أدب وسياسة :
[size=32]العبادة في الهرج[/size]
زهير سالم*
عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "العبادة في الهرج كهجرة إليّ" رواه الإمام مسلم في الصحيح ..
والهرج : القتل كما فسر في حديث : ويكثر الهرج .
والهرج : الفتنة والاضطراب ، واختلاط الأصوات ، وفوضى الأقوال والأفعال . والغوشة التي لا يضبطها ضابط .
ولو رجعنا إلى حالنا وتعليقاتنا وتوقعاتنا ليلة محاولة اقتحام الكونغرس الأمريكي، ليلة خاض كثير من بني قومنا ، فيما سموه ربيع أمريكا، لعجبنا مما كان عليه حالنا .. ومما قلنا ..ومما تصورنا ..ومما توقعنا ..
إحدى القنوات الإعلامية ، كانت تبدئ وتعيد في لقطة تستمر 15 ثانية .. فتخيل إلينا من سحرها أن مبنى الكونغرس أصبح في خبر كان ..
هل هذه هي الغثائية التي وصف رسول الله حال الناس في عصر من العصور " ولكنكم غثاء كغثاء السيل " ؟؟؟!!!
هل هو الهرج ؟؟ ومن الهرج اشتققنا التهريج والمهرجين والمهرجان ؟؟؟!!!
هل هي الفوضى التي أرادها الأودي الذي قال " لا يصلح الناس فوضى ؟؟؟!!!
أتمنى أن يحاول كل واحد منا أن يراجع ، ما توقع وما تمنى وما كتب تلك الليلة ..
في أيام السابعة والستين كان عندنا أغنية بعثية أسدية ما أزال أحفظها منها :
ميراج طيارك هرب
ميراج طيارك هرب
والميغ طقطق واعتلى
في الجو يتحدى القدر ..
وكان منها :
في فيتنام راحت نصف أمريكا
ونحن منكمل على البـاقي !!
هذا الذي كان ،هو الذي يسميه الحديث الشريف الهرج . ونقول في أمثالنا : وساد الهرج والمرج يعني " ضاعت الطاسة" وانفلتت الأمور .
ولقد عايشت هذه الحالة كثيرا في حياتي العملية . ورأيت كثيرا من أصحاب الوقار يضطرب عندهم العيار .. وكم من انتصار عشناه على سنام منبر ...
الرسول صلى الله عليه وسلم ، يعد الذي يدير ظهره لمشهد الهرج والمرج ، ويشتغل بالصلاة أو الاستغفار أو التسبيح بأجر هجرة إليه ..
وعندما كان الرسول الكريم يرى بعض الناس في موسم الحج يبالغون في التلبية أو الدعاء يندبهم إلى الوقار .. فيقول أيها الناس الوقارَ .. الوقارَ.. فإنكم لا تدعون أصم .. ولا غائبا ..
كلام أحببت أن أعظ به نفسي وأسأل الله أن يغفر لي
لندن: ٢٥ / جمادى الأولى / ١٤٤٢
٩/ ١/ ٢٠٢١
___________
*مدير مركز الشرق العربي