[size=36]في اليوم العالمي للمرأة[/size]
[size=36][/size] زهير سالم*
وأنا مسلم موحد يؤمن أن الله رب العالمين ( خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ) وأكرمهما وأنعم عليهما وسوى بينهما في الكرامة الأصلية، وفي الحقوق الإضافية والفرعية؛ بطريقة لا تلتبس إلا على عقول وقلوب الذين واللواتي لا يعقلون ..
ولم تنصف شريعة، ولا نظام، ولا منهج، الشقيقين المكرمين الذكر والأنثى، الرجال والنساء، في بناء مجتمعي مترابط ومستقر ، كما فعلت شريعة الإسلام . وكان من قواعدها الأساسية في هذا، قول الله تعالى ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) وقوله تعالى ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) وقوله تعالى ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ) وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما النساء شقائق الرجال " . والشقيق في لغة العرب هو ما اشتق طولا فكان توأم شقيقه، تكاد تقول في كل شيء ...
كل هذا نؤمن به ونقر به، ونتفهمه على الوجه الذي أراده ربنا، وتحقق به في بيته نبينا صلى الله وسلم عليه، يقدم لنا في كل ذلك الأنموذج الأكمل للعلاقة الأكرم بين الرجل وزوجته ..
وإيماننا بكل هذا ، وإقرارنا به لا يعني أنه يخفى علينا تأثير العقل والطبع والمستوى الفكري والحضاري بتفهم البشر لتلك النصوص الشرعية المقدسة، في أطرها الزمانية والمكانية حالا بعد حال ..
منذ عقدين من الزمان تقريبا وضعت بقربي على المنضدة نحو خمسة عشر تفسيرا من أمهات التفاسير القرآنية الكبرى، أعود إليها فقط في تفسير قول الله تعالى ( وَاضْرِبُوهُنَّ ) ...
ولا أريد أن أغرب عليكم بإيراد حجم الخلاف الذي رأيت ..
رأيت الرجل " المفسر" المهذب يورد وما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة ولا غلاما قط ...ويدعو الناس للتأسي والاقتداء ..!!
ورأيت الرجل " المفسر" الرقيق يقول : ضرب إيماء يومي لها بيده أن كفّي أو كفى ..!!
ورأيت الرجل" المفسر " الأريب ، يحفظ قوله تعالى ( وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلا تَحْنَثْ ) يقول كأنه تحلة قسم ، بالمنديل ونحوه . لا عصا ولا عصيّة.
ورأيت الرجل الفدم الغليظ يتساءل: وإذا ضرب الرجل امرأته ضرب تأديب فماتت، فهل عليه من ديتها شيء ؟؟؟ !!!!
ورأيت آخر يقول : يضربها ..على ألايكسر لها عظما ، يعني إذا ازرّق اللحم، أو اخضّر ، فلا شيء عليه ..
بعضهم تذكر أن يشترط على أن يتجنب الوجه . ليس لأنه وجهها بل لأنه كما يقولون صورة ....
ورأيت ورأيت وكل ذلك مما رأيت .. هو الذي يجب أن نذكره ونحن اليوم في دار " ابن جدعان " العالمية ، نتداعى اليوم ، لنوثق حلفا للفضول ، أن لا تظلم أنثى على هذه الأرض، بعلة أنوثتها. وأن لا يستبد بها شقيق شقي في لحظة من لحظات ضعفها، وأن لا يساومها على حقها أو حقوقها أب، ولا أخ ، ولا زوج ولا ابن ... ويفزعون للرد عليّ إلى نصوص الشريعة ، ونحن هنا لا نحتج ّعلى عدالة القانون ، وإنما على بغي القضاة ...
في دار ابن جدعان لحلف الفضول العالمي بشأن النساء اليوم أول ما يجب أن نذكر ضحايا الطغاة المجرمين المستبدين المفسدين في الأرض ..
ثم ضحايا فقه اجتماعي آسن تلف زورا وبهتانا بعباءات المقدس ، فادعاه وانتمى إليه / ومسح كثير من القاصرين صدورهم ، وقالوا آمين ...
وإنما نتحدث عن القضاة الظالمين في مجالس القضاء، وعلى صفحات الكتب. وفي فضاءات الفتاوى يصدورنها وهم متكئون ...
وكان لنا في حلب فقيه أريب لامع سابق جريء بالحق . كانت له أكثر من معركة فقهية على مستوى العالم الإسلامي، وكان رائدا سباقا، إذا صح عنده الأثر والنظر قال ولم يبالِ ، وهذا شرط الفقيه وحقه، ودعوا عنكم أصحاب السفاسف... وقد حضرت مجلسه أكثر من مرة ، وهو يستحضر بعض متونهم ساخرا ومستنكرا ...
ولها كسوتان كسوة في الصيف وكسوة في الشتاء ..
وإذا مرضت فعلاجها على عصبتها ....يعني على أبيها وأخيها ، فإن لم يكن لها فعلى ابن عمها الأبعد ، والذي لا يحل له رؤيتها ..
ويتابع الشيخ الأجل ..
وإذا ماتت فقبرها على عصبتها ...!!! حتى مجتمعاتنا على ما هي فيه تجاوزت هذه الفهوم المنغلقة المنكدرة ...
منذ أيام غير قليلة كنت أتابع فتوى لواحد من هؤلاء ، يدمج عقد النكاح بعقد الخدمة، بطريقة توحي لك أن عقد الزواج في الإسلام ، يقدم للرجل خادمة في بيته، مشبعة لإربه ، عليها أن تجيبه إلى حاجته كلما اشتهى في سبح النهار أو في قلب الليل، وتكون وعاء لولده ، مرضعة غاسلة ماشطة وكل ذلك بكفاف يومها ، وكسوة في الصيف وكسوة في الشتاء ، وبدون أي تأمين صحي، ولا علبة باندول .. فإذا اضطرت فيجب أن تعود إلى عصبتها!! ... ورأيت العقد الذي يصفه هذا الرجل؛ ويهدد المرأة عليه إن لم تمتثل بلظى نزاعة للشوى ، عقدا أقل كلفة ومؤنة، وأكثر إغراء وإغواء من عقده مع عاملة يأتي بها من مكان بعيد لغسل سيارته ، أو لتلميع زجاج بيته ...!!!
على مثل هؤلاء يجب أن نثور ... ولمثل سيدنا ابن عباس يجب أن نأوي : وكان يتزين بما ينبغي لمثله أن يتزين به ، يقول : وإني لأتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي، أتأول قول الله تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ...ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف في كل حق يجري عليه التماثل بين الزوجين .. وكفى
وقال القاضي يحيى بن معمر لرجل ظل يماطل زوجه في مهرها " ألئن سألتك ثمن شبرك وشكرك أنشأت تطلها وتضهلها وتمطلها ..."
في اليوم العالمي للمرأة ..
ومن أجل أمهاتنا وعماتنا وخالاتنا وأخواتنا وبناتنا وحفيداتنا ؛ يجب أن ندعو إلى الحق الذي جاءتنا به شريعة الله، وعلى النحو الذي عاشه فينا رسول الله. ونقول : لا .. لأصحاب الفهم السقيم . وكم أضر بالنصوص والقضايا أصحاب الفهم السقيم ..
وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم
( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ )
لندن : 24 / رجب / 1442
8/ 3/ 2022
____________
*مدير مركز الشرق العربي