البينة الدامغة في اختصاص قريش بالامامة
روى الامام مسلم في صحيحه ان النبي صلى الله عليه واله وصحبه قال: (إن الله اصطفى بني كنانة من بني اسماعيل، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بن هاشم، واصطفاني من بني هاشم) .
وفي رواية لأحمد والترمذي وقال: حسن صحيح غريب: (إن الله اصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بن هاشم، واصطفاني من بني هاشم) .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: “الناس تبع لقريش” متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام: “إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه، ما أقاموا الدين” رواه البخاري.
وفي الصحيحين انه صلى الله عليه واله وسلم قال: (الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم، والناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) .
وقال صلى الله عليه وسلم: “اللهم أذقت أول قريش نكالاً، فأذق آخرهم نوالاً” رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح غريب.
قال الإمام النووي عليه رحمة الله: (هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة، فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم -أي: ومن خالف في هذا الأمر وخالف في هذا الإجماع فإنه من أهل البدع- فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة.).
وقال القاضي عياض -: (اشتراط كونه قرشياً هو مذهب العلماء كافة).
وهنا نقول ان الله تعالى يختص برحمته من يشاء ويصطفي من عباده من يشاء وأما الحديث
لافضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى) : فالمراد منه المساواة في الحقوق والواجبات امام التشريع و القضاء حيث يكون الناس سواسي كاسنان المشط ، لا في الفضائل والمناقب والمراتب. لأنّ المساواة المعتبرة بينهم هي المساواة في الحقوق والواجبات والتشريع لاالمساواة في الرزق والمال والفضائل والمناقب،والمراتب.
فالله سبحانه وتعالى خلق العالم وأحسن خلقه وإبداعه، ونظم التفاوت بين الأفراد، وصرّح بتفضيله بين الناس في مناحي الحياة المختلفة، قال تعالى: [[أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُون]] وقال أيضاً: { والله فضل بعضكم على بعض في الرزق } بل قد فضلّ الرسل بعضهم على بعض قال تعالى: ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) فتفاوتُ الناس في المنزلة والدرجة والرزق سنة الله التي لا تبديل فيها.والله في سنة الاصطفاء والاجتباء يصطفي ويختار من يشاء وما يشاء من عباده ومن خلقه منةً منه، والاصطفاء في اللغة يعني خلوص الشيء وصفاءه ونقاءه...
وجاء مفهوم الاصطفاء في القرآن الكريم بنفس المعنى اللغوي مع مزيد عناية إلهية بالمصطفين فأضاف مع الاصطفاء لفظ الطهارة و الخيرة والصلاح وغيرها ممّا يدل على الاهتمام والتأكيد بالمصطفين لأجل غاية ما.
قال تعالى: (وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ)(البقرة130) . وقال عز وجل في مريم الطاهرة: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)(ال عمران 42) . وقوله تعالى: (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ)(ص47) . وقوله تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى) وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(آل عمران: 34 ـ 33.). وقال تعالى عن لسان داود في اختيار طالوت ملكاً: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ)(البقرة 246) وقوله تعالى في مخاطبة نبيّه موسى (عليه السلام): (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آَتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)(الاعراف144)
وغيرها من الآيات الكريمة التي ورد فيها غير لفظ الاصطفاء، كالاختيار في قوله تعالى: (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى)(طه41) ، والاصطناع في قوله تعالى: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)(طه41) ، والامتنان في قوله تعالى: (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(ابراهيم 11) فإن هذه الآيات الكريمة تنبئ وتخبر عن إرادة ربّانية في اختيار الأمثل من البشر؛ وذلك من أجل غاية عظيمة تسهم في تكامل البشرية، وتحقق لهم السعادة في الدارين، ألا وهي حمل مسؤولية تبليغ الرسالة الإلهية، ولذا لم تشمل عملية الاختيار والاصطفاء الجهال من الناس ولا اراذلهم لا افرادا ولا جماعات. بل ان هناك سنة الاستبدال التي سبق وان تحدثنا عنها في مقام سابق كاستبدال بني يعقوب ببني اسماعيل لوراثة النبوة ومهمات الرسالة فكانت قريش صاحبة هذا الشرف العظيم ولا يزال فيها ان شاء الله الى يوم الدين،فنقول للناس لا تحسدوا الناس ما اتاهم الله من فضله ، قال بن حجر الهيثمي في كتابه مبلغ الارب في فخر العرب:- وصح خبر: (إن الرجل من قريش قوة رجلين من غير قريش) أي من حيث الرأي، قاله الزهرى.
وفي حديث حسن: (أيها الناس لا تقدموا قريشا فتهلكوا، ولا تتخلفوا عنها فتضلوا، ولا تعلموها، وتعلموا منها فإنهم أعلم منكم، لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لها عند الله) اه. . فلا يستقيم هذا الامر ولا يصلح الا بقريش ومن اراد اصلاح امر الامة فلينقاد لقرشي عربي الطبع واللسان مؤمن متبع لهدي القران فالدين بدأ بقريش وسيعود بعد غربته في قريش وبها واهل عترة النبي وال بيته الاطهار، وهم اولى من نهض بها وقام لها....
وراجعوا فقهكم واحكام شريعتكم وايات كتابكم واحاديث نبيكم قبل فوات الاوان وقبل ان تجري عليكم سنن الاولين فتصبحوا من المستبدلين، واتعظوا من فشلكم فيما مضى من السنين وما وصلتم اليه من حال لا تسر الا اعداء الامة والدين، اللهم اشهد اني قد انذرت وبلغت واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.