بسم الله الرحمن الرحيم
44- من دروس القران التوعوية :-
استمرارية الجهاد والقتال في سبيل الله الى يوم القيامة :-
الصراع بين الحق والباطل هو مجال الابتلاء الذي خُلقنا للاختبار به و فيه، فما دام في الأرض مسلمون ؛ وما دام في الأرض كافرون؛ و -هذا لا بد ان يكون -فلا بد من وجود الصراع بين المسلمين والكافرين لتباين طبيعة الإسلام والكفر وتصادم غاية كل منهما ، فالإسلام يصرّ على تحرير الناس واخراجهم من عبادة العباد و كل ما سوى الله تعالى وتعبيدهم لله وحده ، ويُنير بصيرتهم وعقولهم بما يؤهلهم لاختيار هذا المسار؛والاهتداء الى سبيل الرشاد؛؛؛ والكفر يصرّ على بقاء الناس في ظلمات الجهل والاستعباد للطاغوت والاستسلام للطغيان؛ بل يُصر على إخراجهم من النور إلى الظلمات؛ وتعبيدهم لأرباب متفرقين من دون الله : ( الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )[ البقرة257 ]. وهذا يحتم استمرارية وديمومة الصراع اللا يوم القيامة؛ صراعا يشمل الصراع الفكري وكل انواع الصراع ومنها القتال المستمر بيننا وبينهم؛ فحذرنا القران ولفت انظارنا الى ذلك لنكون على الدوام مستعدون لمجابهة الاعداء وصد اعتداءاتهم التي يهدفون منها ردنا عن هدي ديننا ؛ فقال سبحانه
ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ، ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [ البقرة 217 ] .
وحذرنا سبحانه حتى من مجرد طلب رضاهم لا ارضاهم الله ولا رضي عنهم ؛فقال سبحانه :- (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120 البقرة).. نقل الطبري في تفسيره :- "قال قتادة في قوله : ( قل إن هدى الله هو الهدى ) قال : خصومة علمها الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، يخاصمون بها أهل الضلالة . قال قتادة : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " لا تزال طائفة من أمتي يقتتلون على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله " .ا ه .
فواهم كل من ظن انهم يرضون عنه حتى يترك ملة دينه - اي طريقة تنفيذه في الحياة؛ و يتبع ملتهم ؛ ولم يقل دينهم !! اي طريقتهم في التعامل مع الدين!! والجامع المشترك بين ملة يهود وملة النصارى هو ان كلاهما لا يعتمد تشريع الله تعالى ولا يخضعون امور الحياة لما شرع الله عز وجل؛ بل يخضعون الحياة وتشريعات مسيرتها لاهواءهم ؛ فالملة كالدين، وهو اسم لما شرع الله تعالى لعباده على لسان الأنبياء من طريق ليتوصلوا به إلى جوار الله، والفرق بينها وبين الدين أن الملة لا تضاف إلا إلى النبي عليه الصلاة والسلام الذي تسند إليه . نحو: ﴿فاتبعوا ملة إبراهيم﴾ [آل عمران/95]، ﴿واتبعت ملة آبائي﴾ [يوسف/38]؛ فهي متعلقة بالطريقة العملية التي تتبع لتنفيذ الدين ليكون منهج الحياة التي بها تحيا امة الملة؛ فهي المنهاج والطريقة العملية لتنفيذ الدين واتباعه في الحياة؛ واستقرء قول الله تعالى:{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) النحل} ..فلذلك جاء الامر من الله تعالى بعدم اتباع اهواء اهل الكتاب وغيرهم:- ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة) ..
وقال تعالى :- {فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)الشورى} ..
والواقع يؤكد لنا إصرار أعداء الله على صد الناس عن دين الله؛ لاحظ مخادعتهم ومكرهم وغدرهم بالمسلمين؛ وعدم الوفاء بعهودهم لهم ، فلذلك يثبت لكم الواقع انه لا يجدي في تقويمهم واقامتهم على طريق الاستقامة في الحياة إلا القضاء على رؤوس الفتنة من قادتهم وإذلالهم بالجهاد والقتال في سبيل الله ، وهو أمر دائم ما دام في الأرض كفر وإسلام . {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (
اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12)التوبة} ..
وكثرت من الاحاديث النبوية في بيان الدلالة على استمرارية القتال الى يوم القيامة ؛ ومن اشهرها واوصرحها دلالة ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم هذا يهودي خلفي، تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ".
واخرج ابنحبان في صحيحه عن النواس بن سمعان الانصاري رضي الله عنه (فُتِح على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَتْحٌ فأتَيْتُه فقُلْتُ : يا رسولَ اللهِ سُيِّبَتِ الخيلُ ووضَعوا السِّلاحَ فقد وضَعَتِ الحربُ أوزارَها وقالوا : لا قتالَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( كذَبوا الآنَ جاء القِتالُ الآنَ جاء القِتالُ إنَّ اللهَ جلَّ وعلا يُزيغُ قلوبَ أقوامٍ يُقاتِلونَ ويرزُقُهم اللهُ منهم حتى يأتيَ أمرُ اللهِ على ذلكَ وعُقْرُ دارِ المُؤمِنينَ الشَّامُ ). وصححه شعيب الارناؤط ..
وبناءً على ما سبق فان مسيرة الجهاد في هذه الامة لا تتوقف ولن تتوقف ولا ينبغي ان تتوقف باي حال ؛ فصراع اولياء الله وحزبه من اهل الايمان دائم مستمر مع احزاب واولياء الشيطان الى يوم القيامة ؛ فتعسا للمخذلين المثبطين والمنافقين المشككين المعذرين المتحججين بواهي الاعذار ليبرروا قعودهم مع الخوالف ...
اللهم اعزنا بنصرك ونصرتك لدينك ومجاهدي ابنا امة نبيك صل اللهم وسلم عليه واله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مباركا .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..