السنة أن أفعال الإنسان تم تقديرها أو عُلِمت من قبل، فكل ما يصدر من الإنسان هو حسب القدر، وفق علم الله السابق… وإذا صح هذا القول فهل يبقى للإمتحان معنى؟ مع أن الله تعالى يخبرنا أنه خلق البشر للإمتحان حيث قال: «تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ» (سورة الملك، 67 / 1-2).
وقال أيضا: «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ» (سورة المائدة، 5 / 48). وقال: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ» (سورة الأنعام، 6 / 165).
الإمتحان
وقد فقد المسلمون طريقة التفكير الصحيح بسبب فهمهم الخاطئ للقدر الذي سلب من الإنسان حريته مع أن الله تعالى يقول إنه أقام نظام الحياة الدنيا على أساس الإمتحان. فالمسلمون يزعمون خلاف ما أخبرنا ربنا سبحانه. وإليكم تفصيل مدى مخالفة آراء المسلمين مع المنهج القرآني بدراسة آية من القرآن الكريم وهي قوله تعالى: «وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لا َيَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» (سورة البقرة، 2 / 124).
يقول فخر الدين الرازي عند تفسير هذه الآية، إنه لا يجوز لله تعالى أن يمتحن عبادة… وإليك نص كلامه: أنه تعالى وصف تكليفه إياه ببلوى توسعاً لأن مثل هذا يكون منا على جهة البلوى والتجربة والمحنة من حيث لا يعرف ما يكون ممن يأمره ، فلما كثر ذلك في العرف بيننا جاز أن يصف الله تعالى أمره ونهيه بذلك مجازاً لأنه تعالى لا يجوز عليه الاختبار والامتحان لأنه تعالى عالم بجميع المعلومات التي لا نهاية لها على سبيل التفصيل من الأزل إلى الأبد.[46]
فلا شك أن الله تعالى يعلم ما خلقه وما سيخلقه. ولكنه لم يخلق أو لم يقدر ما سيقوم به العباد من الأفعال؛ وذلك ليتحقق الامتحان. لذا قال الله تعالى: « هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا . إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا؛ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا؛ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا؛ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا» (سورة الإنسان، 76 / 1).
وقال أيضا: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ؛ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ؛ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» (سورة البقرة، 2 / 155-157).
وبالرغم من أن الله تعالى أقام نظامه على الاختبار إلا أن فخر الدين الرازي يقول إن الابتلاء هنا مجاز وليس حقيقة، ولم يتكلف الإتيان بدليل يؤيد قوله هذا.
بينا سابقا أن القدر هو المعيار والمقياس. وقد أعطى الله تعالى لكل شيء معيارا خاصا. ولا يعني هذا أنه تعالى حدد جميع ما يقوم به العبد. لأن التحديد يختلف تماما عن إعطاء القدر / المعيار للأشياء. قال أبو جعفر الطبري _ وهو ممن لم يتأثر من التغيير الذي اعترى فعل “شاء”_ في إبتلاء الله تعالى إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة، 2 / 124 ما يلي:
وكان اختبار الله تعالى لإبراهيم، اختبارا بفرائض فرضها عليه، وأمرا أمره به. وذلك هو “الكلمات” التي أوحاهن إليه، وكلفه العمل بهن، امتحانا منه له واختبارا.[47] وكون الطبري يكتب في تفسيره كل ما بلغ من الآراء،[48] يشير إلى أن الآراء المتعلقة بالابتلاء قد ظهرت بعد عصر الصحابة.
والإمام الماتريدي الذي توفي بعد الطبري بـ 23 سنة يفسر فعل شاء على شكل صحيح ولكنه في نفس الوقت لا يقبل أن الله تعالى قد ابتلى إبراهيم. حيث قال: الابتلاء والامتحان في الشاهد: استفادة علم خَفِيَ عليه من الممتحن والمبتلى به، ليقع عنه علم ما كان ملتبسًا عليه.
وفي الغائب لا يحتمل ذلك؛ إِذ اللَّه – عَزَّ وَجَلَّ – عالم في الأَزل بما كان، وبما يكون في أَوقاته أبدًا. والابتلاء منه تعالى يخرج مخرج الأَمر بالشيء أَو النهي عنه، لكن الذي ذكر يظهر بالأمر والنهي؛ فسمى ابتلاء من اللَّه تعالى.[49]
ومن الغريب وجود هذا الكلام في التأويلات مع أن الإمام الماتريدي هو ممن فسر فعل “شاء” على شكل صحيح. وهو أن اختيار الله تعالى لفعل العبد يكون حسب إختيار العبد لفعله.
الزعم القائل أن الله تعالى خالٍ عن الزمن والمكان
القول بأن الله تعالى لا يختبر عباده مع وجود آيات كثيرة تدل على عكسه ليس بصحيح؛ لذا حاول البعض ممن يؤمن بالقدر أن يجدوا مبررا ليدافعوا عن مزاعمهم قائلين بإن علم الله تعالى لفعل العباد في الأزل لا تأثير له في الإختبار. فهم يرون أن الماضي والآتي بالنسبة لله تعالى كالحاضر. فالله يعلم ما يختاره العبد بإرادته الحرة وكذلك المكان والزمان الذين يصدر فيهما الفعل من العبد بعلمه الذي لا حدود له والمطلق عن الزمان والمكان. وإذا حان الوقت يخلق الله بإرادته ما يختاره العبد. وعلى هذا فعلم الله تعالى بالشيء في الأزل لا يعني جبر العبد في أفعاله لأنه تابع لإرادة العبد. فأفعال العبد لم تصدر منه لكونها معلومة عند الله تعالى.
ونعرف من القرآن الكريم عدم وجود الظاهرة الزمنية. وقد أطلق في القرآن الكريم مفهوم الزمن للدلالة على الترتيب بين ما وقع وما هو منتظر وقوعه. لذا ورد استعمال الله تعالى لأفعاله بصيغة الماضي والحاضر والمستقبل على حد سواء.
والقبول بأن الزمن مخلوق لا يغير شيئا. لأنه لا علاقة بين كون الزمن مخلوقا وبين ما يصدر من الإنسان – الذي لم يخلق بعد – من الأفعال في زمنها الخاص معلوما مسبقا. وبالعكس يستلزم أن يكون الإنسان مصنوعا آليا. ولا يمكن ربط الآيات التي تدل على اختبار الله تعالى عباده بعقيدة القدر استنادا على هذا المنطق؛ لأن إختبار المصنوع الآلي إختبار لصانعه. وهذا يدل على أن القول “إن الماضي والمستقبل بالنسبة لله تعالى سواء” يخالف الآيات المتعلقة بالاختبار. ومن أجل ذلك قام القدريون بتأويل الآيات التي تدل على أن الله تعالى لا يعلم نتائج الامتحان. ومثال ذلك ما قيل في تأويل قوله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ» (سورة محمد، 47 / 31)…
قال الإمام الماتريدي – الذي يرى استحالة اختبار العباد من الله تعالى – أن قوله تعالى “حتى نعلم” يخرج على ثلاثة وجوه:
أحدها: أي: حتى يعلم أولياؤه المجاهدين منكم والصابرين من غير المجاهدين وغير الصابرين، فيكون المراد من إضافة العلم إلى نفسه علم أوليائه…
ولا أدري كيف يسوغ للمسلم أن يقول مثل هذا الكلام؟ هل هناك مقام الولاية بين الله وعباده، فيمتحن الله عباده ليعلم أولياؤه؟ أليس هذا شركا؟ ثم أليس من الجدير أن يكون المجاهدون والصابرون من أوليائه؟
والثاني: يكون المراد بالعلم: المعلوم، وذلك جائز في اللسان واللغة؛ كقول الناس: الصلاة أمر اللَّه: أي: مأمور اللَّه، وكقوله – عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)، أي: الموقن به، وقوله: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ)، أي: بالمؤمن به، ونحو ذلك كثير…
وهذا الكلام لا يمكن قبوله أيضا. لأن كلمة “الأمر” مصدر لا يرتبط بالزمن.أما قوله تعالى: “حتى نعلم” يدل على المستقبل؛ فلا يمكن تجريده في اللغة العربية عن الزمن المستقبل.
والثالث: أي: يعلم كائنًا ما قد علمه أنه سيكون…[50]
وهذا الكلام لا يمكن فهمه أصلا. وهل يختبر الله تعالى نفسه؟ حتى يحتاج إلى معرفة كائن ما قد علمه أنه سيكون؟
والذي يحاول أن يجعل مسألة القدر أصلا من أصول الإيمان، لا يستند على أي دليل، ومن قال به دخل في طريق مسدود، لذا بدأ يحبث عن مخرج فقال: “القدر سر إختص به الله تعالى نفسه”.
