بسم الله الرحمن الرحيم
45- من دروس القران التوعوية :
من وصايا القران لاهل دعوة الايمان
لقد دل القران الكريم في عدة مواضع من اياته عباد الله المؤمنين على طريق النور والهداية؛ وطلب من المؤمنين التزامه؛ لانتهاج نهج الهداية :
={إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} 9الاسراء
وبين لهم موصيا ان هذا الصراط المستقيم الهادي للحق وما يرضي الرب وما يحقق التوفيق والاجتماع والوحدة على منهج الله تعالى؛ محذرا من اتباع السبل التي تفرقهم وتمزق جمعهم فقال:-
= {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}153 الانعام
وبين لنا ان الفرقة في الدين والصف مبدأ امرها من اتباع الاهواء المتفرقة المتعددة التي تقودها شهوات النفس فتريها في مهاوي الضلال؛ وتفرق الكلمة والجمع : {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۞ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)الروم}.
وقد جاء في الحديث الشريف نماذج من تحريم كل ما يزرع بذور الفرقة والكراهية والبغضاء بين ابناء امة الاخوة والرابطة الايمانية : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَحَاسَدُوا، ولَا تَنَاجَشُوا، ولَا تَبَاغَضُوا، ولَا تَدَابَرُوا، ولَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، ولَا يَخْذُلُهُ، ولَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا -ويُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، ومَالُهُ، وعِرْضُهُ.)
رواه مسلم
وامرنا سبحانه بالدعوة الى سبيله !! اي الى اتباع منهجه وشريعته بالاستسلام والانقياد لسيطرة احكام شرعه وتشريعات هذا القران :
= {قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)يوسف}...
وبين سبحانه ان دعوة الافراد والجماعات تكون بايجاد القناعات وايصالها بالحكمة التي مها المخاطبة حسب حال المخاطب واثارة انتباهه واحاسيسه بما يجعله يستجيب لمواطن الاعتبار والاتعاظ بالموعظة الحسنة في اختيار اسلوب الخطاب واختيار توجيهه فقال سبحانه:
={ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)النحل}.
فلذلك جاء في التوجيه النبوي بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا !!
وحيث انه لا يكاد يوجد انسان على وجه الارض الا و تجده داعية لخير او لشر؛ فاما يكون داعيا لنفسه وهواه، او داعيا لقومه، او داعيا لهوى غيره؛ او داعيا الى الله تعالى؛ ومذاهب العقول شتى ومختلفة متعددة؛ وغاياتهم ونواياهم من الاعمال والقيام بها كذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم: {فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه }..
وقد تكون الدعوات مؤسسات وفرق واحزاب وجماعات شتى؛ ونبه الني صلى الله عليه واله وسلم من دعاة الضلال والطمس على العقول ؛ فقد جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
«كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: وهلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وفيهِ دَخَنٌ، قُلتُ: وما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ منهمْ وتُنْكِرُ، قُلتُ: فَهلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقالَ: هُمْ مِن جِلْدَتِنَا، ويَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا، قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ، قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ. »
لذلك حدد الله تعالى لنا معالم الدعوة الى الحق وغايتها ومنهجها وكيفية طريقتها كي لا نختلف عليها ولا نتفرق في الدين الذي الاصل فيه جامع لا مفرق ؛ وما علينا الا ان نجتهد ليس في اختراعها وابتكارها وابتداعها؛ بل في فهمها والعمل بها واتباعها وتطبيقها كما نفذها رسول الله سلام ربي عليه واله هو ومن تبعه مؤمنا به وبدعوته الى يوم القيامة ؛ وذلك لقوله تعالى (انا ومن اتبعني)(108يوسف)؛ وانظر معي هداك الله اخي واختي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (47)الاحزاب
فطريق الدعوة الى الله محدد بالكتاب مفصل في السنة لان عمل الدعوة الى الله من اعظم الاعمال قربة لله واثرا في الحياة واجرا وثوابا في الاخرة وطالما انه لله فان الداعي به لا يدعوا الا باذن الله اي بالكيفية التي يريك الله اياها ..
اما عظم هذا العمل وفضل من يتلبس به فاسمع لربك ما يقول:
{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين}33فصلت
واذا اردت تفسيرها فما عليك الا ان تقرأ بفقه وتأني سيرة الحبيب سلام الله عليه واله وصحبه وسلم؛ لتتعلم سبيل رسول الله؛ داعي الله باذنه؛ اي كما اذن له وارشده وهداه؛ فهو لا ينطق عن الهوى؛ ولا يعمل بهواه ؛ بل يتقيد و يتبع في عمله ما اوحى له الله؛ والسلام عليكم ورحمة الله وثبتنا الله واياكم على منهج وسبيل رسوله حتى نلقاه —