تأملات فلسفية
لمحة من (الشيفرة الكونية)
عاشت الفلسفة أزمة تاريخية و ما زالت و ستبقى هذه الأزمة قائمة ما دام النظام الاجتماعي المعاصر على حالة , نظام الربح و الاستهلاك, تحرر الفلسفة يعني تحرر البنية الفكرية الاجتماعية من قيودها , تحررها و عودتها إلى الصدارة,, صدارة الفكر الإنساني و أساسه و ليس أداةً تصنعها الادلجة السياسية أو الدينية أو غيرها, فالفلسفة هي المصوب الفكري و الفانوس السحري الذي يضيء الطريق أمام الأفكار الإنسانية و النشاط الإنساني برمته.
إن ما نحن بحاجة إليه اليوم هو أولوية فك قيد الفكر الإنساني و تحريره من قفصه و أطلاقه من جديد ليتصدر دوره في بناء واستشراف المستقبل للبشرية فبدون الفكر العلمي الحر, البعيد عن الادلجة و التضليل و التصنيع, لا يمكن الوصول إلى الحقائق كما هي عليه, و لهذا عدنا إلى التاريخ و العلم و علم الآثار على وجه الخصوص و عدنا إلى أقدم المراجع الفكرية الفنية و الأثرية و الفلسفية الأدبية لإعادة فهمنا للفلسفة و إعادة صياغة ما لم تشمله في طياتها.
و الأهم من ذلك كله كسر قيد الفلسفة و إعادة اعتبارها كأساس للفكر الإنساني و مصدراً مكملاً و مقدماً رؤية واضحة لهذا الفكر بدل الغموض و الرعب التي يعيشه الإنسان الضال فكرياً و فلسفياً, فالجهل يعني الضلال و عدم وضوح الرؤية و هذا يؤدي إلى الرعب و الانعزال و الانغلاق بل والتطرف أيضاً.
إن الضائقة التي مرت بها الفلسفة عبر التاريخ قد أوصلتها إلى أن تصبح لعبة في أيدي العلوم و الأفكار الأخرى بعد أن أطلق عليها في مرحلة من المراحل(علم العلوم) وعلى الفلسفة أن تعيد اعتبارها و مكانتها و دورها و مكانها بين بقية العلوم و أن تشكل البوصلة الحقيقية التي بدونها سيبقي الإنسان يعيش حالة من عمى البصيرة و الضلال.
إن تحرر الفكر الإنساني يشكل أساس هام لتحقيق التحرر الاقتصادي والسياسي و ليس بالإمكان تحقيق التحرر دون الفكر الحر و المعرفة التي من خلالها تتمكن الأحزاب و الطبقات المتصارعة من وضع خططها ورؤيتها للمستقبل, مع الأخذ بعين الاعتبار دوماً بترك الفلسفة و حالها بعيداً عن الادلجة و السياسة و الدين أي خارج نطاق سيطرت هذه عليها.
و سنقدم دلائلنا الملموسة التي تثبت أن الفلسفة قد أدلجت كعلم و وصل هذا إلى حد عزل الكثير من المعلومات و إبعادها عن الفلسفة لأسباب.
أيديولوجية, أما الماركسية تحديداً فقد حولت الفلسفة ذاتها إلى أيديولوجية سياسية بكل صراحة ووضوح, مما أدخلها في الجمود العقائدي و حولها إلى قوالب يسكب الواقع بها بدلاً من أن تكون مستخلصة و مستنتجة من الواقع ذاته و ليس عن مراجع عنه.
إن أهم ما علينا القيام به أمام هذا الواقع المعقد المشحون بلازمات, هو النظر إلى الواقع كما هو عليه بكل شفافية محاولين الكشف عن صلب الحقائق و صياغتها كما هي في الواقع و ليس كما يحلوا لنا, أو لما تأثرنا به من أفكار موروثة قد تكون مسمومة و متأثرة بسموم الادلجة و مفاهيمها, إن قوانين الفلسفة بحد ذاتها لا بد من إعادة قراءتها من جديد و النظر إلى فعلها في الواقع و أولويات هذا الفعل حيث يمكننا هذا من الرؤية الصافية وغربلة المفاهيم الفلسفية على العموم ( نقصد بكلمة الواقع هنا كل ما هو موجود) من الادلجات و الأفكار الدخيلة التي قيدت رؤية الفلسفة وفق منظورها المحدود بالانعكاس الأول للواقع.
(بائسة هي تلك الافكار التي تنتظر التقدير من خصومها)