قصة وفد نجران Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ابرز المواضيع - اضغط على الكتابة

شجرة العشاق وثمرة الأشواق - نبيل القدس

اعذب الكلام قسم الشعر

قضايا للمناقشة

اعلام وشخصيات

براعم المنتدى - اطفالنا

إبداعات الأعضاء - أشعار وخواطر
معرض الصور

غناء عراقي
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث


 

المواضيع الأخيرة
» 77- من دروس القران التوعوية-الدوران حول النفس خلق مذموم!!
قصة وفد نجران I_icon_minitimeاليوم في 1:42 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
قصة وفد نجران I_icon_minitimeأمس في 2:05 pm من طرف سها ياسر

» 76- من دروس القران التوعوية- حُسن الجوار
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-13, 10:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 75- من دروس القران التوعوية - وجوب اخذ زمام المبادة للامة والجماعات والافراد
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-12, 9:29 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 74-من دروس القران التوعوية- الحقوق !!!
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-11, 9:37 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 34- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - التزكية والتعليم
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-10, 11:47 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 73-من دروس القران التوعوية - التوكل والتواكل
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-08, 10:09 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 17- من ذاكرة الايام - من مواقف شهامة الرجال
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-07, 8:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 72- من دروس القران التوعوية- المال ...
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-07, 6:55 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 71-من دروس القران التوعوية-معالجات الاسلام للفقر والعوز
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-06, 8:20 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 70- من دروس القران التوعوية -العمل لكسب الرزق والمعاش
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-05, 7:44 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 69- من دروس القران التوعوية-حرب الاسلام على الفقر واسبابه
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-05, 8:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 68-من دروس القران التوعوية -الاسلام وحده المحقق للعبودية والاستخلاف
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-05, 1:35 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 33-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - مفهوم التزكية
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-04, 12:43 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 67- من دروس القران التوعية- الالتقاء على كلمة سواء
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-02, 8:30 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 66- من دروس القران التوعوية -تحقيق العدل في اوساط البشرية مهمة جمعية
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-02, 11:32 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» حديث الجمعة -الى متى ننتظر ؟؟!!
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-01, 1:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» الطائفة الناجية!!!
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-11-01, 1:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 65- من دروس القران التوعوية - كُونُوا رَبَّانِيِّينَ !!
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-31, 12:46 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 64- من دروس القران التوعوية - وقاية النفس من الشح
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-30, 2:59 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-29, 11:10 am من طرف سها ياسر

» 32-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - العقيدة العملية
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-29, 1:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 63- من دروس القران التوعوية- العدل والعدالة في القران
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-28, 8:03 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 62-من دروس القران التوعوية :الشورى
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-27, 6:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 61- من دروس القران التوعوية-الحذر من مؤسسات الضرار حتى لو لبست لباس شرعي
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-25, 9:51 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 60- من دروس القران التوعوية - اسباب النفاق
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-25, 5:18 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 59- من دروس القران التوعوية -العداء المستحكم في النفوس !!
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-24, 7:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 58- من دروس القران التوعوية - التكاليف الشرعية جاءت ضمن قدرات الانسان
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-23, 8:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 57- من دروس القران التوعوية - ادب الدعاة
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-22, 6:10 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
قصة وفد نجران I_icon_minitime2024-10-21, 10:03 am من طرف سها ياسر

المواضيع الأكثر شعبية
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني
دعاء الهى انت تعلم كيف حالى....كلمات رائعه لمشارى راشد///خوخه
ومدحت بطيبة طه - صلى الله على محمد - مديح نبوي ولا أجمل
اسماء الجن الكفار و المسلمين
بيت من الشعر اذهلني - الشاعر كريم العراقي
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
صباح الخير- مسا الخير-منتدانا -النبيل- بعيونكم ولعيونكم صباح الخير-سلام الله عليكم -مساء الخير -ليلة سعيدة ///سعيد الاعور 29.02.2012
صورة اعجبتني لنجعلها صفحة لكل من عنده صورة مميزة او كريكاتير او منظر رائع ومميز/سعيد الاعور
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من ذا يبلغها بأني متعب - كلمات علي العكيدي
عداد للزوار جديد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 697 عُضو متصل حالياً :: 1 أعضاء, 0 عُضو مُختفي و 696 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

نبيل القدس ابو اسماعيل

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 752 بتاريخ 2024-09-20, 4:22 am
تصويت
المواضيع الأكثر نشاطاً
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
مقهى المنتدى
تعالو نسجل الحضور اليومي بكلمة في حب الله عز وجل
صورة اعجبتني لنجعلها صفحة لكل من عنده صورة مميزة او كريكاتير او منظر رائع ومميز/سعيد الاعور
صباح الخير- مسا الخير-منتدانا -النبيل- بعيونكم ولعيونكم صباح الخير-سلام الله عليكم -مساء الخير -ليلة سعيدة ///سعيد الاعور 29.02.2012
صفحة الاستغفار اليومي لكل الاعضاء ـ لنستغفر الله على الاقل 3 مرات في الصباح والمساء//سعيد الاعور
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
نبيل القدس ابو اسماعيل - 38802
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية - 15399
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
معتصم - 12434
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي - 4333
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
sa3idiman - 3588
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
لينا محمود - 2667
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
هيام الاعور - 2145
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
بسام السيوري - 1763
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
محمد القدس - 1219
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
العرين - 1193
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
أفضل 10 فاتحي مواضيع
نبيل القدس ابو اسماعيل
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
زهره النرجس
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
معتصم
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
معمر حبار
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
هيام الاعور
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
د/موفق مصطفى السباعي
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
sa3idiman
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
لينا محمود
قصة وفد نجران I_vote_rcapقصة وفد نجران I_voting_barقصة وفد نجران I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1031 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Mohammed mghyem فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 66425 مساهمة في هذا المنتدى في 20324 موضوع
عداد زوار المنتدى
free counterAmazingCounters.com


 

 قصة وفد نجران

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
محمد بن يوسف الزيادي




الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 4333
تاريخ التسجيل : 03/05/2010
العمر : 66

قصة وفد نجران Empty
مُساهمةموضوع: قصة وفد نجران   قصة وفد نجران I_icon_minitime2016-01-21, 4:38 am

من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد للحافظ ابن القيم
فى قدوم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدُ نصارى نجران بالمدينة، فحدَّثنى محمد بن جعفر بن الزبير، قال: لما قدم وفد نجـرانَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخلُوا عليه مسجدَه بعد صلاة العصر، فحانت صلاتُهم، فقاموا يُصَلُّون فى مسجده، فأراد الناسُ منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دَعُوهُم)) فاسْتَقْبَلُوا المَشْرِقَ، فصلوا صَلاَتَهُمْ.
قال: وحدَّثنى يزيدُ بنُ سفيان، عن ابن البيلمانى، عن كُرز بن علقمة، قال: قدم على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفدُ نصارى نجران ستون راكباً، منهم: أربعة وعشرون رجلاً من أشرافهم، والأربعة والعشرون، منهم ثلاثةُ نَفَر إليهم يؤول أمرُهم: العاقِبُ أميرُ القوم، وذو رأيهم، وصاحِبُ مشورتهم، والذى لا يَصْدُرون إلا عن رأيه وأمره، واسمُه عبد المسيح، والسيد: ثِمالُهم، وصاحِبُ رَحْلهم، ومجتمعهم، واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أخو بنى بكر بن وائل أُسقُفهم وحَبْرُهم وإمامُهم، وصاحِبُ مِدْرَاسِهِم.
وكان أبو حارثة قد شَرُفَ فيهم، ودَرَسَ كتبَهم، وكانت ملوكُ الروم مِن أهل النصرانية قد شرَّفوه، وموَّلُوه، وأخدَموه، وبَنَوْا له الكنائِسَ، وبسطوا عليه الكراماتِ لِما يبلغهم عنه مِن علمه واجتهاده فى دينهم.
فلما وجَّهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن نجران، جلس أبو حارثة على بغلة له مُوجِّهاً إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أخٌ له يقال له: كُرز بن علقمة يسايره، إذ عثرت بغلةُ أبى حارثة. فقال له كُرز: تعس الأبعدُ يريدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو حارثة: بل أنت تَعِسْتَ. فقال: ولِمَ يا أخى؟ فقال: واللهِ إنه النبىُّ الأُمىُّ الذى كنا ننتظرُه. فقال له كُرز: فما يمنعُك من اتِّباعه وأنت تعلمُ هذا؟ فقال: ما صنع بنا هؤلاء القومُ: شرَّفونا، وموَّلونا، وأكرمونا، وقد أبَوْا إلا خِلافَه، ولو فعلتُ نزعوا منا كُلَّ ما ترى، فأضمر عليها مِنه أخوه كُرز ابن علقمة حتى أسلم بعد ذلك.
قال ابن إسحاق: وحدَّثنى محمد بن أبى محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدَّثنى سعيد بن جُبير، وعِكرمة، عن ابن عباس، قال: اجتمعت نصارى نجران، وأحبارُ يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعُوا عنده، فقالت الأحبارُ: ما كان إبراهيمُ إلا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إلا نصرانياً، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ فيهـم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِى إبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ إلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * هَا أَنتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً ولا نَصْرَانِيّاً ولَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينْ * إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ واللهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 65-68] فقال رجل من الأحبار: أتريد منا يا محمد أن نعبُدَك كما تعبُدُ النَّصارى عيسى ابن مريم؟ وقال رجل مِن نصارى نجران: أَوَ ذلك تريدُ يا محمد، وإليه تدعونا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَعَاذَ الله أنْ أعْبُدَ غَيْرَ الله، أوْ آمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ، مَا بِذَلِكَ بَعَثَنى ولا أَمَرَنى))، فأنزل اللهُ عَزَّ وجَلَّ فى ذلك: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّى مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ المَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً، أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران: 79]، ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه، وإقرارهم به على أنفسهم، فقال: {وَإذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} إلى قوله: {مِنَ الشَّاهِدِينَ}[آل عمران: 81].
وحدَّثنى محمد بن سهل بن أبى أمامة، قال: لما قدم وفدُ نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عيسى ابن مريم، نزل فيهم فاتحةُ آل عمران إلى رأس الثمانين منها.
وروينا عن أبى عبد الله الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس ابن بكير، عن سلمة بن عبد يسوع، عن أبيه، عن جده، قال يونس وكان نصرانياً فأسلم : إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كـتب إلى أهل نجران: ((باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أمَّا بَعْدُ.. فَإنى أدْعُوكُم إلى عِبَادَةِ الله مِنْ عِبَادَةِ العِبَادِ، وأَدْعُوكُم إلى وِلاَيَةِ اللهِ مِنْ وِلاَيَةِ العِبَادِ، فإنْ أَبَيْتُمْ فَالجِزْيَةُ، فَإنْ أَبَيْتُمْ فَقَدْ آذَنْتُكُمْ بِحَربٍ، والسَّلام)). فلما أتى الأسقف الكتابُ فقرأه، فَظِعَ به، وذعر به ذعراً شديداً، فبعث إلى رجل من أهل نجرانَ يُقال له: ((شُرحبيل ابن وداعة))، وكان من همدان، ولم يكن أحد يُدعى إذا نزل مُعضِلة قبله، لا الأيهم، ولا السيدُ، ولا العاقِبُ، فدفع الأسقف كِتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقرأه، فقال الأسقف: يا أبا مريم؛ ما رأيُك؟ فقال شُرحبيل: قد علمتَ ما وعد الله إبراهيم فى ذُرِّية إسماعيل من النبوة، فما يؤمَن أن يكون هذا هو ذلك الرجل، ليس لى فى النبوة رأى، لو كان من أمر الدنيا أشرتُ عليك فيه برأى وجهدتُ لك فيه، فقال الأسقف: تنح فاجلس، فتنحَّى شُرحبيل فجلس ناحية، فبعث الأسقف إلى رجل مِن أهل نجران يقال له: ((عبد الله ابن شُرحبيل))، وهو من ذى أصبح من حِمْيَر، فأقرأه الكتاب، وسأله عن الرأى فيه، فقال له مثلَ قول شُرحبيل. فقال له الأسقف: تنح فاجلِس، فتنحَّى، فجلس ناحية، فبعث الأسقفُ إلى رجل من أهل نجران يقال له: ((جبار بن فيض)) من بنى الحارث بن كعب، فأقرأه الكتاب، وسأله عن الرأى فيه، فقال له مثلَ قولِ شُرحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف فتنحَّى، فلما اجتمع الرأىُ منهم على تلك المقالة جميعاً، أمر الأسقفُ بالناقوس، فضُرِبَ به، ورُفِعَتِ المسوحُ فى الصوامع، وكذلك كانُوا يفعلون إذا فزِعُوا بالنهار، وإذا كان فزَعُهم بالليل ضُرِبَ الناقوس، ورُفِعَت النيران فى الصوامع، فاجتمعَ حين ضُرَِبَ بالناقوس، ورُفِعَت المسوح أهلُ الوادى أعلاه وأسفله، وطولُ الوادى مسيرةُ يوم للراكب السريع، وفيه ثلاثٌ وسبعون قرية، وعشرون ومائة ألف مقاتل، فقرأ عليهم كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألهم عن الرأى فيه، فاجتمع رأىُ أهلِ الوادى منهم على أن يبعثوا شُرحبيل بن وداعة الهَمْدَانى، وعبد الله بن شُرحبيل، وجبار بن فيض الحارثى، فيأتوهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانطلق الوفدُ حتى إذا كانُوا بالمدينة، وضعُوا ثيابَ السـفر عنهم، ولبسوا حُللاً لهم يجرُّونها من الحِبَرَةِ، وخواتيم الذهب، ثم انطلقوا حتى أَتَوْا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسلَّموا عليه، فلم يَرْدَّ عليهم السلامَ، وتصدَّوا لِكلامه نهاراً طويلاً، فلم يُكلِّمهم، وعليهم تِلك الحُلل والخواتيم الذهب، فانطلقوا يتبعون عثمانَ بن عفان، وعبد الرحمن بن عَوْف، وكانا معرفةً لهم، كانا يُخرِجان العِيرَ فى الجاهلية إلى نجرانَ، فيُشترَى لهما مِن بُرِّها وثمرها وذرتها، فوجدوهما فى ناس من الأنصار والمهاجرين فى مجلس، فقالوا: يا عثمان، ويا عبدَ الرحمن؛ إن نبيكم كتب إلينا بكتاب، فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلَّمنا عليه، فلم يَرُدَّ علينا سلامنا، وتصدَّيْنَا لِكلامه نهاراً طويلاً، فأعيانا أن يُكلِّمنا، فما الرأىُ منكما، أنعود؟ فقالا لعلى بن أبى طالب وهو فى القوم: ما ترى يا أبا الحسن فى هؤلاء القوم؟ فقال علىُّ لعثمان وعبد الرحمن رضى الله عنهما: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمَهم، ويلبسوا ثيابَ سفرهم، ثم يأتوا إليه، ففعل الوفدُ ذلك، فوضعوا حُللهم وخواتيمهم، ثم عادُوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّمُوا عليه، فردَّ سلامهم، ثم سألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألةُ حتى قالُوا له: ما تقولُ فى عيسى عليه السلام؟ فإنَّا نرجع إلى قومنا، ونحنُ نصارى، فيسرُّنا إن كنت نبياً أن نعلم ما تقول فيه؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا عِنْدِى فِيهِ شَىْءٌ يَوْمِى هذا، فَأقِيمُوا حَتى أُخْبِرَكم بِمَا يُقَالُ لى فى عِيسى عَلَيْهِ السَّلام))، فأصبح الغدُ وقد أنزل الله عَزَّ وجَلَّ: {إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ من تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءنا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا ونِسَاءكُمْ وأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 59-61] فأبوا أن يُقِرُّوا بذلك، فلما أصبح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغَد بعدما أخبرهم الخبر، أقبل مشتملاً على الحسن والحسين رضى الله عنهما فى خميل له، وفاطمةُ رضى الله عنها تمشى عند ظهره للمُباهلة، وله يومئذ عِدةُ نِسوة، فقال شُرحبيل لصاحبيه: يا عبدَ الله بن شُرحبيل، ويا جبار ابن فيض، قد علمتما أن الوادِى إذا اجتمع أعلاه وأسفلُه لم يَرِدُوا، ولم يصدُرُوا إلا عن رأى، وإنى واللهِ أرى أمراً مقبلاً، وأرى واللهِ إن كان هذا الرجلُ مَلكاً مبعوثاً، فكنا أولَ العرب طعن فى عينه، وردَّ عليه أمره لا يذهب لنا من صدره، ولا مِن صدور قومه حتى يُصيبونا بجائحة، وإنَّا أدنى العرب منهم جـواراً، وإن كان هذا الرجل نبياً مرسلاً، فلاعنَّاه، فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرةٌ ولا ظفرٌ إلا هلَكَ، فقال له صاحباه: فما الرأىُ فقد وضعتك الأمورُ على ذِراعٍ، فهاتِ رأيك؟ فقال: رأيى أن أُحكِّمَه، فإنى أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً. فقالا له: أنتَ وذاك.
فلقى شُرحبيلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنى قد رأيتُ خيراً مِن مُلاعنتك، فقال: ((وما هو))؟ قال شُرحبيل: حُكمك اليومَ إلى الليل وليلتك إلى الصَّباح، فمهما حكمتَ فينا، فهو جائز.
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لَعَلَّ وَرَاءَكَ أَحَداً يُثَرِّبُ عَلَيْكَ))؟ فقال له شُرحبيل: سل صاحبىَّ، فسألهما، فقالا: ما يَردُ الوادى، ولا يصدُر إلا عن رأى شُرحبيل. فقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: ((كافر)) أو قال: ((جاحد مُوَفَّق)).
فرجع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يُلاعنهم، حتى إذا كان من الغد أتَوْه، فكتب لهم فى الكتاب:
((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما كتب محمد النبىُّ رسولُ اللهِ لنجرانَ إذ كان عليهم حُكمه فى كل ثمرة، وفى كل صفراء، وبيضاء، وسوداء، ورقيق، فأفضَلَ عليهم، وتركَ ذلك كُلَّه على ألفى حُلَّة، فى كل رَجَب ألفُ حُلَّة، وفى كُلِّ صَفَر ألفُ حُلَّة، وكل حُلَّة أوقية، ما زادت على الخراج أو نقصت على الأواقى، فبحساب، وما قَضَوْا مِن دروع، أو خيل، أو ركاب، أو عَرَضٍ، أُخِذَ منهم بحساب، وعلى نجران مثواةُ رسلى، ومتعتهم بها عشرين فدونه، ولا يُحبس رسول فوقَ شهر، وعليهم عاريةٌ ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً إذا كان كيدٌ باليمن ومغدرة، وما هلك مما أعارُوا رسولى مِن دروع، أو خيل، أو ركاب، فهو ضَمانٌ على رسولى حتى يؤدِّيَه إليهم، ولنجرانَ وحسبها جوارُ الله وذِمَّةُ محمد النبىِّ على أنفسهم، ومِلَّتهم، وأرضِهم، وأموالهم، وغائِبهم، وشاهِدهم، وعشيرتهم، وتبعهم، وأن لا يُغيِّروا مما كانوا عليه، ولا يُغيَّر حق من حقوقهم ولا مِلَّتهم، ولا يُغيَّرُ أسقفٌ من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا وافه عن وَفهيَّتِه وكل ما تحت أيديهم مِن قليل أو كثير، وليس عليهم ريبة ولا دمُ جاهلية، ولا يُحشَرُونَ، ولا يُعَشَّرُون، ولا يطأ أرضَهم جيش، ومَن سأل منهم حقاً فبينهم النَّصَفُ غيرَ ظالمين ولا مظلومين، وَمن أكل ربا مِن ذى قبل، فذمِّتى منه بريئة، ولا يُؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما فى هذه الصحيفة جوارُ الله وذِمَّةُ محمد النبى رسول الله حتى يأتى الله بأمره ما نصحُوا وأصلحُوا فيما عليهم غيرَ منقلبين بظلم)). شهد أبو سفيان بن حرب، وغيلان بن عَمْرو، ومالك بن عوف، والأقرع بن حابس الحنظلى، والمغيرة بن شعبة، وكتب. حتى إذا قبضوا كتابهم، انصرفوا إلى نجران، فتلقاهم الأسقف ووجوهُ نجران على مسيرة ليلة، ومع الأسقف أخٌ له من أُمه، وهو ابنُ عمه من النسب، يقال له: بشر بن معاوية، وكنيته أبو علقمة، فدفع الوفدُ كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأسقف، فبينا هو يقرؤه، وأبو علقمة معه وهما يسيران إذ كَبَتْ ببشرٍ ناقتُه، فَتَعَّسَ بِشْرٌ، غير أنه لا يكنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الأسقف عند ذلك: قد تَعَّسْتَ واللهِ نبِيّاً مرسلاً، فقال بشر: لا جَرَم واللهِ لا أحُلُّ عنها عقداً حتى آتيه، فضربَ وجه ناقته نحو المدينة، وثنى الأسقفُ ناقته عليه، فقال له: افهم عنى إنما قلتُ هذا لتبلغ عنى العربَ مخافة أن يقولوا: إنَّا أُخِذْنَا حُمقة أو نخعنا لهذا الرجل بما لم تَنْخَعْ به العربُ، ونحن أعزُّهم وأجمعُهم داراً، فقال له بشر: لا واللهِ لا أقيلُك ما خرج من رأسك أبداً، فضرب بشر ناقته، وهو مُولٍّ ظهره للأسقف وهو يقول:
إلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُهــــا * * * مُعْتَرِضاً فى بَطْنِهَا جَنِينُهـــا
مُخَالِفاً دِينَ النَّصارى دِينُها
حتى أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم ولم يزل مع النبى صلى الله عليه وسلم حتى استشهد أبو علقمة بعد ذلك.
ودخل الوفد نجران، فأتى الراهب ابن أبى شمر الزبيدى، وهو فى رأس صومعة له، فقال له: إن نبياً قد بُعِث بتهامة، وإنَّه كتب إلى الأسقف، فأجمع أهلُ الوادى أن يُسَيِّروا إليه شُرحبيل بن وداعة، وعبد الله بن شُرحبيل، وجبار ابن فيض، فيأتونهم بخبره، فسارُوا حتى أتَوْه، فدعاهم إلى المباهلة، فكرهوا ملاعنته، وحكَّمه شُرحبيل فحكم عليهم حكماً، وكتب لهم كتاباً، ثم أقبل الوفدُ بالكتاب حتى دفعُوه إلى الأسقف، فبينا الأسقفُ يقرؤه وبشر معه حتى كبت ببشر ناقته فتعَّسَه، فشهد الأسقفُ أنه نبى مرسل، فانصرف أبو علقمة نحوَه يُريد الإسلام، فقال الراهب: أنزلونى وإلا رميتُ بنفسى مِن هذه الصومعة، فأنزلوه، فانطلق الراهبُ بِهَدِية إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، منها هذا البُردُ الذى يَلبَسُهُ الخلفاء والقعب والعصا، وأقام الراهبُ بعد ذلك يسمع كيف ينزل الوحىُ، والسنن، والفرائض، والحدودُ، وأبى الله لِلراهب الإسلام، فلم يُسلم، واستأذنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فى الرجعة إلى قومه، وقال: إنَّ لى حاجةً ومعاداً إن شاء الله تعالى، فرجع إلى قومه، فلم يعد حتى قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإنَّ الأسقف أبا الحارث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السَّيد والعاقِب ووجوهُ قومه، وأقامُوا عنده يستمعون ما ينزل اللهُ عليه، فكتب للأسقف هذا الكتاب وللأساقفة بنجران بعده: ((بسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحيم، منْ مُحَمَّدٍ النَّبىِّ إلى الأسقُفُ أبى الحارث وأسَاقِفَةِ نَجْرانَ وكَهَنَتِهِم، ورُهْبَانِهِمْ، وأهْلِ بِيَعِهم، ورَقيقِهم، ومِلَّتِهم، وسَوَقِتِهِم، وعَلى كُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِم مِنْ قَلِيلٍ وَكثِيرٍ، جِوارُ اللهِ ورَسُولِه، لا يُغَيَّرُ أُسْقُفٌ مِنْ أُسْقُفَتِهِ ولا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، ولا كَاهِنٌ مِنْ كَـهَانَتِه، ولا يُغَيَّرُ حَقٌ مِنْ حُقُوقِهِم، ولا سُلْطَانهم، ولا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، عَلى ذلِكَ جِوَارُ اللهِ ورَسُولِه أبَداً ما نَصحوا وأَصْلَحوا عَلَيْهِم، غَيْرَ منقَلِبِين بِظَالِمٍ، ولا ظَالِمِينَ)). وكتب المغيرةُ بن شعبة، فلما قبض الأسقفُ الكتاب، استأذن فى الانصراف إلى قومه ومَن معه، فأذن لهم، فانصرفوا.
وروى البيهقى بإسناد صحيح إلى ابن مسعود، أنَّ السيد والعاقب أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يُلاعنهما، فقال أحدُهما لصـاحبه: لا تُلاعِنْه، فواللهِ إن كان نبياً فلاعنتَه لا نُفْلِحُ نحن، ولا عَقِبُنا مِن بعدنا، قالوا له: نُعطيك ما سألتَ، فابعث معنا رجلاً أميناً، ولا تبعثْ معنا إلا أميناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أميناً حَقَّ أمِينٍ))، فاستشرف لها أصحابُه، فقال: ((قُمْ يا أبا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ)) فلمَّا قَامَ، قال: ((هذا أمِينُ هذِهِ الأُمَّة)).
ورواه البخارى فى ((صحيحه)) من حديث حذيفة بنحوه.
وفى ((صحيح مسلم)) من حديث المُغيرة بن شُعبة قال: بعثنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران، فقالُوا فيما قالوا: أرأيتَ ما يقرؤون: {يَا أُخْتََ هَارُونَ }، وقد كان بينَ عيسى وموسى ما قد علمتم، قال: فأتيتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرتُه قال: ((أفَلا أخْبَرْتَهُم أنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَسماءِ أَنْبِيَائِهِمْ والصَّالِحينَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُم)).
وروينا عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: وبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علىَّ بن أبى طالب إلى أهل نجران ليجمع صدقاتِهم، ويَقْدَمَ عليه بجزيتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيل القدس ابو اسماعيل
المدير العام
المدير العام
نبيل القدس ابو اسماعيل


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 38802
تاريخ التسجيل : 18/03/2009

قصة وفد نجران Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة وفد نجران   قصة وفد نجران I_icon_minitime2016-12-24, 8:18 pm

محمد بن يوسف الزيادي كتب:
من كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد للحافظ ابن القيم
فى قدوم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدُ نصارى نجران بالمدينة، فحدَّثنى محمد بن جعفر بن الزبير، قال: لما قدم وفد نجـرانَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخلُوا عليه مسجدَه بعد صلاة العصر، فحانت صلاتُهم، فقاموا يُصَلُّون فى مسجده، فأراد الناسُ منعهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دَعُوهُم)) فاسْتَقْبَلُوا المَشْرِقَ، فصلوا صَلاَتَهُمْ.
قال: وحدَّثنى يزيدُ بنُ سفيان، عن ابن البيلمانى، عن كُرز بن علقمة، قال: قدم على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفدُ نصارى نجران ستون راكباً، منهم: أربعة وعشرون رجلاً من أشرافهم، والأربعة والعشرون، منهم ثلاثةُ نَفَر إليهم يؤول أمرُهم: العاقِبُ أميرُ القوم، وذو رأيهم، وصاحِبُ مشورتهم، والذى لا يَصْدُرون إلا عن رأيه وأمره، واسمُه عبد المسيح، والسيد: ثِمالُهم، وصاحِبُ رَحْلهم، ومجتمعهم، واسمه الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أخو بنى بكر بن وائل أُسقُفهم وحَبْرُهم وإمامُهم، وصاحِبُ مِدْرَاسِهِم.
وكان أبو حارثة قد شَرُفَ فيهم، ودَرَسَ كتبَهم، وكانت ملوكُ الروم مِن أهل النصرانية قد شرَّفوه، وموَّلُوه، وأخدَموه، وبَنَوْا له الكنائِسَ، وبسطوا عليه الكراماتِ لِما يبلغهم عنه مِن علمه واجتهاده فى دينهم.
فلما وجَّهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن نجران، جلس أبو حارثة على بغلة له مُوجِّهاً إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أخٌ له يقال له: كُرز بن علقمة يسايره، إذ عثرت بغلةُ أبى حارثة. فقال له كُرز: تعس الأبعدُ يريدُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو حارثة: بل أنت تَعِسْتَ. فقال: ولِمَ يا أخى؟ فقال: واللهِ إنه النبىُّ الأُمىُّ الذى كنا ننتظرُه. فقال له كُرز: فما يمنعُك من اتِّباعه وأنت تعلمُ هذا؟ فقال: ما صنع بنا هؤلاء القومُ: شرَّفونا، وموَّلونا، وأكرمونا، وقد أبَوْا إلا خِلافَه، ولو فعلتُ نزعوا منا كُلَّ ما ترى، فأضمر عليها مِنه أخوه كُرز ابن علقمة حتى أسلم بعد ذلك.
قال ابن إسحاق: وحدَّثنى محمد بن أبى محمد مولى زيد بن ثابت، قال: حدَّثنى سعيد بن جُبير، وعِكرمة، عن ابن عباس، قال: اجتمعت نصارى نجران، وأحبارُ يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعُوا عنده، فقالت الأحبارُ: ما كان إبراهيمُ إلا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إلا نصرانياً، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ فيهـم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِى إبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإنْجِيلُ إلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * هَا أَنتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً ولا نَصْرَانِيّاً ولَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً ومَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينْ * إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ واللهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 65-68] فقال رجل من الأحبار: أتريد منا يا محمد أن نعبُدَك كما تعبُدُ النَّصارى عيسى ابن مريم؟ وقال رجل مِن نصارى نجران: أَوَ ذلك تريدُ يا محمد، وإليه تدعونا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَعَاذَ الله أنْ أعْبُدَ غَيْرَ الله، أوْ آمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ، مَا بِذَلِكَ بَعَثَنى ولا أَمَرَنى))، فأنزل اللهُ عَزَّ وجَلَّ فى ذلك: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّى مِن دُونِ اللهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ المَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً، أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران: 79]، ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه، وإقرارهم به على أنفسهم، فقال: {وَإذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} إلى قوله: {مِنَ الشَّاهِدِينَ}[آل عمران: 81].
وحدَّثنى محمد بن سهل بن أبى أمامة، قال: لما قدم وفدُ نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عيسى ابن مريم، نزل فيهم فاتحةُ آل عمران إلى رأس الثمانين منها.
وروينا عن أبى عبد الله الحاكم، عن الأصم، عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس ابن بكير، عن سلمة بن عبد يسوع، عن أبيه، عن جده، قال يونس وكان نصرانياً فأسلم : إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كـتب إلى أهل نجران: ((باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أمَّا بَعْدُ.. فَإنى أدْعُوكُم إلى عِبَادَةِ الله مِنْ عِبَادَةِ العِبَادِ، وأَدْعُوكُم إلى وِلاَيَةِ اللهِ مِنْ وِلاَيَةِ العِبَادِ، فإنْ أَبَيْتُمْ فَالجِزْيَةُ، فَإنْ أَبَيْتُمْ فَقَدْ آذَنْتُكُمْ بِحَربٍ، والسَّلام)). فلما أتى الأسقف الكتابُ فقرأه، فَظِعَ به، وذعر به ذعراً شديداً، فبعث إلى رجل من أهل نجرانَ يُقال له: ((شُرحبيل ابن وداعة))، وكان من همدان، ولم يكن أحد يُدعى إذا نزل مُعضِلة قبله، لا الأيهم، ولا السيدُ، ولا العاقِبُ، فدفع الأسقف كِتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقرأه، فقال الأسقف: يا أبا مريم؛ ما رأيُك؟ فقال شُرحبيل: قد علمتَ ما وعد الله إبراهيم فى ذُرِّية إسماعيل من النبوة، فما يؤمَن أن يكون هذا هو ذلك الرجل، ليس لى فى النبوة رأى، لو كان من أمر الدنيا أشرتُ عليك فيه برأى وجهدتُ لك فيه، فقال الأسقف: تنح فاجلس، فتنحَّى شُرحبيل فجلس ناحية، فبعث الأسقف إلى رجل مِن أهل نجران يقال له: ((عبد الله ابن شُرحبيل))، وهو من ذى أصبح من حِمْيَر، فأقرأه الكتاب، وسأله عن الرأى فيه، فقال له مثلَ قول شُرحبيل. فقال له الأسقف: تنح فاجلِس، فتنحَّى، فجلس ناحية، فبعث الأسقفُ إلى رجل من أهل نجران يقال له: ((جبار بن فيض)) من بنى الحارث بن كعب، فأقرأه الكتاب، وسأله عن الرأى فيه، فقال له مثلَ قولِ شُرحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف فتنحَّى، فلما اجتمع الرأىُ منهم على تلك المقالة جميعاً، أمر الأسقفُ بالناقوس، فضُرِبَ به، ورُفِعَتِ المسوحُ فى الصوامع، وكذلك كانُوا يفعلون إذا فزِعُوا بالنهار، وإذا كان فزَعُهم بالليل ضُرِبَ الناقوس، ورُفِعَت النيران فى الصوامع، فاجتمعَ حين ضُرَِبَ بالناقوس، ورُفِعَت المسوح أهلُ الوادى أعلاه وأسفله، وطولُ الوادى مسيرةُ يوم للراكب السريع، وفيه ثلاثٌ وسبعون قرية، وعشرون ومائة ألف مقاتل، فقرأ عليهم كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألهم عن الرأى فيه، فاجتمع رأىُ أهلِ الوادى منهم على أن يبعثوا شُرحبيل بن وداعة الهَمْدَانى، وعبد الله بن شُرحبيل، وجبار بن فيض الحارثى، فيأتوهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فانطلق الوفدُ حتى إذا كانُوا بالمدينة، وضعُوا ثيابَ السـفر عنهم، ولبسوا حُللاً لهم يجرُّونها من الحِبَرَةِ، وخواتيم الذهب، ثم انطلقوا حتى أَتَوْا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسلَّموا عليه، فلم يَرْدَّ عليهم السلامَ، وتصدَّوا لِكلامه نهاراً طويلاً، فلم يُكلِّمهم، وعليهم تِلك الحُلل والخواتيم الذهب، فانطلقوا يتبعون عثمانَ بن عفان، وعبد الرحمن بن عَوْف، وكانا معرفةً لهم، كانا يُخرِجان العِيرَ فى الجاهلية إلى نجرانَ، فيُشترَى لهما مِن بُرِّها وثمرها وذرتها، فوجدوهما فى ناس من الأنصار والمهاجرين فى مجلس، فقالوا: يا عثمان، ويا عبدَ الرحمن؛ إن نبيكم كتب إلينا بكتاب، فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلَّمنا عليه، فلم يَرُدَّ علينا سلامنا، وتصدَّيْنَا لِكلامه نهاراً طويلاً، فأعيانا أن يُكلِّمنا، فما الرأىُ منكما، أنعود؟ فقالا لعلى بن أبى طالب وهو فى القوم: ما ترى يا أبا الحسن فى هؤلاء القوم؟ فقال علىُّ لعثمان وعبد الرحمن رضى الله عنهما: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمَهم، ويلبسوا ثيابَ سفرهم، ثم يأتوا إليه، ففعل الوفدُ ذلك، فوضعوا حُللهم وخواتيمهم، ثم عادُوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلَّمُوا عليه، فردَّ سلامهم، ثم سألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألةُ حتى قالُوا له: ما تقولُ فى عيسى عليه السلام؟ فإنَّا نرجع إلى قومنا، ونحنُ نصارى، فيسرُّنا إن كنت نبياً أن نعلم ما تقول فيه؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا عِنْدِى فِيهِ شَىْءٌ يَوْمِى هذا، فَأقِيمُوا حَتى أُخْبِرَكم بِمَا يُقَالُ لى فى عِيسى عَلَيْهِ السَّلام))، فأصبح الغدُ وقد أنزل الله عَزَّ وجَلَّ: {إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ من تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلا تَكُن مِّنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءنا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا ونِسَاءكُمْ وأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 59-61] فأبوا أن يُقِرُّوا بذلك، فلما أصبح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الغَد بعدما أخبرهم الخبر، أقبل مشتملاً على الحسن والحسين رضى الله عنهما فى خميل له، وفاطمةُ رضى الله عنها تمشى عند ظهره للمُباهلة، وله يومئذ عِدةُ نِسوة، فقال شُرحبيل لصاحبيه: يا عبدَ الله بن شُرحبيل، ويا جبار ابن فيض، قد علمتما أن الوادِى إذا اجتمع أعلاه وأسفلُه لم يَرِدُوا، ولم يصدُرُوا إلا عن رأى، وإنى واللهِ أرى أمراً مقبلاً، وأرى واللهِ إن كان هذا الرجلُ مَلكاً مبعوثاً، فكنا أولَ العرب طعن فى عينه، وردَّ عليه أمره لا يذهب لنا من صدره، ولا مِن صدور قومه حتى يُصيبونا بجائحة، وإنَّا أدنى العرب منهم جـواراً، وإن كان هذا الرجل نبياً مرسلاً، فلاعنَّاه، فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرةٌ ولا ظفرٌ إلا هلَكَ، فقال له صاحباه: فما الرأىُ فقد وضعتك الأمورُ على ذِراعٍ، فهاتِ رأيك؟ فقال: رأيى أن أُحكِّمَه، فإنى أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً. فقالا له: أنتَ وذاك.
فلقى شُرحبيلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنى قد رأيتُ خيراً مِن مُلاعنتك، فقال: ((وما هو))؟ قال شُرحبيل: حُكمك اليومَ إلى الليل وليلتك إلى الصَّباح، فمهما حكمتَ فينا، فهو جائز.
فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لَعَلَّ وَرَاءَكَ أَحَداً يُثَرِّبُ عَلَيْكَ))؟ فقال له شُرحبيل: سل صاحبىَّ، فسألهما، فقالا: ما يَردُ الوادى، ولا يصدُر إلا عن رأى شُرحبيل. فقال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: ((كافر)) أو قال: ((جاحد مُوَفَّق)).
فرجع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ولم يُلاعنهم، حتى إذا كان من الغد أتَوْه، فكتب لهم فى الكتاب:
((بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا ما كتب محمد النبىُّ رسولُ اللهِ لنجرانَ إذ كان عليهم حُكمه فى كل ثمرة، وفى كل صفراء، وبيضاء، وسوداء، ورقيق، فأفضَلَ عليهم، وتركَ ذلك كُلَّه على ألفى حُلَّة، فى كل رَجَب ألفُ حُلَّة، وفى كُلِّ صَفَر ألفُ حُلَّة، وكل حُلَّة أوقية، ما زادت على الخراج أو نقصت على الأواقى، فبحساب، وما قَضَوْا مِن دروع، أو خيل، أو ركاب، أو عَرَضٍ، أُخِذَ منهم بحساب، وعلى نجران مثواةُ رسلى، ومتعتهم بها عشرين فدونه، ولا يُحبس رسول فوقَ شهر، وعليهم عاريةٌ ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً إذا كان كيدٌ باليمن ومغدرة، وما هلك مما أعارُوا رسولى مِن دروع، أو خيل، أو ركاب، فهو ضَمانٌ على رسولى حتى يؤدِّيَه إليهم، ولنجرانَ وحسبها جوارُ الله وذِمَّةُ محمد النبىِّ على أنفسهم، ومِلَّتهم، وأرضِهم، وأموالهم، وغائِبهم، وشاهِدهم، وعشيرتهم، وتبعهم، وأن لا يُغيِّروا مما كانوا عليه، ولا يُغيَّر حق من حقوقهم ولا مِلَّتهم، ولا يُغيَّرُ أسقفٌ من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا وافه عن وَفهيَّتِه وكل ما تحت أيديهم مِن قليل أو كثير، وليس عليهم ريبة ولا دمُ جاهلية، ولا يُحشَرُونَ، ولا يُعَشَّرُون، ولا يطأ أرضَهم جيش، ومَن سأل منهم حقاً فبينهم النَّصَفُ غيرَ ظالمين ولا مظلومين، وَمن أكل ربا مِن ذى قبل، فذمِّتى منه بريئة، ولا يُؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما فى هذه الصحيفة جوارُ الله وذِمَّةُ محمد النبى رسول الله حتى يأتى الله بأمره ما نصحُوا وأصلحُوا فيما عليهم غيرَ منقلبين بظلم)). شهد أبو سفيان بن حرب، وغيلان بن عَمْرو، ومالك بن عوف، والأقرع بن حابس الحنظلى، والمغيرة بن شعبة، وكتب. حتى إذا قبضوا كتابهم، انصرفوا إلى نجران، فتلقاهم الأسقف ووجوهُ نجران على مسيرة ليلة، ومع الأسقف أخٌ له من أُمه، وهو ابنُ عمه من النسب، يقال له: بشر بن معاوية، وكنيته أبو علقمة، فدفع الوفدُ كتابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأسقف، فبينا هو يقرؤه، وأبو علقمة معه وهما يسيران إذ كَبَتْ ببشرٍ ناقتُه، فَتَعَّسَ بِشْرٌ، غير أنه لا يكنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الأسقف عند ذلك: قد تَعَّسْتَ واللهِ نبِيّاً مرسلاً، فقال بشر: لا جَرَم واللهِ لا أحُلُّ عنها عقداً حتى آتيه، فضربَ وجه ناقته نحو المدينة، وثنى الأسقفُ ناقته عليه، فقال له: افهم عنى إنما قلتُ هذا لتبلغ عنى العربَ مخافة أن يقولوا: إنَّا أُخِذْنَا حُمقة أو نخعنا لهذا الرجل بما لم تَنْخَعْ به العربُ، ونحن أعزُّهم وأجمعُهم داراً، فقال له بشر: لا واللهِ لا أقيلُك ما خرج من رأسك أبداً، فضرب بشر ناقته، وهو مُولٍّ ظهره للأسقف وهو يقول:
إلَيْكَ تَعْدُو قَلِقاً وَضِينُهــــا * * * مُعْتَرِضاً فى بَطْنِهَا جَنِينُهـــا
مُخَالِفاً دِينَ النَّصارى دِينُها
حتى أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم ولم يزل مع النبى صلى الله عليه وسلم حتى استشهد أبو علقمة بعد ذلك.
ودخل الوفد نجران، فأتى الراهب ابن أبى شمر الزبيدى، وهو فى رأس صومعة له، فقال له: إن نبياً قد بُعِث بتهامة، وإنَّه كتب إلى الأسقف، فأجمع أهلُ الوادى أن يُسَيِّروا إليه شُرحبيل بن وداعة، وعبد الله بن شُرحبيل، وجبار ابن فيض، فيأتونهم بخبره، فسارُوا حتى أتَوْه، فدعاهم إلى المباهلة، فكرهوا ملاعنته، وحكَّمه شُرحبيل فحكم عليهم حكماً، وكتب لهم كتاباً، ثم أقبل الوفدُ بالكتاب حتى دفعُوه إلى الأسقف، فبينا الأسقفُ يقرؤه وبشر معه حتى كبت ببشر ناقته فتعَّسَه، فشهد الأسقفُ أنه نبى مرسل، فانصرف أبو علقمة نحوَه يُريد الإسلام، فقال الراهب: أنزلونى وإلا رميتُ بنفسى مِن هذه الصومعة، فأنزلوه، فانطلق الراهبُ بِهَدِية إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، منها هذا البُردُ الذى يَلبَسُهُ الخلفاء والقعب والعصا، وأقام الراهبُ بعد ذلك يسمع كيف ينزل الوحىُ، والسنن، والفرائض، والحدودُ، وأبى الله لِلراهب الإسلام، فلم يُسلم، واستأذنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فى الرجعة إلى قومه، وقال: إنَّ لى حاجةً ومعاداً إن شاء الله تعالى، فرجع إلى قومه، فلم يعد حتى قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإنَّ الأسقف أبا الحارث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السَّيد والعاقِب ووجوهُ قومه، وأقامُوا عنده يستمعون ما ينزل اللهُ عليه، فكتب للأسقف هذا الكتاب وللأساقفة بنجران بعده: ((بسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحيم، منْ مُحَمَّدٍ النَّبىِّ إلى الأسقُفُ أبى الحارث وأسَاقِفَةِ نَجْرانَ وكَهَنَتِهِم، ورُهْبَانِهِمْ، وأهْلِ بِيَعِهم، ورَقيقِهم، ومِلَّتِهم، وسَوَقِتِهِم، وعَلى كُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِم مِنْ قَلِيلٍ وَكثِيرٍ، جِوارُ اللهِ ورَسُولِه، لا يُغَيَّرُ أُسْقُفٌ مِنْ أُسْقُفَتِهِ ولا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، ولا كَاهِنٌ مِنْ كَـهَانَتِه، ولا يُغَيَّرُ حَقٌ مِنْ حُقُوقِهِم، ولا سُلْطَانهم، ولا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، عَلى ذلِكَ جِوَارُ اللهِ ورَسُولِه أبَداً ما نَصحوا وأَصْلَحوا عَلَيْهِم، غَيْرَ منقَلِبِين بِظَالِمٍ، ولا ظَالِمِينَ)). وكتب المغيرةُ بن شعبة، فلما قبض الأسقفُ الكتاب، استأذن فى الانصراف إلى قومه ومَن معه، فأذن لهم، فانصرفوا.
وروى البيهقى بإسناد صحيح إلى ابن مسعود، أنَّ السيد والعاقب أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يُلاعنهما، فقال أحدُهما لصـاحبه: لا تُلاعِنْه، فواللهِ إن كان نبياً فلاعنتَه لا نُفْلِحُ نحن، ولا عَقِبُنا مِن بعدنا، قالوا له: نُعطيك ما سألتَ، فابعث معنا رجلاً أميناً، ولا تبعثْ معنا إلا أميناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأَبْعَثَنَّ مَعَكُم رَجُلاً أميناً حَقَّ أمِينٍ))، فاستشرف لها أصحابُه، فقال: ((قُمْ يا أبا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ)) فلمَّا قَامَ، قال: ((هذا أمِينُ هذِهِ الأُمَّة)).
ورواه البخارى فى ((صحيحه)) من حديث حذيفة بنحوه.
وفى ((صحيح مسلم)) من حديث المُغيرة بن شُعبة قال: بعثنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران، فقالُوا فيما قالوا: أرأيتَ ما يقرؤون: {يَا أُخْتََ هَارُونَ }، وقد كان بينَ عيسى وموسى ما قد علمتم، قال: فأتيتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرتُه قال: ((أفَلا أخْبَرْتَهُم أنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَسماءِ أَنْبِيَائِهِمْ والصَّالِحينَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُم)).
وروينا عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: وبعث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم علىَّ بن أبى طالب إلى أهل نجران ليجمع صدقاتِهم، ويَقْدَمَ عليه بجزيتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhoob-alsdagh.yoo7.com متصل
 
قصة وفد نجران
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نبيل - القدس :: اخبار - مقالات سياسية - :: قسم خاص - محمد بن يوسف الزيادي-
انتقل الى: