27 بالمائة من رجال أمريكا تعولهم نساؤهم رغم ارتفاع نسب الطلاق إلى 60 بالمائة وزيادة العنف ضد النساء
"أنا ممتنة لأني ولدت أمريكية وأعيش على أرض أمريكية" هكذا صرحت المذيعة الأمريكية المشهورة أوبرا وينفري Oprah Winfrey في برنامجها الشهير غداة الحلقة التي استضافت فيها رانيا الباز المذيعة السعودية التي اعتدى عليها زوجها بالضرب وجاءت كلمات المذيعة الأمريكية ذائعة الصيت عالميا، لتشير خطأ إلى تميز المرأة الأمريكية عن غيرها من نساء العالم فالمرأة في الولايات المتحدة تتمتع بحقوق كثيرة جدا، إلا انه في نفس الوقت تعاني المرأة الأمريكية مثل غيرها من نساء العالم من مشاكل كبيرة مثل الطلاق ونتائجه، العنف المنزلي، الاعتداءات الجنسية داخل البيت وخارجه...إضافة إلى ضعف تمثيل المرأة في مجال السياسة والعمال بصورة تعكس تنامي تعليمها وكونها تمثل نصف عدد السكان.
تنامي نسب الطلاق في الولايات المتحدة
يشهد العالم بشكل عام ارتفاعا ملحوظا في نسب الطلاق في أغلب بلدان العالم، سواء في أوروبا وأمريكا أو في الشرق الأوسط أو في اليابان وغيرها من البلدان عبر القارات.
في الولايات المتحدة الأمريكية لا يختلف الوضع كثيرا عن أي مجتمع آخر، غير أن الفرق يكمن في ارتفاع النسب، وتوفر الإحصاءات التي يمكن من خلالها قياس أبعاد هذا الوضع الاجتماعي وأسبابه، فقد بلغت نسبة الطلاق في الولايات المتحدة 60% كما تشير أغلب المصادر والدراسات، التي تشير أيضا إلى أن 80% من المتزوجات لمدة 15 سنة أصبحن مطلقات في عام 1982، وأن هناك 8 ملايين امرأة يعشن وحيدات مع أطفالهن.
لا شك أن نسبة 60% من الزيجات التي تنتهي بالطلاق هي نسبة مخيفة، ولها دلالات وتأثيرات سلبية عميقة على بنية المجتمع، وعلى تشكيل مفهوم الزواج لدى الشباب الأمريكي ومما لا شك فيه أن هناك أسبابا قوية تدفع بمؤسسة الزواج إلى الانهيار بهذا الشكل الحاد، وتظهر الأرقام حقائق مختلفة عما يعتقد الكثيرون من الناس حول الأسباب التقليدية للطلاق ،حيث إن 80% من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما الماضية هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الحالي، و75% من النساء في الولايات المتحدة يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي، و80% منهن يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسئولياتهن تجاه العمل ومسئولياتهن تجاه الزوج والأبناء، ولو أمكن إعادة التاريخ للوراء فإن 87% منهن اعتبرن أن المطالبة بالمساواة هي مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة الأمريكية!
أسباب ارتفاع نسبة الطلاق...والعنق المتزايد ضد المرأة
الذي يدفع بالمرأة الأمريكية إلى الطلاق، في حال كانت هي فقط الطرف الملام في ذلك، أسباب مثل العنف المنزلي الذي تتعرض له، وكذلك الظروف الاقتصادية، فقد قدرت وزارة العدل الأمريكية عام 1998 أن حوالي 4 ملايين امرأة تتعرض سنويا لانتهاكات بدنية من شريكها، إذ يرتكب أزواج أو شركاء أو أصدقاء حاليون أو سابقون76% من حالات الاغتصاب والاعتداءات البدنية. وفي تكساس وحدها شهد العام 2003 الإبلاغ عن 185 ألف جريمة عنف أسري، وقتلت 153 امرأة على يد شركاء في حياتهن وفي فيرجينيا تشير التقديرات إلى ما يزيد عن 28% من جرائم القتل بالولاية خلال عام 2003 كان أطرافها شركاء الحياة.
وفي الولايات المتحدة يتم اغتصاب امرأة واحدة كل 3 ثوان سنة 1997، كما عانت 6 ملايين امرأة أمريكية من سوء المعاملة الجسدية والنفسية من قبل الرجال، و70% من الزوجات يعانين من الضرب المبرح، و4 آلاف امرأة تقتل سنويا على يد زوجها أوعلى يد من يعيش معها وأوضحت دراسة أمريكية أن 79% من الأزواج يقومون بضرب زوجاتهم، وفي تقرير للوكالة الأمريكية المركزية للفحص والتحقيق هناك زوجة يضربها زوجها كل 18 ثانية في أمريكا.
إحصائية أخرى تبين أن الأزواج المطلقين أو المنفصلين عن زوجاتهم ارتكبوا60% من الاعتداءات، بينما ارتكب الأزواج 21% من هذه الاعتداءات، وفي بحث أجري على 6 آلاف عائلة على مستوى أمريكا تبين أن 50% من الرجال يعتدون على زوجاتهم أو أطفالهم بصورة منتظمة واتضح أن الأطفال الذين شهدوا عنف آبائهم معرضون ليكونوا عنيفين ومعتدين على زوجاتهم أكثر بثلاثة أضعاف ممن لم يشهدوا عنف في طفولتهم، أما الآباء العنيفون جدا، فأطفالهم معرضون ليكونوا معتدين على زوجاتهم في المستقبل ألف ضعف أما بالنسبة للظروف الاقتصادية ، فقد أشارت إحصائية أن في عام 1986 كان هناك ما نسبته 27% من الرجال يعيشون من دخل النساء.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو في ظل هذا العنف ما الذي يدفع بالمرأة الأمريكية إلى الزواج أو الاستمرار فيه، خاصة وأنها أصبحت قادرة على الاعتماد على نفسها،وعلى إعالة أسرة دون الحاجة إلى الرجل، الذي قد يشكل بحد ذاته عبئا اقتصاديا ونفسيا عليها؟
مشكلة قيم...أم مشكلة عنف
للمرأة الأمريكية خبرة واسعة في العنف الجسدي وتاريخ طويل أيضا، ففي عام 1981 أشار الباحثون إلى أن العنف الجسدي وحوادثه منتشرة بين 50% إلى 60% من العلاقات الزوجية في أمريكا، في حين قدرت هذه النسبة بأنها تتراوح بين 25% إلى 30% فيما مضى كما بين بحث أجري عام 1980 على 620 امرأة أمريكية أن 35% منهن تعرضن للضرب مرة واحدة على الأقل من قبل أزواجهن، وفي بحث أجري عام 1984 تبين أن 41% من النساءأفدن أنهن كن ضحاياعنف من جهة أمهاتهن،و44%من جهةآبائهن،كمابين البحث أن 44% منهن كن شاهدات على حوادث عنف على أمهاتهن من قبل آبائهن.
وفي عام 1985 أفادت دراسة أن ثلث ضحايا القتل من النساء، تم قتلهن على يد شريك الحياة أو الزوج، ومن بين مرتكبي الاعتداءات ضد النساء في أمريكا تذكر الإحصائية أن 3 من بين 4 معتدين هم من الأزواج وقد ثبت أن ضرب المرأة من قبل شريك أو زوج هو الأكثر انتشارا مما يؤدي إلى جروح للمرأة وهذا السبب وحده أكثر انتشارا من حوادث السيارات والسلب والاغتصاب كلها مجتمعة. ومن الإحصاءات الصادمة التي ذكرتها إحدى الدراسات أن هناك 1900 فتاة تغتصب يوميا في أمريكا 20% منهن يغتصبهن آبائهن!
أزمة العنف المتزايدة تتزايد بحيث أصبح البيت، بالنسبة للطفل والمرأة، أشد خطرا من الشارع في حالات عديدة والعنف المنزلي يتسبب في سقوط ضحايا أكثر مما تسقطه الأمراض أو حوادث الطرق، حيث أن 80% من جرائم القتل هي جرائم عائلية، وفي عام 1993 حدثت 24500 جريمة، 48% منها كان البيت مسرحها.
معرفة المرأة بهذه الحقائق أو معايشتها لها بشكل يومي، وتسليط الضوء عليها من قبل وسائل الإعلام، والبرامج الأمريكية الشهيرة التي تعني بمثل هذه القضايا، لن يجعل الزواج ذلك الحلم الوردي بالنسبة لأي فتاة أو امرأة أمريكية، ولاشك أن غياب منظومة قيم واضحة وغير ملتبسة لدى الأجيال الشابة لا يساعد كثيرا على احترام مؤسسة الزواج أو إدراك قيمتها المعنوية أو الاجتماعية، وعلى الرغم من أن 90% من الأمريكان وافق على أن العائلة هي المؤسسة الأكثر أهمية في المجتمع، فإن هناك 20% فقط من الرجال مستعدون لإقامة أسرة، بينما أبدت 13% من النساء فقط استعدادهن لإقامة أسرة، ولا يشكل ذلك مفاجأة، إذ يبدو ذلك طبيعيا في السياق الذي تم عرضه في هذا المقال.
المصدر : تقرير واشنطن – رفيعة الطالعي - العدد 26