موقف في تربية الله تعالى للدعاة مع ايات من كتاب الله
( وما تلك بيمينك يا موسى ( 17 ) قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ( 18 ) قال ألقها يا موسى ( 19 ) فألقاها فإذا هي حية تسعى ( 20 ) قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ( 21 ) )طه
الدعاة حملة ميراث النبوة..والانبياء انفسهم دعاةلمنهج الله ونوره وبما اراهم الله ووفق اذنه لهم بالطريقة والاسلوب والمنهج المحدد لهم..
(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ). 46الاحزاب
لذلك كانت عناية الله تعالى عظيمة وكبيرة بتربيتهم واعدادهم ليؤهلهم لحمل مشعل نوره وهدايته للعالمين لان وظيفة الدعوة وحملها ايضا امر عظيم فهداية البشرية هو مقصد الدعوة ووظيفة حملتها.فلذلك نجد ان الله تعالى قال لموسى عليه السلام
ولتصنع على عيني) وقال له ايضا: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}، بمعنى أن الله -تبارك وتعالى- هيأه ودبره هذا التدبير، ورعاه هذه الرعاية، وأنشأه هذه النشأة؛ ليقوم بأعباء الرسالة، والدعاء إلى الله -تبارك وتعالى-
التفسير
( وما تلك بيمينك يا موسى ( 17 ) قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ( 18 ) قال ألقها يا موسى ( 19 ) فألقاها فإذا هي حية تسعى ( 20 ) قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ( 21 ) ) .
هذا برهان من الله تعالى لموسى ، عليه السلام ، ومعجزة عظيمة ، وخرق للعادة باهر ، دال على أنه لا يقدر على مثل هذا إلا الله عز وجل ، وأنه لا يأتي به إلا نبي مرسل ، وقوله : ( وما تلك بيمينك يا موسى ) قال بعض المفسرين : إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس له . وقيل : إنما قال له [ ص: 279 ] ذلك على وجه التقرير ، أي : أما هذه التي في يمينك عصاك التي تعرفها ، فسترى ما نصنع بها الآن ، ( وما تلك بيمينك يا موسى ) استفهام تقرير .
( قال هي عصاي أتوكأ عليها ) أي : أعتمد عليها في حال المشي ( وأهش بها على غنمي ) أي : أهز بها الشجرة ليسقط ورقها ، لترعاه غنمي .
قال عبد الرحمن بن القاسم : عن الإمام مالك : والهش : أن يضع الرجل المحجن في الغصن ، ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ، ولا يكسر العود ، فهذا الهش ، ولا يخبط . وكذا قال ميمون بن مهران أيضا .
وقوله : ( ولي فيها مآرب أخرى ) أي : مصالح ومنافع وحاجات أخر غير ذلك
وقوله تعالى : ( قال ألقها يا موسى ) أي : هذه العصا التي في يدك يا موسى ، ألقها ( فألقاها فإذا هي حية تسعى ) أي : صارت في الحال حية عظيمة ، ثعبانا طويلا يتحرك حركة سريعة ، فإذا هي تهتز كأنها جان ، وهو أسرع الحيات حركة ، ولكنه صغير ، فهذه في غاية الكبر ، وفي غاية سرعة الحركة ، ( تسعى ) أي : تمشي وتضطرب .
وهنا ولى موسى مدبرا
فامره الله ان ياخذها وان لا يخف وانه سبحانه سيعيدها سيرتها الاولى بمجرد ان يمسكها فتعود عصا كما كانت سيرتها الاولى
الفائدة المرتجاة:-
هذا درس للدعاة ان يتيقنوا من حجتهم ويتاكدوا من بينتهم ويتاهلوا للتعامل بها ومعها فلا يتفاجئوا بها عند لزومها
فموسى سلام ربي عليه هنا اخذ درسا ليؤهل بمعجزته ويكون مطلعا على حقيقة بينته قبل استعمالها كي لا يفاجأ بها عند فرعون وملأه فيولي هاربا مثلهم...
فالداعية الى الله يجب ان يؤهل بكل ما يلزمه من اثباتات وحجج وبراهين تثبت وتسند دعوته وتقنع بها المخاطبين
جعلنا الله واياكم ممن يتدبرون القران فيفقهوه ويتبعون هداه واحكامه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته