الخازوق عبر التاريخ
طريف سردست
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
وانا اقرأ موسوعة العذاب، لعبود الشالجي، تذكرت روايات والدي عن الخازوق، ولكن على الرغم من تنوع اساليب التعذيب التي احتوتها الموسوعة إلا انها كانت خالية من الاشارة الى الخازوق كليا، مع أن الخازوق مفهوم منتشر في العالم العربي بطوله وعرضه وهي ممارسة مشهورة عن العثمانيين، ومع ذلك لاتوجد عنها أخبار الا القليل. ذلك دفعني للبحث عن اخبار الخازوق وهذا ماجمعته عنه على الانترنيت آملا ان يكون لديكم المزيد او نصائح للوصول الى المزيد.
خازوق كلمة شائعة الاستعمال في جميع انحاء الوطن العربي .. يقال ان فلانا (اكل خازوقا) أو تخوزق إذا اصابته مصيبة أو وقع في ورطة. وتقال ايضا لمن تتوسم فيه الخير وتسلمه لحيتك (حسب تعبير البدو) ثم تكتشف في النهاية أنه كان (أكبر خازوق).
والخازوق هو إدخال عامود او عصا طويلة من شرج الشخص لتخرج من كتفه بدون ان تمزق اعضائه الاساسية مثل القلب او الكبد، وذلك حتى يبقى يعاني لاكبر فترة ممكنة. ويكافئ الجلاد على تمكنه من إدامة التعذيب لفترة طويلة واحيانا يمكن معاقبته لفشله.
http://alzakera.eu/
الخازوق ليس ابداع عثماني كما يتوهم البعض، بل له جذور عميقة في التاريخ، ويبدو انه اختراع حضارة بلاد الرافدين القديمة. جاء ذكر الخازوق في شريعة حمورابي المكونة من 282 نصاً تشريعياً في مختلف شئون الحياة .
وتنص المواد المنصفة في قوانين حمورابي من الرقم 153 - 158 علي جملة احتمالات لعقوبة القاتل والعلاقات الجنسية بين الاب وابته والحمو وكنته والام وابنها المتبني ومن هذه العقوبات النفي والاعدام غرقاً او حرقاً أو الموت علي الخـازوق أو غرامات مالية ايضاً ..[حمورابي البابلي وعصره / د هورست كلينكل ترجمة محمد وحيد خياطة ص 225 / طـ دار المنارة للدراسات والترجمة والنشر سوريا 1990]
وجاءت لفظة خـازوق تحديداً في الفقرة 152 من قانون حمورابي حيث نصت علي ان لو تسببت إمراة في مقتل زوجها بسبب رجل اخر تُوضع علي الخازوق ..[شريعة حمورابي واصل التشريع في الشرق القديم / مجموعة من المؤلفين / ترجمة أسامة سراس ص116 / دار علاء الدين دمشق 1993]
يذكر هيرودوت أن دارا الميدي خوزق بعض أهالي بابل بعد أحتلالها في عام 539 ق . م,و أستعمل الخازوق بعد ذلك
وفقا لما ذكره المؤرخ الإغريقي هيرودوت، فإن الملك الفارسي داريوس الأول قد قام بإعدام حوالي 3000 بابلي بالخازوق عندما استولى على مدينة بابل.
وقد كان الخازوق مستخدما في مصر القديمة، حيث كان ينص قانون حورمحب أن السارق يعاقب بألف جلدة، وقد تصل العقوبة في بعض الأحيان ألى الحبس أو الإعدام بالخازوق.
في وصف يهودي لمأساة حصار ماسادا حيث كان المدافعين عن القلعة مهددين بالوقوع في اسر الرومان أختير عشرة رجال بالقرعة من بين قاطني القلعة البالغ عددهم 960 شخصاً من المحاربين وغير المحاربين رجالاً ونساءً وأطفالاً ليقوموا بذبح الباقيين.
ثم من هؤلاء العشرة أُختير رجل واحد لقتل التسعة الباقيين وبعد أن أتم عمله الشنيع طعن نفسه بالسيف.
كان رعبهم انه بينما سكان المدينة يعانون من الجوع والعطش لنقص الخبز والماء كان المقاتلون الذين يقعون في الأسر يتعرضون للقتل بالخـازوق وسائر وسائل التعذيب التي كان يتعرض لها الأسرى في الحروب الأشورية والكلدانيةوالرومانية [ وصف يوسيفوس دائرة معارف الكتاب المقدس].
ماسادا كلمة آرامية تعني القلعة وهي آخر قلعة يهودية سقطت في أيدي الرومان أثناء التمرد اليهودي الأول ضد الإمبراطورية الرومانية. وتقع ماسادا على مرتفع صخري بارز شرقي الصحراء الفلسطينية بالقرب من البحر الميت والتي تُعرف بمصعدة وسبة.
وهي ترتفع عن سطح البحر المتوسط بنحو تسعة وأربعين متراً وعن سطح البحر الميت بأربعمائة وأربعة وثلاثين متراً.
وقد بناها أحد ملوك الحشمونيين ثم بنى هيرود (ملك كنعاني غير يهودي) فيها قصراً وزاد تحصينها وأدخل بها نظاماً متقدماً نسبياً للري وتخزين المياه خوفاً من خطر كليوباترا ملكة مصر وجعلها ملاذاً يحتمي به عند الحاجة من الجماهير اليهودية المسحوقة الساخطة.
وقد احتل الرومان القلعة.
ولكن مجموعة من اليهود الغيورين بقيادة مناحم الجليلي ابن أو ربما حفيد يهودا الجليلي أحد قادة التمرد استولوا على ماسادا عام 66م وذبحوا كل أعضاء الحامية الرومانية بعد أن وعدوهم بالأمان إن استسلموا وهذا ما يُفسـر خشية اليهود من الاستسلام فيما بعد.[اليهود واليهودية المجلد الرابع الجزء الاول الباب التاسع عشر عبد الوهاب المسيري]
غير ان هذه القصة يشكك بها الكثير من الباحثين لعدم إدراجها الا من قبل المصادر اليهودية وحدها ارتباطا بالتوراة، تماما على نمط اسطورة الملك سليمان وبلقيس. إن المصدر الوحيد لهذه الأسطورة هي كتابات المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس (38-100) بعد الميلاد .[الأصوليون اليهود بين أساطير التوراة والعلم المعاصر للدكتورة /منى الياس طـ دار الفكر دمشق2011 م.]
وقد كتبت الباحثة اليهودية ويبسي روز مارين في 14/8/1973 في جريدة جويش بوست دراسة طويلة ختمتها بقولها :
إن الماسادا محض خرافة وأسطورة وأنه لا يمكن التدليل على سلامة اكتشافات الجنرال يادين الأثرية التي تستند إليها هذه القصة .[المصدر السابق]غير ان ذلك يشير الى ان العالم القديم قد عرف الخازوق على اي حال مما ينفي ان يكون ابداعا من العثمانيين، على الرغم من ان العثمانيين مارسوه بشغف خاص وبنطاق واسع وعلى مدى زمني طويل وبدون اية اعتراضات اخلاقية او دينية.
وهناك دلائل تاريخية على ان الكنيسة ايضا مارست قتل معارضيها بالخازوق . Peter of Bruys أو Pierre De Bruys كاهن من القرن الثاني عشر كان ينادي بتعاليم جديدة ومنها ان المعمودية في الصغر لاتجوز ولذلك سمي مذهبه مذهب تجديد المعمودية. وهاجم برويه تقديم الاضاحي للموتى واعتبرها لامعنى لها. والاهم انه اعترض على بناء الكنائس الضخمة والاسراف والتبذير للكنيسة وبين الكهنوت المسيحي فجلب غضب الكنيسة عليه. وعلى مايبدو كان اتباعه يسلكون نفس سلوك السلفيين اليوم، إذ قاموا بالاعتداء على الكنائس والكهنة واحرقوا الصلبان وهدموا المذابح، لكونها تتعارض مع تصوراتهم عن الحقيقة المطلقة. في عام 1224 قبضوا على برويه ووضعوه فوق خازوق واشعلوا فيه النار [محاضرات في تاريخ الكنيسة الغربية / دكتور يواقيم رزق مرقس / الموقع الرسمي للكنيسة القبطية الارثوزوكسية كنيسة الانبا تكلا هيمانوت الحبشي]
وفي مقدمة الطبعة الجديدة للكتاب المقدس بالانكليزية، والتي اشترك في اعداده 32 مختصا، واعتبروها الترجمة القياسية، يشار فيها الى ان اول ترجمة للكتاب المقدس قام بها ويليام تندال ونتيجة لذلك وضعته الكنيسة على الخازوق ثم احرقت جسمه ، بتهمة انه دمر قداسة الكتاب.
استخدم الخازوق أيضا في السويد خلال القرن السابع عشر الميلادي. وقد استخدم لعقاب المتمردين في إقليم تيرا سكانيا الدانماركي، وقد كان الخازوق يتم إدخاله بين االعمود الفقري والجلد، وبهذه الطريقة كان الضحية يظل يعاني لأربعة أو خمسة أيام قبل أن يموت. ما بين القرنين الرابع عشر والثامن عشر كان الخازوق هو وسيلة إعدام الخونة في اتحاد الكومنويلث البولندي - الليتواني. ومن المرجح أن استخدام الخازوق كان شائعا في العصور الوسطى في أوروبا، كما أنه من الشائع أن كلا من فلاد الوالاشي المعروف بدراكولا، وإيفان الرهيب كانا أشهر مستخدمين لطريقة الإعدام هذه.
في تاريخ دولة المماليك توجد الكثير من قصص استخدام الخازوق منها في عصر الملك الناصر محمد بن قلاوون حيث الامير عز الدين أيدمر القشاش احد الابطال الذين قضوا نحبهم في موقعة شقحب الشهيرة ضد التتار قال عنه صاحب السلوك وهو يؤرخ لترجمة شهداء المعركة" ومات الأمير أيدمر الشمسي القشاش وكان قد ولى الغربية والشرقية جميعاً واشتدت مهابته وكان يعذب أهل الفساد بأنواع قبيحة من العذاب منها أنه كان يغرس خـازوقاً ويجعل محدده قائماً وبجانبه صار كبير يعلق فيه الرحل ثم يرسله فيسقط على الخـازوق فيدخل فيه ويخرج من بدنه و لم يجرؤ أحد من الفلاحين بالغربية والشرقية في أيامه أن بلبس مئزراً أسود ولا يركب فرساً ولا يتقلد سيفاً ولا يحمل عصا محلية بحديد وعمل بها الجسور والترع وأتقنها وأنشأ جسراً بين ملقة صندفا وأرض سمنود عرف بالشقفي فرآه بعد أن استشهد بمدة قاضي المحلة في النوم فقال له سامحني الله وغفر لي بعمارة حسر الشقفي وكان قد فلج واستعفي من الولاية ولزم بيته وخرج لغزوة شقحب في محفة إلى وقت القتال فلبس سلاحه وركب وهو في غابة الألم فقيل له إنك لا تقدر فقال والله لمثل هذا اليوم أنتظر وإلا إيش بتخلص القشاش من ربه بغير هذا وحمل على العدو وقاتل فقتل" ورأى فيه ست جراحات. [السلوك لمعرفة دول الملوك تقي الدين ابي العباس احمد بن علي العبيدي المقريزي]
وقال صاحب عقد الجمان في ترجمته:" وكان له تقدم وسمعة في الولايات وحرمة كبيرة وكانت له اختراعات في الأعمال من جملتها كان يضرب في الأرض خوازيق ويضع على علوها صاري ببكرة فإذا علق عليه أحد من المفسدين يجذبونه إلى فوق جداً ثم يُرخونه إلى أن يقع على خـازوق من تلك الخوازيق فيخرج من جسده حيث يقع منه وكانت له مهابة في النفوس وكان في آخر عمره عرض له وجع المفاصل فدخل على الأمراء أن يعفوه عن الولايات فأُعفي وأقام في بيته إلى أن خرج السلطان إلى لقاء العدو فتجهز للسفر. فقيل له إنك ما تحمل على الركوب على الخيل فلم يسمع كلامهم وما زال راكب المحفة إلى أن قامت الحرب فركب فرسه وهو في غاية ما يكون من الألم ورجلاه متورمتان فقيل له أنت ترمي نفسك للموت. فقال ويلكم لمثل هذا اليوم كنت أنتظر وإلا كيف يخلّص القشاش نفسه من ربه. فرفص فرسه وحمل عليهم ورمحه في يده ووصل إلى صدر العدو وكأنه ليس به ألم فلم يزل يقاتل حتى قُتل ووجد فيه نحو من ست جراحات رحمه الله". [ عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان بدر الدين محمود العيني ص 294 طـ مركز تحقيق التراث الهيئة المصرية العامة للكتاب 1994 م]
وقال بن تغربردي نحو ذالك في النجوم الزاهرة[ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة جمال الدين ابي المحاسن يوسف بن تغربردي
الجزء الثامن ص 162 - 163 طـ دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الاولي 1992 م]
وهناك حادثة حدثت في عهد السلطان الغوري حيث يقول بن اياس:" ومن الوقائع ان شخصاً من الفلاحين كان في طاحون ففعل الفاحشة في ابن المعلم وكان عمره ست سنين فما طاق الصبي ذالك فمات بعد مضي ثلاثة ايام فلما عُرض ذالك الفاعل علي السلطان ضربه بالمقارع ورسم بان يخوزقوه فتوجهوا به الي المدابغ وخوزقوه هناك فكان له يوما مشهوداً ولم يرثي له احد من الناس" . [بدائع الزهور في وقائع الدهور محمد بن احمد بن اياس الحنفي الجزء الرابع ص 237 طـ مطبعة الدولة استانبول 1931 م تحقيق محمد مصطفي]
يعود للماليك فضل ابتداع عقوبتين ذاع صيتهما: هما (التوسيط) وهو شطر جسد الضحية شطرين من وسطه. و(الخازوق) الشهير، ويعلق أحد المؤرخين (دزموند ستيوارت) على جزاء الخازوق فى كتابه (القاهرة الكبرى) بقوله: (إن مثل هذا التعذيب كان يذكر السلطان على الدوام بأنه على حين أن المنجزات الفنية يمكن أن تجتذب إعجاب الأجيال القادمة، فليس غير القوة وحدها حامية له من أن تكون نهايته هو نفسه أن يتربع على قمة الخازوق). يذكر ابن طولون في كتاب مفاكهة الخلان بعضا من معاناة المخوزقين الطويلة فيقول عن أحدهم:
" وفيه (924 هجرية) ربط شخص من الأروام في حبل،، مربوطاً في دابة، وطيف به ظاهر دمشق مسحوباً، ثم إنه خوزق تحت القلعة في بطنه، واستمر يتحدث إلى العشاء، فجاء المشاعلي فذبحه حتى مات، ولم ير أبشع من هذه القتلة، ويقال سببها أنه قتل أستاذه وأخذ ماله ." و هذه خوزقه بسيطة من البطن فقط,أما الخوزقة من الدبر فيرسم لها بدر الدين العيني في كتاب عقد الجمان في صورة محاورة بين محكوم بالخوزقة و أسمه قطلوشاه و حاكمه و اسمه دوباج فيقول:
" ثم أمر بعد ذلك بأن تنصب لهم خوازيق، فلما نظر قطلوشاه إلى ذلك عرف ما يريد به وبكى وتحسر، ونظر إلى دوباج، وقال له: يا أمير ارحمني، فالله عليك لا تهلكني بهذه الخوازيق، واعلم بأنك ميت بعدي، وبلادك تخرب، فقدم إلي حبلاً، وما يضيع فيّ، فقال له: يامحترم بن كلب ما عملت معي من الخير حتى أقدم لك جميلاً، وقد قتلت ولدي وقطعة كبدي. فأمر لمماليكه بأن يشيلوه فشالوه، وهو يبكي ويقول: هل من مخبر يخبر خربندا بحالنا، وما نحن فيه، وأرموه على الخازوق فدخل في دبره وخرج من ظهره.".
"ولاة الأمر" كانوا يخوزقون حسب المزاج ,أو حسب الجريمة ,كان تصرفهم طريفا في أحيان كثيرة إزاء المجرمين, فقد أمر مصطفى باشا والي دمشق العثماني بعد رجوعة من الحج في أحدى السنين بإطلاق كافة "المحابيس" و في العام التالي أمر بخوزقة المحابيس جميعا,أما العصاة و الخارجين على ولاء السلطة فهؤلاء نهايتهم الخوزقة دون أدنى شك , لعظيم الذنب المقترف,و لا مجال ابدا للعفو عنهم, لذلك كان الخارج على السلطان يعرف بأنه أما أن يجلس على كرسي الحكم أو يجلس على خازوق.و يعمد الوالي الى أرهاب الناس و ضمان الأمن بهذه الطريقة , يقول في ذلك ابن طولون في مفاكهة الخلان:
"وفيه خوزق شخص من منين، غربي المارستان القيمري بالصالحية، ولم يعهد قبل ذلك أنه خوزقه فيها أحد، خوزقة الصوباشي بنفسه، وقصد بذلك ردع زعر الصالحية، ثم وجه لكل حارة من حارات دمشق خازوقا ليفعل فيها ذلك، وسبب تخوزق هذا الشخص أنه ظهر أنه حرامي."
و حكى المقريزي في السلوك لمعرفة دول الملوك عن شخص يدعى ايدمر الشمسي القشاش فقال : وكان يعذب أهل الفساد بأنواع قبيحة من العذاب منها أنه كان يغرس خازوقاً ويجعل محدده قائماً، وبجانبه صار كبير يعلق فيه الرحل، ثم يرسله فيسقط على الخازوق فيدخل فيه ويخرج من بدنه، و لم يجرؤ أحد من الفلاحين بالغربية والشرقية في أيامه أن بلبس مئزراً أسود، ولا يركب فرساً ولا يتقلد سيفاً، ولا يحمل عصا محلية بحديد".
في آخر العصر المملوكي أمر السلطان قانصوه بخوزقة طحان قتل صبياً، فخوزقوه في المدابغ. (ابن اياس)
وكان آخر سلاطين الدولة المملوكية هو طومان باي، وبإعدامه على باب زويلة على الخازوق، بدأ عصر الأتراك العثمانيين وأصبحت مصر ولاية عثمانية.
في عهد الخلافة العثمانية اصبح الخازوق من الممارسات الشائعة الى حد انه اصبح الاعتقاد انه خاص بالعثمانيين بل ووصل الامر الى ان يصبح موضع القصص والتشنيع والسخرية.. تقول احدى القصص: الخـازوق ذات يوم.. كان العشرات من المساجين الشوام يجلسون على هذه الخوازيق وتسمع اصوات انينهم من مسافة عدة كيلو مترات في احد السهول الواقعة بين سورية ولبنان يحرسهم جنود عثمانيون اتراك اشداء عندما نادى احد المساجين بصوت ضعيف وهو يتأوه ويتوسل على احد الجنود واستعطفه ان ينقله من هذا الخـازوق الجالس عليه الى اول خـازوق في الصف ويبعد عدة مئات من الامتار من مكانه!! استغرب الجندي العثماني وقال للسجين يواش.. يواش.. خـازوق هناك مثل خـازوق .. هنا لماذا تريد خروج من هذا خـازوق ونذهب للجلوس على خـازوق.. هناك؟!
وعده السجين الشامي بأن يحكي له عن السبب اذا حقق مراده ونقله من خـازوق هنا الى.. خـازوق هناك وافق الجندي وساعده على القيام وخروج الخـازوق منه ثم سارا معا الى حيث الخـازوق الجديد فقال الجندي العثماني ياللا.. عربي مخ ماكوليش يحب خـازوق بعيد احسن من خـازوق قريب؟! رد السجين العربي قائلا لان المسافة بين مكاني القديم والمكان الجديد تبعد مئات الامتار وهي فرصة جيدة لي لارتاح ما بين خـازوق وخـازوق حتى ولو كانت بضع دقائق يستغرقها السير لكي اجلس على الخـازوق.. الثاني البعيد!! [جريدة الوطن الكويتية 6/3/2012]
ورد في كتاب تاريخ حلب الطبيعي للأخوين راسل، وصف نموذجي لطريقة معاملة الأكراد في ولاية حلب أواسط القرن الثامن عشر. وكشف الطبيبين دون قصد عن معاناتهم في ظل الإمبراطورية العثمانية، وتمظهر اضطهادهم بوضوح في شكل الأحكام والعقوبات، وخاصة طريقة إعدامهم المروعة بالخازوق: ((إن حكم الإعدام المعهود هو الشنق، وقطع الرأس، والخنق والخوزقة. وفي هذا العقاب الأخير، يرغم المجرم المنكود، عندما يقاد لتنفيذ الحكم فيه، إلى حمل الخازوق بنفسه في بعض الأحيان. وينحصر ذلك بشكل رئيسي بالأكراد. وغالبا ما ينفذ هذا الحكم الباشا، خلال سيره عبر الأقاليم، وهو يدعي حق تنفيذ الإعدام بصورة عاجلة، شأنه شأن الضباط العسكريين، بهدف زرع الرعب في نفوس الناس. ويتركون الجسد معلقا على جانب الطريق العام. وقلما يرى ذلك في حلب، رغم أن الناس تذكر جيدا حسين باشا، الذي خوزق منذ بضع سنوات عشرين كرديا مرة واحدة في مكان قريب من المدينة. وبقي عدد منهم أحياء عدة ساعات وهم على الخازوق، ولا يعرف كم من الوقت بقوا أحياء. وقد تم الحصول على إذن لوضع حد لتعذيبهم بإطلاق النار عليهم. إلا انه لم يسمح بإنزال أجسادهم، لكي يثير مشهدهم الرعب والاشمئزاز.
وكان من عادة الباشا، عندما كان يسافر، أن يحمل معه عددا من المذنبين الذين سبق إدانتهم، ويخوزقهم واحدا تلو الآخر عند كل مرحلة. ويتركهم لكي تلتهمهم الطيور الجارحة، لأن الخازوق مرتفع بحيث لا تتمكن الحيوانات البرية من الوصول إلى الأجساد. وقد أكسبته ممارسته المتكررة لهذا الضرب من العقاب لقب الخازوقجي.)) انتهى النص ـ تاريخ حلب الطبيعي في القرن الثامن عشر، الكسندر وباتريك راسل، ترجمة: خالد الجبيلي. حلب 1999 ـ ص226
وفي مقال لكامل النجار يقول:
وقد برع الأتراك في تعذيب أعدائهم. ففي عام 1570 عندما فتحوا جزيرة صقلية جلس السلطان سليمان في أحد الحدائق وأنزلوا له عمدة المدينة في لباسه الرسمي، فأمر السلطان بأن يلجموه كالحصان ويضعوا على ظهره سرج ويربطوا على جانبي السرج سلتين. وملؤوا السلتين بالتراب وجعلوا العمدة يحبو بهما إلى سور المدينة عدة مرات لإصلاح ما تهدم منه. وعندما خارت قواه ولم يعد يستطيع الحبو علقوه من عمود كبير وسلخوه حياً حتى مات من الألم (Andrew Wheatcroft, Infidels, Penguin Books, p 21).
في مقالة على صفحات جريدة الرياض السعودية، يسرد علينا سعود المطيري فقرة للرحالة بوركهارت من كتابه "رحلات إلى شبه الجزيرة"، وردت فيها الاشارة الى الخازوق كممارسة معروفة تستخدم كعقوبة ضد قطاع طرق من القبائل العربية التي اعتاشت على سلب ونهب قوافل الحجاج، تماما استمرارا لنمط حياتها من فترة ماقبل الاسلام.. تقمص الرحالة شخصية حاج مسلم وجرى اعتراض قافلته من بعض قطاع الطرق عام 1814م ويصف الامر قائلا :
"التقينا هنا بعدة حجاج فقراء كانوا في طريقهم إلى المدينة وهم لا يملكون ما يسد رمقهم سوى ما يحصلون عليه من إحسان البدو على الطريق . ولم تكن تلك المرة الأولى التي وصفت فيها الطريقة السقيمة التي كان يمارس فيها كرم العديد من الخلفاء والسلاطين الذين كانوا يثرون مكة والمدينة وينفقون مبالغ طائلة لتأمين مرور قوافل الحج الكبيرة بفخامة وعظمة عبر الأرض المقدسة لكنهم في الوقت نفسه كانوا يهملون تماما تأمين راحة العدد الهائل من الحجاج الفقراء الذين يسافرون باستمرار عبر تلك البلاد . وضمان أمنهم إذ ان بناء ست مؤسسات خيرية بين مكة والمدينة ومنح بضعة آلاف من الدولارات سنويا هو عمل يحقق بشكل أفضل وفعال رسالة ديانتهم أكثر من المبالغ كلها تنفق في إطعام عديمي الجدوى والكسالى أو في المحافظة على تقديم عروض تافهة وليس هناك على طول هذه الطريق بين مكة والمدينة أي ( خان ) عمومي كما لم يتم القيام بأي شيء لتأمين خدمة المسافرين والسهر على مصلحتهم سوى المحافظة على الآبار في حالة جيدة . ان العمل الوحيد الذي يدل على إحسان حقيقي وفعال قام به أي حاكم ساهم في اثراء مكة قد سجله المؤرخون وهو مبنى مستشفى في مكة وقد شيد سنة 816 ه بأمر من المؤيد سلطان مصر ولم يبق له أي أثر الآن.
لقد تشاجر إدلاؤنا البدو هنا طويلا مع الملاويين فقد تفاوض الإدلاء في السوق على جملين بغية استبدال اثنين غير مؤهلين لمتابعة الرحلة لكن بما أنهم لا يملكون المال الكافي لدفع ثمنهما فقد طلبوا المساعدة من الملاويين ورجوهم باستدانة عشرة دولارات منهم يدفعونها لهم في المدينة وقد رفض الملاويون وبعد الضغط عليهم بشدة سعوا لدي لكي أتدخل لصالحهم لكن البدو اخذوا المال منهم عنوة وظهرت للعيان الآن محفظة احد الملاويين خبأت في كيس الأرز، وكانت تحتوي ربما على 300 دولار وكان صاحبها خائفا إلى حد بعيد من إظهارها كما ان خشيته من ان يقدم العرب على قتله من اجل المال لمعاقبته على بخله جعلته في حالة تأهب تام ومستمر إلى ان وصلنا إلى المدينة .
غادرنا سوق الظفرة ومشينا على طول الوادي الذي يبدأ بالاتساع قليلا خلف السوق وكانت الخضرة المتألقة التي تضفيها أشجار النخيل والمزارع تشكل تناقضا متميزا وفريدا مع الجبال الجرداء على كل جانب وبعد مسافة ساعة من السوق مررنا بقرية مماثلة في الوادي تدعى ( الخرمة ) وتقع ضمن وادي الظفرة وبعد مضي ساعتين وصلنا إلى سبيل ماء عمومي مهدم على الطريق بالقرب من بئر شبه ممتلئة ثم مررنا بعد ساعتين ونصف بقرية تدعى ( دار الحمرة ) وفيها حدائق من أشجار النخيل ومزارع وقد شيدت هنا عدة أبراج مراقبة على قمم الجبال المجاورة على جانبي الوادي بناها عثمان المضايفة لتأمين مروره وحمايته وقد عرضت علينا الكثير من أشجار الموز للبيع ثم مررنا بقرية تدعى ( مقعد ) وهي تنتج التمر كذلك توقفنا هنا لربع ساعة حيث أحاط بنا العديد من السكان وعند اعتلائي الجمل مجددا وجدت ان عدة أغراض بسيطة قد سلبت من أمتعتي وتخشى قوافل الحج بشكل خاص هذه الممارسات ويروى عن سرقات قام بها العرب وتبدو غير معقولة وصعبة التصديق تقريبا فهم يتزينون أحيانا بزي الجنود الأتراك ويدخلون في القافلة خلال السير ليلا وبهذه الطريقة قاموا السنة الماضية بسلب احد أفضل خيول باشا دمشق زعيم القافلة السورية وهم يقفزون من الخلف على جمل ( حاج ) مسترسل في النوم ويكممون فاه بعباءتهم ويرمون لزملائهم أرضا كل ما يجدون عليه من أغراض ثمينة وإذا ما تم اكتشافهم فهم يستلون خناجرهم ويشقون طريقهم فهم لا يتوقعون أي نوع من أنواع الرحمة اذا ما تم إلقاء القبض عليهم. ان وسيلة العقاب المعتادة بمثل هذه الظروف هي بقتلهم على ( الخازوق ) في اللحظة التي تنطلق القافلة فيها من المحطة التالية ويتركونهم ليموتوا على الخازوق أو الوتد أو لتلتهمهم الوحوش الضارية غير ان الرعب الذي ينشره في النفوس مثل هذا العقاب لا يمنع آخرين من ارتكاب الجرائم نفسها ويقوم الأفراد بين العرب بمدح أنفسهم لشهرتهم كخبراء في السطو على الحجاج لان ذلك يتطلب شجاعة فائقة وبراعة تتميز بها شخصياتهم. (انتهى)
العثمانيين مارسوا الخازوق على نطاق واسع، ضد قطاع الطرق والعصاة الخارجين عن طاعة السلطان، وايضا ضد من ناضل لتحرير وطنه من الاحتلال العثماني. . "راكيتشيف" المناضل البلغارى عندما وقع فى ايدي الاتراك تم اعدامه على الخازوق امام مريديه واتباعه. على مدى ثلاث ساعات حرص الجلاد التركى المنوط به تنفيذ المهمه على تفادى حدوث الوفاة بسرعة. كانوا يبقون الضحية حيا لاطول فتره ممكنه لانزال اقصى الالم به من اجل ان يكون عبرة لمن اعتبر واخضاع المعارضين.
بالطبع أشهر حالة خوزقة في تاريخنا الحديث هي حالة سليمان الحلبي، الذي قتل القائد الفرنسي كليبر. تعرض سليمان للتعذيب حتى حملوه على الاعتراف. يقول الجبرتي: "فلمّا أن كان المتهم لم يَصدق فى جواباته، أمر سارى عسكر أن يضربوه حكم عوائد البلاد، فحالا انضرب لحد أنه طلب العفو ووعد أن يقر بالصحيح فارتفع عنه الضرب وانفكت له سواعده وصار يحكى من أول وجديد". وفي المحاكمة طالب مقرر المحكمة سارتون أن تكون عقوبة الجانى من العقوبات التى يسوغها عُرف البلاد المصرية. فقضت المحكمة بأن تحرق يد سليمان الحلبى اليمنى ثم يعدم فوق الخازوق وتترك جثته فوق تل العقارب حتى تفترسها الجوارح. أما شركاؤه فيُعدمون بالقتل على الخازوق ومصادرة أموالهم على أن تقطع رءوسهم ثم توضع فوق الرماح وتحرق جثثهم بالنار.
وفي وقتنا الحالي ردد كثير من السجناء الذين خرجوا من معتقلات صدام حسين في العراق حكايات حول عمليات إعدام بالخازوق كانت تتم في المعتقلات.
وعندما قام سليمان الحلبي بقتل الجنرال الفرنسي كليبر واحد ضباطه بعد ان تنكر بملابس شحاذ جرى اعتقاله ومعاقبته حسب العقوبات التي كانت سائدة في مصر والموروثة عن عهد العثمانيين ولذلك تم وضعه على الخوزاق حسب قوانين البلاد المصرية.وحكموا عليهم حكماً مشدداً بالإعدام إلا واحداً، فحكم عليه الفرنسيون بحرق يده اليمنى وبعده يتخوزق ويبقى على الخازوق لحين تأكل رمته الطيور، (المختار من تاريخ الجبرتي).
من أشهر الذين قضوا على الخازوق شخص سوري يدعى سليمان الحلبي و هو من منطقة عفرين قرب الحدود التركية , و عفرين منطقة ذات أكثرية كردية و لعل سليمان الحلبي هذا كردي الأصل,سافر سليمان الحلبي الى مصر للدراسة في الأزهر , و هناك عقد العزم "من منطلق ديني" على قتل قائد الحملة الفرنسية في مصر الجنرال كليبر فكمن في حديقته قصره و طعنه أربع طعنات قاتلة ويورد الجبرتي في عجائب الآثار تقريرا فنيا عن الجثة فيقول:
"وصلنا له فرأينا (كليبر) في آخر نفس فحصنا عن جروحاته فتحقق لنا أنه قد انضرب بسلاح مدبب وله حد وجروحاته كانت أربعة الأول منها تحت البز في الشقة اليمنى الثاني أوطى من الأول جنب السرة الثالث في الذراع الشمال نافذ من شقة لشقة والرابع في الخد اليمين فهذا حررنا البيان"
تم القبض على سليمان الحلبي و رفاقه الأربعة و ليس فيهم مصري واحد ثم صدر على سليمان الحلبي أحط حكم يمكن أن تصدره محكمة و أضعه هنا نقلا عن الجبرتي :
"]ثم اتفقوا جميعهم (القضاة) أن يعذبوا المذنبين ويكون لائق للذنب الذي صدر وأفتوا أن سليمان الحلبي تحرق يده اليمين وبعده يتخوزق ويبقى على الخازوق لحين تأكل رمته الطيور وهذا يكون فوق التل الذي برا قاسم بك ويسمى تل العقارب......ثم أفتوا بموت السيد عبد القادر الغزي (شريك الحلبي) مذنب أيضاً كما ذكر أعلاه وكل ما تحكم يده عليه يكون حلال للجمهور الفرنساوي ثم هذه الفتوى الشرعية تكتب وتوضع فوق الذيت الذي مختص بوضع رأسه وأيضاً أفتوا على محمد الغزي وعبد الله الغزي وأحمد الوالي (شركاء الحلبي) أن تقطع رؤوسهم وتوضع على نبابيت وجسمهم يحرق بالنار وهذا يصير في المحل المعين أعلاه ويكون ذلك قدام سليمان الحلبي قبل أن يجري فيه شيء هذه الشريعة والفتوى لازم أن ينطبعا باللغة التركية والعربية والفرنساوية "
نفذ الحكم بحذافيره كما ذكره الجبرتي و كان عمر الحلبي خمس و عشرون عاما.يحفظ متحف فرنسي جمجمة سليمان الحلبي حتى هذه اللحظة و قد كتبت تحت الجمجمة ملاحظة تقول "قحف مجرم متطرف أسمه سليمان الحلبي". و في برنامج شاهد على العصر الذي تقدمه قناة الجزيرة , ذكر السيد أحمد أبو صالح أن عبد الكريم الجندي و كان رئيسا للمخابرات السورية (1966-1970), ادخل قضيبا معدنيا بطول متر أو اكثر في مؤخرة سليم حاطوم ,الذي كان قائدا للمغاوير السورية, ثم قاد محاولة إنقلاب فاشلة.الطريف أن عبد الكريم الجندي أطلق النار على نفسه بعد إنقلاب تشرين 1970 , و قد خاف على نفسه من ذات المصير الذي رسمه لحاطوم من قبل.
فى العالم الإسلامى تم قتل الكثيرين، الحلاج والسهروردى والجعد بن درهم، وتم حرق المفكر الكبير، مترجم كليلة ودمنة، ابن المقفع. وفى أفغانستان وباكستان دفع الآلاف حياتهم لتهم لا أساس لها من الصحة، أو حتى حقيقية، لكنها عوقبت بما لا يتناسب مع ما قطعته الإنسانية من تطور فى أساليب العقاب، كثيرون هناك جلدوا، وكثيرون رجموا وكثيرون هناك قطعت أعناقهم، وكثيرات أيضًا.
والدولة الإسلامية الإيرانية تفعل الشىء نفسه، فمنذ عامين تقريبًا حكم على سكينة أشتيارى بالرجم، ودولة الشريعة السعودية لاتقل عنها جنونا.
خوازيق من ننوع اخر: خازوق آخر لا يقل "تبشيما" ذلك الذي نصبه أبو جعفر المنصور لأبي مسلم الخرساني,فبعد أن جاهد أبو مسلم و بنى الدولة العباسية بحد سيفه, خاف المنصور من ابي مسلم فقرر ان يتغدى به على الفور , فأرسل أليه من استدعاه الى بغداد و عند حضوره يخبرنا أبو حنيفة الدينوري بما حصل في كتاب الأخبار الطوال فيقول:
"فمكث (أبو مسلم ) ثلاثة أيام، يغدو كل يوم إلى أبي جعفر، فيدخل على دابته، حتى ينتهي إلى باب المجلس الذي فيه الإمام، فينزل، ويدخل إليه، فيجلس عنده ملياً، فتناظران في الأمور.
فلما كان في اليوم الرابع وطن له أبو جعفر عثمان بن نهيك، وكان على حرسه، وشبث بن روح، وكان على شرطته، وأبا فلان بن عبد الله، وكان على الخيل، وأمرهم أن يكمنوا في بيت إلى جنب المجلس الذي كان فيه.
وقال لهم: إذا أنا صفقت يدي ثلاثاً فاخرجوا إلى أب مسلم، فبضعوه."
و يتابع الدينوري الرواية المشوقة فيسوق حوارا جرى بين المنصور و ابو مسلم قبيل مصرعه بلحظات فيقول:
"فقال أبو جعفر: ما أردت بمضيك نحو خراسان قبل لقائي؟ قال أبو مسلم: لأنك وجهت في إثري إلى الشام أميناً في إحصاء الغنائم، أما وثقت بي فيها؟.
فأغلظ له أبو جعفر الكلام. فقال: يا أمير المؤمنين، أنسيت حسن بلائي، وفضل قيامي، وإتعابي نفسي ليلي ونهاري؟ حتى سقت هذا السلطان إليكم.
قال أبو جعفر: يا ابن الخبيثة، والله لو قامت مقامك أمة سوداء لأغنت غناك، إنما تأتي لك الأمور في ذلك بما أحب الله، من إظهار دعوتنا أهل البيت، ورد حقنا إلينا، ولو كان ذلك بحولك وحيلتك وقوتك ما قطعت فتيلاً، ألست يا ابن اللخناء الذي كتبت إلي تخطب عمتي آمنة بنت علي بن عبد الله؟ وتزعم في كتابك أنك ابن سليط ابن عبد الله بن عباس، لقد ارتقيت مرتقى صعباً.
فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين، لا تدخل على نفسك الغم والغيظ بسببي، فإني أصغر قدراً م أن أبلغ منك هذا.
فصفق أبو جعفر ثلاثاً، وخرج عليه القوم بالسيوف.
فلما رآهم أبو مسلم أيقن بالأمر، فقام إلى أبي جعفر، فتناول رجله ليقبلها، فرفسه أبو جعفر برجله، فوقع ناحية، فأخذته السيوف.
فقال أبو مسلم: أما من سلاح يحامي به المرء عن نفسه.
فضربوه حتى خمد. "