صالون نون الأدبي والخطاب الشعري في ديوان أهازيج الغرام للشاعر خالد صافي.
عند الثالثة من بعد عصر يوم الأحد الموافق 15 ديسمبر كان لقاء دوحة الأدب من صالون نون الأدبي كانت الجلسة بعنوان الخطاب الشعري في ديوان أهازيج الغرام" للأستاذ الدكتور خالد صافي، مقاربة أسلوبية
من تقديم الدكتور يحيى غبن
افتتحت الأستاذة فتحية الجلسة مرحبة بالحضور فقالت: الحضور الكريم.. رواد صالون نون الأدبي.. مثقفي هذه الأرض المباركة.. أهلا بكم ومرحبا
أهلا بكم في لقاء جديد من لقاءات صالون نون الأدبي، لقاء جديد من لقاءاتنا والتي دوما هي منكم وإليكم
معنا في لقاء اليوم ضيفان؛ أولهما أحد أعمدة صالون نون الأدبي ومتابعيه كلما أتيحت له فسحة من وقته المفعم بالعمل والنشاط أكاديميا وثقافيا وحقوقيا، إنه الأستاذ الدكتور خالد صافي عميد كلية الآداب بجامعة الأقصى، والذي كان لنا في صالون نون الأدبي شرف الاحتفاء بدواوينه الثلاث السابقة: ديوان "جداريات أنثوية" - ديوان "جداريات الحياة والموت" - ديوان "جداريات همس الجفون"
واليوم نحتفي بديوانه الرابع "أهازيج الغرام"، والذي جاء مختلفا عن سابقيه؛ بأنه جمع بين دفتي الكتاب ما بين قصائد الديوان والدراسة الأدبية المعنونة بــ "على تخوم أهازيج الغرام" للباحثة
روان شقورة..
أما ضيفنا الآخر فهو الدكتور يحيى أحمد غبن أستاذ النقد الأدبي في جامعة الأقصى، والذي نتشرف بوجوده معنا للمرة الأولى، فأهلا بهما وبكم
ثم قالت: قبل أن أحيل الكلمة للدكتور خالد يأتيني السؤال متسرعا فأوجهه له:
* لماذا اختار هذا النمط؟ حيث إنه لم يفصل بين قصائد الديوان وبين الدراسة؟
* عشرون نصا تضمنها ديوان أهازيج الغرام، راوحت في عناوينك بين الدال المفرد، مثل (حنين – شوق – طيف – حنان)
والإضافة مثل: (قيد الهوى - نبض المطر - ضوء القمر - نشوة الاضداد - أنين الناي)
وعناوين بجمل مركبة مثل: أنثى تتمرد على أوراق الخريف - أحلام صبا تتمرد تحت الرماد - هذيان يحلق في سماء ثامنة - دموع على أشرعة الرحيل - صهيل على ناصية اللهفة - على ضفاف قوس قزح.. فهل من دلالة لذلك؟
* ثم هل من دلالة لتحولك من الجداريات، للتمرد؟
بعدها أحالت الأستاذة فتحية الكلمة للدكتور خالد والذي بدأ بتقديم الشكر والتحية لصالون نون الأدبي قائلا: هذا الصالون الذي أعتز به، وأعتبر نفسي من أسرة الصالون، والذي لا أتغيب عنه إلا لانشغال، خاصة في ظل العمل الإداري كعميد لكلية الآداب
كما وجه التهنئة لصالون نون وهو يمتد عبر ثمانية عشر عاما كلها عطاء،
ثم وجه الشكر لبيت الصحافة الذي يفتح أبوابه للجلسات الأدبية والثقافية.
وتحدث الدكتور خالد عن اهتماماته المتعددة، فإضافة لكونه أستاذا للتاريخ، ومحللا سياسيا، ومتخصص بالتاريخ العثماني، وهو شاعر، إضافة لاهتمامه بالتراث، ذاكرا المعارض التي أقامها والتي شارك فيها، ومدى اهتمامه بجمع مفردات التراث خاصة النحاسيات التي يمتلك كمّا كبيرا منها، ويشارك المؤسسات في عرض هذه الأدوات في معارضها
ثم قال: أنا سياسي وأنا إداري حازم، وأنا الإنسان اللين، والرومانسي الشاعر، والمتمرد كما ذكرت الأستاذة فتحية، وأنا الرسام
فكل واحد منا بمثابة عدة شخصيات، وكما قالت إليف شاقاف (الأقزام التي بداخلي)
في داخلنا ملكات كثيرة، فلسنا مقولبين في قالب واحد، لذا فإن مواهبي متعددة
وعن نصوص الديوان قال: النص الأدبي لا يمكن أن يٌقرأ كنص مجرد دون البحث عن صاحب النص، ثم إن النص بعد كتابته يصبح ملكا للمتلقي، لذا فهو يحتمل قراءات متعددة بعدد كل من قرأه وحلل نصوصه.
أما عن قصائد الحب واستهجان البعض وسؤاله عن صويحبات هذه القصائد فقال: لدينا المجتمع البوليسي الذي يستكثر على كبير السن أن يفعل ما يشاء، بينما في الغرب يموت الكبير واقفا، فإنه عندنا يموت قاعدا
بعد أن أنهى الدكتور خالد مقدمته، شكرته الأستاذة فتحية، ومن ثم أحالت الكلمة للدكتور يحيى غبن أستاذ النقد الأدبي في جامعة الأقصى وقد بدأ حديثه بتقديم التحية للصالون والحضور الكرام ثم عرض دراسته التي تحمل عنوان: الخطاب الشعري في ديوان أهازيج الغرام للشاعر خالد صافي.
فقال: قراءة في عتبات القصيد
أدى الخطاب الشعري في الأدب الفلسطيني أدوارا متعددة , كان لها تواشجات كبيرة , وتعالقات مضامينية عالية , احتضانا للأمل , ورغبة في التحرر , وتطلعا لآفاق حياة أجمل.
ومن هنا شكلت هذه الأسباب انعكاسات لبواطن النفس البشرية , وصراعها مع الراهن , وضمن هذا السياق تجلت الثقافة الفكرية والوجدانية , عبر مشاعر مختلطة تاهت بين الخبر والسؤال , والذكرى والخيال , في ديوان أهازيج الغرام , والذي نحاول أن نقرأ خطابه الوجداني الخاص , الذي عايشه الشاعر المبدع , وعبر عنه مستعينا بالصورة والخيال , والتعبير اللغوي الذي أضحى رمزا كاشفا ومعبرا عن الذات الإنسانية.
أولا: خطاب عنوان الديوان(أهازيج الغرام).
يطالعنا العنوان ليفرز لنا مباغتة لفظية , كان مردها الإسناد بين المتضايفين , إنها دالة (الغرام) التي دار الديوان حول رحاها , ليتردد الشاعر ما بين الهزيج والضجيج , وما بين الصمت والذكرى والحنين.
إنها ألحان اتسمت تارة بالحزن وأخرى بالفرح , تاهت عبرها الروح الشاعرة , وزادت تيهها تلك الكلمات النابضة ,التي أجبرتها أن تبقى مترددة بين العزف على أيقونة اللقيا بعد الفراق , والأنس بعد الجفاء.
يصدح الشاعر ببنى عميقة، اتصلت جذورها بلغة خاصة , تعالت على لغة حروف المباني , إلى عميق معان لا يفهمها سوى فؤاد ذاق حرارة تلك التجربة.
ينقلنا الشاعر عبر عنوانه إلى هزيج يشاركه فيه العاشق المحب , سطر ذلك في إهدائه المشتمل على الأرواح المعلقة بخيوط القلوب , السائرة في جنباتها , فتنتقل هذه التجربة الوجدانية المتفردة إلى تجربة جماعية معقدة , كونها دقيقة الشعور والوجدان.
ثانيا: خطاب عناوين القصيد
يفتتح الشاعر ديوانه بعنوان متمرد , تلك الصفة التي شدت انتباهنا من البداية، فقد نشر الديوان محفوفا بتحليل أدبي للنصوص، على غير العادة.
يخطف الشاعر أنظارنا في خطابه المباغت يعلن فيه صرخة (التمرد) على خريف الروح , باحثا عن سعادة اللقاء , ثم يثني بتمرد من نوع آخر يشاكل فيه المسرح والقصة , في إطار لولبي , تمرد باحث عن سلامة من سق , وشفاء من مرض , إنه الجوى والهوى , يبحث الشاعر عن الامام المورق حيث دال (الأحلام).
تتكرر المباغتات الإسنادية في العنوان الثالث , تتشكل هذه المباغتة في (أنين الناي) العازف قصة الحب الجديدة , يتفاءل من خلاله متسائلا عن أحاديثها , وهمساتها , ودفقات فؤادها , تساؤلات تبحث عن بوح , عن شاطئ يفزع إليه.
لكن شاطئ شاعرنا أصابه التحول , لم يعزف على شاطئ النجاة , بل اصطدم بشاطئ الهذيان , يا له من جنون أصاب الروح , وهذيان تعلق بالوجدان.
تتشاكل سلسلة العناوين من جديد , لتصل بنا عبر صهوة الغرام , ونشوة الأحلام إلى دال (الحنين) الطارق لجدران الذاكرة , وعلى شرفتها يتجلى (الشوق) الكامن في تجاويف العروق , الواقف على أبواب الفؤاد , ليحدث ضجيجا... فهل يا ترى سيطرق باب الخزان!!!
لا يطمح الشاعر أن يرى آدميا , إن غايته الكبرى أن يلمس (طيفا) أحبه , كي يرتل أمامه ترانيم الحياة.
يسلك الشاعر في خطاب عناوينه مسلكا آخر , ليجمع بين الشيء وضده , عبر دال(الهذيان) , إنها صراعات حوارية تثيرها (نشوة الأضداد), يدفعها البحث عن ارتياح , وسط تراكم الحركة والسكون , الصمت والصوت , الفراق والوصال.
ما زال الشاعر يبحث عن مصدر ضياء، ينقلنا من بنية الروح، إلى جسد القصيدة، ليجري (العناق) عناق من نوع آخر، تصنعه الكلمات والفواصل والسطور، علها تكمل الحكاية، ولو في جزء دقيق من التجربة، حكاية قيدتها قيود الهوى , فأضحت خيالا ربما يرى مع (طيف الألوان).
ذلك الطيف المحلق بالروح المعذبة بعيدا بعيدا، نحو (سماء ثامنة)!!!
لقد داهمنا التمرد على الكون وتصاريفه من جديد وما ذاك إلا نتاجا لحركة الحب , ودفقات الشعور.
تتيه رؤية المحب من جديد , يجلس بروحه بعيدا , في ميتافيزيقا الزمان والمكان والأحلام , لتنشد (تراتيل النجاة).
هنا يتوقف الكلام وتبوء المحولة بعثرة جديدة , ليشدو شاعرنا فوق أشرعة الرحيل دموعا, يسقطها في مرفأ الوداع , بين ثنايا الموج , وتحت قسوة الضربات.
لا يخلو هذا الوداع من استفهامات وسؤالات ملأت قصيدة توقيعية عنونت ب(حنان).
هنا طلب الحضور من الدكتور إسماعهم هذه القصيدة فقال:
حنان
هل أطرق شرفة عينيك
بضجيج الذكريات
أم بصهيل الشوق
أم بعنفوان الحرف
أم بعواصف اللهفة
أم بكل هؤلاء؟
ثم تابع الدكتور يحيى قراءته فقال:
تتابع العناوين، وتفيض دلالاتها الخطابية من جديد، يهرب الشاعر إلى الطبيعة الملهمة التي شكلت نصا رديفا، ورمزا دقيقا من رموز الحب، إنه (المطر) الذي استهوى المحبين، فعلى أصواته عزفوا نغمات الأنين والحنين, وعلى خطواته صاغوا همس الحروف.
وتحت (القمر) رصدوا جمال الفاتنة، ونظموا الأشعار الساكنة , ونسجوا جدائل العشق.
وعلى أطياف (قوس قزح) لونوا حياتهم، بالسواد والبياض , بألوان الورود ونكهاتها , لتخلد حلما يتجسد باللقاء.
هنا تتوقف دائرة الخطاب عند الشاعر , ويرسم لنا عبرها صورة عشقه , يسير بطريقة لولبية , ويعزف أغنية سيمفونية , ابتدأها بمباغتتات التمرد , وجرى متنقلا بين الأنين والحنين , والشوق والظمأ , والعناق والشقاق , والحلم والذكريات.
يهرب إلى الطبيعة، يسقط عليها شجونه، وحكايته الحالمة , فيرى الحب في المطر في القمر في ظواهر الكون، ثم لا يزال صدى الكلمات التي عشنا معها يردد صدى الخطاب الوجداني بكل تشكلاته وتمظهراته، عبر صوره الخاصة في القصيدة.
ثالثا: فاعلية الصوت في إنتاج الدلالة .
عبر الشاعر عن حالة من التيه والضياع عبر تجريده من ذاته الواقعية ذاتا أخرى خيالية , ليعبر من خلالها على تيه في وسط ضوضاء صامتة , جاءت التقفية بتكرار النون والميم واللام في قوله:
كان هناك ضجيج
في مرفأ العيون
صهيل سهام
كان هناك تفاصيل
في صهوة الكلمات
لقد خرجت هذه الحروف من أطراف شاطئ الهذيان مستعينة بإشارات الإذلاق الصوتي , مجهورة تنتظر إفرازات ذلك الضجيج المنبعث من انفجارات حارقة تتداعى مع صوت الذكريات .
ومن هنا نجد دلالات الأصوات المجهورة المناسبة لحالة العاطفية , وشجون المبدع.
تفاعلت الأصوات من جديد بتكرار الأصوات المجهورة , إنها محاولة جديدة نحو إعلان الأمل على ذاكرة النسيان يقول الشاعر:
في دجى المكان
بصيص من أمل
من أفق بعيد
لا يزال يطرق
جدران ذاكرة
على ناصية الحلم
يبزغ النور مع احتكاكات الحروف الجهرية المسيطرة على بنية النص الشعري في دوال ( دجى – بصيص- أفق- يطرق-ناصية) احتكاك تضج معه النفس الثائرة المتفائلة في ثنايا الحنين .
ويبقى الشاعر حريصا على حلم هواه , ذلك الحلم الذي سكنه طويلا , تملكه هواه سكون ممتد مع حروف المد , في تجاعيد العقل وتجاويف النفس الإنسانية
(على أبواب الفؤاد – في تجاويف العروق – جدران الشرايين – في أكف الروح – ضفاف الهوى – على أنغام الحسن – يتوسد ناصية النسيان)
ومن هنا يضحي الصوت أداة جديدة , يتقن الشاعر استعمالها , ليجدد عبرها بكاءه وحنينه , إنه خطاب عاشق يتردد صداه بين الأصوات المجهورة الخارجة عن الكبت المعلنة لتمردها , وبين حروف المد الساكنة في الفؤاد سكون التجربة الوجدانية , وثالثة بمقاطع النبر السريعة التي تثير المتلقي وتستفز الوجدان .
رابعا: فاعلية الصورة في انتاج الدلالة
يلجأ الشاعر لاستعمال الصورة الجزئية بكثرة , صور امتلأت بالتشخيص والتجريد والتجسيم , صور خرجت عن إشارات البديهة , ولغة الحياة لتنزاح إلى لغة الباطن , فالوسادة مؤرقة , والألحان تعزف على أوتار السحر , والقبلات حمم , والأيام أوراق الخريف .
صور كثيرة صنعت خطابا مفعما بشخصانية الوجدان وجسمانية الحب , وحركية الحياة.
هذا وقد أفعمت القصائد بدلائل الصور الكلية ( الصوت – اللون – الحركة ) , فلا تكاد قصيدة تخلو منها ففي قصيدة طيف يعتمد اللون ( طيف – موج ) , والحركة ( يمتط – يطرق- يقف- يأتي – يقفز ) , والصوت ( يصهل – يطرق ) ليشكل امتزاجا حقيقيا بمشاعر الحدث الغرامي التي رسمها بصورة قصصية , تصاعدت معها الصراعات عبر الشخوص ( الشاعر – المحبوب) عبر الحلم , ورنة الصوت في الفؤاد , وانتهاء بعنفوان التحدي لضربات الروح , وخلايا النسيان .
خامسا: فاعلية الألوان في انتاج الدلالة:
يعمد الشاعر إلى رحى الخالفة في كل شيء , يخالف الواقع , يحارب من أجل حلمه وأمله , يتعمد إزاحة الألوان عن دلالتها المباشرة , يمازج بين الألوان في وظيفتها لا فرق بين ( أبيض – أسود- بنفسجي – أزرق – زهري ) فكلها تستوي في طلب الحسن من أنوثة تلك المحبوبة .
تنحدر هذه الدلالة لتجمع جمال العالم كله في قصة هذا المعشوق .
النتائج:
1- شكل العنوان نقلا للتجربة الوجدانية الخاصة عند الشاعر , لتتحول إلى مشاركة وجدانية.
2- شكلت العناوين الفرعية إشارات واضحة لمضمون الخطاب الشعري , وكانت ذات دلالات ايجابية لخوالج النفس الشاعرة.
3- أجاد الشاعر في استغلال بنية الصوت , حيث شكلت بنية أساسية لفهم النص الشعري عبر استعمال صفات خاصة ذات دلالة .
4- أظهرت الصورة الجزئية خيال الشاعر المتفرد في إبراز تجربته العاطفية عبر تقانات التجسيم والتجريد ...
5- كانت الألوان ذات دلالات خاصة , ساهمت في توجيه الخطاب الشعري .
بعد أن أنهى الدكتور يحيى غبن عرض ورقته شكرته الأستاذة فتحية على قراءته الأدبية الراقية، ولغته الشاعرة، بعدها فتحت الباب لمداخلات الحضور، والتي جاءت في مجملها ممتدحة القراءة، وشاكرة للدكتورين الفاضلين
بدأ الدكتور عبد الرحمن شحادة مداخلته، مقدما الشكر لصالون نون وللدكتورين والحضور الكريم، ثم قال: إن الأدب الشامل المتكامل موجود عند كثير من الأدباء والشعراء، ففطاحل الشعر العربي امتازوا بالشجاعة والفروسية، وامتازوا بالحكمة.
ثم هنأ الدكتور خالد على هذه المواهب المتعددة، وتحدث عن كتابه الوجيز الذي جمع به لسير الكتاب والأدباء الفلسطينيين، وتمنياته لو عرف عن الدكتور خالد سابقا لكتب عن سيرته وأعماله
وكرر شكره لصالون نون الذي يعرف جمهوره على المبدعين والشخصيات البارزة في وطننا
أما قراءة الدكتور يحيى فقال عنها: إنها قراءة عميقة تدل على بعد نقدي متميز.
الأديب الفنان محمد العطلة كانت له مداخلة بدأها بالترحيب بالدكاترة والحضور، ثم قال: الدكتور خالد أثار في حديثه عدة مواضيع حين تكلم عن الموت واقفا عند الغرب، فقال معقبا على موضوع المجتمع البوليسي الذي يستكثر على كبير السن أن يفعل ما يشاء، فقال: ها أنا أبلغ الواحد والسبعين من العمر ولا زلت أقف على خشبة المسرح، لماذا أنتقد طالما أنني أؤدي عملا أحبه
وعن العلاقة بين الزوجة والقصيدة والإلهام قال: أنا أكتب لزوجتي لكن هناك طيف آخر، وأحيانا أكتب لزوجتي وفي رأسي طيف زوجتي، فنحن كقوس قزح متلونين بكل الأطياف
أما محمد تيم فكانت أسئلته أكاديمية موجهة للدكتور يحيى ومنها:
* قلت إن قراءتك من زاوية نقدية خاصة، فهل في النقد زاوية خاصة وأخرى غير خاصة؟
* لم أر في قراءتك سوى المديح، فما النقاط السلبية في هذا الديوان؟
* ثم سأل هل يوجد ضوضاء صامتة كما ذكرت؟
* لماذا قلت هرب إلى الطبيعة؟
أما الحاج أبو عبد الله فعلق على كوننا نتغنى بثقافة الغرب مع أننا أسبق من الآخرين فلدينا كثير من الشعراء العرب الذين مزجوا الشعر بالحماسة كعلي محمود طه وشوقي والبارودي وغيرهم
الفنان التشكيلي عماد تحدث عن مشاهداته في قناة الجزيرة إذ أن شاعر إسلامي أذربيجاني، يُحترم ويُحتفى به وتترجم أشعاره لأكثر من لغة غربية.
الدكتورة إيمان أبو شعبان بعد أن شكرت الدكتور يحيى على هذا التقديم الاحترافي قالت: بناء على ما سمعته في قصيدة (حنان) أرى فيها المباشرة، فهل تُقرأ بالمنهج السيميائي؟
وكانت المداخلة الأخيرة للدكتورة مي بدأتها بتقديم الشكر للحضور وللدكتورين، ثم قالت: سعدنا بلقاءاتنا بالدكتور خالد، وعرضنا أعماله جميعا، ثم قالت: اليوم شعرت أنني أمام شاعرين فالنقد بلغة شاعرية
وقد استمتعت بالنصوص وبسيرة الدكتور خالد
كما استمتعت بنقد الدكتور يحيى
بعدها كانت قراءة ثلاثة نصوص من قبل الدكتور خالد وهي:
نشوة الأضداد – هذيان يحلق في سماء ثامنة – دموع على أشرعة الرحيل.
أجمل الدكتور يحيى ردوده على المداخلين فبدأ بأسئلة محمد تيم فقال: هذه أسئلة نقدية جميلة، ثم قال: عندما قلت زاوية نقدية خاصة، فهذا لا يعني أن هناك زاوية غير خاصة، إنما نطلق ذلك المسمى على القراءة التي نقدمها لجلسة خاصة كجلستنا هذه، فلدينا مناهج نقدية كثيرة كالأسلوبية والبنيوية والتفكيكية، إضافة للمناهج الحديثة، فالنقد الأدبي يسير عبر المناهج المتكاملة
لكن هنا تحدثنا من زاوية الخطاب، وزاوية المضامين
عندما تحدثت عن الأصوات كان لابد من الحديث عن النبر والأصوات الانفجارية والهمس، وكذلك عن الألوان، فالشاعر استخدم الألوان في عكس ما هو متعارف عليه عندنا، فليس الأسود أسودا ولا الأبيض أبيضا
لذلك أخذت مجموعة من الاقتباسات التي تتناسب مع الزمان والمكان
أما عن الأمور السلبية، قال: المناهج الحديثة تقول إن النقد الانطباعي بداية للولوج في الدراسة، لا يعني أن النص بلا عيوب، لكن أردت أن أبني نصا على النص، ولو ركزت على السلبيات فسأترك الحديث في مضامين الديوان وعن العناوين والمفردات الواردة فيه.
وعن سؤال: لماذا قلت هرب إلى الطبيعة؟ قال: قلت كأنه أراد أن يرتب العناوين ترتيبا مقصودا فكان هذا التعبير ملائما
وفي رده على سؤال الدكتورة إيمان أبو شعبان قال: صحيح أن نص حنان به شيء من المباشرة، لكن هناك أبعاد خاصة ذات دلالة في هذا العنوان، والسيميائي يعتمد على الإشارة الدالة
فالغلاف واسم الديوان – الناشر – المؤلف، به دلالات، فنحن نعتبر الديوان نصا واحدا، لذا لم ننطلق من المباشرة، إنما انطلقنا من الدلالات.
هنا أدركنا الوقت فتوقف الدكتور يحيى عن الكلام، ولكن لن يتوقف صالون نون الأدبي عن تقديم المزيد من الأعمال الأدبية والابداعات المتنوعة.
**