- 10- من ذاكرة الايام
من بطولات خليل العواوده رحمه الله
خليل العواوده ابن الشيخ محمد العواوده، و والده فارس معروف كريم النفس والطباع من عشيرة العواوده احدى عشائر صف قبيلة الجبارات ..
ذاك الصف والقبيلة التي هاجرت بجميع ابناءها سنة 1948 كاملا حيث لم يبق في ارشه لا انثى ولا ذكر، كونهم قاوموا الاستيطان وساندوا الجيش المصري بقيادة العقيد البيه طه اثناء حصاره من الانجليز وعصابات الاستيطان في قرية الفالوجة التي تحد اراضيهم من الغرب وتمتد حتى الدوايمة شرقا ومن السكرية شمالا حتى الجمامة جنوبا ..
بطلنا خليل رحمه الله كان يتمتع بلياقة بدنية عالية وطول فارع وجسم ممتليء حيوية ونشاط وقوة ، جعلته متميزا بين اقرانه، دخل خليل الجندية في الجيش العربي ، وهو في ريعان شبابه كغيره من شباب ذلك العصر وهم يحدوهم الامل بانقاذ بيت المقدس وما ضاع من البلاد والامل باستعادتها من يد قطعان المستوطنين الغرباء ...
حدثنا رحمه الله قال : كنا معسكرين في منطقة جنين وكان قائد كتيبتنا رجل من شمر العراق ، قدم الينا نفر من اهالي بعض القرى يشتكون من مختار قرية ويتهمونه بالتجسس للصه--اينة ، فطلب القائد منهم الدليل ، فقالوا انه يذهب متسللا في ليل كل ثلاثاء الى الموقع الفلاني،من الارض التي يستولي عليها العدو ويضع لهم ورقة تحتوي المعلومات التي جمعها خلال اسبوع، ويضعها في الرجم الفلاني لياتون وياخذونها بعد ساعة .
بعد الاستطلاع والرصد تبين ان كلامهم صحيح ، فاسند القائد مهمة جلب ذاك الجاسوس المختار حيا الى خليل العواوده رحمه الله لما يتمتع به من قدرات عقلية وجسدية ، فاختار خليل معه ثلاثة رجال يغطون ظهره ، وفي جنح الليل نصب كمينا للجاسوس في ليلة وموقع تسليمه للمعلومات، واخذ معه قطعة قماش لتكون عصبة لعيني الجاسوس وكماما يضعه على فيه كي لا يصرخ،و كيس من القنب معروف باسم ابو خط احمر، فالاكياس كانت وقتها اكبرها حجما وسعة ابو خط احمر ثم يليه ابو خط اخضر ثم يليه ابو خط ازرق...
فعلا في الوقت المحدد جاء الجاسوس المختار يلبس روزة -جكيت طويل - وقمبازا - لباس يشبه الثوب - وبعد تفقده للمكان والتفاته يمنة ويسرة انحنى ليضع ورقة المعلومات التجسسية في الرجم ، فانقض عليه خليل كالصاعقة وضربه ضربة اردته مغشيا عليه فاقدا للوعي ، فربط على فيه وعصب عينيه و وضعه داخل الكيس وعتله على ظهره وتسلل ورفاقه الى قيادة الكتيبة فالقاه تحت اقدام القائد الشمري،ولما فتحوا الورقة التي كان يريد تسليمها للعدو وجدوا فيها خريطة بمواقع الجيش ونقاط القوة والضعف واعداد الاليات والجند والسلاح...
اعترف الجاسوس باعماله المشينة ونقل بعدها الى عمان ليتم اعدامه امام المسجد الحسيني ....
بعد هذه الحادثة قام كلوب باشا قائد الجيش انذاك بنقل القادة العرب ومنهم الشمري من الخطوط الامامية الى الخطوط الخلفية ..
يقول خليل رحمه الله عينوا بعدها قائدا للكتيبة انجليزي وكان قصير القامة ممتليء الجسم مصارعا ...
ومن غريب فعاله انه ياتي كل ليلة الى ثكنات العساكر فيطلب منهم ان يرافقه احدهم ليقوموا بعمل داخل ارض العدو...
قال فيختار واحدا فقط لمرافقته، والعجيب انه يعود سالما ولكن رفيقه لا يعود ، ويبرر الموقف بان العدو تمكن من قتل رفيقه وهو نجا باعجوبة ... حتى تجاوز عدد المفقودين ممن رافقه العشرة من خيرة شباب الكتيبة،
قرر ابو طارق خليل العواوده رحمه الله مرافقة ذاك القائد في احد الليلي وقال لزملائه لا احد هذه الليلة يرقع يده غيري، وبالفعل جاء القائد وطلب من الجند مرافقته ، فرفع خليل يده ولم يرفع احد غيره يده ، فقال له اذهب الان لتنام وفي الوقت المحدد والذي دائما كان بعد منتصف الليل ساوظك لترافقني،
في الوقت المحدد جاء ليوقظ خليل الذي لم ينم منتظرا تلك اللحظة، وكان خليل قد تحزم على مسدسه وشبريته - خنجر- وتسللا الى الارض التي يحتلها العدو ، فال مشينا في الظلمة حوالي 3 كم فوصلنا الى بئر عرفته من سمالته تنبعث منه رائحة كريهة فطلب مني ان اقف هنا وركض هو مسرعا ثم فجأة انثنى باتجاهي وكنت قد سحبت الشبرية الهوشاني - اكبر حجم في الشباري - فلما اقترب مني ناولته اياها في صدره من جهة القلب فشهق ووقع، فال فدحرجته والقيته في البئر وقلت له ابلغ زملائي السلام وقل لهم ان ابا طارق اخذ بثأرهم ...
قال رجعت الى الكتيبة فرحا وحزينا ، فوجدت مساعده الانجليزي ايضا ينتظر عودته وليس عودتي انا ، فتفاجأ بعودتي دونه ، وقال وين مستر فلان؟
فقلت له هذه المرة اصطاده العدو و نجوت انا باعجوبة !!
في اليوم التالي حضر كلوب باشا وطلبني للتحقيق ، فقلت له ذهب معه خيرة شباب الكتيبة ولم تحضر حضرتك للتحقيق معه !! فقال اه يا خليل اه..
قال لم يمض وقت حتى نقلت الى مؤخرة الجيش في خو شرق مدينة الزرقاء ، ثم لم يمض وقت طويل حتى عرب الجيش وطرد منه القادة الانجليز وعلى راسهم كلوب...
خليل ابو طارق العواودة رحمه الله له قصص بطولية تشيب لها الولدان كان يتحدث بها من زاملوه في الكتيبة الهاشمية العاشرة من مرتبات اللواء الهاشمي من الوية الفرقة الرابعة ، وكان مثلا في الرجولة والمروءة والشهامة والبطولة ، رحم الله ابا طارق، فقد عرفته عن قرب وكان جارا لي في زيزيا ونعم الجار لجاره،وكان فيما بعد لا يغيب عن مجلسي اسبوعا كاملا الا وياتي اليه مع صديق عمره نمر بن محيسن الراجودي رحمه الله، وزميله في الخدمة العسكرية فهد اعطوي الخضير رحمه الله فيتذاكرون الذكريات البطولية الجميلة...
انها امة ولادة تلد الابطال والرجال، ولن يُخطم انفها بخطام ... انها امة اذا انتفضت كانت كالسيل الجارف لا يقف امامها احد او يحجزها حد..