نبيل القدس ابو اسماعيل المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 38802 تاريخ التسجيل : 18/03/2009
| موضوع: خامساً – أسلوب التربية بالمشورة والنصيحة والوعظ 2019-02-19, 10:29 pm | |
| خامساً – أسلوب التربية بالمشورة والنصيحة والوعظ : المشورة والنصح والوعظ هي السبيل الخامس لتربية الأخلاق الفاضلة . أولاً : المشورة : أمر الله النبي بالمشورة في قوله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}[آل عمران/159] ، وإن من صفات المسلمين أن أمرهم شورى بينهم لقوله تعالى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى/38] . وعن فضل المشورة يقول الماوردي: " اعلم أن من الحزم لكل ذي لب ألا يبرم أمراً – ينفذه ويمضي فيه – , ولا يمضي عزماً إلا بمشورة ذي الرأي الناصح ومطالعة ذي العقل الراجح " . وورد في الخبر عن الرسول ( المشورة حصن من الندامة وأمان من الملامة ) ، وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : ( الرجال ثلاثة : رجل تَرِدُ عليه الأمور فيسددها برأيه , ورجل يشاور فيما أشكل عليه وينزل حيث يأمره أهل الرأي , ورجل حائر بائر لا يأتمر رشداً ولا يطيع مرشداً ). ويقول على بن أبي طالب رضي الله عنه نعم المؤازرة المشاورة , وبئس الاستعداد الاستبداد ) ، ويقول عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه : ( إن المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة لا يضل معها رأي ولا يفقد معها حزم ). ويقول بشار بن برد : إذا بلغ الـرأي المشـورة فاسـتـعن برأي نصيح أو نصيحة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة فإن الـخــوافي قــوة للـقـوادم وعن صفات المشير فهي خمس : أ- كمال العقل مع خبرة التجربة حتى يصح الرأي . ب - التقوى والاستقامة , لأنهما عماد كل صلاح وباب كل نجاح ، وأن من غلب عليه الدين فهو مأمون السريرة موفق العزيمة. ج - النصح والود حتى يصدق الرأي ، ولذلك قيل : لا تشاور إلا الحازم غير الحسود واللبيب غير الحقود . د - سلامة الفكر من الهموم والغموم لأن الانشغال بهما يشتت فكر الإنسان فلا ينضج له رأي ولا يستقيم له خاطر . هـ - سلامة المشير من الأغراض والهوى وإلا فسد رأيه , وإن كان غير ملزم بنجاح رأيه لأنه مجتهد ، ولكن يشترط الإخلاص في النصح ، وليس له أن يشير قبل أن يستشار إلا في الضرورة.
ثانياً : النصيحة : وكما جاءت المشورة في القرآن الكريم جاء النصح ، بل هو من مهام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فقد قال نوح عليه السلام {وَأَنصَحُ لَكُمْ} [الأعراف /62] ، وقال هود عليه السلام {وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف /68] . أما عن الأحاديث فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما رواه أبو رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة ، قلنا : لمن ؟ قال : لله وكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ).
ويعرف صاحب بهجة الناظرين النصيحة بأنها " كلمة جامعة يُعبَر بها عن إرادة الخير للمنصوح له ". وهي من حقوق المسلمين فيما بينهم , وقد بايع رسول الله بعض صحابته على النصح لكل مسلم , وهي من باب سد النقص وتخليص النفس من الشوائب . ومن الحديث النبوي يتضح أن النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم . والنصيحة التي لله تعالى على نوعين الأولى واجبة من الناصح باتباع أوامر الله تعالى ومجانبة ما حرم . والثانية نافلة بإيثار محبة الله على محبة نفسه بأن يبدأ بما هو لله . وأما النصيحة لكتاب الله , بحبه له وفهمه والعمل بذلك . وأما النصيحة لرسول الله فهي في حياته وبعد وفاته : بالنسبة للأولى بمحبته وطاعته ونصرته ومعاونته . وبعد وفاته بالعمل بسنته والتأسي بأخلاقه . والنصيحة لأئمة المسلمين بوجوب طاعتهم لعدلهم . وأخيراً النصيحة لعامة المسلمين بحبهم والوقوف إلى جانبهم في السراء والضراء.
ثالثاً : الوعظ : يقول الله تعالى :{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }[الذاريات/55] ، ويقول سبحانه{فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى/9] ، ويقول جل في علاه {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }[النحل/125]. الوعظ والتذكير من أهم وأبرز أساليب التربية الإسلامية في التعليم ، ولا أدل على عظم شأن الوعظ من أن الله تعالى جعله من مهام رسله وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام . - الذكرى والوعظ ينفع الله به قلوب المؤمنين ويصلح به نفوسهم ، فتحيا كما تحيا الأرض بالغيث ، وبخاصة إذا كان الوعظ صادقا ، والواعظ مدركا لمهمته حريصا على أدائها على وجهها الصحيح الذي يحرك مشاعر السامع ويصل إلى قلبه فيلامس مكمن الداء ويقدم الدواء ، وما أجمله إذا راعى أحوال السامعين من غير تطويل ولا ملل ، وهذا هو النهج الإسلامي الرصين الذي يقدر الأمور بقدرها . عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال : كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خميس , فقال له رجل : يا أبا عبدالرحمن , لوددت أنك ذكَّرتنا كل يوم , فقال : أما إنه يمنعني من ذلك إني أكره أن أملكم – أي تملوا من كثرة الوعظ -وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله يتخولنا بها مخافة السآمة – الملل – علينا ) (صحيح مسلم ) . وعن عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحُجر بن حُجر قالا : أتينا العرباض بن سارية , فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين ، فقال العرباض : صلى بنا رسول الله ذات يوم , ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون , ووجلت منها القلوب فقال قائل : يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع ، فما تعهد إلينا ؟ فقال : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً , فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين , تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )( رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ). وعن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة – علامة – من فقهه , فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة ). (أبو داود والترمذي وابن ماجه ) . من خلال الآيات والأحاديث السابقة تتلخص مبادىء الموعظة والحكمة فيما يلي : أ - أن مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق , فبالنسبة للمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعى بطريق الحكمة ، أما القابل ذو الغفلة فيدعى بالموعظة الحسنة عن طريق الأمر والنهي المقرون بالرغبة والرهبة ، وأما النوع الأخير فهو المعاند الجاحد فيجادل بالتي هي أحسن . ب - استحباب التخفيف في الوعظ وعدم الإطالة فيه خشية الملل والنفور . نعم الوعظ والتذكير أسلوب مؤثر يجب أن يؤخذ بالحسبان عند إرادة بناء السلوك أو تقويم العوج وإصلاح الخلل .
سادساً – أسلوب التربية بصداقة الأخيار : من هو صديقك ؟ ولماذا اخترته ؟ وما هي صفاته ؟ وكيف تعلم صدق صداقته ؟ هل أنت على قناعة بأن كل من حولك يصلح أن يكون صديقا لك ؟
هناك بعض الآيات القرآنية تشير إلى بعض أسس الصداقة : - حسن الاختيار . إذا أردت صديقا صادقا فأحسن اختياره ، وكما قيل صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقَك ، - الاستقامة والتقوى . إن الصديق الصالح يحرص على صلاحك وفلاحك وسعادتك في كل شئونك ،،،، - أن تكون صداقته ومحبته لله لا لنفع دنيوي ومحاباة ومداهنة ، لأن هذا الصنف من الأصدقاء يسيرون في فلك مصالحهم فإذا انقطعت انقطعوا ، وإذا تغيرت وتبدلت تغيروا ، وأصبحوا كالماء الآسن ضرره أكثر من نفعه . وتأمل هذه الآيات الكريمة ، لترى حديث القرآن الكريم عن الصنفين : يقول الله تعالى :{الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }[الزخرف/67] ، ويقول سبحانه {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً}[الفرقان/27-29] . ويقول سبحانه:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}[الكهف/28]. - س : ما الصفات التي تظهر لنا من خلال هذه الآيات ؟
ولأهمية الصديق وأثره قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي ), وتأمل هذا التشبيه العظيم للأصدقاء والجلساء في حديثه إذ يقول : ( إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) (رواه مسلم) ومن ثم فالتقوى والثقة في الصديق والصحبة الكريمة والحب في الله هي أسس الصداقة الخيرة ولذا لزم انتقاء الصاحب لمعرفة حقيقته ومعدنه الأصيل , وفي ذلك يقول الماوردي : " فإذا عزم على اصطفاء الإخوان سبر أحوالهم قبل إخائهم ، وكشف عن أخلاقهم قبل اصطفائهم , حيث يقول الحكماء : ( أسبر تخبر ), ولا تبعثه الوحدة على الإقدام قبل الخبرة ، ولا حسن الظن على الاغترار بالتصنع , فإن الملقَ مصايد العقول ، والنفاقَ تدليس الفطن وهما سجيتا المتصنع ، وليس فيمن يكون النفاق والملق بعض سجاياه خيرٌ يرجى ولا صلاحٌ يؤمل . ولذلك يقو الحكماء : اعرف الرجل من فعله لا من كلامه واعرف محبته من عينه لا من لسانه . وقال خالد بن صفوان : إنما نفقت عند إخواني لأني لم أستعمل معهم النفاق ولا قصرت بهم عن الاستحقاق . ولذلك يقول حماد بن عجرد بوزن جعفر : كم من أخ لك ليس تنكره ما دمت من دنياك في يسر مـتـصـنـع لك فـي مودته يلقـاك بالـترحيب والبشر فإذا عدا –والدهر ذو غِيَرٍ دهرٌ عليك عـدا مـع الدهر فارفض بإجمال مودة من يَِقْلي المُقِلَ ويعشـق المـثـري وعليك من حالته واحدة في العسر ما كانت أو اليسر ويظن بالمرء ما يظن بقرينه " على أن الإنسان موسوم بسيماء من قارب , ومنسوب إليه أفاعيل من صاحب حيث يقول الرسول لأنس بن مالك رضي الله عنه : (( وإنك مع من أحببت ) (صحيح مسلم ) ، وقال علي رضي الله عنه : الصاحب المناسب ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ما من شيء أدل على شيء ولا الدخان على النار من الصاحب على الصاحب . وقال بعض الحكماء : اعرف أخاك بأخيه قبلك ، وقال بعض الأدباء : يظن بالمرء ما يظن بقرينه . عن المرء لا تسأل وسل عن قرينة فكل قرين بالمقارن يقتدي ويقول عدي بن زيد : إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي ومن ثم فالحذر ممن نريد صحبتهم وخاصة في هذا الزمان عن طريق التثبت منهم والتريث ومداومة الاختبار والنظر . وهناك أربعة أوصاف لابد من توافرها فيمن نريده أخاً وصديقاً ، وهي : 1- العقل الرشيد : لأن الصديق العاقل يعين على محاسن الأمور ، ويصدق النصح ، أما الأحمق فإنه لا تثبت مودته ولا تدوم صداقته ، فقد جاء في الحديث ( البذاءة لوم وصحبة الأحمق شؤم ) ( رواه أبو هريرة كما عند الدارمي والترمذي وغيرهما). 2- الاستقامة , لأن غير المستقيم يضر نفسه قبل أن يضر من يُصَاحبه , وقد تقدم قول الله تعالى ويقول سبحانه:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}[الكهف/28]. 3- حسن الأخلاق , لأنه بتوافرها في هذا الأخ الصديق , فإن ما يقبل عليه من أعمال فهي خيرة بعيدة عما يسيء لهذه العلاقة. 4- الرغبة والميل في الصداقة أو المؤاخاة حتى تستقيم وتستمر العلاقة , لأن هناك من الأخيار من لا يعيش دون صداقة .
سابعاً – أسلوب التربية بالترغيب والترهيب : الترغيب : وعد يصحبه تحبيب وإغراء , بمصلحة أو لذة أو متعته آجلة مؤكدة , خيرة , خالصة من الشوائب , مقابل القيام بعمل الصلاح , أو الامتناع عن لذة ضارة , أو عمل سيئ ابتغاء مرضاة الله , وذلك رحمه من الله لعبادة. والترهيب : وعيد وتهديد بعقوبة تترتب على اقتراف إثم أو ذنب مما نهى الله عنه , أو على التهاون في أداء فريضة مما أمر الله به , أو هو تهديد من الله أو من رسوله يقصد به تخويف المذنب أو المسيء أو المقصر , ليكون دائماً على حذر من ارتكاب الهفوات والمعاصي. والأصول و المبادئ الأخلاقية في الإسلام هي طريق الحق الهادي إلى سواء السبيل ، أما سواء الخلق والبعد عن طريق الحق فيؤدي إلى سواء العاقبة , حيث يقول الله تعالى : { قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }[المائدة/15،16] كما أن القيم الأخلاقية هي ميزان الفرد الذي يميز به أموره ويعرف به الخبيث من الطيب خاصة إذا ما كان هذا الميزان وضع بنور الحق , حيث يقول الله تعالى : {اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ }[الشورى/17] . {وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}[الرحمن/7-9]،{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ...}[الحديد/25] . وقبل الخوض في مبدأ الثواب والعقاب , فإن الحقيقة في موضوع التربية الإسلامية هي قيامها على الخشية من الله تعالى لأنه يعلم سلوك الفرد في السر والعلن , قليلها وكثيرها خيرها وشرها مع حسابه عليها , وتأكيداً لذلك يقول الله تعالى :{ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [البقرة/284] , {وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ }[الأنعام/3] ,{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }[8،7] . والخشية من الله تعالى كأساس للتربية في الإسلام نابعة من كون الأخلاق الإسلامية نظام إلهي يجب اتباعه , خاصة وأن تلك الأخلاق تتوافق مع طبيعة الإنسان والعنصر القدسي المتمثل في الروح التي يعلم سرها خالقها تعالى , وهو الأمر الذي يجعل الالتزام بهذا الخلق الإسلامي أكثر وقعاً في النفوس وأكثر وقبولاً ومدعاة لطاعة النظام الإلهي العظيم. وأما الذين يخالفون هذا النظام ويتنكبون طريقة المستقيم كالمنافقين وأصحاب الأعمال السيئة فإن جزاءهم الخسران المبين , حيث يقول الله تعالى :{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}[البقرة/204-206] . ومع هذا الجزاء والخسران فهناك حق السلطة الاجتماعية في تنفيذ العقاب على هؤلاء المنافقين والمفسدين , حيث يقول الله تعالى :{ إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة/33]
| |
|