النَّفْعِيَّة, النَّفَعِيَّة أو مَذْهَب المَنْفَعَة (بالإنجليزية: Utilitarianism) نَظَرِيَّة أَخْلاقِيَّة تَنُص على أنَّ أَفْضَل سُلوك أو تَصَرُّف هو السُلوك الَّذي يُحَقِّق الزِّيادَة القُصْوَى في المَنْفَعَة (بالإنجليزية: Utility).[1][2][3] "المَنْفَعَة" تُعَرَّف بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَة, عادَةً مِنْ حَيث الرَّفاه لِكَيانات إِحْسَاسِيَّة, مِثل الإنْسان البَشَري و الحَيَوانات الأٌخْرى. الفَيْلَسوف الإنْجِليزي جِيرمي بِنْثام, مُؤسِّس النَّفْعِيَّة, وصَفَ المَنْفَعَة بِخَاصِّيَّة أي شَيْء نَتَجَت عنها فائِدة، مِيزَة، مُتعَة، خَيْر، أو سَعَادة، أو تَحُول دُون وقُوع أَذَى, أَلَم, شَر, تَعَاسَة على مَصْلَحَة طَرَف مُعَيَّن: و لَو أنَّ المَقْصُود بِالطَّرَف المُجْتَمَع بِشَكْل عام, إذاً المَقْصُود سَعَادَة هذا المُجْتَمَع: أو لو أن المَقْصُود بِالطَّرَف فَرْد بِعَيْنِه, إذاً سَعَادَة هذا الفَرْد.[4] تُصَنَّف النَّفْعِيَّة على أنَّها شَكْل مِن أشْكَالِ العَواقِبِية الفِكْرِيَّة, والَّتي بِدَوْرِها تَنُص على أنَّ عاقِبَة أو نَتِيجَة أي تَصَرُّف هو المِعْيار الوَحيد لِتَحْديد الصَّواب و الخَطَأ. بِخِلاف أشْكَال أُخْرى مِن العَوَاقِبِية, مِثْل الأَنَانِيَّة الأَخْلاقِيَّة, النَّفْعِيَّة تَأْخُذ بِعَيْن الإِعْتِبَار مَصْلَحَة الجَمِيع بِالتَّسَاوِي.
اخْتَلَفَ مُؤَيِّدو النَّفْعِيَّة على عِدَّة نُقاط, مِثل ما إذا كان يَنْبَغي أنْ يَتُم إخْتِيار السُّلُوك على أَسَاس نَتَائِجِه (نَفْعِيَّة فِعْل) أو يَنْبَغِي على الوكَلاءِ إتِّباع مَجْموعَة مِن القَواعِد لِتَحْقيق الزِّيادَة القُصْوَى في المَنْفَعَة (نَفْعِيَّة قاعِدة). و هناك أيْضاً خِلاف آخر حَوْل إذا ما يَجِب أن تَكون الزِّيادة القُصْوى في إِجْمَالي (النَّفْعِيَّة الكُلِّيَّة) أو مُتَوَسِّط (النَّفْعِيَّة المُتَوَسِّطَة) المَنْفَعَة.
تُلاحَظ بُذور النَّظَرِيَّة في كِتابات الفَيْلَسُوفَين أَرِيسْتبوس و إبِيقور, اللَّذان نَظَرا على أنَّ السَعَادَة هِي الصَّالِح الوَحِيد, و لكن قَواعِد مَذْهَب المَنْفَعَة بَدَأَت مع كِتَابَات بِنْثَام, لِتَشْمَل كَذَلِك كِتَابَات جون ستيوارت مِيل, هنري سيدجويك, ريتشارد ميرفن هير و بيتر سنجر. تَمَّ تَطْبِيق النَّظَرِيَّة على إِقْتِصاد الرَّفَاه الإِجْتِمَاعِي, أَزْمَة الفَقْر في العالم, أخْلاقِيات تَرْبية الحَيَوانات مِن أَجْل الغِذَاء و أَهَمِّيَّة تَجَنُّب مَخَاطِر كارِثيَّة تُهَدِّد وجُود البَشَرِّيَّة.
محتويات [أخف]
أَصْل الكَلِمَة و تَارِيخُها[عدل]
بِالرُّغْم مِن أنَّ جيرمي بِنثام يُعْتَبَر مُؤسِّس الفِكْر النَفْعي, إلا أنَّ خَلِيفَتَه, جون ستيوارت مِيل, كانَ لَهُ الأَثَر الأَكْبَر في تَعْدِيل النَّظَرِيَّة, فَكان السَّبَب الرَّئيسي في إذَاعَة و نَشْر مُصْطَلَح النَفْعيَّة[5], لِيَجْعَلَه في مُتَنَاوَل الجَمِيع. في عام 1861م, أَكَّد مِيل أنَّه يَحِق له أنْ يَعْتَقِد أنَّه أَوَّل شَخْص اسْتَعْمَلَ كَلِمَة نَفْعي (بالإنجليزية: Utilitarian) و لَكِنَّه لَم يَختَرِعها, في الوَاقِع هو تَبَنَّى العِبارَة مِنْ كِتاب بِعِنْوان حَوْليَّات الأَبْرَشِيَّة (أو حَوْليَّات الخُورِينيَّة) للرِّوائي جون غَالت.[6]
لقد تمَّ الإعتراف بأهميَّة السَّعادة كغاية للبشر من خلال طرح عِدَّة أشكال للمتعة من قبل أَرِيسْتبوس و إبِيقور. أَرِسْطُو جادل أنَّ إِزْدِهار الإِنْسان (يدايمونيا), هو أَسْمى خَير للبَشَرِيَّة و كَتَبَ أوغسطينوس "كُلْ البَشَر تَتَّفِق على طَلَب الغاية الأَخيرة (الأَسْمى), الَّتي هي السَّعادة". تَمَّ ايضاً دِرَاسَة السَّعادة بِعُمْق مِنْ قِبَل توما الأكويني[7][8][9][10][11].أَنْواع مُخْتَلِفَة مِنْ العَواقِبِيَّة كانت مَوجُودَة مُنْذُ العُصور القَدِيمَة , مِثْل عواقبية الدولة التَّابِعَة للفَلْسَفَة المُوهِيَّة,الَّتي نادَت بِالصَّلاح الأَخْلاقِي الجَمَاعَانِي مٌتَضَمِّناً الإِسْتِقْرار السِّيَاسي, النُّمو السُّكَّاني و الثَّراء, و لكِن لَمْ تَكُن تٌؤيِّد مَفْهوم النَّفْعِيَّة الحَديث المُتَعَلِّق بِتَحْقيق الزِّيَادَة القُصْوى في سَعَادَة الفَرْد. شَكْل آخر للعَواقِبِيَّة الفِكْرِيَّة ظَهَرَت في كِتابات نيكولو مكيافيلي في عَصْر النَّهْضَة.