ثرثرة حول انطلاقة المارد الفتحاوي ....ومفارقات ربيع فتح في غزة...!!
بقلم: عماد عفانة
صحفي وباحث سياسي
20-10-2013م
تمر ذكرى الأول من يناير كل عام لتطرح على حركة فتح في ذكرى انطلاقتها ذات التساؤلات المشروعة المتعلقة بالانجازات كما الخيبات، والاجابة على التحديات كما التصدي لما هو آت ,،،،
لم تصبح حركة فتح حركة الغالبية من الفلسطينيين إلا عندما نجحت في التعبير عن حاجة هذا الشعب للحرية والانعتاق عبر حملها للبندقية والتصدي لأعباء المقاومة والتحرير.
فتح جعلت من اسمها عامل جذب وتجميع للكل الفلسطيني فأطلقت على نفسها اسم (حركة التحرير الوطني الفلسطيني) هذا الاسم الجامع المانع فكانت قبلة كل الحالمين بالحرية والعودة، ومحراب كل المناضلين الذين نذروا أنفسهم لعدالة هذه القضية العادلة .
فكانت فتح حينها عبارة عن البوصلة التي تحدد اتجاه المسار الصحيح لما تتمتع به منذ بداية تكوينها وانطلاقتها وعلى مدار مراحلها النضالية المختلفة لكل الشعب الفلسطيني ومصالحه الحيوية وقضيته وحقوقه وثوابته الوطنية الراسخة الثابتة غير القابلة للتغيير تحت أي ظرف.
ولكن وبعد أن قررت فتح دخول دهاليز الحلول السياسية من نفق المفاوضات الذي لا نهاية له وبسقف لم ولن يلبي الحد الأدنى من الحلم الفلسطيني الذي انطلقت فتح من أجله.
وبعد ان ألقت فتح البندقية واستبدلتها بغصن الزيتون.
وبعد أن خرج قائد فتح الجديد الرئيس محمود عباس ليعلن ويقول وبالفم الملآن "أنا ضد المقاومة، ولست مع استعمال السلاح لا في الضفة الغربية ولا في قطاع غزة، لأنني أسير على خطى السلام".
و " يجب أن نكون منطقيين مع أنفسنا ونترك السلاح ونسير على خطى السلام؛ فأنا لست مع إطلاق الصواريخ لا من غزة ولا من الضفة ولا غيرهما".
وبعد أن سفهت فتح على لسان رئيسها المقاومة ووصفها وصواريخها بالعبثية، وبعد أن حمل المقاومة مسؤولية الويلات التي يكابدها شعبنا الفلسطيني مبرئا المفاوضات من دم هذه المعاناة.
بعد كل هذا أصبحت فتح تذوي وتذوب شيئاً فشيئاً ,ليس كجسم ضخم، وليس كمؤسسات نضالية على مختلف الصعد والمستويات، وليس في كل المواقع الفلسطينية بالداخل والخارج والشتات فحسب، بل أصبحت فتح تذوي وتذوب شيئا فشيئا في قلوب الشعب الذي أحبها حين كانت تحمل على أكتافها البندقية إلى جانب الكوفية.
الحركات تذوي وتموت حالها حال الانسان عندما يكبر ويشيخ، وحالها حال الدول والممالك حين تفقد مبرر وجودها، فليس هناك أحد وليس هناك شيء لديه من القوة والمنعة الداخلية ما يحول دون ذوبانه وتلاشيه في زحمة الأحداث الجسام.
فشعبنا ليس لديه ما يسمى بالمرونة الثورية بما يكفي لاستيعاب هذا الانكسار الذي تمر به حركة التحرير الوطني التي كان يعلق عليها كل آماله وأمنياته.
فليس لدى أحد شيء من الحكمة والصلابة بما فيه الكفاية لمنع نفسه من الانزلاق وهو يخطو فوق جرف هار باختياره طريق المفاوضات وغصن الزيتون عن قصد وتعمد.
كانت حركة فتح وعن جدارة حركة الديمومة، لكنها فقدت هذه الميزة فقدانا سريعا بعد أن:
- فقدت القدرة على تسجيل الانتصارات فالأغصان تتكسر وتطحن في المواجهة ولا يصمد سوى الرصاص الذي باتت تحمله فصائل أخرى على رأسها حماس والجهاد.
- فقدت القدرة على مقاومة كونها عنصر من عناصر الحصار والمؤامرة والالتفاف والتغييب ومحاولات الاحتواء للقضية وشعب المقاومة عبر الكثير من الحوافز الفعالة فوق العادة التي تنعم بها قادتها وكوادرها خارج الخنادق فجرتهم بعيدا عن المربع الوطني.
- فقدت القدرة على شحذ الهمم ورص الصفوف وتجميع الطاقات الذاتية والموضوعية في بوتقة واحدة بعد أن أضحت عامل مهم من عوامل الفرقة والانقسام عبر الارتهان للقرار الامريكي والصهيوني الذي يضع فيتو على المصالحة، وما التجويع المالي للسلطة الآن إلا جزءا من أسنة ولهيب هذا الفيتو الامريكي والصهيوني.
فكيف لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح أن تكون قادرة على قيادة مشروع التحرير بعد أن ألقت البندقية وجرمت المناضلين ولاحقتهم بالقتل والتسليم والاعتقال، لدرجة بات معها العدو المحتل يباهي بالانجازات الأمنية للسلطة عبر اعتقالها عددا أكبر بكثير من العدد الذي اعتقلته قوات الاحتلال نفسها، فقد اعتقل الاحتلال خلال الفترة 2007-2011م (9765) فلسطيني، بينما اعتقلت السلطة وحدها (13721) فلسطيني في نفس الفترة أي أكثر بنحو 3500 معتقل جلهم من حركة حماس..!!
وكيف لحركة فتح أن تبقى حركة المؤسسات المناضلة وهي تعاني من انقسام داخلي بين فريقين، فريق الرئيس عباس وفريق العقيد محمد دحلان، حيث من المتوقع أن يرفع مناصروه نحو 20 ألف صورة له في مهرجان انطلاقة فتح في غزة الجمعة القادم في السرايا الصفراء..!!
كيف لحركة فتح أن تنهض من جديد لتأخذ دورها المنشود وهي تفتقد كما يقول القيادي فيها (دياب اللوح) في مقال له "إن حركة فتح تفتقد إلى أية انجازات ملموسة, لا بنيوية , ولا فكرية , ولا ثقافية, بل على العكس تماماً تراجعت الانجازات السابقة, فالحركة بدون إعلام, وبدون بيان عام, وبدون تعميم داخلي, وبدون إذاعة , وبدون فضائية, وبدون صحيفة , وبدون نشرة أو مدونة, تشكِّل مرجعية لأخبارها, والسؤال المشروع أين تكمن المشكلة, هل هي في الأشخاص, أم هي في السياسات ؟"..!! .
ويضيف اللوح في مقاله " خسرت حركة "فتح" في الانتخابات البلدية عام (2005م) , وفي الانتخابات التشريعية عام (2006م) , وحتى أن الانتخابات البلدية في الضفة الغربية عام (2012م)لا تحمل دلالات عميقة أن الحال صار أحسن من سابقه , ففتح نافست "فتح" ولم تحقق النسبة التي كان يجب أن تحققها , والانتصارات الصغيرة وإن كانت في غاية الأهمية في الجامعات والنقابات ليست حاسمة , طالما كانت الخسارة كبيرة في أكبر دائرتين وهما دائرة التشريع , ودائرة الخدمات العامة للجماهير".
" لقد خسرت "فتح" كافة مواقعها الرسمية والحركية والخدماتية والثقافية والإعلامية والتربوية في غزة , وتراجع دورها الجماهيري والخدماتي العام , وتراجعت علاقة "فتح" في غزة مع "فتح" بالضفة , فلم تعد بنفس تلك الروح والمضمون السابق التي كانت عليه من التواصل وتبادل الزيارات والخبرات" .
"وبعد أكثر من عشرين سنة من المفاوضات العقيمة , نحن أمام لاشيء , وندور في حلقة مفرغة , وحتى أن الانجاز السياسي والدبلوماسي في الأمم المتحدة , واعتراف العالم بالدولة , هو انجاز معنوي , والدولة لازالت كيان معنوي , وليس بمقدوره أن يحسم النتائج نهائياً لصالح الفكرة الأساسية وهي دولة على الأرض وفي الواقع" .
" ثماني سنوات من عمل اللجان الحركية والوطنية , لم تكشف لغز اغتيال ياسر عرفات , فكيف لحركة عريقة وطنياً وسياسياً وأخلاقياً يمكن أن تتعايش مع هذه النتائج , وكيف يمكن لأبنائها أن ينظروا في عيون أبنائهم وأبناء شعبهم ".
"خسرت حركة "فتح" الانتخابات البلدية أولاً ومن ثمَّ الانتخابات التشريعية ثانياً , ولكن أين مؤسسات حركة"فتح" الخدماتية وجمعياتها الخيرية , وأين دورها لمساعدة الفقراء ومد يد العون للمحتاجين ".
وما زال القول لدياب اللوح "هناك معضلات وطنية ومجتمعية عامة وعديدة بدون حلول , ملفات تفريغات (2005م , 2006م ,2007م ) وملفات الشركات , واستحقاقات الموظفين الجالسين في بيوتهم بقرار سيادي علوي , ومسألة العاملين غير المفرغين في الأطر الحركية الفتحاوية ، مسائل كلها مطلوبة من حركة "فتح" , فهي المسؤولة أولاً وأخيراً عن إيجاد الحلول العملية والشافية , لكسب شريحة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني" .
"هناك منظومة من الأسئلة والاستفسارات الهامة موضوعة على جدول وأجندة حركة "فتح" عاجلاً وليس آجلاً , من أبرزها, ماذا بعد الاعتراف بالدولة في الأمم المتحدة, وماذا بعد وصول التسوية إلى طريق مسدود , وماذا بعد أن أصبحت السلطة الوطنية بدون سلطة وبدون مال وواقعة تحت الاحتلال وبطش سياساته ، وممارساته في القدس والضفة الغربية وحصار قطاع غزة , وأين "فتح" من علاقاتها مع عمقها العربي" .
" ما هو مستقبل المقاومة الفلسطينية في ظل فشل التسوية وانسداد الأفق السياسي ، وفي ظل سعي إسرائيل لتهدئة طويلة الأمد ؟ ".
حركة "فتح" أمام خيارين لا ثالث لهما , إما أن تعود لمربع المقاومة وإما أن تعود لمربع المقاومة، فنصيحة من قلب مخلص فو الله إننا نحب لحركة فتح المناضلة حاملة البندقية التقدم والنهوض، فحركة فتح بخير يعني أن تكون فصائل منظمة التحرير والثورة بخير، ومن هنا نقول لحركة فتح :
قاوموا تصحوا،،،
عودوا لمربع المقاومة لتصبحوا أكثر قدرة على رسم سياساتكم من جديد لمواجهة المهام والمسؤوليات والاستحقاقات الوطنية والسياسية والنضالية الماثلة أمامكم حاضراً ومستقبلاً.
لا يكفي أن تصبغوا انطلاقتكم باللباس العسكري وبالبنادق والسلاح الذي جرمه رئيس فتح محمود عباس.
لن تعوض الاستعراضات العسكرية التي تجريها فتح في مهرجانات الانطلاقة في مختلف ارجاء الوطن المحتل غياب فتح عن خنادق المواجهة مع هذا المحتل.
إن اطلاق الرصاص في الهواء والملايين التي انفقت على الالعاب النارية لن ترهب العدو ولن تخيفه سوى الصواريخ التي تدق حصونه كما في حجارة السجيل.
وأخيرا فان المفاوضات وطريق السلام والتعايش والتعاون الأمني مع المحتل لن يصنع لحركة فتح ربيعا قريبا.
وإن باحات الأقصى التي ستزين منصة مهرجان فتح في السرايا الصفراء لن تساهم في تحرير شبر منها، فإن من يصنع الانتصار ويدشن قدوم الربيع ويبعث الأمل بالتحرير هي البندقية والمقاومة والمقاومة فقط...فهل تعقلون...!!