( الحياة تيوز – بقلم الكاتب و المؤرخ حسن سلامة التعمري -ولد الشيخ المجاهد عيسى ابو قدوم التعمري في عام في عام 1890 في اراضي عشائر التعامرة في بيت تعمر بالتحديد و قد تربى الشهيد البطل في البادية التعمرية على حياة الجهاد و نمت فيه نوازع الحرية و تأصلت خصال الشهامة و الشجاعة و الفروسية والفداء للوطن في شخصيته حيث كان يمثل حقيقة ناصعة واكيدة وهي انه رمز لابناء عشائر التعامرة المجاهدين وكان والده رحمه الله من الرجال الاتقياء الصالحين حيث توفي رحمه الله وهو ساجد في صلاته و سار المجاهد البطل على خطى والده الايمانية حيث عين حارسا سريا للمسجد الاقصى في بداية حياته النضالية خوفا من تسلل اليهود وزرعهم للالغام في ساحاته ولكي يكون قريبا من القيادات البريطانية ومعسكراتهم ليسهل عليه قتالهم و الانتقام منهم اشترك المجاهد البطل عيسى ابو قدوم في انتفاضة البراق 1928و ابلى فيها بلاء حسنا وبقي مطلوبا بعدها حيا او ميتا للانجليز والصهاينة لا بل و وضعوا جائزة مالية كبرى لمن يأتي براسه او حتى يعلم عن موقعه ، انه شيخ المجاهدين عيسى ابو قدوم الذي قهر الانجليز و الصهاينة و الخونة و اتعبهم ببطولاته و ايمانه القوي بالله بأن ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ، حيث شهد له القريب و البعيد بايمانه القوي بان الله سينصر الاسلام و المسلمين على اعداء الامة و الاسلام ، كان قائدا من قادة ثورة 1936 حيث ابلى فيها بلاء قويا حيث كان اليد اليمنى للحاج امين الحسيني ومن بعده القائد عبد القادر الحسيني الذي عين شيخنا البطل عيسى ابو قدوم مسؤولا عسكريا من منطقة اريحا الى الخليل و بدأ البطل مشواره الجهادي في سبيل الله و الوطن وكان اليوم المشهود ففي احدى الايام اجتمعت القيادة العسكرية للثوار لاختيار بطل من ابطالها للقيام بتفجير مقر القيادة البريطانية في منطقة القطمون.
وقد انبرى لذلك قائدنا البطل عيسى ابو قدوم معاهدا الله و شعبه ان يكون شهيدا في سبيل الله و الوطن واعلاء كلمة الحق وتم تسليمه المتفجرات و وضعها في عباءته بعد ان قام بتوديع رفاق دربه و توكل على الله ولكن المنافقين و الخونة و الذين في قلوبهم مرض كانوا وما زالوا قاموا بايصال المعلومة الى الانجليز ان هناك ثائرا سوف يقوم بتفجير القاعدة و قامت الدنيا ولم تقعد بحثا عن ذلك القائد البطل و منعه من المرور و منع التجول ولكن ارادة الله ابت الا ان يمر القائد البطل قبل التفتيش من امامهم وهو ياكل قشر البرتقال متخفيا على هيئة اعرابي ليبعد الشبهات عنه مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : رب اشعث اغبر لا يأبه له لو اقسم على الله لابره منهم البراء ابن ثابت ، صدق رسول الله .ووصل القائد البطل الى القاعدة و تركهم من ورائه يلهثون و يبحثون عن الثائر المزعوم ووصل بكل ثقة و اقتدار و صبر و ايمان و توكل على الله الحي القيوم ووضع المتفجرات التي كان يحملها في عبائته المهترية البسيطة التي تساوي الالف بل الملايين من عباءات العرب و المتصهينين في زمننا هذا وضع قائدنا البطل المتفجرات تحت درج مدخل القاعدة مرددا اللهم نصرك الذي وعدت اللهم ارنا فيهم يوما كيوم بدر و تم الانفجار وقتل العشرات من الجنود وتم تدمير الجزء الاكبر من القاعدة وعاد ثائرنا البطل ليسير بين الجموع ببساطة وكانه طير من طيور الجنة وثقته كبيرة بأن يكون يوما بجانب جعفر و زيد و القعقاع .
