بسم الله الرحمن الرحيم
---9-- من ذاكرة الايام -
--الاكراد العرب وسلاح الدين
اذكر انني قرات قصة ظريفة في ثمانينات القرن الماضي عن البطل المجاهد القائد صلاح الدين الايوبي رحمه الله تعالى، مفادها انه بعد ان اتم الله تعالى له النصر على الصليبين واعادة فتح بيت المقدس، بعد احتلال قارب قرنين من الزمن، وجد ان اهل بيت المقدس وقتها من اهالي القدس والمدن الكبرى قد طبعوا مع الصليبين وتطبعوا بطباعهم، فذهبت نخوتهم وغيرتهم، لدرجة انهم زوجوا بناتهم للصليبين وتزاوجوا معهم ... وتغيرت طباعهم وانتكست وتبدلت ..
فغضب القائد البطل الغيور مما وجد وراى ، فاستشار العلماء ماذا سيفعل؟ فاشاروا عليه بوجوب اعادة تاهيلهم بتوزيعهم على قبائل العرب المختلفة، وتفريغ البلدان منهم ،واحلال محلهم اهل الدم الحار من العرب والكرد ...
وهذا ما حصل بالفعل، فتم توزيع المطبعين على قبائل العرب والبدو، ليستفيدوا منهم كاهل صنائع يحذون الخيول ويربون القدور والاواني والاقداح، ويصنعون لهم السيوف والسروج وهكذا، وبهذا يعاد تاهيلهم ويتطبعون بطباع العرب من جديد ، فتم توزيعهم على العربان والقبائل في الجزيرة والعراق وسيناء ومختلف مناطق العشائر والقبائل، وكثير من قبائلنا لليوم يعرفونهم باسماء مختلفة ومتعددة .
وربما هذا ما يفسر لنا حرص المحتل الغاصب اليوم على التطبيع، وهجمته و ادواته وعملائه الشرسة لنشر مفاهيم سيداو العفنة وعلى وجه الخصوص في الضفة الغربية وغيرها من بلاد الاسلام .
اذا احدث البطل صلاح الدين تركيبة جديدة للمجتمع في بيت المقدس ،فكما طهره من الصليبين طهره ايضا من المطبعين ، فاتى بابناء القبائل من العرب واتى بابناء القبائل الكردية واسكنهم الارض المقدسة التي وعد الله تعالى ان يورثها عباده الصالحين ..
فلذلك وجدنا العديد من العائلات الكردية تسكن لليوم مختلف قرى ومدن فلسطين في القدس مثلا والخليل، وغزة واللد وعكا وصفد وطبريا ونابلس وجنين وغيرها ... ولا تكاد مدينة من كبريات المدن تخلوا منهم او من حي فيها او حارة باسمهم
ومن هذه العائلات من حمل اسم الكردي او اسم عشيرته، كال شاور وال الهشلمون وال البرقاوي وال الرطروط وال الايوبي وال زلوم وال القيمري وال الامام والسائح وقفيشه والبرادعي وغيرهم كثير لا يتسع المجال لذكرهم هنا
اما بالنسبة لنسب الكرد فيذكر المؤرخ الكردي محمود بيازيدي انهم يرجعون الى اصول عربية من القبائل العربية الرعوية، فاستقروا في اقليم كردستان بين الترك والفرس والعرب، فاصبحت لهم لغة مزيج من هذه اللغات ...
ويرى المؤرخون العرب كالمسعودي وياقوت الحموي وابن عبد البر وغيرهم: ان الكرد من قبائل العرب اليمانية، وانهم شانهم شان اخوانهم العرب تفرقوا بعد انهيار سد مارب تفرق ايادي سبا، فاتجهوا شمالا الى العراق وبعد خلاف دار بينهم وبين غسان ارتحلوا الى المنطقة الجبلية الوعرة سمال الموصل وسنجق دار وابيل وغيرها ...
اول من اسلم من الكرد هو الصحابي الجليل ابو ميمون جابان الكردي الذي عاش ملازما للنبي صلوات الله وسلامه عليه في المدينة وبعد الفتح العمري لبلاد فارس دخل الاكراد طواعية في دين الله تعالى حيث كانت بلادهم من قبل تخضع لحكم الفرس الساسانيين
ويؤكد لنا هذا الامر حول عروبة الكرد ان الاكراد لما دخلوا الاسلام لم يكونوا بحاجة الى الموالاة - حيث كان في ايام الخلافة الراشدة والخلافة الاموية يتحتم على اهالي البلدان المفتوحة الدخول في حلف موالاة مع القبائل العربية لحمايتهم ونصرتهم وتامين حقوقهم فظهرت طبقة الموالي التي كانت تتكون من اهالي البلدان المفتوحة ومن العبيد المعتقين او المحررين لان الولاء لمن اعتق ، الا الاكراد فلا نجد منهم موالي مما يدل على انهم جرت عليهم سنة العرب كون اصلهم عربا
ومثل هذا الذي قلنا في اخواننا الاكراد قالوه في اخواننا البربر في شمال افريقيا
وعلى اية حال فالحمد لله وسبحانه حيث قال :-
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13) الحجرات