تزيين الحق
الاذن كالعين لها احساس لوقع الجمال عليها. فكما ان العين يسرها المنظر الجميل ،فكذلك الاذن يطربها سماع المنطق الجميل، فما بالك اذا ازدان المنطق بحسن الاداء؟!
يقولُ النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ( زيِّنوا القرآنَ بأصواتِكم ، فإنَّ الصوتَ الحسنَ يزيدُ القرآنَ حُسنًا) رواه ابو داود واحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم.
والقران هو الحق المبين ومع ذلك يطلب النبي الكريم امام الدعاة وخيرهم صلى الله عليه وسلم ممن يقدمه للناس ان يحسنه بصوته فاعتبروا يا اولي الالباب....
قال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ) [آل عمران:159]. كلام المفسرين على أن اللين يتضمن لين الجانب وحسن الخلق، وكثرة الاحتمال والتحمل إذا بدر من المسلمين خطأ. والرفق ضد الخشونة والعنف، وهو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل.
فالداعية في أمسّ الحاجة إلى التفاف الناس حوله وإمالة القلوب إليه. ومن الأمور التي تساعد على تحقيق ذلك تحليه بالرفق واللين.
وهذا الخلق قد رغّب فيه الإسلام، ولذلك تحلى به الأنبياء والصالحون، إلى جانب ذلك هناك أحوال يعدل فيها عن الدعوة بالرفق واللين إلى الدعوة بالغلظة والشدة، وقد دلت عليها نصوص الكتاب والسنة وبينتها مواقف دعوية للرسول الكريم والصحابة والتابعين. قال تعالى
وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )
[آل عمران:159] وقال تعالى(اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ﴿٤٣﴾ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ ﴿٤٤﴾) [طه:43 :44]، فالقول اللين يؤدي بمشيئة الله إلى التذكرة أو الخشية وحسن الاستماع والاصغاء. وقال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125]، أي بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف وتجريح.
فاللين والرفق مع الناس يؤدي إلى كسب القلوب بعكس الفظاظة والغلظة.
قال رسول الله: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزع من شيء إلا شانه»([رواه مسلم]) فالرفق يزين الأمور ويؤدي إلى استمالة القلوب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شقّ عليهم فشق عليه»([اخرجه الامام احمد]) ، فالذي يرفق بالناس ينال دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن يشقّ عليهم يشقق الله عليه.
وروى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه قال: لما بعثه رسول الله ومعاذ بن جبل قال لهما «يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا»([متفق عليه])، ولا شك أن التيسير والتبشير من الرفق بالناس لاستمالة قلوبهم .وجاء في البخاري عن علي موقوفا "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله"، وفي مسلم عن ابن مسعود قال "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.
ايها المبلغون عن ربكم : لم يؤد الامانة من نفر الناس من قبولها ولم يبلغ الرسالة من شوهها بسوء تبليغه لها، بل ان من اساء التبليغ فقد خان الامانة.. والمؤتمن ان اساء فهو محاسب ضامن..
ونسال الله ان يستخدمنا كما يحب لما يحب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته