بسم الله الرحمن الرحيم
فتحية إبراهيم صرصور
غزة - فلسطين
يسرى البربري رائدة العمل النسوي في قطاع غزة، تحت هذا العنوان افتتحت الأستاذة فتحية صرصور جلسة صالون نون الأدبي مبتدئة بالترحيب بالضيوف فقالت: الحضور الكريم، رواد صالون نون الأدبي
أهلا وسهلا بكم، أهلا بكم في مطلع شهر آذار الذي يسمونه شهر المرأة، فنبدأه نحن ونسبق الآخرين في تكريم المرأة
حقا إن النساء شقائق الرجال، وما من مهنة أو عمل يقوم به الرجل إلا وكان للمرأة دورا في مرحلة من مراحل العمل به، فهي تساعده داخل البيت وخارجه، فعملت بالزراعة، والبناء والتنجيد، في الخياطة والتطريز
وهي الرائدة في جميع المجالات؛ فهذه كريمة عبود( ) أول امرأة فلسطينية مصوّرة، عملت كمعلمة في مدرسة شنلر، ولم تقف عند الوظيفة، تعلمت حرفة التصوير على يد كبار المصورين في فلسطين.
أهداها والدها كاميرا فوتوغرافية قبل أن تتجاوز العشرين من العمر، كانت تلتقط بها الصور لزبائنها في بيوتهم ثم تلتقط الخلفيات المناسبة، فتركت إرثا كبيرا تجسد فيه مجموعتها الفوتوغرافية التي صورتها على مدى ربع قرن.
وقادت المرأة العمل التطوعي الخيري، كما دعمت المناضلين وشاركتهم العمل النضالي
فأهلا بكم وقد جئتم وجئنا لنرفع القبعة اعترافا بفضلها، ووقوفا على دورها في العمل النسوي، والعمل الطوعي والنضالي
نخصص لقاءنا اليوم ليسرى البربري أقحوانة فلسطين ورائدة العمل النسوي في قطاع غزة
التي كانت علامة فارقة في الدفاع عن حقوق المرأة ومكانتها الاجتماعية والسياسية والثقافية والنقابية
لنعرف المزيد عن هذه المرأة الحديدية نستضيف راعي صالوننا أديبنا المشهور غريب عسقلاني
بدأ الأستاذ غريب بالقول: يسعدني أن أكون أحد الأحفاد الذين جاءوا لهذا المحفل الثقافي ليحتفلوا بالسنديانة السمراء، فلطالما رافقني السؤال كلما وقفت السنديانة السمراء, كيف تمتلك هذه السيدة هذا الحضور الأخاذ, وكيف يعبر شموخ البساطة عن طاقة داخلية تتحفز للنزال, من أجل الوصول إلى وطن السعادة والحرية والاستقلال، تنظر إليك تقرأك وتبسم تدرك ما يصطرع في نفسك فتبادرك الى حوار مقتضب يضع النقاط على الحرف, تدرك أن هذه السيدة مكتنزة بالمهام والنشاط, مسكونة بالمستقبل، هي يسرى البربري التي واصلت الرحلة تسع عقود حافلة بالعطاء.
إنها امرأة تجاوزت المألوف وحفرت اسما في التاريخ الفلسطيني، فلا يمكن تجاوزها لأكثر من سبب، لكن يقف على رأس هذه الأسباب انتماءها الوطني وديناميكية عقلها الذي لا يعرف السكون، كان همها الأساسي هو الوصول لاستقلال الوطن الفلسطيني في مظلة العقل والحرية
حضرت يسرى البربري الى الدنيا في العام 1923م وغادرت في العام 2009م وتركت في الحياة الفلسطينية بصمات واضحة وما زالت تعطي ثمارها
ولدت لأسرة تحترف التجارة وتعتني بالتنشئة متجاوزة زمانها، متيحة الفرصة لمن ينبغ، ومن يريد الوصول لغايته للوصول
درست في القدس بمدرسة شميت حتى نالت ما يوازي الشهادة الثانوية أو المترك البريطاني في ذلك الوقت، كانت يسرى تجيد اللغتين الإنجليزية والألمانية، وأصبحت على إجادة تامة باللغة الفرنسية قراءة وكتابة
ثم انطلقت لتكمل دراستها الجامعية بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا)، فدرست العلوم الاجتماعية والتاريخ، وتخرجت بعد النكسة عام 1949م
وبدأت في دراسة الماجستير حول نضال الشعب الفلسطيني, تحث إشراف المؤرخ المعروف الدكتور اشرف غربال, فكانت المرأة الجامعية الأولى في فلسطين من أسدود وحتى بئر السبع
عملت في التعليم، متدرجة من معلمة فمديرة لمدرسة الزهراء الثانوية في مدينة غزة, ثم مفتشة للاجتماعيات عملت على تأسيس أول معهد معلمات في غزة، كما طورت مساقات التعليم ووضع برنامج لتأهيل المعلمات.
وكانت مسئولة عن الدراسات الحرة وهو ما يعرف بذلك الوقت بالدراسات الحرة
أما على المستوى النضالي؛ فقد كانت يسرى تحمل همّا آخر، فهي المثقفة التي تحيّد العاطفة عن مصلحة الوطن، وأهم ما يميز يسرى أنها لا تخضع لمآسي الماضي، بل تستشرف المستقبل، وكأني بها تقول من يؤمن بالغد فليتبعني سأتعبه ولا يتعبني
من ينظر ليسرى يقف بهيبة ليغترف شيئا من صبر هذه السيدة، فهي أول من أسس فريقا لتنس الطاولة للفتيات، فكانت هي المسئولة وهي المدربة واللاعبة والناشطة
أصبحت يسرى قائدة اجتماعية وسياسية وتربوية في قطاع غزة, مثلت فلسطين في الكثير من الفعاليات الدولية, في الصين والسويد, مما أهلها لتكون واحدة من خمس نساء فلسطينيات, رشحن عام 2005 م
لنيل جائزة نوبل للسلام
وهي عضو مؤسس للاتحاد النسائي 1964م، كان أول إتحاد نسائي أسس في فلسطين وكانت يسرى رئيسة الاتحاد في غزة، صنعت من الاتحاد مدرسة، فجعلته يمول نفسه بنفسه، حيث ألحقت به مصنعا للحياكة، واستنهضت النساء اللاتي يجدن التطريز، ليعملن ويقوم الاتحاد بتسويق أعمالهم
عملت على تمكين النساء في شتى مناحي الحياة من تعليم الحرف والحفاظ على التراث الفلسطيني وتنمية المواهب في شتى المجالات.
وكانت عضو يسرى مؤسس في المجلس الوطني، وكانت دائما تمثل فلسطين عن غزة
وعن علاقته بها قال العسقلاني: لم أتعامل مع يسرى كثيرا، لكننا كنا معا في معية الدكتور حيدر عبد الشافي، فكنا من جنود الحملة الثقافية وكنا دائما أصحاب الحلم لنتجاوز الآتي
وقال: لن أطيل في تعداد مناقب الراحلة العظيمة, وسأترك الكثير من التفاصيل لشهود الحالة اللواتي رافقنها رحلتها في الحياة, تلميذات في مدرستها, رفيقات عاملات في رحلتها, ورائدات أخذن منها من زاد مكنهن من مواصلة الرحلة، نستمع منهن ومن المشاركين في هذا اللقاء الذي أقيم على شرف يسرى الغائبة الحاضرة فينا
فنحن هنا في رحاب صالون نون الأدبي نمثل أجيالا ثلاثة؛ جيل صديقاتها ومن عملن معها، جيل من تتلمذن على يديها، وجيل الأحفاد ممن سمع من والدته عنها، نحن في حضرة الجمال والنضال
واختتم الأستاذ غريب حديثه بالقول: يجب أن يكون تراثها محفورا بالوجدان الفلسطيني لنستكمل المسيرة
بعد أن أنهى الأستاذ غريب شهادته في يسرى قالت الأستاذة فتحية: لابد أن نستمع عنها من تلميذتها سابقا، ورفيقتها في العمل الأستاذة ليلى قليبو، هذه القامة المرموقة في ساحة التعليم والثقافة والعمل النسوي
قالت الأستاذة ليلى قليبو في شهادتها مبتدئة بـ:
الأخوة والأخوات: يشرفني المشاركة في تكريم الأخت المناضلة؛ المرحومة يسرى إبراهيم البربري التي عاشت حياتها منذ الصغر في خدمة الوطن والدفاع عنه، ومساعدة المحتاجين والعمال على تمكين المرأة لحياة كريمة بالعمل
ثم قالت: إليكم نبذة عن حياتها:
ولدت في العام 1923م في أسرة عربية فلسطينية وطنية مثقفة، وتلقت دراستها الابتدائية في غزة، وأكملت تعليمها الثانوي في مدرسة شميدت بالقدس، ثم التحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة وتخرجت بالعام 1949م، فكانت أول جامعية في قطاع غزة
كان همها آنذاك القضية الفلسطينية فحضرت أطروحة الماجستير بعنوان "كفاح ونضال الشعب الفلسطيني"
بدأت عملها في المجال التربوي حيث عملت في مدرسة بئر السبع، وكانت معلمة ثم ناظرة لمدرسة الزهراء الثانوية للبنات، وقد كنت من تلميذاتها عام 1952م، وكانت ناظرة لمعهد المعلمات بقطاع غزة
اختتمت عملها التربوي مفتشة مواد اجتماعية في مدارس قطاع غزة
أما عن نشاطها الاجتماعي والنضالي، فقد كانت منذ طفولتها تسعى إلى عمل الخير عن طريق جمع التبرعات لمنكوبي أحداث الأقصى في ذلك الوقت
وكانت تشارك في جميع النشاطات المعادية للصهيونية واشتركت في العمل الوطني ضد مشروع توطين اللاجئين في سيناء، كما شاركت في مقاومة الاحتلال بكافة المجالات
أما عن عملها في الجمعيات فقد كانت عضوا فاعلا في كثير من الجمعيات منها:
* جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بقطاع غزة
* جمعية المحاربين القدماء
* عضو في مجلس إدارة جمعية المعاقين
* كما أنها أسست جمعية الاتحاد النسائي الفلسطيني بغزة عام 1964م، ولايزال يمارس نشاطاته لتحقيق أهدافه
النشاط السياسي:
كان نشاطها السياسي لا يقل عن نشاطها التربوي والاجتماعي، فقد شاركت في العديد من المؤتمرات السياسية التي تعقد في الخارج للدفاع عن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني
وكانت أول سيدة شاركت في وفد فلسطيني لهيئة الأمم المتحدة عام 1963م، وكانت لها مواقف وطنية جريئة في كثير من الأحداث
وأضافت الأستاذة قليبو القول: لا أنسى يوما زار الجمعية الحاكم الإسرائيلي، فطلب منها إنزال خريطة فلسطين ولوحة الفتاة التي ترفع العلم الفلسطيني فرفضت بشدة وكبرياء، كما كانت تنتهز فرصة زيارة الوفود الأجنبية للجمعية، فتقوم بشرح القضية الفلسطينية وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت والتي لا تزال مستمرة حتى وقتنا الحاضر
* في عام 1964م أسست جمعية الاتحاد النسائي الفلسطيني بغزة الذي من أهدافه:
* رفع مستوى المرأة علميا وصحيا واجتماعيا
* رعاية الأمومة والطفولة
* رعاية المرأة العاملة ومساعدتها في تهيئة الظروف للعمل
وتقوم الجمعية منذ تأسيسها
بتقديم الخدمات والمساعدات لتحقيق أهدافها، وفي العام 2009م رحلت عنا الأخت المناضلة المخلصة لشعبها ولقضيتها، وبرحيلها خسر القطاع المرأة إحدى ابرز المناضلات، فرحم الله الفقيدة
والسلام عليكم
بعد شهادة الأستاذة ليلى قليبو قالت الأستاذة فتحية صرصور: بعد أن تحدثنا من خارج الأسوار، فلنفتح الأبواب وندخل البيت لنستمع لشهادة ابنة أخيها السيدة صهباء البربري، أرملة الشهيد المناضل معين بسيسو، لتحدثنا عن أيقونتنا عن قرب
تحدثت الأستاذة صهباء عن عمتها بحميمية وحب، فقالت:
عمتي يسرى نموذج نبيل لنضال المرأة، وستبقى نبراسا حيّا لكل السيدات والنساء والآنسات
لقد كانت عمتي يسرى تعمل لأجل تحرير وطن يبني ولا يدمر
عمتي يسرى نموذج لكل فلسطينية تقف بشموخ وكبرياء أمام الصلف اليهودي
عملت مع عمتي يسرى كمعلمة في مدرسة الزهراء، كنت أرى الانضباط بتحية العلم، وكلمة الصباح التي تُستقى من الأخبار اليومية، كانت تهتم بالنظافة، تمنع الطالبات أن يُرخين شعرهن دون تجديل
وكنت معها أحمل هموم شعبي
وتستدعي صهباء الماضي فتقول: عندما كنت في جامعة القاهرة، كنت عضوا فاعلا في اتحاد طلاب فلسطين وكان يترأسه الرئيس المرحوم ياسر عرفات
وعندما كنت معلمة كان لابد لي وأن أعمل على بث روح الوطنية في نفوس الطالبات من خلال الدروس، إلا أن بعض النفوس المريضة كانت لنا بالمرصاد
تمت ملاحقة عناصر الحزب الشيوعي، وتم إلقاء القبض علي، وبعد ساعة من إيداعي في السجن، بمنتصف الليل لحقت بي عمتي يسرى تحمل شنطة صغيرة بها الأدوات اللازمة لي حاولوا منع إدخال الشنطة لكن بشخصيتها القوية تحقق لها ما تريد
انتقلت من السجن الخيري لسجن القناطر، ثم أفرج عني بعد عام وثلاثة أشهر وعدت لغزة وعمتي يسرى داعما دائما لي
وعن موقفها السياسي قالت السيدة صهباء: كانت عمتي يسرى عدوة شرسة لاتفاقية أوسلو، حتى بعد أن عدت لغزة قالت لي، دخلتم غزة باتفاقية أوسلو؟
بعد أن أنهت السيدة صهباء حديثا عن عمتها المبدعة كانت الكلمة للصحفي خميس الترك أبو نادر الذي عايش المرحومة وكان له معها لقاءات متعددة، جاء أبو نادر مصطحبا الصور والوثائق التي تشرح محطات من حياة يسرى البربري ثم ابتدأ حديثه بالقول: إن كان لمصر هدى شعراوي يفتخرون بها، فإن لنا في غزة يسرى البربري، هذه المرأة العظيمة كانت وراء تنظيم أكبر مسيرة في غزة مما جعل الرئيس جمال عبد الناصر يذعن لطلب فرز أحمد حسن عبد اللطيف ليكون حاكما لغزة
ويتحدث الترك عن واقعة حدثت مع يسرى المناضلة فيقول: لقد رفضت الإسرائيليات استقبال يسرى وفريقها لأنها تحمل العلم الفلسطيني، لكنها ناضلت وأصرت على الدخول بالعلم ورفعته في الأمم المتحدة
عرض الترك عددا من الصور التي تؤرشف لحياة يسرى البربري
ثم كانت الكلمة للأستاذة زينب الغنيمي التي قالت: عندما رأيت دعوة صالون نون الأدبي تحمل اسم يسرى البربري صممت على الحضور والمشاركة، شكرا لصالون نون الأدبي الذي لا ينسى النساء الرائدات
ثم قالت: عرفت الأستاذة يسرى وأنا ابنة الثانية عشر من عمري حيث كنت زهرة في الكشافة، أشارك في استقبال كبار الضيوف
وقالت: كان مؤشرا مهما بالنسبة لي أن أكون في الاتحاد النسائي، ولم يكن يخطر على بالي أنني سأعمل في ذات المكان، لقد عملت بالاتحاد النسائي في العام 1971م لمدة عام كنت أنتظر به موعد الالتحاق بالجامعات المصرية
تعلمت من يسرى الكثير، وجزء من شخصيتي القوية وفكرة المرأة التي تدرك ما تريد رسخت في نفسي مما تعلمته من الأستاذة يسرى
بعد عام 1967م كانت الأستاذة يسرى أول شخصية تصل لبيوت المعتقلين السياسيين باسم الاتحاد النسائي لتقدم المساعدات وفي ظروف صعبة
لقد عايشت تلك الأيام وواكبت مسيرة تأسيس الهلال الأحمر وبنك الدم، وأعرف كيف تم التأسيس، كنت من القلائل في غزة ممن يجيدون الطباعة على الآلة الكاتبة، كنت أجلس في غرفة مغلقة لأطبع لهم كل ما يريدونه من توثيق لنشئة الهلال والبنك
وما يميز العمل مع يسرى أننا كنّا نعمل بحب وثقة، بلا شكوى أو تذمر، ودون النظر للمردود المادي، لقد كنت أتقاضى ستين ليرة إسرائيلية، لكن بالمقابل فالأستاذة يسرى تقدر من يعمل معها، فعندما حان موعد سفري للجامعة وكان الوضع المادي لعائلتي ضعيفا بحكم تقاعد الوالد وعدم وجود مورد آخر للمعيشة، أذكر أن الأستاذة يسرى صنعت لي طقمين هما ما اعتمدت عليهما كزي خلال عامي الأول بالجامعة
وعن معارضتها لأوسلو قالت زينب: بعد عودتنا كانت تلومني لكنه لوم المحبة، تقول؛ خرجتم ولم تعودوا إلا تحت مظلة أوسلو
اختتمت حديثها بالقول: أنا فخورة بأنني تلميذة من تلميذات الأستاذة يسرى البربري
وكانت المداخلة للدكتور سويلم العبسي قال: أستذكر عندما زرنا منزل السيدة صهباء أنا والشاعر جمال النجار وجدت ورق تواليت مكتوب عليه أجمل أغنية فلسطينية "يا قدس يا حبيبتي"
وقال الدكتور سويلم: نحن نعمل الكرنفال الشعبي الفلسطيني يتناول الحكاية والشعر الشعبي والقصيدة والأهزوجة والدبكة، تحت عنوان لا لتهويد المقدسات والتراث، وأرجو من عائلة يسرى أن يكون لكم دورا في هذا المهرجان الذي سيكون صرخة ضد التهويد
ثم لابد من توثيق حياة يسرى في كتاب
الأستاذ أحمد أبو شاويش (ابو معن) قال: لم يقدر لي أن أرى الأستاذة يسرى، لكن قُدر لي أن كنت في العام 1955م طالبا بكلية غزة التي كانت قريبة من مدرسة الزهراء التي كانت تضم الطالبات من شمال القطاع لجنوبه، كنت أسمع الطلاب يتحدثون عن السيدة التي تدير المدرسة الوحيدة في غزة بحزم وقوة ومنتهى النظام، بحكم جوار الكلية لمدرسة الزهراء كانت البيئة لها خصوصيتها في هذه المنطقة، لم تكن الطالبات محجبات، ثلاث سنوات وأنا في الكلية وأرى البنات المتحررات، لكننا لم نرى أو نسمع عن أمر خارج عن الأدب، أو خارج عن النص
أعتقد أن تلك الفترة كانت هي الفترة الذهبية للفتاة الفلسطينية بغزة، وبحكم الوضع الاجتماعي الذي كان للفتاة، كانت متحررة، وطنية، على خلق، منضبطة، أفرزت فتاة أدت بمراحل لاحقا في العمل الوطني الفلسطيني أدوارا رائعة
بكلمة أبو معن انتهى اللقاء لكن لن ينتهي صالون نون الأدبي عن تكريم رائدات فلسطين، ولن يتوقف عن ذكرهن بتوقف حياتهن، فأعمالهن خالدة لا تُنسى، وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
قم حي هذي النيرات حي الحسان الخيرات