بسم الله الرحمن الرحيم
4- النهضة في القران الكريم - كيف ننهض ؟
في مسالة سنن الله تعالى في التغيير ونواميسه في حياة الناس والمجتمعات والامم
يقول الله عز وجل (( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ )) [الرعد:11]
ولما كان سلوك الانسان مرتبط بتفكيره وما يحمل من مفاهيم وافكار تكيف هذا السلوك وتوجه طرق الاشباع لجوعات الغريزة والحاجات العضوية فان الانسان يرتقي او يسفل بما يحمل من مفاهيم وافكار،حيث ان المفاهيم والافكار هي التي تولد عنده القناعات بما يجب ان يشتهي وما يجب ان يعاف، وما ينبغي ان يُهوى وما ينبغي ان يُنسى، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما روي عند مسلم رحمه الله :- (لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به).
فاول خطوات التغير نحو النهوض والارتقاء هو عملية تغيير القيم والمفاهيم التي يجب ان تتزامن مع تغيير هوى النفس وحتى المشاعرو الاحاسيس بحسب ما جاء به النبي سلام الله عليه بلاغا عن ربه جل وعلا، فقد جاء في الحديث الشريف :- ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) رواه البخاري ومسلم
وهذا بلا شك من مستلزمات مداومة لزوم الطاعة ، وعدم المخالفة ، ومن مولدات الرقابة الداخلية الذاتية -التقوى-، المؤدية الى حسن الاتباع والحذر من المخالفة، ويشير إليه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ) البخاري .
ذلك ان طاعة النبي سلام ربي عليه واجبة كونه مبلغ مبين عن ربه سبحانه الذي اوجب علينا طاعته وطاعة رسوله المبلغ عنه سبحانه فقال تعالى : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) المائدة/92 . وأخبر الله تعالى في موضع اخر أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم هي طاعة لله تعالى ، قال الله تعالى : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ) النساء/80. وذلك كما اسلفنا فهو مبلغ عن ره متبع لما يوحى اليه و لا ينطق عن هوى النفس ولا شهوتها
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)النجم) وقال سبحانه :- (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9)الاحقاف).
وخلاصة القول هذا الاسلام عقيدة وشريعة هو المشروع الالهي الرباني للنهوض بالانسان ، وللارتقاء به عن وهدات السقوط والسفول، فمن اخذ به ارتقى ونهض، ومن اعرض عنه سفل وهبط ، واما من ادبر وتولى ونسي ما ذكر به وحاد عن منهج الله تعالى، فليحذر فقد قال سبحانه: (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ [الأنعام:44].
وبين الله سنته فيمن اعرض وتولى وكفر النعمة وارتد عن مفاهيم الخير وقيمه وفكره واستبدلها بالذي هو ادنى فقال:-( ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53]. ومن هذا التغيير العقابي مثلا الفتن والتعرض لها، قال الله عز وجل : ( لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/63، ومن العواقب الوخيمة على البشرية ان اعرضت عن هدي ربها ولم تقم له وزنا ، وسفلت واتبعت خطوات الشياطين من الجن والانس:- ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125)قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126) وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (128)طه).والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته