مصطلح التنظير في ميزان الفكر

[rtl]بسم الله الرحمن الرحيم[/rtl]

[rtl]مصطلح التنظير[/rtl]

[rtl]مصطلح التنظير مصطلح حديث، ويقابله مصطلح حديث اخر وهو الواقعية .
واُخذت كلمة التنظير في العلوم الانسانية من النظر وبناء وجهة النظر، وواما في العلوم التطبيقية كالطب مثلا، فاخذت من المنظار الذي يقرب او يكبر او يمكن من الرؤيا لما خفي عن العين المجردة، فهو امر في الطب والعلوم التطبيقية متعلق بالة رؤيا.
اما في العلوم الانسانية فمتعلق بابداء الرأي في وجهة نظر، فجائت كلمة نظرية اي وجهة نظر او فكرة تصلح ان تكون منطلقا للتفكير في مسالة ما او تفسيرا للسلوك او لظاهرة معينة ، او طرح قاعدة فكرية تحتاج الى اثبات وبيان ببينات وبراهين .
فالتنظير بهذا الوجه هو تفكير متعلق بالدراسات السلوكية او تفكير يتطلب التطبيق في الواقع لتكييف الواقع بحسبه او معالجته او ايجاده حسب الفكرة المطروحة...ونحن نعلم ان الفكر متعلق بالواقع اما ايجادا له واما تعاملا معه واما تكيفا له. ومعالجته له حسب تكون حسب الفكر المطروح، فقبل العمل لا بد من وجود الفكر، ولا عمل بدون فكر، والا كان العمل تخبطا وعبثا ولهوا، لانه كل عمل لا بد له من غاية ونية، والا كان عملا عبثيا ولهوا ولعبا لا مسؤولا..فالعمل الهادف الغائي للفكرة، لا بد ان يسبقه الفكر ويوضحه ويرسم صورته كي لا يكون لهوا ولا عبثا، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره ، ولنرجع لحديث انما الاعمال بالنيات ولكل امريء ما نوى...فانه قاعدة عظيمة في استيضاح الامر وتحديده وفهمه...[/rtl]

[rtl]
اما من يطلق كلمة تنظير و يقصد بهذه الكلمة ان الامر او الفكرة المطروحة غير عملية، اوغير قابلة للتطبيق على ارض الواقع، فهذا مبحث اخر يتطلب البحث في نفس الفكرة، وامكانية قبول الواقع لتطبيقها، وامكانية احداث واقع جديد بها ...ولعل كثير من المتعالمين حين يعجز عن النقاش يقول لك هذا الكلام نظري وغير واقعي...في حين ان ما من نبي ولا داعية اصلاح جاء بدعوته والواقع المعاش للبشر يقبل دعوته ويرضى بها اهل الواقع، بل يقابلونها بالرفض والمجابهة ، ولكن بعد تصديق الناس لدعوته، نجدهم يوجدون الواقع الذي يقبل دعوته بل ويقام على اساس فكرها وفكرتها، وتكون هي المُوجه والمسيطر والمقياس والفكرة السائدة والموجهة القائدة للحياة .
و يجب هنا ملاحظة امر مهم واخذه بعين الاعتبار
وهو النظر الى الواقع، فالواقع هو ما يقع عليه الحس وما تدركه المدارك بالحواس، فمن الخطورة بمكان ان يتعامل الانسان مع الواقع على انه مصدر تفكير، او مقياس للتفكير والاحكام العقلية،فقد كان هذا سبب ضلال فلاسفة اليونان حيث اتخذوا من الواقع مصدرا للتفكير ومقياسا له،فقاسوا في معتقدهم بواجب الوجود الذي وصلوا الى وجوب وجوده بالعقل قاسوه على الواقع فخرجوا لنا بتصورات وثنية شتى جسدت الاله الحق الذي فوق مدارك التصور بذاته بصور الخلق، فضلوا ضلالا بعيدا وانقلبوا بفكر وثني مفلسف. ومن الخطورة بمكان ان يفرض عليك التعامل مع الواقع على انه قدر محتوم كما يفعل من يسمون انفسهم الواقعيين.. في حين ان الاصل في الواقع لايصح بتاتا ان يكون مصدرا للتفكير، بل الواقع يجب ان يكون موضعا للتفكير، وتتفهمه وتتفهم تنزيل الاحكام عليه وفق ما تمليه عليك القاعدة الفكرية، اي العقيدة التي هي مصدر فكرك، وما ينبثق عنها من احكام تنظم العيش في الواقع وتشكل صورته ، فان اقتضت تغييره غيرته ، وان اقتضت اصلاحه اصلحته، وان اقتضت الرضى به رضيته وابقته، وان اقتضت انكاره انكرته ... ومن هنا جائت خطورة ما يعرف بفرض سياسة الامر الواقع .[/rtl]