المواضيع الأخيرة | » 76- من دروس القران التوعوية- حُسن الجوارأمس في 10:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 75- من دروس القران التوعوية - وجوب اخذ زمام المبادة للامة والجماعات والافراد2024-11-12, 9:29 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 74-من دروس القران التوعوية- الحقوق !!!2024-11-11, 9:37 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 34- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - التزكية والتعليم2024-11-10, 11:47 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 73-من دروس القران التوعوية - التوكل والتواكل2024-11-08, 10:09 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 17- من ذاكرة الايام - من مواقف شهامة الرجال 2024-11-07, 8:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 72- من دروس القران التوعوية- المال ...2024-11-07, 6:55 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 71-من دروس القران التوعوية-معالجات الاسلام للفقر والعوز2024-11-06, 8:20 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 70- من دروس القران التوعوية -العمل لكسب الرزق والمعاش2024-11-05, 7:44 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 69- من دروس القران التوعوية-حرب الاسلام على الفقر واسبابه2024-11-05, 8:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 68-من دروس القران التوعوية -الاسلام وحده المحقق للعبودية والاستخلاف2024-11-05, 1:35 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 33-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - مفهوم التزكية2024-11-04, 12:43 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 67- من دروس القران التوعية- الالتقاء على كلمة سواء2024-11-02, 8:30 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 66- من دروس القران التوعوية -تحقيق العدل في اوساط البشرية مهمة جمعية2024-11-02, 11:32 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » حديث الجمعة -الى متى ننتظر ؟؟!!2024-11-01, 1:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » الطائفة الناجية!!!2024-11-01, 1:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 65- من دروس القران التوعوية - كُونُوا رَبَّانِيِّينَ !!2024-10-31, 12:46 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 64- من دروس القران التوعوية - وقاية النفس من الشح2024-10-30, 2:59 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية2024-10-29, 11:10 am من طرف سها ياسر » 32-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - العقيدة العملية2024-10-29, 1:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 63- من دروس القران التوعوية- العدل والعدالة في القران2024-10-28, 8:03 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 62-من دروس القران التوعوية :الشورى2024-10-27, 6:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 61- من دروس القران التوعوية-الحذر من مؤسسات الضرار حتى لو لبست لباس شرعي2024-10-25, 9:51 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 60- من دروس القران التوعوية - اسباب النفاق2024-10-25, 5:18 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 59- من دروس القران التوعوية -العداء المستحكم في النفوس !!2024-10-24, 7:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 58- من دروس القران التوعوية - التكاليف الشرعية جاءت ضمن قدرات الانسان2024-10-23, 8:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 57- من دروس القران التوعوية - ادب الدعاة2024-10-22, 6:10 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية2024-10-21, 10:03 am من طرف سها ياسر » 56- من دروس القران التوعوية - البينة !!!2024-10-21, 4:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي » 31- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة2024-10-20, 11:58 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي |
عداد للزوار جديد | |
المتواجدون الآن ؟ | ككل هناك 586 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 586 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث لا أحد أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 752 بتاريخ 2024-09-20, 4:22 am |
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى | |
احصائيات | هذا المنتدى يتوفر على 1031 عُضو. آخر عُضو مُسجل هو Mohammed mghyem فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 66421 مساهمة في هذا المنتدى في 20322 موضوع
|
عداد زوار المنتدى |
|
|
| التّنميّة بين مفهوم تنميّة الإنسان و تنميّة الاقتصاد - سامية غشير | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
نبيل القدس ابو اسماعيل المدير العام
الجنس : عدد المساهمات : 38802 تاريخ التسجيل : 18/03/2009
| موضوع: التّنميّة بين مفهوم تنميّة الإنسان و تنميّة الاقتصاد - سامية غشير 2018-12-12, 9:36 pm | |
| التّنميّة بين مفهوم تنميّة الإنسان و تنميّة الاقتصاد سامية غشير مقدمة: تعدّ التّنميّة من المسائل الهامّة جدّا في وقتنا الحاضر، و التي احتّلت حيّزا هامّا من احتفاء الدّول و على مستوى العلاقات الدّولية و الإنسانية و يعزى ذلك للدّور الرئيس التي تؤديه في نهوض الإقتصاد العالمي و النهوض بالإنسان اجتماعيا و ثقافيّا باعتباره محور العمل التّنموّيّة لذلك سعى المفكّرون و الاقتصاديون و السّياسيون إلى رفع شعار حق بلدان العالم في التنميّة كحق مشروع للنّهوض بالحياة الاقتصاديّة و الإنسانيّة، و نلحظ اليوم المكانة التي تحظى بها على مستوى المنظمات الدّولية و حقوق الإنسان حيث أصبحت أولويّة اهتماماتهم، لكن رغم تلك الدعوات لتفعيل الحركة التنمويّة في العالم إلّا أنّ دول العالم الثالث لا تزال تعاني من جملة التخلف و ضعف التنميّة، و عجز اقتصادها على الإنتاج، إضافة إلى أشكال الاستغلال و التبعيّة. و على ضوء ما تقدّم نحاول أن نجيب عن بعض التساؤلات التّالية: ما مفهوم التّنميّة؟ و كيف تبلور هذا المفهوم؟ و ما مكانته على المستوى المحلّي و الدولي؟ و ما واقع التّنميّة الاقتصاديّة و الإنسانيّة على مستوى العالم؟ 1- تطوّر تعاريف التّنميّة: التّنميّة طريق و أسلوب في الحياة أنتهج في المجتمعات المتحضّرة و المتقدّمة حيث الاهتمام بالتّنميّة في شقيّها الماديّ الاقتصادي و الإنساني، و من الصّعب حصرها بتعريفات أو مفاهيم معيّنة " فقاموس الحياة يعني أنّ التّطوّر هو سنّة الحياة و المبتغى في هذه الحياة، و هو الوصول إلى المتاح من الإمكانيات و القدرات للوصول إلى أسمى حالة يعيش فيها الإنسان من أجل تكريمه على بقيّة الكائنات ولذلك فيعمل الإنسان على الارتقاء بكلّ مكوّنات محيطه لوضعها في خدمة رفاهيّة الإنسان، و أسمى هذه المكوّنات الحرّية طريق استثمار قدرات الإنسان الذهنية الإبداعيّة. هذا المكوّن لا يمكن استثماره إلّا عندما تتوافر العناصر المكوّنة للحريّة و الديمقراطيّة و العدالة و المساواة، عدا ذلك يصبح الكلام عن التّنميّة مجرّد استغلال مزّيف." و قد قضى الأكاديميّون فترة من الزّمن ينتقلون من مصطلح إلى آخر بحثا عن مفهوم واقعي لمصطلح التنميّة فقد تطوّر المفهوم في صياغته؛ لأنّه في الأصل موجود و لكن لم تتوافر له البيئة الحقيقيّة، فتنقلّ الباحثون و المنظرون بين مفاهيم عديدة تنحو منحى الماديّة و الكميّة. أرجع الاقتصاديون و لمدّة طويلة مصطلح التّنميّة إلى عمليات ينتج عنها نموّ اقتصادي " و بذلك يركّز الاقتصاديون على القوى الاقتصادية في تفسير و تعريف التّنميّة، و هذا التّوجه يحصر مفهوم التنميّة في نطاق ضيّق لا يتسّع لمضمون التّنميّة خاصّة في ضلّ التّعقيدات الاجتماعيّة و في مقدّمتها حقوق الإنسان في إطار العدالة و المساواة، و من هذا المنطلق توصلّ" هودر" « hodder » إلى تعريف مختصر لكنه معبّر و هو « growth wiht equity »." و من خلال هذا التّعريف نستنتج أنّ التّنميّة ترتكز على أربعة مجالات أساسة و هي: التّنميّة الاقتصادية و السيّاسيّة، الاجتماعية، البيئيّة. و لقد واكب تطوّر مفهوم التّنميّة التطوّر المعرفي و التقني و التوجه نحو العولمة، فإنّ " التّنميّة أخذت أبعادا في كلّ الاتجاهات لتغطّي مناحي حياة الإنسان، و إذا حاولنا استعراض تطوّر مفاهيم التّنميّة على مدى عقود نجد أنّها تسير في الاتجاه الذي ناقشناه، فمنذ أكثر من ثلاثة عقود أكدّ " ايلور" في كتابه (المرجع): النّمو، الأزمات و التّنميّة." أمّا " جون ميللر" فقد عرّف التنميّة بأنّها " عمليّة تحصيل الكفاية يقوم بها السكان للحصول على حاجاتهم من السّلع و الخدمات فيتم بذلك ما يتمنونه من ارتفاع بمستوى معيشة الفرد، و ما يرجون من الخير العام، إنّها عملية تنشيط فعّالة تستلزم التبدل الدائم في البنيان الاقتصادي و نظمه، و هي تتميّز بالسرعة في البلدان التي بلغت مستويات عالية نسبيا من الدخل." أمّا " كازولا " و " داري" و المعاصرين لهما فقد قاموا بصيّاغة مستقبليّة للتنميّة بقولهم: هي ظاهرة تتعلّق بالتنوّع ؛ إنّها تختصر بمؤشرات النّمو. التنميّة تغطي مجمل التّحوّلات في البنى الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و الثّقافيّة التي تواكب و تسمح بالنّمو. أمّا " فرانسوا بيرو فقال بأنّ التّنميّة " تدخل التّغييرات الذهنيّة و الاجتماعيّة لشعب ما، و تجعله جديرا بأن ينمّي بطريقة تراكميّة و مستمّرة إنتاجه الحقيقي الإجمالي. و قد شهد العالم في أواخر العشرين منعرجا حاسما في تاريخه السيّاسي بعد انحسار أحد القطبين و هو القطب الشيّوعي المتمثل في الإتحاد السوفياتي، و بروز الثورة المعلوماتية و تصاعد غزو العولمة حيث سيطرت الرأسماليّة بقيادة الولايات المتحدّة الأمريكيّة و رفعت شعار الحريّة و العالم الجديد، ظهر معيار الحريّة أساسا لمفهوم التّنميّة، هذا المعيار الذي زكّاه جميع المهتمّين بالتّنميّة، لأنّها تهدف إلى حفظ الإنسان. يقول " إماراتيا سن" الحاصل عل جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1998م في كتابه " التّنميّة هي الحرّيّة" " إنّ النّظر إلى التّنميّة على أنّها نمو الناتج المحلّي الإجمالي، أو على أنّها الزّيادة في معدّل دخل الفرد أو مساواتها بالتّصنيع أو التّقدّم التقني أو التحديث، هو فهم ضيّق للتنميّة، حيث إنّ هذه كلّها وسائل لتحقيق حريّة الإنسان بكلّ أبعادها الاجتماعيّة و السيّاسيّة، لذلك فإنّه يرى أنّ التّنميّة في معناها الشّامل تتمثّل في تحقيق حريّة أبناء المجتمع، أيّ مجتمع من الفقر و الاستبداد السيّاسي الذي يحرم الأفراد من العيش بكرامة، و يعوق قدرتهم على الإسهام الفعّال في تقدّم مجتمعاتهم." و في بداية القرن الواحد و العشرين توصلت الأمم المتحدّة إلى تعريف جديد للتنميّة في إطار مفهوم التنميّة الإنسانيّة بأنّها " عمليّة توسيع الخيارات « حيث أنّ الإنسان يوميا يمارس خيارات عديدة بعضها اجتماعي و بعضها سيّاسي، و بعضها ثقافي و البعض الآخر اقتصادي. فالإنسان هو أساس العمليّة التنمويّة و منه فالتّنميّة الإنسانيّة عمليّة و محصّلة في الوقت ذاته، فهيّ تهتم بالعمليّة التي يجري من خلالها توسيع الخيارات، و تركّز على النتائج التي تمّ تعزيزها." 2- تعريف التّنميّة في القانون الدّولي: إنّ الجمعيّة العامة للأمم المتحدة تعرّف التنمية بأنّها: " عملية اقتصاديّة و اجتماعيّة وثقافيّة و سياسيّة شاملة تستهدف التحسين المستمر الرفاهية السكان بأسرهم و الأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشطة و الحرة و الهادفة في التنمية و في التوزيع العادل للفوائد الناجمة عنه" من الواضح في هذا النّص أن تعريف التّنميّة قد أخد بمفهوم واسع لا يقتصر على الجانب الاقتصادي المعبّر عنه بزيادة الدخل و الرفاهية الاقتصادية بشكل عام . بل يتعدّاها أيضا إلى جوانب تتعدّى ما هو اقتصادي و تشمل الجوانب الاجتماعيّة و الثقافية و السّياسيّة بمعنى أنها شاملة تظم كافة المعالم الخاصة بمجتمع ما حينما تريد وصف أو تقييم أوضاعه في مرحلة ما. نسبة إلى مرحلة سابقة و تكون التنمية بدلك عملية يراد بها نفل المجتمع بأفراده و مؤسساته بل و بعلاقاته مع محيطه الدولي من مرحلة معيّنة إلى مرحلة أكثر تقدما و رفاهية في كافة شؤون الحياة و بشكل متوازن. و بعبارة أخرى فالتنمية هي " العمليّة التي بمقتضاها توجه كافة الجهود لجميع أفراد المجتمع بهدف خلق ظروف اجتماعية و اقتصادية ملائمة في المجتمعات المحلية و مساعدتها على الاندماج في حياة المجتمع و الإسهام في تقدمها بأقصى ما يمكن." من خلال هذا التعريف نستنتج أن التّنميّة عمليّة تغيير شاملة و مستمرة ترتكز على العنصر البشري باعتباره محور التّنميّة مركزّة في الوقت نفسه على حتمية التعاون والاشتراك بين جميع فئات المجتمع في وضع و تجسيد يرامح التّنميّة. 3- تعريف التّنميّة في الشّريعة الإسلاميّة: لا نجد في الشّريعة الإسلامية مشتقات من مفردات القرآن الكريم للفظ التّنميّة" غير أنّنا نجد مصطلحات و مرادفات كثيرة لها، حيث ورد منها في القرآن الكريم إحدى عشر مرادفا، بالإضافة إلى ما ورد في السّنة الصحيحة." و حينما نتأمّل في تلك المفردات التي تتصّل بمفهوم التّنميّة نتبصّر جيدّا في التّصوّر الإسلامي الذي يقوم على أساس أنّ المولى عزّ و جلّ خلق الكون و استخلف الإنسان في الأرض ليقوم بتنميته و تعميرها، مشرّعا في ذلك مفهومه التنموي القائم على تحقيق رفاهيّة الإنسان، و صون كرامته، و حفظ حقوقه المادّية و المعنويّة. و منه فالتّنميّة في الإسلام لا تنحصر في جوانب اقتصادية بحتة كما تشرّع لها بعض المجتمعات و تعريفات بعض المفكرّين و العلماء، و إنّما هي أعمق من ذلك بكثير لأنّها تلامس الجوانب الروحانيّة الجوهريّة لغاية الوجود الإنساني،" فالّتّنميّة ذات طبيعة شاملة فهيّ تتضمنّ النواحي الماديّة و الخلقيّة و الاجتماعيّة، فهي إذن نشاط يقوم على قيّم و أهداف المجتمع الإسلامي في كلّ هذه الأبعاد المختلفة و لا تقتصر الرّفاهيّة المستهدفة من التّنميّة على هذه الحياة الدّنيا؛ بل إنّها تمتد أيضا إلى الحياة الآخرة دون تعارض بين الحياتين، و هذا البعد التّنموي الإسلامي لا يوجد في المفهوم المعاصر للتّنميّة." و يتضّح جليّا من هذا التّعريف شموليّة التّنميّة التي تشمل جميع مناحي الحياة الرّاميّة لحفظ كرامة الإنسان في الأرض. إنّ الإسلام يرى أنّ التّنميّة الاقتصاديّة " إنّما هي جزء من تنميّة المجتمع كلّه بأبعادها المختلفة، فلا يقتصر الأمر على التنميّة الماديّة فحسب، و لا على الإنتاج وحده، إنّما هي عمليّة إنسانيّة تستهدف الإنسان و رقيّ الإنسان و تقدّمه ماديّا، و روحيّا، و اجتماعيّا، و سلوكياّ. فهيّ عمليّة شاملة، تتناول كلّ مقوّمات الحياة الإنسانيّة و إن كان الجانب الاقتصادي في حدّ ذاته يحتل مكانة مهمّة في ذلك كما سنرى لاحقا." إنّ نظريات التنميّة المهيمنة في عصرنا هذا تقتصر على إشباع الحاجات المادّية الاقتصادية للإنسان، و هذا ما أدّى إلى تفريغ الإنسان من جوهره الرّوحاني و هو عبادة اللّه سبحانه و تعالى و السّعي إلى تحقيق مرضاته بجميع السبل أخلاقيّا، مادّيا، اقتصاديّا، و هذا لا شك يخالف توجهّات كثير من علماء " علماء الاجتماع و الاقتصاد المستنيرين الذين يهتمّون بدراسة مشكلات التنميّة إذ لا يقتصرون على المعايير الاقتصاديّة وحدها، و إنّما يعطون جانبا كبيرا من اهتمامهم للمعايير الاجتماعيّة و السّكانيّة." 4- الفرق بين النّمو و التّنميّة: يخطأ الكثيرون في التّمييز بين مصطلحي النّمو و التّنميّة، حيث غالبا ما يوظفانّها في سياق واحد، و نحاول التفرقة بينهما أخذا بآراء المفكرين الاجتماعيين . ميّز المفكّر(schumpeter) في كتابه« The Theory of Economic Developement بين مصطلحي النّمو و التنميّة، فالنمو هو تبدّل في نسبة تزايد الدخل نتيجة " التدفق الدائري" لعوامل و موارد الإنتاج المتاحة، أي دون حصول أي تحوّلات سياسية خارج النطاق الاقتصادي، أمّا التّنميّة فهيّ تتحقق نتيجة تحوّلات تتصّل بالديمقراطيّة و الزيادة الاقتصادية، و الإطار السيّاسي و العوامل الثّقافيّة و الاجتماعيّة إلى جانب التّحولّات الاقتصاديّة / التقنيّة، و ضمن هذا المفهوم تصبح التّنميّة عمليّة تبدّل أو تحوّل مجتمعي و بنيويّ و سلكي واسع النطاق و متعدّد الجهات." و قد ميّز بينهما " غورال ميردال" في قوله: " أنّ التّمييز بين التّنميّة و النّمو يؤدي إلى القول بأنّ الناتج القومي الإجمالي يقيس فقط نمو الإنتاج. في حين أنّ التّنميّة تمثّل زمرة أخرى أوسع. يجب أن نتصوّر التّنميّة و كأنّها أكثر من زيادة الإنتاج مفترضين دوما أن نحسب و نعرف على وجه صحيح هذا المفهوم الأخير. إنّي أفهم التّنمية كحركة نحو قمّة النظام الاجتماعي كلّه، و بعبارة أخرى أنّها لا تشمل الإنتاج و توزيع الناتج و طرائق الإنتاج فحسب، بل مستويات العيش أيضا و المؤسّسات و التّصرفات و السّياسات، إنّ بين جميع عوامل هذا النظام الاجتماعي علاقات ذات تأثير متبادل." 5- مسألة الحق في التنمية في القانون الدّولي: تعدّ التّنمية مطلبا إنسانيّا ساميّا و قضيّة كبرى من قضايا العصر على المستوى المحلّي أو الدّولي شغلت بال المفكّرين و علماء الاجتماع و الاقتصاد، و نال حظه من الاهتمام لدى دول السائرة في طريق النّمو لعلّها تسير في ركب التّنمية و تلحق بالدّول المتقدّمة، و أضحى الإهتمام بالتّنميّة في جانبيها الإنساني و الاقتصادي محلّ اهتمام المنظمات الدّولية و القانون الدّولي لحقوق الإنسان. - تطوّر الحقّ في التّنميّة على المستوى الفقهي: لقد أدّى الفقه كمصدر رئيس دورا بالغ الأهميّة في بلورة الحقّ في التّنميّة في العالم " و قد برزت أهميّته بسبب التداخل الكبير بين العالم الأكاديمي و عالم السيّاسّة و الدبلوماسية فعدد من الفقهاء كانت لهم إسهامات نظريّة في المحافل الدّوليّة، و لكنّهم دفعوا أيضا بفكرة الحقّ في التنميّة كمسؤولين في دولهم و كدبلوماسيين في المنظمات الدّوليّة." لقد برزت فكرت الحقّ في التنميّة من قبل كثير من المفكريّن و الاقتصاديين و السّياسيين الذين رفعوا شعار حق بلدان العالم في التنميّة كحق مشروع للنّهوض بالحياة الاقتصاديّة و الإنسانيّة في تلك الأوطان التي ذاقت ويلات الاستعمار الذي ألحق أقسى الأضرار المادّية و النّفسيّة بالدّول المستعمرة من سلب و نهب لثرواته و خيراته و حقوقه بطرق غير مشروعة " و قد كان المنحنى الذي أخذه النقاش على مستوى الفقهاء القانونيين بعد ذلك يهدف إلى إلحاق الحقّ في التّنميّة بحقوق الإنسان و الشّعوب على مستوى الفقهاء القانونيين بعد ذلك يهدف إلى لإلحاق الحق في التّنميّة بحقوق الإنسان و الشّعوب على مستوى القانون الدّولي عبر مواثيق دقيقة توضّح محتوى الحق و المعنيين به و الملزمين بضمانه. و أهمتحدّي تناوله النقاش في هذا المجال هو كيفيّة تحقيق التوازن بين الدّعوة لحقوق الشّعوب من جهة كشرط أساسي للتنميّة، و الدّعوة لحقوق الأفراد من جهة أخرى كضرورة مؤكدة لضمان كرامة و حقوق الإنسان." و تعزى أوّل مبادرة للدّعوة إلى الحقّ في التّنميّة لعدد من الفقهاء في سبعينيّات القرن الماضي على رأسهم فقيهين كبيرين هما السنغالي " كيبا مباي" و التشيكي- الفرنسي " كارل فاسال" حيث تميّزت طروحات الأوّل " بتركيزه على البعد الدّولي للحقّ في التنميّة عبر مشاركاته النّاجحة في عدد من المحافل المهمّة منها درسه الافتتاحي الذي ألقاه في المعهد الدّولي لحقوق الإنسان باستراسبورغ سنة1972 حول (( الحقّ في التّنمييّة كحق من حقوق الإنسان)) سنة 1997 كرئيس للجنة الدّولية للحقوقيين، و مشاركته في ندوتي لاهاي الأولى سنة 1979 حول (( الأبعاد الدّولية للحقّ في التّنميّة))، و الثّانيّة سنة 1981 حول (( التّنميّة: حقوق الإنسان و قاعدة القانون)) و كان " كيبا مباي" يرمي من خلال مداخلاته للدّفاع عن حقوق بلدان العالم الثالث و حقّهم في العيش، و رفع مستوى الحياة، ما ركزّ أيضا على البعد الدّولي في التّنميّة من خلال دعوة الدّول المتقدّمة إلى تعويض الدّول المتخلّفة عن الاستغلال و الهيمنة التي تعرضت إليه باعتبارها المسؤولة عن ما حلّ بها من انهيار و ضعف التّنميّة و النمو. و أمّا " كارل فاساك" فيعود له الفضل في بلورة مفهوم الحق في التّنميّة في العالم عبر المنظمات العالميّة و المؤسسات الأكاديمية خاصّة منظمّة اليونيسكو حيث طرح مفهوما أشمل و أوسع للتّنميّة الإنسانيّة " فقد إقترح فاساك سنة 1977 قبيل تخليد الذكرى الثلاثين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان و في أفق الذكرى المائتين للثّورة الفرنسيّة طائفة جديدة من الحقوق معتبرا أنّ أفضل تخليد لهذه الذكرى هو إعداد ميثاق جديد لحقوق التضامن، و هيّ الحق في السّلم، و الحقّ في التّنميّة، و الحقّ في بيئة سليمة و الحقّ في التراث المشترك للبشريّة، و قد اعتبر" فاساك" من خلال أطروحاته هذه بأنّه هو من وراء مكسب الإعلان العالمي." و بالإضافة إلى إسهامات هذين الفقيهين الذين وضعا اللبنات الأساسة لقانون التنميّة في العالم نلحظ إسهامات مفكرّين آخرين الذين أثروا العالم بمناقشات جادّة حول التّنميّة و منهم " الأب " ليبرت" الذي دعا في بداية ستينات القرن الماضي إلى وضع أخلاق للتنميّة تؤسّس عليها مدوّنة للتنميّة، و كذلك الفقيه الجزائري "محمّد بجاوي" الذين ممن دعوا في وقت مبكّر سنة 1978 إلى إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد، حيث اعتبر أنّ " الدّولة باعتبارها هي الأفضل استعدادا لضمان الحقّ لمواطنيها ستجد نفسها في مأزق عندما يكون المحيط الدولي معرقلا لاندفاعها نحو التّنميّة بسبب لعبة مختلف الآليّات التي من ضمنها التّقسيم الدّولي و الاجتماعي دون تدخل خارجي و سيادته الدائمة على ثرواته الطّبيعيّة و حقّه في التعويض عن المظالم السّابقة..."" و من المفكرّين الذين سعوا إلى تعزيز فكرة نظام اقتصادي عالمي جديد نجد الفقيه الألماني " ثيو فان بوفن" "Theo Van Boven" من خلال دفعه داخل الأمم المتحدّة بصفته مديرا لقسم حقوق الإنسان في نهاية السبعينيّات و حتى أوائل الثمانينيّات الماضيّة بفكرة المقترب البنيوي لحقوق الإنسان الذي يندرج ضمنه الحقّ في التّنميّة حيث ألحّ في مساهماته و منها درسه الذي ألقاه بالمعهد الدّولي لحقوق الإنسان باستراسبورغ حول الحق في التّنميّة سنة 1979 و الذي ذكر فيه أنّ النظام الاقتصادي العالمي الجديد يعدّ ضروريّا و لكنّه غير كاف ما لم يرفق بنظام إنساني و اجتماعي داخلي و دولي، مشيرا إلى ضرورة دمج حقوق الإنسان في العلاقات الاقتصاديّة و السيّاسيّة الدّوليّة، و إلى الدّور الأساسي الذي يجب أن تلعبه المنظمات ." و من المحاولات الناجعة لتكرس مبدأ الحق في التّنميّة في القانون الدّولي نجد مبادرات الفرنسي " فيليب ألستن" “ Philip Alston”الذي اعتبر في أحد منتديات لاهاي سنة 1979 بأنّ هذا المسار سيؤذي إلى خطوة ثانيّة في برنامج تصفيّة الاستعمار من خلال رفع الاختلال بين الشمال و الجنوب، و يتيح الجمع بين مجالين لعمل الأمم المتحدّة (التّنميّة و حقوق الإنسان) بقيا يعملان منفصلين حتّى اليوم، و يكمّن من زرع مكوّن أخلاقي قوّي في تحليل العلاقات الدّوليّة." و يمكن القول أنّ اجتهادات هؤلاء الفقهاء ساهم في وضع الدعائم و المرتكزات لتبنّي مبدأ الحقّ في التّنميّة في العالم - تطوّر الحقّ في التّنميّة على مستوى المنظمّات الدّوليّة: يعتبر تاريخ 21 فبراير 1977 أوّل خطوة لتجسيد مبدأ حق الشعوب في التّنميّة في القانون الدولي بعد قرار لجنة حقوق الإنسان الذي " أوصت بموجبه المجلس الاقتصادي الاجتماعي أن يدعو الأمين العام للأمم المتحدّة بالتعاون مع اليونسكو و المنظمات المتخصّصة الأخرى إلى القيام بدراسة حول الأبعاد الدوليّة للحق في التّنميّة كحق من حقوق الإنسان مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات النظام الاقتصادي العالمي الجديد و الحاجات الإنسانيّة الأساسة." و قد صادق المجلس الاقتصادي والاجتماعي 13 ماي 1977 على هده التوصية ,واستحبت الأمانة العامة فأصدرت بتاريخ 11 ديسمبر 1978 تقريرا حول الأبعاد الدولية للحق في التنمية ثم أكملته بتقريرين حول الأبعاد الجهويّة و الوطنية للحق في التنمية في 13 نوفمبر 1980 و ديسمبر1981 وقي11 مارس 1981 اتخذت اللجنة قرار إنشاء فريق عمل حكومي حول الحق في التنمية , اتخذ بأغلبية 40 صوتا ضد صوت واحد للولايات المتحدة الأمريكية و امتناع دولتين عن التصويت هما ألمانيا الغربية و بريطانيا ,ونشكل الفريق من 15 خبيرا حكوميا على أساس جغرافي متوازن . بدا الفريق أشغاله في 1981 ووصلت جلسات عمله تسع دورات إلى غاية 1984 و في آخر دورة تبنى الفريق تقريرا رفعه إلى لجنة حقوق الإنسان التي رفعته بدورها للجمعية العامة عن طريق الأمانة العامة. و في 4 ديسمبر 1986 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الواحد والأربعين القرار 128 /41 المسمى إعلان الحق في التنمية بأغلبية 146 صوتا ضد صوت واحد هو الولايات المتحدة الأمريكية وامتناع ثمانية دول عن التصويت هي الدنمرك , فلندة , ألمانيا الغربية , أيسلندا , ايرلندا , إسرائيل اليابان , السويد , و المملكة المتحدة. بعد هذا الإعلان أخذ الحقّ في التنمية يأخذ مجالا أوسع في القانون الدولي مع مرور الأيام فصدرت إعلانات أخرى كثيرة لها صلة بالإعلان العالمي للحق في التنمية على غرار " إعلان "ربو" بشأن البيئة و التنمية المؤرخ في 14, 3 يونيو جوان 1992 بريو دي جانيرو، و إعلان برنامج عمل فيينا في 25 يونيو /جوان 1993، وبرنامج العمل الدولي للسكان و التنمية ,مؤتمر 13سبتمبر 1994 و إعلان كوبنهاجن بشان التنمية الاجتماعية .وبرنامج و عمل مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية 12 أدار/ مارس 1995 ,و إعلان بيجين 15 أيلول /سبتمبر 1995 الخاص بالمرأة و إعلان اسطنبول بشان المستوطنات البشرية 14 جوان /يونيو 1996."
- الحقّ في التّنميّة محور من محاور حقوق الإنسان: يعدّ الإنسان هو محور التنمية و يكون ذلك بضمان كرامته و ضمان حقوقها الأساسيّة " فلذلك نجد أنّ المادّة السّادسة من إعلان الحقّ في التنمية تتحدث عن ضرورة الاحترام العالمي لحقوق الإنسان, مبينة قي الوقت نفسه الصلة القائمة بين حقوق الإنسان و الحق في التنمية و لعل الهدف من إعلان الحق في التنمية هو الهدف نفسه الذي تسعى إليه منظمة الأمم المتحدة من خلال الإعلانات و المؤتمرات و النوادي ,و الاتفاقيات التي تنظمها في هدا الإطار." و عليه يمكن استخلاص جملة من المعاني المشتركة بين إعلان الحق في التنمية و بين إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان , كونهما يركزان على الجانب الدولي في تعزيز و تدعيم حقوق الإنسان و حرياته الأساسية . و التّمتع بثمار التنمية بين كافة الناس و كافة الشعوب, مع مراعاة أهمية هدا العامل في التعاون بين الدول لضمان تنمية حقيقية. إنّ الحق في التنميّة يندمج مع بقية الحقوق و الحريات و لا يمكن فصل أحدهما عن الأخر باعتبار أنّ التنميّة ذات جوانب متعدّدة و لا يمكن قصر الحق في التّنميّة على حقوق الإنسان الاقتصاديّة و الاجتماعية و الثقافية و لكن لا بد إن يشمل الحقوق المدنية و حتى السيّاسيّة. و يبقى تفعيل الدور الدولي من قبل الدول لإزالة العقبات التي تقف في وجه التّنميّة و الّربط بين الحقوق جميعها بما فيها الحق في التّنميّة " يكمن في حقيقته تصدّي و مواجهة الاعتداء والتمييز و تقول مقدمة الإعلان في هدا الصدد تضع الأمم المتحدة في اعتبارها الالتزام الواقع على الدول بموجب الميثاق بتعزيز الاحترام و مراعاة الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية للجميع دون تمييز من إي نوع كالتمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الأدب أو الدّين الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكيّة ...أو المولد أو غير ذلك من الأوضاع ..." 6- واقع التّنمية في الاقتصاديّة و الإنسانيّة في العالم: - على مستوى العالم: إنّ المتمعّن في الواقع الاقتصادي و الاجتماعي الذّي يسود العالم خلال الحقب الزّمنيّة المتلاحقة يلحظ حقائق مهمّة نذكر منها. " * تمركز الثّروة العالميّة في عدد محدود من البلدان. * تعميق الفوارق الموجودة بين البلدان الغنيّة و الفقيرة إلى درجة 60.62 من سكان العالم لا يحصلون إلّا على نسبة 5.15% من المداخيل. * عدم ملائمة النظريات التّنمويّة التقليديّة مع واقع البلدان الفقيرة، و هذه النظريات المبنيّة على اقتصاد السّوق و اقتصاد الطبقات الاجتماعيّة المحرومة من الاستفادة من نتائج النّمو الاقتصادي، و في كثير من الأحيان تؤدي إلى الافتقار بالنسبة إلى السّكان." و لعلّ الأسباب المؤدية إلى ذلك هيمنة النظام الرأسمالي الذي أصبح أداة في أيدي الأثرياء الذين يزدادون ثراء فاحشا و يهيمنون على مصادر تمويل المواد الأوليّة و وسائل الإنتاج على الصّعيد العالمي مقابل تنامي عدد الفقراء ممّا زاد الهوّة بين الدّول المتقدّمة و المتخلّفة، فانتشرت ظاهرة المجاعات بشكل رهيب جدّا في دول إفريقيا و أمريكا اللاتينية، إضافة إلى انتشار الأمراض المزمنة كالسلّ و السّيدا الملاريا، الأنيميا و غيرها. إنّ النظام الاقتصادي الدّولي يتغذّى على جذور الفقر البشري و العمل الرّخيص ممّا ساهم في ارتفاع نسبة البطالة حتى في البلدان المتقدّمة ناهيك عن الدّول المتخلفة، حيث ساد الفقر في كلّ مكان " و حسبما تقول منظمة العمل الدوليّة يعاني من البطالة العالمية من البشر أي ما يقارب من ثلث قوى العمل العالميّة." إضافة إلى " إعادة الهيكلة الاقتصاديّة انقسامات عميقة بين القوميات و الطبقات الاجتماعيّة و المجموعات العرقيّة، و داخل البلدان تقسّم سوق العمل و تخلق انقسامات اجتماعيّة بين العمال البيض و السّود، و بين العاملين و العاطلين جزئيا، و العاطلين." و لقد أدّت ظاهرة العولمة التي شاعت في العالم حيث بدأت في المجال الاقتصادي و سبّبت خللا في الهيكلة الاقتصاديّة العالميّة بحيث استطاعت الشركات العملاقة المتعدّدة الجنسيّات أن تعولم الإنتاج كما سبق و أن عولمت السّوق بحيث" أثرت العولمة على التّنميّة الاقتصاديّة و الاجتماعيّة في العالم إذ أصبح انتشار الفقر بين الأكثريّة و التزايد الدراماتيكي لانعدام المساواة الاقتصاديّة و الاجتماعيّة في ظل العولمة و تفاقم البؤس الإنساني ظاهرة عالميّة. - على المستوى الوطني الجزائري: * عراقيل إعمال الحق في التنميّة : لقد اتضح جليا مسؤولية السياسة الدوليّة في إهدار الحق في التنميّة غير أنّ هذا لا يجعلنا نغفل عن مسؤولية الدول داخل أوطانها و نعنى بدلك دول الأقطار المتخلفة التي تسببت سياستها في تكريس التبعية للدول الكبرى و دلك من خلال فساد حكمها وعدم وضع خطط لاستغلال ثرواتها و تحقيق التنمية على المدى الطويل و قمعها للحريات وتبعيتها للدول الكبرى " فلا هي حققت التنميّة الاقتصاديّة، و لا هي ضمنت الحريّات السيّاسيّة، و لا هي صانت الاستقلال الوطني، و لا هي استطاعت التعامل مع التعدّديّة الاجتماعيّة و الثقافيّة." فالدّول في العالم الثالث هي المسؤولة عن ضعف تنميتها و يعزى ذلك بالدرجة الأولى لأسباب سياسيّة " إنّ الدّول المتخلفة تتحمّل مسؤولية إهدار إعمال التّنميّة في أوطانها بسبب فساد حكمها و عدم وضعها خططا تمكنها من استغلال ثرواتها و تحقيق التّنميّة على المدى المتوسط و البعيد، و بسبب قمعها للحرّيات و حقوق الإنسان و ارتباط بعض نخبها بالقوى الدّوليّة الكبرى التي تستغل ثروات بلدها." و تتمثّل تلك العراقيل في الصعوبات التي تواجهها على مستوى التّنميّة الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و الإنسانيّة " و تعدّ دراسة عراقيل الحقّ في التنميّة على المستوى الوطني أساسيّة لعدّة اعتبارات، مسلسل من المفروض أن يتّم داخليّا بالاعتماد على الإمكانيات الذّاتية، و من الناحيّة القانونيّة و السيّاسيّة فهيّ تعدّ المسؤوليّة الأولى لأيّة حكومة إزاء شعبها، و من الناحيّة الثقافيّة فهي تسمح من خلال حق كل شعب في اختيار نموذجه بتعدّد الثقافات و التجارب." و تشير الأرقام حول الاقتصاد الجزائري يعاني من العجز الذي أثر على حالة النمو و التنميّة في البلاد " حيث كشف تقرير حديث لصندوق النقد الدولي مؤشرات مقلقة بخصوص الوضع الاقتصادي العام للبلاد حيث تحدث عن ارتفاع في نسبة البطالة و التضخم و استمرار عجز الميزان التجاري و ميزان الحسابات الجاريّة بنسب سلبيّة عند حدوث 17 بالمائة للأولى و 15 بالمائة للثانية، تقرير الصندوق الدولي الثاني خلال السنة الجاريّة جاء أقلّ سوداويّة عن ذاك التقرير الذي كشف عنه أفريل الماضي أبقى على سيناريو الخطر الذي يخيّم على الوضع الاقتصادي للبلاد حتى و إن نموا اقتصاديّا للجزائر عند نسبة 3 في المائة خلال 2016 مقابل نسبة نمو لم تتجاوز 3.8 في المائة خلال السنة الماضية." و المتتّبع للاقتصاد الجزائري يلحظ حالة الرداءة التي أصبحت سمة بارزة فيه، إضافة إلى محدودية آدائه و الاختلالات التي تعتريه و جعلت منه اقتصادا عاجزا مشلولا فكفيلة هي المؤشرات التي توحي بالعجز التنموي في بلادنا في شتّى المجلات و ذلك يرجع للإدارة الجزائريّة التي فشلت في إنتاج اقتصاد تنافس به السوق العالميّة " فتظهر حجم المأساة التنظيمية و تفسخها، و مدى تضييع فرص و طاقات مجتمع بأكمله، فأزمتنا اليوم لا تتعلّق بأسعار البترول ارتفاعا و نزولا، أو تراجع مجتمع مداخيلنا منه و لا يتصل بحظ عاثر يتبعنا، بقدر ما هو غياب لقراءة الخيارات و البدائل و فشل للنظام الإداري الضرير إنّ عدم وجود بينيات كبيرة إحصائيا و عالية آدائيا تمكننا من قياس ثراء تبادلات قطاعاتنا الاقتصاديّة المحلية، تلك العمليّات المتشابكة و تساهم بفعاليّة في الدخل القومي." خاتمة: في الأخير نستخلص أهم النتائج: - التّنميّة طريق و أسلوب لحياة النّاس، أنتهج في المجتمعات المتقدّمة قصد النهوض بالتّنميّة في جميع المجالات اقتصاديا، اجتماعيّا، ثقافيّا، غير أنّه لم يفعّل بطريقة إيجابيّة في الدّول المتخلّفة التي لا تزال تعاني عراقيل في النهوض بتنميتها و يعزى ذلك لأسباب عديدة منها التبعيّة و الاستغلال، و عجز اقتصادها تدنّي الحياة الاجتماعيّة و الفكريّة. - تعدّ التّنمية مطلبا إنسانيّا ساميّا و قضيّة كبرى من قضايا العصر على المستوى المحلّي أو الدّولي شغلت بال المفكّرين و علماء الاجتماع و الاقتصاد، لذلك عملوا على تفعيلها و تشريعها، حيث أضحت أولويّة انشغالاتهم و نقاشاتهم قصد الرّقي بالاقتصاد العالمي و تنميته و تطويره. - يتميّز الاقتصاد العالمي بالهوّة بين بلدان أوروبا و أمريكا و بلدان العالم الثالث حيث نلحظ إزدهار اقتصادها بشكل ملفت للانتباه، في حين بلدان العالم الثالث تعاني من الشلل الاقتصادي و ضعف الإنتاج و ضعف الإدارة الاقتصاديّة و هذا ما نلحظه في الجزائر التي تعيش وضعا اقتصاديا مزريا بسبب تراجع أسعار البترول، و ضعف التسيير الإداري للاقتصاد الجزائري. *الاحالات و الهوامش: - عبد الرسول علي الموسي: التنمية في القفص، دار الفكر، سوريا، ط1، 2008، ص39. المرجع نفسه، ص40. - - المرجع نفسه، ص41. - المرجع نفسه 42. - المرجع نفسه، ص43 - المرجع نفسه، ص43. - عبد الرزاق مقري، مشكلات التنمية و البيئية و العلاقات الدولية، دار الخلدونية، الجزائر، دط، 2008، ص148. - المرجع نفسه، ص148. - جمال محمّد أحمد عبده، دور المنهج الإسلامي في تنمية الموارد البشريّة، دار الفرقان، لبنان، ط1، 1984، ص277. - محمّد عبد المنعم نصر، الاقتصاد الإسلامي، دار البيان العربي، السعودية، ط1، 1985، ج1، ص295. - حسن صادق عبد اللّه، السلك الإداري و مرتكزات التنميّة في الإسلام، دار الهدى، الجزائر، ط2، 1992، ص100. - صبحي محمّد قنوص: أزمة التنميّة، الدار الجماهيرية، ليبيا، دط، 1992، 286. - عبد الرسول علي الموسي: التنمية في القفص، ص41. - المرجع نفسه، ص43. - عبد العزيز النويضي:الحق في التنمية بين القانون الدولي و العلاقات الدولية، مطبعة النجاح الجديدة، المغرب ، دط، 1998،ص.11 - عبد الرزاق مقري، مشكلات التنمية و البيئية و العلاقات الدوليّة ، ص138. - المرجع نفسه، ص139. - المرجع نفسه، ص140. - المرجع نفسه، ص141. المرجع نفسه، ص141. المرجع نفسه، ص142.- - المرجع نفسه، ص146. -www.un.org /ga/52/36.htm.29.02.2004. عبد الرزاق مقري، مشكلات التنمية و البيئية و العلاقات الدوليّة، ص151. - - المرجع نفسه، ص150. - عبد الحميد براهيمي: مركز العدالة الاجتماعيّة و التنميّة في الإسلام، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروتن ط1، 1997، ص128. - ميشيل تشوسو دوفيسكي: عولمة الفقر، ترجمة محمد مستجير- مصطفى وهبي، إصدارات سطور، القاهرة، دط، 2000، ص310. - المرجع نفسه، ًص310. 29- محي الدين هلال: إشكاليّة الدولة و الديمقراطية في العالم الثالث (أزمة الديمقراطية في الوطن العربي)، منشورات مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، دط، 1984، ص49. - عبد الرزاق مقري، مشكلات التنمية و البيئية و العلاقات الدوليّة، ص164. - عبد العزيز النويضي، ص226. 32- جريدة الشروق اليومي، الأفامي: ارتفاع نسبة البطالة و استمرا العجز و عودة التضخم في الجزائر، الأربعاء 07 أكتوبر 2015، العدد 4879 ،ص5. - محمّد يبرير: اقتصادنا محنة إدارية، جريدة الخبر اليومي، الجزائر، الجمعة 21 أكتوبر 2015، العدد 7928، ص14. | |
| | | | التّنميّة بين مفهوم تنميّة الإنسان و تنميّة الاقتصاد - سامية غشير | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |