ما يجمع الناس - محمد بن يوسف الزيادي

اجتماع الناس وتكتلهم

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}آل عمران 103.

الناس لاتجتمع الا على فكرة يتكتلون لحملها وايجادها في الواقع.. وهذه الفكرة اما ان يكون الدافع اليها امرا مصلحيا كاقتسام مغانم وتحصيلها او امر عاطفي محرك اني كمداهمة خطر لهم يريدون التخلص منه فاذا انتهى الخطر او المصلحة انتهى وفض التجمع..واما يجمعهم فكر وجودي مبدئي يرعى مصالحهم وينظم حياتهم على الدوام فيكون الامر متعلق بوجودهم كهوية مميزة مبدئية فيشكل لهم رابطة دائمية.تربطهم بالفكرة والمبدأ فتتسع دائرة الرابطة عندهم لتتسع لكل معتنق للمبدا وفكرته وانكانت فكرة

المبدا علمية لا بد وان يسعى المبدأ وحملته لتعميمه وتطبيقه في العالم اجمع.

ومن الملفت للنظر ان نرى بعض الناس يسعى لتجميع الناس دون ان يكون عنده غاية واضحة ولا فكرة واضحة ولا منهج واضح...المهم ان يجمع الناس وكانه يدعوهم لحضور وليمة او حفلة... مقدما لهم

بعض المغريات والمصالح المادية التي تولد انجذابا وليس اقتناعا.

فليس هناك عنده فكرة تصلح لان تكون عقيدة تتخذ منظارا لرؤية الامور من خلالها وقياس الخطأ والصواب على اساسها. فمثل هؤلاء يكون منظارهم المصلحة والنفعية ويحول الناس الى سلع تكون مواقفهم وتبعيتهم لمن يدفع اكثر وتصبح عندهم الامور بغاياتها تقاس فيحلون حراما ويحرمون حلالا

لاجل تحقيق غاياتهم وتنفيذ مقاصدهم لانهم وخاصة المسلمين منهم لم يدركوا ان الاسلام فكرة وطريقة موحى به من قبل الله تعالى فوقعوا في المذور واباحوا المحظور لافتقادهم المنظور الذي به يجب ان ينظرون.واطلقوا العنان للعقل يشرع وفق افهام مغلوطة عن الاسلام واصوله العقائدية والتشريعية.

ان الاسلام اعطانا الفكرة الواضحة والتصور الواضح للكون والانسان والحياة وعلاقة كل منها بما قبلها وما بعدها واعطانا الطريقة الواضحة للسير في تحقيق هذه الفكرة وايجادها في الواقع من اول يوم بدأ فيه خطاب الله تعالى يتنزل على نبيه. نعم اعطانا المشروع النهضوي الذي على اساسه ترتقي البشرية وبفكره وعقيدته تتحرر الانسانية من كل الاغلال والقيود التي فرضت على بني البشر خلال رحلة التيه في بحار الظلمات.لقد اعطانا الاسلام هذا المنهج جاهزا واهدانا هذا المشروع النهضوي هدى ورحمة للعالمين وحيا يوحى وجعل وظيفة عقلنا ملزمة بفهمه وفقهه واتخاذه اساسا للتفكير وبه تقاس الافكار وجعله المنظار الذي تفسر به الاحداث ومن خلاله ينظر للوقائع وانبثقت من تلك العقيدة احكاما تقاس بها الاعمال والسلوكيات فترفض او تتقبل على اساسها. فلذلك نقول ان اول عمل عمله الاسلام بالانسان المسلم هو بناء عقله وعقليته بمنظار التوحيد وذلك من لحظة ان قال سبحانه لنبيه:- اقرأ باسم ربك الذي خلق - فمعنى اسم ربك يعني الذي لن تدرك من وجوده الواجب الا اسمه فمداركك العقلية اقل من ان تحيط بالعلم بالخلق فما بالك بمن خلق الخلق سبحانه. وهكذا تنبني ثقافة المؤمنين المسلمين وكذا حضارتهم الايمانية الربانية على الوحي تحملها اذن صاغية وتعيهاقلوب واعية.

لقد اثبتت حضارات الانسان ومناهج فكره عبر مسيرة تاريخ البشرية الطويل فشلها الذريع في حل مشاكل الانسانية وفشلت في تحقيق السعادة للانسان سواء بصفته الفردية او بصفته جنس ونوع من الخلق اسندت له مهمة في هذا الوجود لانها انحرفت به عما يجعله يحقق المهمة التي خلق من اجلها وهي اعمار الارض وفق ارادة الله تعالى وهديه ووحيه ليكون مهتديا مختارا سنن الهداية وليس مجبرا عليها كما الجمادات من نجوم وكواكب وليدرك من اخطاءه وعجزه ونقصه وفشل تجاربه ومحاولاته ان الرجوع لربه في كل شانه هو الفضيلة التي ما بعدها فضيلة. فلذلك نقول لكل مفكر وكل من يبتغي نهضة امته اعد دراسة الواقع والتاريخ وانظر بعين البصير المعتبر والناقد المتعظ ماذا فعلت مناهج التفكير البشري لبني جنسهم غير تاليه الاصنام وتقديسها سواءا كانت اصنام بشرية مخلوقة او اصنام حجرية منحوتة او اوثان قبلت على حالها.

واعد ايضا دراستك للاسلام وافهم عقيدته لتتخذها القاعدة الفكرية التي تنطلق منها ومن خلالها تنظر للاشياء والامور وتصبح المكون العقلي لك وعلى اساسها تقيس الافكار وتفقه في احكام دين ربك مقياس السلوك واحكام الافعال والاعمال الذي لم يقبل ولا يرتضي للبشرية غيره لتنهض به واتخذه سبيلا فانه سبيل النجاة وحده وفي غيره الهلاك وان بدا لك وظننت الاقتناع به -ان هذا القران يهدي للتي هي اقوم-

وقال لك اقوم لان العقل عرضة للتيه والتحير خاصة يوم تتعدد امامه الخيارات ويظن كل واحد منها هو المقنع فقال لك للتي هي اقوم فلم يمنعك من التفكير بل عند تشعب الفكر ونواحيه فان نور العقل وسبيل الهداية والفكر والحكم الاقوم هو فيما جاءك به الوحي فلا تكن فيه من الممترين وخذه وسلم به لربك بيقين ..والسلام عليكم ورحمة الله وسائر المؤمنين.

اذن حتى يتكتل الناس لابد من دعوتهم للتكتل ان كان التكتل من ناحية فكرية بغض النظر عن الفكرة المراد تجميع الناس حولها
وبالتالي لابد من وجود من يحمل فكرة معينة حتى يدعوا اليها الناس للتكتل

وقد يتكتل الناس مشاعريا وليس فكريا كشعور الناس بالخطر فتجمعهم رابطة الوطن

» الى احسن الناس قولا - محمد بن يوسف الزيادي
» 20=وقفات مع الذكر=مع سورة الناس - محمد بن يوسف الزيادي
» حوار بين محمد بن مسلمة وابن الحارث اليهودي - محمد بن يوسف الزيادي