العرب مادة الاسلام
فمن اراد ان تقوم لاهل الاسلام قائمة فليتمسك بالعرب الذين يُعتبر العجم تبعا لهم في هذا الامر، فلا تغدو عيناك عنهم، وقد ميز الله تعالى العرب بثلاث خصال:-
1- جعلهم الوارثون لمشعل هدايته ونور نبوته يوم استبدل الامم الاخرى بهم، فحسدتهم الامم السابقة يوم اختارهم ربهم على العالمين، والله اعلم حيث يضع رسالاته، واختار صفوتهم صلى الله عليه واله وسلم نبيا ورسولا امين، ختم به الانبياء و المرسلين بلسان عربي مبين..{لتكونَ من المنذرينَ بلسان عربيٍّ مبين} (الشعراء: 195)....
2-جعل لسانهم لسان الخطاب الاخير لاهل الارض -القران الكريم والشرع الحنيف-. فلا تصح صلاة الا بتلاوة القران بلسانهم..{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف:2)..
3- تكفل الله تعالى بحفظ القران الكريم والشرع الحنيف وهذا من مقتضاه ضمنيا حفظ اللسان وهذا مؤداه بالتالي حفظ اهل اللسان لبقى اللسان ناطقا تاليا للقران... إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر
فايها الشعوبيون وايها المستعجمون:- ان اردتم ان تنالوا فضائل العرب وفضلها في الاسلام، فتحرروا من عجمة افهامكم وعقولكم وتحرروا من شعوبية افكاركم وتحرروا من طبائع علوج العجم ، فتعلموا العربية بنقل طبائع العرب الكريمة التي اعلن لكم النبي الكريم انه انما جاء ليتمم مكارم الاخلاق، واعلموا ان ( الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ) و ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) و قال تعالى : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) و امتن سبحانه على العرب بقوله
لقد جاءكم رسول من أنفسكم ).
لقد رفع الإسلام من شأن العرب لما لهم من الخصال والطباع التي وجهها لخدمة دعوته فارتفعوا وفتحوا وسادوا وحكموا، وهذا كتاب الله القائل في العرب : " لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " [الأنبياء: 10] فلا يُذكر الاسلام وقرانه ونبيه الا ويُذكر العرب، وقال جل جلاله مخاطبًا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُون " [الزخرف: 43، 44] وقال جل جلاله : " وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ " [المؤمنون: 71] فويل للعرب والعروبة حين يتولون عن ذكرهم ويُعرضون.
روى الامام احمد في مسنده و الترمذي في سننه أيضا من حديث الثوري ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله ابن الحارث ، عن المطلب بن أبي وداعة قال : جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه سمع شيئا ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال :
من أنا ؟ فقالوا : أنت رسول الله صلى الله عليك وسلم . قال : أنا محمد ، بن عبد الله ، بن عبد المطلب ، ثم قال : إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة ، ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا ، وخيرهم نفسا ) .
فإن الله تعالى خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها ، ثم خص قريشا على سائر العرب بما جعل فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص ، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة واستحقاق قسط من الفيء إلى غير ذلك من الخصائص ، فأعطى الله سبحانه كل درجة من الفضل بحسبها ، والله عليم حكيم . فلذلك وجدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع ديوان العطاء كتب الناس على قدر أنسابهم ، فبدأ بأقربهم نسبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انقضت العرب ذكر العجم ، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الحكام من بني أمية وولد العباس إلى أن تغير الأمر بعد ذلك . حيث هبط العرب بعد أن تركوا التمسك بالقرآن، وتخلفوا حين تركوا العمل بالإسلام نصًا وروحًا وقيما ومفاهيما ونظام حياة، ولن يعود لهم مجدُهم المفقود حتى يعودوا هم إلى الإسلام الذي رفع ذكرهم وخلَّد مجدهم كما كان آباؤهم، وهذا ما يخشاه قادة الغرب ومن لَفَّ لَفَّهم من الأذناب والأتباع وادواتهم من الشعوبيين.
قال المتنبي:
وإنّما الناس بالملوك * وما تفلح عُربٌ ملوكها عجم
لا أدبٌ عندهم ولا حسب * ولا عهودٌ لهم ولا ذمم
ولاحول ولا قوة الا بالله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.