83- من دروس القران التوعوية - اليات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

بسم الله الرحمن الرحيم
83- من دروس القران التوعوية :
اليات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر :- (1)- الدافع الذاتي والمتولد في شعور الفرد والجماعة :-
في الحلقة السابقة بينا ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب عيني يشمل جميع افراد المؤمنين والمؤمنات ؛ ويتوجب عليهم ذكورا واناثا مناصرة وتأييد ودعم ومظاهرة بعضهم بعضا على القيام به وأداءه بشكل دائم مستمر في حياة الامة ويوميات المجتمع ؛ وذلك لقوله الصريح سبحانه:-
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)} [سورة التوبة: 71]. وهذا الاخبار هو طلب ايجاب على وجه الالزام بجعله صفة دائمة لا تنفك ولا ينبغي ان تنفك عن مجتمع الايمان؛ رجالا ونساء ؛ فيظاهر ويساند ويعاضد ويناصر بعضهم بعضا على المطلوب منهم وهو 1- الامر بالمعروف وهو ما اقرته وطلبته الشريعة من قول حسن او فعل مرضي لله تعالى او خلق طيب او معتقد حق.. وجعلته مفهوما عاما بنته العقيدة وجعلته افكار الايمان عرفا شرعيا شائعا وسائدا عاما في المجتمع.. 2- النهي عن المنكر ؛ وهو كل امر منعته احكام الشريعة وانكرته ورفضته وخالف مفاهيم العقيدة والايمان؛ من قول زور باطل فاحش او عمل سوء او معاملة فساد وظلم او خلق سيء او معتقد باطل ..3- إقامة الصلاة : وإقامة الصلاة تشمل ألأداء ؛والإقامة؛ والاداء هو ان تؤدي الصلاة المكتوبة او المندوبة كما بينها النبي صلى الله عليه واله وسلم بالطريقة التي فصلها؛(صلوا كما رأيتموني اُصلي)؛اما الاقامة فهي كما بيناه في مباحثنا المعنونة - بسلسلة اثر العبادات على السلوك والنفس - فانها اقامة الصلة بالله من خلال ادراك الصلة الروحية بالله تعالى؛ لقوله تعالى:- ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [ طه: 14]؛ولقوله تعالى:- { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)العنكبوت} .. فالصلاة تربطك بالله تعالى وتحقق لك التربية النفسية الذاتية كفرد من جماعة؛ وكذلك اثرها يظهر في تربية الجماعة التي تؤديها جماعة في مجتمعاتهم وتجمعاتهم مؤمنين ومؤمنات في اخوة متحابين في الله متعاضدين ومتكافلين ومتعاونين و متناصرين و متوليين بعضهم بعضا على امر ربهم؛؛؛؛ 4- فيؤدون زكاة وصدقات اموالهم كي لا يبق بينهم سائلا ولا محروما بحق له لا بمنة لانه من مجموعة المشمولين بوصف الحصر: (انما المؤمنون اخوة) ؛ والاخوة تقتضي التعاون والتعاضد والتكافل والمناصرة والولاء متوجدين على قلب رجل واحد؛ وكأن قائدهم ومحركهم عقل واحد؛فمعتقدهم وفكرهم وهمهم وشرعهم واحد ؛ وهذا الذي يميز مجتمع الايمان عن غيره من مجتمعات الكفر والانحراف والتحريف الذي تحسبهم فيه جميعا وقلوبهم في الحقيقة شتى ؛متفرقة الموارد والمشارب.. 5- فتقودهم اقامة وادامة هذه الصلة بربهم لتقواه في السر والعلن فينقادون لطاعته باتباع كتابه القران المجيد وطاعة رسوله صلى الله عليه واله وسلم باتباع سنته التي يتحقون ويتثبتون انها صدرت عنه صلى الله عليه واله وسلم ؛ كما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث مالك بن الحويرث أن النبي ﷺ قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وانزال الامر بمنزلة الرؤيا لا يكون الا بالتثبت والتيقن ان الامر صدر عنه صلوات ربي وسلامه عليه واله وسلم...
فاذا توافرت هذه الصفات في جماعة او مجتمع او امة من الناس فهم على وعد من ربهم جل وعلاسيحففه لهم شاء من شاء وابى من ابى؛فلا يخشون في ربهم وانتهاج امره والذود والذب عنه احدا او لومة لائم ؛؛ {أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ...
فاول خطوات الامر بالمعروق والنهي عن المنكر هو الزام النفس بالمعروف ونهيها عن المنكر انطلاقا من الفرد ثم اشاعة في الجماعة .. {۞ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (86) قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)هود}...
والى لقاء في حلقة جديدة في نفس موضوعنا لاكماله يتجدد بكم استودعكم وامتنا الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..