و عاد قائدنا البطل الى عرينه في ساحات الاقصى وبدأت المسيرة الثورية مسيرة الجهاد المقدس و وضع الثوار الخطط وكان من ضمن تلك الخطط تدمير احد معسكرات الانجليز الذي يطلق عليه كمب العلمين الذي يمتد من بيت صفافا الى القدس على الخط الرئيس ومن لها الا المجاهد البطل عيسى ابو قدوم ووضع المتفجرات على باب المدخل و قتل بعدها من قتل و اصيب منهم من اصيب من اللعنة و الخنازير ، استولى بعدها قائدنا البطل بعودته على عدد من قطع السلاح ( البواريد ) ولقي في طريقه اثنان من رجالات عشائر التعامرة واعطى كل واحد منهم بارودة وهم علي الاعمر و مرزوق الوحش و احتفظ هو ببارودته التي بقيت مع ابنه المجاهد حسين عيسى ابو قدوم بعد استشهاد والده البطل لم يذق شهيدنا قبل استشهاده طعم النوم يوما من الايام و بقي متخفيا و متهربا من الاعداء و متحفزا للقتال متمنيا ان يلقى الله شهيدا
وقد حاول الاعداء بكل الطرق الوصل اليه وفي يوم من الايام انتقل ليسكن عند ابناء عمومته من دار ابو امحيميد التعامرة عند منطقة الفردوس ذلك التل او القصر المرتفع فوق البحر و المطل الذي يشرف على منطقة الغور كما تشاهد القدس و ما حولها من فوقه و الذي يقع على بعد اربعة اميال الى الجنوب الشرقي من بيت لحم و يقع في اراضي عشائر التعامرة حيث انتقل الشيخ المجاهد مع زوجته حمدة العلي وهي ابنة قبيلة التعامرة الابية و ابنة عشيرة الحجاحجة فهي ابنة ثائر و زوجة ثائر و اخت الثوار وام الثوار التي جاهدت في تربية ابنائها الصغار بعد استشهاد الشيخ المجاهد زوجها و بقيت وفية له ولهم حتى توفيت قبل حرب 1967 بشهور ليسكنوا قريبا من ذلك التل و وصلت المعلومة للجيش الانجليزي ان ابو قدوم موجود في تلك المنطقة حيث يقوم بتدريب المجاهدين التعامرة على السلاح و هو يسكن عند المجاهد البطل اعمر المبارك ابو امحيميد الذي كان اليد اليمنى للمجاهد عيسى ابو قدوم و كاتبه الشخصي في ذلك الوقت حيث كان يجيد القراءة و الكتابة ، وصل الجنود الى المجاهداعمر المبارك و سألوه عن المجاهد عيسى ابو قدوم فقال لهم لا يوجد عندنا احد بهذا الاسم ولم يكاد ينتهي من كلامه اذ بصوت الرصاص يدوي في المنطقة و يزلزل الارض تحت اقدامهم فقالوا له ما هذه الاصوات فقال لهم باستهزاء وفخر انهم يتصيدون العصافير.
و ياتي الخبر المفرح للتعامرة و الثوار بأن القناص المجرم الذي فوق تل الفردوس الذي استغله الانجليز كموقع استراتيجي مرتفع حيث وضعوا الرشاش واوصلوه الى هناك بواسطة الدواب لارتفاع الجبل ووضعوا الرشاش الذي اسماه التعامرة متر اللوز و وضع عليه الانجليز احد رجالاتهم المتخصص بالقنص حيث استعمله ذلك المجرم لقنص رجالات التعامرة المجاهدين من اعلى التل وقد انبرى له قائدنا البطل في ذلك اليوم حيث اشتهر القائد البطل بالتصويب من بعيد وقنص هدفه بكل قوة و اقتدار حيث صوب على ذلك الجندي اللعين ببندقيته واصابه واذا به يهوي من فوق جبل الفردوس برصاصات شيخ المجاهدين عيسى ابو قدوم وكان يوما مشهودا لابناء التعامرة اقاموا فيه الاهازيج و الاغاني الوطنية لخلاصهم من ذلك الوغد اللعين الذي اتعب الثوار و اصاب منهم الكثير ، وتستمر المطاردة لقائدنا البطل حيث واصلت جموع الجبناء بحثا عن البطل حيث قاموا بنصب الكمائن و الاستحكامات في منطقة زعترة للقائد البطل و يصل الخبر للقائد من احد ابناء التعامرة المخلصين من دار ابو ارعية بالتحديد الذي اخبر القائد البطل ان الانجليز يطوقونه و بدأ الاستعداد للمقاومة و يصيب منهم الكثير و ينجو بعون الله و يصل الى برية التعامرة سالما .
ويبدأ القائد البطل من هناك باعادة ترتيب قواته من ابناء عشائر التعامرة الثوار و التف حول القائد الرمز عيسى ابو قدوم المئات من ابناء قبيلته مرددين معا ( اما النصر او الشهادة ) .
*معركة بني نعيم 1938 : كان القائد عيسى ابو قدوم مع مجموعة من الثوار التعامرة في منطقة ابو سلمية في برية التعامرة يخططون و يرسمون الخطط حيث وصل الخبر للقائد البطل عيسى ابو قدوم ، ان هناك مشكلة بين احد الاشخاص من الثوار من منطقة دورا واسمة عبد الحليم الشلف و احد الاشخاص من عائلة الجعبري ، فقرر الثوار ان يذهبوا لاصلاح ذات البين بينهما بقيادة شيخ المجاهدين عيسى ابو قدوم ، وكان وقتها القائد عبد القادر الحسيني عند الشرايعة ( التعامرة )في منطقة البقيعة .
ووصل القائد عيسى ابو قدوم و مجموعته اول الناس الى منطقة بني نعيم وهم يرددون ( اخذنا مشايخ للصلح ياعمنا // ليوخذوا بين القرايا عهود ) ( بعد سبع تيام ركبنا خيولنا // و نزلنا على ارض الخليل انرود ) وصل الخبر ايضا الى الانجليز عن طريق مخبر اسمه محمد ابو اعرام ان شيخ المجاهدين عيسى ابو قدوم ورجاله في المنطقة وما هي الا دقائق واذا بطائرتين تحومان على الثوار وكانت تسمى ام جناحين حيث حدثني الحاج محمود ابو ارعية اطال الله في عمره ان قائدنا عيسى ابو قدوم استلقى على ظهره و اصاب احدى الطائرتين و اسقطها و الثانية هي التي اطلقت النيران عليه و استشهد البطل وبعد المعركة وجدوا رفيق دربه و صديقه الروح بالروح المقاتل البطل سليمان حسين البجالي الذي شاركه في كل شي من جهاد و مقاومة و حمل الاثنان على جمل وتم دفنهم في منطقة حصاصة في حين اصيب عدد كثير من رجالات التعامرة منهم اسليم الوحش حيث انقسمت فرسه الى قسمين نتيجة قصفها بالطائرات و اصيب عبد الله الخليل ابو جورة بستة و ثلاثون رصاصة في جميع انحاء جسده و بقي جريحا اربعة اشهر وهو مختفي في المغر واصيب عدد كثير من ابناء قبيلة التعامرة حيث بقي العديد منهم متخفيا وهو مصاب في مناطق برية التعامرة .
دفن القائد البطل في منطقة حصاصة في وادي عبيان و قبره معروف للجميع هناك ولذلك قصة حيث توفي احد ابناء تلك المنطقة من ابناء التعامرة بعد سنتين من استشهاد القائد البطل في ليلة شتاء قارس ولم يستطيعوا ان يحفروا قبره فقيل لهم ضعوه في ذلك القبر المجهول وعندما تم فتح القبر المهجور فاذا به جسد القائد عيسى ابو قدوم كما هو مصداقا لقول رب العزة ” ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء ” فنادى احدهم باعلى صوته وهو نمر العودة و قال : يا تعامرة الله اكبر الله اكبر هذا هو قائدكم هذا هو قبر البطل الشيخ المجاهد عيسى ابو قدوم التعمري و وصل الخبر الى ابناء المجاهد عيسى ابو قدوم ( حسين و موسى ) وذهبا الى هناك محملين بمواد البناء وتم رفع القبر واشهاره ليبقى شاهدا على عصر الثورة و الثوار الابطال الاشاوس من رجالات فلسطين عامة و التعامرة خاصة ، وبعد استشهاد القائد البطل بقي ابنه البكر حسين العيسى رحمة الله عليه مرافقا للقائد عبد القادر الحسيني و يحمل رتبة والده و مسدسه وهو لم يتجاوز عمره 12 سنة وتم وضع حارس شخصي له من منطقة بيت ساحور اسمه محمد حسنة الذي استلم بارودة المجاهد عيسى ابو قدوم و التي بقيت شاهدة على تاريخ الرجل المشرف العظيم
عزيزي القارئ لقد ذكرت في كتبي الاربعة عن التعامرة و بالاخص كتاب شهداء عشائر التعامرة الشيخ المجاهد عيسى ابو قدوم و قمت باهداء احدى كتبي للشيخ سعادة النائب الحالي موسى الوحش التعمري ابو محمد عندما كان عضو مجلس امانة عمان في منطقة بدر و تمنيت عليه ان يعمل على تسمية شارع باسم الشهيد البطل عيسى ابو قدوم وكان سعادة الشيخ موسى على قدر المسؤولية و المروءة و الشهامة بأن لبى نداء الجهاد وكيف لا وهو احد الرجال المخلصين الاوفياء لوطنهم و عشيرتهم و قبيلته وتم اطلاق اسم شارع عيسى ابو قدوم في منطقة حي نزال عند دوار الخريطة بفضل الله سبحانه و تعالى و بفضل سعادة الشيخ الدكتور موسى الوحش التعمري ( ابو محمد )
*انجب شيخ المجاهدين من الابناء الشيخ محمد عيسى ابو قدوم ابو محمود ذلك الشيخ الجليل التقي المؤمن بالله حق ايمانه صاحب البركات و الكرامات التي اكرمه الله بها من محبة الناس و ببره بوالدته و بوقاره وايمانه العميق بالله و برسوله وبأن هذه الامة ستنتصر يوما من الايام وان النصر قريب و القدس ستعود يوما ما اسلامية عربية فلسطينية .
وانجب القائد عيسى ابو قدوم ايضا المجاهد حسين العيسى وهو الابن الاكبر للشيخ الذي شارك في اكثر من معركة مع ابناء عشائر التعامرة ومن اهمها معركة العمور التي ابلى فيها بلاء حسنا . وانجب الشيخ موسى ابو قدوم ( ابو جمال ) و الشيخ احمد عيسى ابو قدوم ( ابو محمد) الذي حدثني عن والده وهو لم يراه حيث كان عمره انذاك خمسة اشهر فقط اطال الله في عمره .
*ملاحظة مهمة كانت اراضي التعامرة هي المركز الرئيسي لقيادة الثورات الفلسطينية حيث ان تلك القيادة كانت و بشهادة الجميع لا تتمركز الا عند عشائر التعامرة و للقائد عبد القادر الحسيني قولا مشهورا يردده كل من عرفه انه لم يكن يشعر بالامان الا عند ابناء عشائر التعامرة و قول اخر انه لم ينزع القاييش ( الحزام ) الا عند التعامرة .
وقد قمت بذكر اسماء جميع من استشهد من رجالات التعامرة و المصابين منهم في كتبي الاربعة عن عشائر التعامرة و اخص بالذكر كتابي شهداء التعامرة الجزء الاول و الجزء الثاني ، رحم الله شهدائنا جميعا و رحم الله شهداء عشائر التعامرة و رحم الله شيخ المجاهدين التعامرة الشيخ عيسى ابو قدوم ابو حسين ...)اه.