والخطأ الذي أقحمه هذا الطريق المسدود هو القيام بتعريف الله تعالى حسب الهوى. بالرغم أن الله تعالى عرف نفسه في كتابه العزيز فقال: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» (سورة الشورى، 42 / 11).
فالله تعالى لا مثيل له ولا نظير. وعلى هذا نحن لا نستطيع أن نستوعبه كما نستوعب الأشياء التي نراها. فليس من واجبنا أن نقوم بتعريفه تعالى حسب الأهواء فنحرف الآيات، بل علينا أن نتبع آياته. قال الله تعالى: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ، كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ» (سورة الأنعام، 6 / 103-107).
كلمة بصيرة تعني الملكة التي يستطيع الإنسان بها أن يرى الحقائق كما هي بعيدا عن التشويش والخلط. ما دام الله تعالى لم يخلق فينا هذه القدرة فعلينا أن نترك الكلام في حق الله تعالى حسب الأهواء. فكل يعرف “أن ليس للإنسان إلا ما سعى” (سورة النجم، 53 / 39). فلا يمكن لأحد أن يعرف الله تعالى مجردا عن المكان والزمن لو لم يكن هناك أقوال العلماء المضللة. كما لا يوجد في القرآن الكريم آية تدل على أن الله تعالى مجرد عن المكان والزمان. بل عكس ذلك حيث يوجد آيات كثيرة تدل على أنه تعالى مرتبط بالمكان والزمان.
والذي أحدث في الإسلام ما يسمى “الإيمان بالقدر” حقق نجاحا في عمله بالتلاعب في معنى الكلمة. ومن أهم الأعمال التي تحققت في تحريف الكلمات تمثل في تفسير كلمة “المشيئة” بـ “الإرادة”. وبهذا أصبح العالم الإسلامي لا يتصور أن يتخلص من سيطرة القدر ويملك القدرة على التفكير الحر، ويخرج من كونه مصدرا للمشاكل إلى أن يكون مرجعا في حل المشاكل…
خداع الناس باسم الله
وقد أُعتُبِر القدر أنه تخطيط من الله تعالى لما سيحدث في المستقبل، ولكن بدون أن يُستند على دليل. وقد أدّى ذلك إلى أنّ كون نظام الله تعالى في هذا الكون مبنيٌّ على الابتلاء لا يعني شيئا؛ لأن أفعال الإنسان تعتبر جزءا من هذا التخطيط.
الماضي والمستقبل كالحاضر بالنسبة لله تعالى. والقول بأن “الله يعلم ما يختاره العبد بإرادته الحرة والمكان والزمان الذين يصدر فيهما الفعل من العبد بعلمه الذي لا يحده زمان ولا مكان” يُرى أنه تعظيم لله تعالى وأن العكس يؤدي إلى عدم علم الله تعالى ما يحدث في المستقبل؛ وهكذا يُخدع الناس باسم الله؛ لأن الحقائق ليست كذلك. كما أشرنا إليه قبل قليل.
يوجد في القرآن الكريم نموذج يبين خطأ مثل هذا الزعم كما يوجد فيه نموذج لكل شيء؛ كما جاء في قصة موسى والخضر؛ وذلك حين قتل الخضر غلاما قال له موسى استنكارا لما فعل: «أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا» (سورة الكهف، 18 / 74)…
وفيما بعد يبين الخضر سبب ما فعل من قتل الغلام قائلا: «وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا. فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْما» إلى أن قال: «مَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي» (سورة الكهف، 18 / 81-82).
الخضر هو الملك الذي أرسله الله تعالى لأداء وظيفة. فالله تعالى يرسل ملائكته لأداء مهامّ معينة.[51]
لم يرد في القرآن الكريم أن الإيمان بالقدر من شروط الإيمان. والذي جعله من شروط الإيمان يرى في مسألة الأجل شيئا عجيبا كما جاء في الموسوعة الإسلامية التي صدرت من وقف الديانة على النحو التالي:
“يعرف الأجل بأنه وقت إنتهاء حياة مخلوق من المخلوقات حسب علم الله تعالى. كما هو رأي علماء أهل السنة والجماعة من السلفية والماتريدية والأشعرية. وعلى هذا فالأجل هو موضوع يتعلق بتقدير الله تعالى مدة حياة مخلوق وموته إذا نقضت تلك المدة. وهذا يعني أن لكل نفس أجلا لا يتغير قطعيا”.[52]
لو كان الأمر كما قال أصحاب المذاهب، لم يقتل الغلام ولم يمت حتى يأتي أجله. ولكن نفهم من الآية أنّ الغلام قد قتل قبل أن يتم أجل.[53] وإلا لم يكن معنىً لقوله تعالى على لسان الخضر: « فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا».
ولو صح القول أن الله تعالى مجرد عن المكان والزمان وأن الماضي والمستقبل عنده كالحاضر وأنه يعلم الماضي وما تم تخطيطه في المستقبل، فكيف يمكن الحديث عن الخشية من إرغام الغلام والديه على الكفر والطغيان؟ كذلك لم يكن فائدة من أخد التدابر لبقاء أبويه مؤمنين لأن علم الله تعالى لا يتغير.
فالأمور المتعلقة بإمتحان المكلفين ليست داخلة ضمن الأمور المخططة. لأن الله تعالى أقام نظام الحياة الدنيا على أساس الامتحان. لذا بين الله تعالى في كثير من الآيات أنه لا يعلم ما يتعلق بإمتحان المكلفين. ومن تلك الآيات قوله تعالى: « إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ . أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ . وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ» (سورة آل عمران، 3 / 140-143).
يظهر أن إبليس خدع بعض علماء المسلمين كما خدع من قبل آدم عليه السلام. لأنه قال حين حصل على وعد الله تعالى لأن يؤخره إلى يوم القيامة قال: «فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ» (سورة الأعراف، 7 / 16-17).
وقد قال إبليس أنه يجلس على الصراط المستقيم. وعلى هذا فهو يضل المسلمين باسم الدين. لذا قال الله تعالى محذرا من غوايته: «وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ» (سورة لقمان، 31 / 33).
كما أن إبتلاء الله تعالى لعباده قد خرج من أن يكون إبتلاء الصبر والجهاد إلى إبتلاء العلم. حتى قيل: “إنّ المدرس يعلم أن أحدا من تلاميذه سينجح في الامتحان أو لا ينجح، وإذا كان هذا حال المدرس وما بالك بالله العلي العليم، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟”
وإحدى الآيات التي أشرنا إليها سباقا هي قوله تعالى: «وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ» (سورة آل عمران، 3 / 143).
والابتلاء هو العزم الذي يستمر حتى اللحظة الأخيرة، وطريق الوصول إلى النجاح هو الصبر والثبات. ومن إحدى مكايد الشيطان في هذه المسألة هي القول “إن الله عالم الغيب”…
الغيب هو ما غاب عن الحاسة وعن علم الإنسان.[54] وما لم يتم تخطيطه من الله تعالى لا يعتبر غيبا له ولا علم يتعلق به.
وكل هذا كان له تأثير سلبي في فهم المسلمين للقرآن الكريم، كما فتح طريقا أمام من يريد تطويع الآيات إلى ما تهوى أنفسهم. وقد أخبر الله تعالى عما سيدور على مثل هؤلاء من الدائرة حيث قال: « يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ . يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ . فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» (سورة الحديد، 57 / 12-15).
فعل “شاء” الذي ورد في الآيات
ورد فعل “شاء” الذي فاعله الله في الآيات التي تشبه أسئلة الإمتحان أو تبين نتائجه.
الآيات التي تشبه أسئلة الإمتحان:
قال الله تعالى: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» (سورة الأنبياء، 21 / 35).
ومن أجل ذلك فإن فعل “شاء” في الآية التالية وهو قوله تعالى: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (سورة آل عمران، 3 / 26-27).
أما الإنسان الذي لا يعرف حكمة الابتلاء يخطئ في فهم الحال الذي هو فيه من الغنى والفقر. كما أخبر تعالى عن مثله بقوله: «فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ . وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ، كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ . وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ . وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا . وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا» (سورة الفجر، 89 / 15-20).
الآيات التي تدل على نتائج الإمتحان
أفعال “شاء” التي فاعِلُها الله فقط، وردت في الآيات التي تدل على نتائج الإمتحان. منها الآيات التالية في حق من خسر الإمتحان: «وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ . وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ» (سوؤة الأنعام، 6/ 111-112).
أفعال “شاء” التي فاعلها العباد
أفعال “شاء” التي فاعلها غير الله من المكلفين وردت في الآيات التي تدل على الأفعال المكلفة التي يختارها العبد بإرادته الحرة وبإذن الله تعالى. ومنها قوله تعالى: «لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (سورة البقرة، 2 / 284).
وقوله تعالى: « إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ» (أي لمن يختار الإيمان وترك الشرك) وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا» (سورة النساء، 4 / 116).
وقوله تعالى: « وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (سورة يونس، 10 / 25).
فعل “شاء” التي يمكن أن يكون فاعلها العباد فقط
وفعل “شاء” ورد في الآيات التي تتحدث عن أهل الجنة وما يستمتعون فيها من النعيم كما في قوله تعالى: «وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ . لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ» (سورة الزمر، 39 / 33-34).
وقال تعالى: «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ» (سورة الشورة، 42 / 22).
الفطرة
الفطرة؛ تعني مبادئ وقوانين الخلقة والتغيير والتطور. وهي تتبين بدراسة المعايير التي وضعها الله تعالى لـ”الشيء”؛ تلك التي تُكَوِّن البِنيةَ الأساسية للكائنات. أي أنّ السماوات والأرض والبشر والحيوان والنبات وغيرها من الأشياء تتكون وتعمل وفق تلك المعايير والقوانين والمبادئ.. وقد اعتبر القرآن الكريم كل واحد من تلك المعايير والقوانين والمبادئ آية (يطلق عليها الآيات الكونية) حيث يوجد بينها وبين الآيات القرآنية علاقة وثيقة، قال الله تعالى: « فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ » (الروم، 30 / 30).
ونفهم من هذه الآية أن الدين هو الفطرة. لذا كثيرا ما ترى القرآن يلفت النظر إلى الفطرة، كما نرى أن الأمثال في القرآن الكريم من الفطرة أي الطبيعة.
يوجد نظام كامل في كل شيء؛ في الطبيعة وعلاقتها بالموجودات الأخرى. ويستطيع كل واحد من الناس أن يفهمها حسب خبرته وقدرته العلمية. وكذلك يوجد نظام متكامل لكل واحد من الأحكام الدينية في القرآن الكريم، كما أن لكل حكم علاقته بالأحكام الأخرى. وهو نظام متوافق مع الفطرة توافقا تاما. وبهذا النظام يستطيع الإنسان أن يعلم أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى:
«سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» (سورة فصلت، 41 / 53).
خلاصة الكلام
كما رأينا فإن الشي والقدر والإرادة مصطلحات بينها ارتباط وعلاقات قوية. ولكن قد أهملت تلك العلاقات عبر التاريخ مما أدى إلى إبعاد الدين عن العلم والفطرة، وبالتالي عدم فهم الدين على شكل صحيح.
ونحن نرى أن المشاكل الهامة اليوم تتركز في علاقة الدين بالعلم. والفطرة هي مصدر ومنبع العلوم. وإظهار ارتباط الدين بالفطرة وعلاقته بها يقدم خدمة للبشرية. ونتمنى أن تكون هذه الدراسة قد أسهمت في هذه الخدمة.
وقف السليمانية/ مركز بحوث الدين والفطرة
الموقع حبل الله www.hablullah.com
أ.د عبد العزيز بايندر
[1] ولمزيد من المعلومات أنظر: شرح الكافية الشافية (1/ 103) المؤلف: محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبد الله، جمال الدين (المتوفى: 672هـ)المحقق: عبد المنعم أحمد هريدي الناشر: جامعة أم القرى مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية مكة المكرمةالطبعة: الأولى
[2] “وَالشَّيْءُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَوْجُودٍ إمَّا حِسًّا كَالْأَجْسَامِ أَوْ حُكْمًا كَالْأَقْوَالِ” المـصـبـاح المـنـير فـي غريـب الشـرح الكبـير.
[3] و فعل شاء. وأصلها شَيَأَ. قلبت الياء ألفا لكون ما قبلها مفتوحا.
[4] ويكون مفعول شاء شيئا كما ورد في قوله تعالى: “وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا” (سورة الأنعام،6 / 80)
[5] قال الله تعالى: « وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا» (سورة الفاطر، 35 / 45).
[6] والإستفهام هنا استفهام إنكاري.
[7] وقد قال أكثر المفسرين أن “ما” في قوله تعالى: «مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَة» (الآية الثامنة والثمانين من سورة القصص) للنفي. وعلى هذا فيكون معنى الآية: لم يكن لهم حق الاختيار. وهو ما لا يمكن قبوله. لأن الله تعالى بين في آية سابقة أن للإنسان حق الاختيار. حيث قال: « فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ» (سورة القصص، 28 / 67). كما جاءت الآية التاسعة والثمانون من نفس السورة مؤيدة ذلك. قال الله تعالى: «وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ» (سورة القصص، 28 / 69).
[8] أساس البلاغة، 1/ 528
[9] جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى: 864 هـ)، تفسير الجلالين، اسطنبول عند تفسير سورة يس، 36 / 82.
[10] كان فعل تام أو فعل ناقص. حين يكون فعلا تاما يكتفي بالفاعل ويدخل ناقصا على المبتدأ والخبر، فيصير المبتدأ اسما له وينصب الخبر. يدل على اتصاف المبتدأ بالخبر في زمن معينة. وقد يفيد الاستمرار. وإذا كان فعلا تاما يكتفي بالفاعل كما في الآية.
[11] محمد بن إبراهيم البغدادي، لباب التأويل في معاني التنزيل المطبعة العامرة 1319 من السنة الهجرية جـ. 4، صـ. 223 (ضمن كتاب المجموعات من التفاسير). وهناك آية أخرى متعلقة بالموضوع هي قوله تعالى: « وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ » (سورة البقرة، 2 / 117). وكلمة قضى في الآية تعني قرر، وكلمة أمر تعني شيء. والتنوين فيه عوض عن المضاف . وعلى هذا فمعنى قوله تعالى: ” إذا قضى أمرا” يكون إذا قرر خلق شيء. وقد فسر القرطبي: إذا أراد خلق شيء. (القرطبي، الجامع للأحكام القرآن، دار الكتب العلمية، بيروت 1408 / 1988، جـ. 2، صـ, 61).
[12] أي أن نخلقها شيئا مستقلا بريئا عن أعمال الآخرين
[13] صحيح البخاري، طوق النجاة ، 1 / 6
[14] أنظر: المفردات، مادة: ذكر.
[15] المفردات، مادة: قدر.
[16] سورة فصلت، 41 / 11.
[17] أنظر: المفردات، مادة: شكر.
[18] المفردات، مادة: كفر.
[19] لسان العرب، مادة: رود.
[20] تفسير الرازي، دار إحياء التراث، ص: 4760
[21] سنن الدارمي، باب البيوع 2.
[22] سنن الترمذي، باب 60، رقم الحديث: 2518.
[23] أنظر: مقايس اللغة لابن فارس؛ والمفردات للاصفهاني (بتصرف).
[24] وكلمة “مصيبة” في الآية هي من صوب الذي يدلُّ على نزولِ شيءٍ واستقرارِهِ قَرَارَه. وعلى هذا فالمصيبة في الآية تعني كل ما أصاب الإنسان ونزل عليه من خير وشر. كما تؤيد ذلك الآية التالية. وهي قوله تعالى: «لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُل مُخْتَال فَخُور» (سورة الحديد، 57 / 23).
[25] المفردات، مادة: قدر.
[26] أنظر: جامع الدروس العربية لمصطفى بن محمد سليم الغلايينى (المتوفى: 1364هـ) الناشر: المكتبة العصرية، صيدا – بيروتا لطبعة: الثامنة 1/ 175؛ أحمد مختار عبد الحميد عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، 2 / 1252.
[27] المفردات، مادة: شيء.
[28] سنن أبي داود، كتاب الأدب 110.
[29] أبو منصور الماتوريدي، تأويلات القرآن، جـ. 7، صـ . 458.
[30] أبو منصور الماتريدي، تأويلات القرآن، جـ. 5، صـ . 250.
[31] المرجع السابق
[32] نور الدين الصابوني، البداية في أصول الدين، الديانة للنشر، أنقرة 1995، صـ . 72.
[33] الزبيدي، تاج العروس، مادة: شيأ.
[34] المرجع السابق.
[35] السيوطي، المظهر في علوم اللغة وأنواعها، بيروت 1998، جـ. 2 / صـ. 100
[36]Muhammed b. Yakub el-Fîrûzâbâdî (ö. 817/1415) el-Kâmûsu’l-Muhît, tahkik Muhammed Naîm el-Arksûsî (العرقسوسي), Beyrut 1426/2005, s. 44. Arapça bilmeyenler için cümleyi tercümenin bir faydası olmayacağı için tercüme edilmemiştir.
[37]El-Cevheri, İsmail b. Hammad (ö. 393 h.), es-Sıhah, (thk: AhmedAbdulgafûrAttâr), Beyrut 1987, c. I, s. 58.
[38]İbnManzûr (ö. 711/1311), Lisan’ul-Arab, شاءَmd.
[39]İbnManzûr, Lisan’ul-Arab,شاءَveشأيmaddeleri.
[40] الإمام الماتريدي، كتاب التوحيد، تحقيق. بكر توبال أوغلو و محمد آروجي، أنقرة 2005، صـ. 488.
[41] العقيدة الطحاوية، 1 / 17.
[42] العقيدة الطحاوية، 1 / 32.
[43] فكلمة “خليفة” بمعنى مخلوف؛ لأنها على وزن فعيل بمعنى الفاعل والمفعول. وعلى هذا فمعنى الآية أن آدم عليه الصلاة والسلام مخلوف؛ أي يخلفه من يأتي بعده وليس خليفة لغيره أو لمن سبقه. وبعبارة أخرى إن كلمة “الخليفة” تحمل معنيين: أحدهما من ينوب عن شخص بموت ذلك الشخص أو بتركه لمكانه. فمثلا حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم خلف أي ناب عنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ لذا قيل عنه خليفة رسول الله. والمعنى الثاني لكلمة “الخليفة”، هو مَن خُلِفَ . وعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم خليفة أي مخلوف وخليفته (بمعنى من ناب عنه) هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه . إن آدم عليه الصلاة والسلام لم يخلف أحدا، وعلى هذا حين يقال عنه خليفة يراد به المعنى الثاني أي أنه مخلوف خلفه أولاده من بعده وتستمر الخلافة على هذا النحو حتى تقوم الساعة.
[44] وكذلك قال الله تعالى عن نوح عليه السلام: «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ؛ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ؛ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ؛ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ؛ وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ؛ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ؛ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ. قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (سورة هود، 11 / 40-47)
[45] عمر نصوحي بلمن، الفقه الإسلامي الكبير، اسطنبول 1986، صـ. 31، الإيمان بالقضاء والقدر، الفصل: 67-70.
[46] الفخر الرازي، مفاتيح الغيب من القرآن الكريم، 1 / 584.
[47] تفسير الطبري، 2 / 7
[48] تفسير الطبري، 1 / 6-7.
[49] الإمام الماتريدي، تأوبلات القرآن، عند تفسير الآية 124 من سورة البقرة.
[50] الإمام الماتريدي، تأويلات القرآن، عند تفسير الآية 31 من سورة محمد.
[51] كما قال الله تعالى: «الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (سورة الفاطر، 35 / 1-2).
ومن الممكن أن يأتي هؤلاء الملائكة في صورة أناس. كما جاوا إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام على شكل ضيوف. كما في قوله تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ؛ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ، فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ، فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» (سورة الذاريات، 51 / 24-30).
ولم يقتنع إبراهيم ببشرى الملائكة بالغلام. لذا قال للملائكة: «فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ، قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ، لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ، مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ» (سورة الذاريات، 51 / 31-34).
وكذلك أرسل الملائكة إلى إهلاك لوط عليه السلام.
وقد حسب موسى الخضر في بداية الأمر إنسانا، لذا أعترض عليه فيما فعل. وعندما بين له خضر تأويل ما فعل وقال له: «وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا» (سورة الكهف، 18 / 82) فهم موسى حقيقة الأمر.
[52] جهاد تونج، الأجل، الموسوعة الإسلامية الصادرة من وفق الديانة، اسطنبول 1994.
[53] الأجل يمكن أن ينقص ولكن لا يمكن أن يطول. أنظر: http://www.hablullah.com/?p=1576
[54] راغب الاصفهاني، المفردات، مادة غيب.
| |
| | | | دراسة قرآنية حول فعل “شاء” وما يتعلق به - أ.د عبد العزيز بايندر | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |