الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ابرز المواضيع - اضغط على الكتابة

شجرة العشاق وثمرة الأشواق - نبيل القدس

اعذب الكلام قسم الشعر

قضايا للمناقشة

اعلام وشخصيات

براعم المنتدى - اطفالنا

إبداعات الأعضاء - أشعار وخواطر
معرض الصور

غناء عراقي
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث


 

المواضيع الأخيرة
» 77- من دروس القران التوعوية-الدوران حول النفس خلق مذموم!!
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitimeاليوم في 1:42 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» أفضل شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية – Tec Soft for SMART solutions
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitimeأمس في 2:05 pm من طرف سها ياسر

» 76- من دروس القران التوعوية- حُسن الجوار
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-13, 10:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 75- من دروس القران التوعوية - وجوب اخذ زمام المبادة للامة والجماعات والافراد
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-12, 9:29 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 74-من دروس القران التوعوية- الحقوق !!!
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-11, 9:37 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 34- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - التزكية والتعليم
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-10, 11:47 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 73-من دروس القران التوعوية - التوكل والتواكل
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-08, 10:09 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 17- من ذاكرة الايام - من مواقف شهامة الرجال
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-07, 8:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 72- من دروس القران التوعوية- المال ...
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-07, 6:55 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 71-من دروس القران التوعوية-معالجات الاسلام للفقر والعوز
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-06, 8:20 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 70- من دروس القران التوعوية -العمل لكسب الرزق والمعاش
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-05, 7:44 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 69- من دروس القران التوعوية-حرب الاسلام على الفقر واسبابه
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-05, 8:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 68-من دروس القران التوعوية -الاسلام وحده المحقق للعبودية والاستخلاف
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-05, 1:35 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 33-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - مفهوم التزكية
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-04, 12:43 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 67- من دروس القران التوعية- الالتقاء على كلمة سواء
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-02, 8:30 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 66- من دروس القران التوعوية -تحقيق العدل في اوساط البشرية مهمة جمعية
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-02, 11:32 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» حديث الجمعة -الى متى ننتظر ؟؟!!
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-01, 1:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» الطائفة الناجية!!!
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-11-01, 1:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 65- من دروس القران التوعوية - كُونُوا رَبَّانِيِّينَ !!
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-31, 12:46 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 64- من دروس القران التوعوية - وقاية النفس من الشح
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-30, 2:59 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-29, 11:10 am من طرف سها ياسر

» 32-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - العقيدة العملية
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-29, 1:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 63- من دروس القران التوعوية- العدل والعدالة في القران
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-28, 8:03 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 62-من دروس القران التوعوية :الشورى
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-27, 6:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 61- من دروس القران التوعوية-الحذر من مؤسسات الضرار حتى لو لبست لباس شرعي
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-25, 9:51 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 60- من دروس القران التوعوية - اسباب النفاق
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-25, 5:18 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 59- من دروس القران التوعوية -العداء المستحكم في النفوس !!
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-24, 7:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 58- من دروس القران التوعوية - التكاليف الشرعية جاءت ضمن قدرات الانسان
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-23, 8:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 57- من دروس القران التوعوية - ادب الدعاة
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-22, 6:10 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2024-10-21, 10:03 am من طرف سها ياسر

المواضيع الأكثر شعبية
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني
دعاء الهى انت تعلم كيف حالى....كلمات رائعه لمشارى راشد///خوخه
ومدحت بطيبة طه - صلى الله على محمد - مديح نبوي ولا أجمل
اسماء الجن الكفار و المسلمين
بيت من الشعر اذهلني - الشاعر كريم العراقي
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
صباح الخير- مسا الخير-منتدانا -النبيل- بعيونكم ولعيونكم صباح الخير-سلام الله عليكم -مساء الخير -ليلة سعيدة ///سعيد الاعور 29.02.2012
صورة اعجبتني لنجعلها صفحة لكل من عنده صورة مميزة او كريكاتير او منظر رائع ومميز/سعيد الاعور
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من ذا يبلغها بأني متعب - كلمات علي العكيدي
عداد للزوار جديد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 679 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 679 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 752 بتاريخ 2024-09-20, 4:22 am
تصويت
المواضيع الأكثر نشاطاً
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
مقهى المنتدى
تعالو نسجل الحضور اليومي بكلمة في حب الله عز وجل
صورة اعجبتني لنجعلها صفحة لكل من عنده صورة مميزة او كريكاتير او منظر رائع ومميز/سعيد الاعور
صباح الخير- مسا الخير-منتدانا -النبيل- بعيونكم ولعيونكم صباح الخير-سلام الله عليكم -مساء الخير -ليلة سعيدة ///سعيد الاعور 29.02.2012
صفحة الاستغفار اليومي لكل الاعضاء ـ لنستغفر الله على الاقل 3 مرات في الصباح والمساء//سعيد الاعور
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
نبيل القدس ابو اسماعيل - 38802
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية - 15399
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
معتصم - 12434
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي - 4333
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
sa3idiman - 3588
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
لينا محمود - 2667
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
هيام الاعور - 2145
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
بسام السيوري - 1763
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
محمد القدس - 1219
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
العرين - 1193
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
أفضل 10 فاتحي مواضيع
نبيل القدس ابو اسماعيل
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
زهره النرجس
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
معتصم
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
معمر حبار
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
هيام الاعور
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
د/موفق مصطفى السباعي
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
sa3idiman
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
لينا محمود
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_rcapالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_voting_barالإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1031 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Mohammed mghyem فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 66425 مساهمة في هذا المنتدى في 20324 موضوع
عداد زوار المنتدى
free counterAmazingCounters.com


 

 الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نبيل القدس ابو اسماعيل
المدير العام
المدير العام
نبيل القدس ابو اسماعيل


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 38802
تاريخ التسجيل : 18/03/2009

الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: Empty
مُساهمةموضوع: الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء:   الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء: I_icon_minitime2020-04-09, 11:08 pm

الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء:
وجب التّمييز بين الأسباب الموضوعية للنضال الشعبي، وللإنتفاضات (البطالة والفقر والقمع والإضطهاد...) وبين توظيف القوى الإمبريالية الخارجية، أو الإنتهازية الدّاخلية لها، في إطار الحرب بأدوات أخرى، غير العسكرية، أو "الحرب الناعمة"...
تستثمر الإمبريالية (وعلى رأسها الإمبريالية الأمريكية) في برامج وخطط قريبة ومتوسّطة وبعيدة المَدَى، لتدعيم ولاستدامة هيمنتها على العالم، كما استغلّت غيابَ أو ضُعْفَ المنظمات والبرامج والبدائل الثورية، لتكتسح الساحة التونسية والمصرية وغيرها، عبر توظيف إمكانياتها الإعلامية الضّخمة، وسفاراتها والمنظمات المُسمّاة "غير حُكومية"، لتخريب الإنتفاضات والإستيلاء على نتائجها، ولبث مَشاعر الإحباط والإستِياء، لدى الفُقراء والشباب المُعَطّل عن العمل، والأُجَرَاء، والفئات الوُسْطى، وتُوظّف الإمبريالية الأمريكية (إلى جانب القوة العسكرية والدبلوماسية) ميزانيات هامة، وخُبراء وباحثين، وإعلاميِّين، وكَهَنَة، وجواسيس، بهدف الهيمنة على العالم، وتُشكل المنظمات الموصوفة ب"الحقوقية" أو "غير الحكومية" جزءًا أساسيا من وسائل الهيمنة الأمريكية، ومن بينها: "هيومن رايتس ووتش" التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، وتمولها الوكالة الأمريكية للتعاون الدولي (يو إس آيد"، منذ 1999) وصندوق "نيد"، أو الصندوق القومي للديمقراطية، الذي يُمول بدوره منظمة يُدِيرُها الحزب الجمهوري وأخرى يُديرُها الحزب الديمقراطي، وخلقت أمريكا أيضًا منظمة "فريدوم هاوس"، ومنظمة "كانفاس" التي ساهمت في تأسيس منظمات تكفلت بتخريب يوغسلافيا من الداخل (مثل منظمة "أوتبور")، كما ساهم مؤسس "فريدوم هاوس" في تأسيس منظمة "أكاديمية التغيير"، المختصة في تمويل الإسلام السياسي "المعتدل" (الإخوان المسلمون) والدعاية له، ولها مكتب في دُوَيْلَة "قَطَر"، إلى جانب "أكاديمية التّغْيِير" أيضًا، ومنظمة "المجتمع المفتوح" (أسَّسها الملياردير جورج سوروس)، وتدعم هي الأخرى الإسلام السياسي الموصوف ب"المعتدل"، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المنظمات التي تمولها الحكومة الأمريكية، أو أثرياء أو شركات، وتخدم جميعها استراتيجية وخطط وبرامج الإمبريالية الأمريكية، ومن بينها "كارنغي" و"الأزمات الدّولية"، و"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، وحركة 6 أبريل (مصر)، و"شباب الربيع الإسلامي"، والأخيران تنتميان إلى منظمة "تحالف حركات الشباب"، الذي تأسّس سنة 2008، مع انطلاق الأزمة المالية العالمية، بحسب الموقع الكندي "غلوبل ريزيرش" (شباط/فبراير 2011)، وفي تونس يوجد منذ 2002، المكتب الرئيسي لمنظمة "ميبي" (ميدل إيست بارتنرشيب)، وهي منظمة أمريكية رسمية، تُمولها وزارة الخارجية الأمريكية، وتستهدف تدريب شُبّان (طلبة وصحافيين وموظفين...) بهدف تأهيلهم ليُصبحوا "قادة المُسْتَقْبل"، ليدافعوا عن الإمبريالية، بشكل "حضاري" و"مُهذّب"، مثلما فعل البعض في العراق أو لبنان أو يوغسلافيا وأوكرانيا وجورجيا...
شكّلت الإنتفاضات تعبيرًا عن الغضب الشعبي المُتراكم على مدى عُقُود، ويمكن وصفها ب"التمرد المشروع" على الوضع، لكن من غير الصائب إطلاق إسم "الثورة" على تلك الإحتجاجات التي انطلقت من تونس يوم السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر 2010، ثم في مصر بعد حوالي ثلاثة أسابيع، والبحرَيْن، واليمن، والأردن، كما في المغرب والجزائر (شباط 2011)، وصولاً إلى انتفاضات سنة 2019، في الجزائر والسودان ولبنان والعراق، وشكّلت هذه الإحتجاجات نُقْلَةً نوعية، من التّذمّر الشخصي أو الفَرْدِي، إلى احتجاج جمْعي (أو "جَماعي") ضد الوضع المادي والسياسي السائد في هذه البُلْدان، كما في غيرها (في بعض بلدان أمريكا الجنوبية كتشيلي وبيرو وكولومبيا والأرجنتين...)، وهي بذلك تُشكل مرحلة وَعْي متطورة، رغم عَفْوِيّتها (فهي رَدّة فعل، وليست فعلا إرادِيًّا مَدْرُوسًا)، مقارنة بالتّذَمّر أو العمل الفردي، ولكنها اتسمت بالإنشغال بالتنظيم اليَوْمِي ل"الحراك"، و"الفعل"، مع غياب (أو ضُعْف) الرؤية المستقبلية، أو البديل، أو الغاية من "الحركة" أو "الحراك"، مما يُيَسِّرُ السيطرة على "الحراك"، وتوجيه نتائجه التي اقتصرت على رحيل رأس أو رمز النظام في تونس ومصر، أي إزاحة شخص الرئيس، واستبداله بأشخاص آخرين، من نفس النظام، ومن نفس الطبقة، المُوالية للإمبريالية الأمريكية والأوروبية، كرئيس حكومة بن علي، في تونس، وضُبّاط، من زُملاء الرئيس حسني مبارك، في مصر، قبل أن يزداد تحكم صندوق النقد الدّولي في القرار الإقتصادي (وبالتالي في القرار السياسي السيادي)، فارتفعت قيمة الدّيون الخارجية، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وبحصة الفرد الواحد من هذه الدّيون التي لم يستفد منها المواطنون، ولا القطاعات الإقتصادية المُنْتِجَة، ولا الخدمات الأساسية...
افتقدت هذه الإحتجاجات إلى خطط وإلى برامج، وإلى قيادات تمزج بين متطلبات العمل المَطْلَبِي اليومي (صياغة المطالب الحياتية)، والأهداف التي يجب تحقيقها من خلال الإنتفاضة، والتي تتجاوز الحُريات الفردية والجماعية، والمُسكّنات الإقتصادية والإجتماعية، إلى القضاء على أسباب الفقر والبطالة والتفاوت الطبقي، أي بناء نظام جديد، بدَل ترميم النظام الذي انتفضت ضده الشّعوب، ولم تحصل القطيعة، بل تمكن النظام (بدعم امبريالي قوي) من إعادة إنتاج نفسه، ليجد الفُقراء والمُهمَّشُون أنفسهم، في المربع الأول، بل في وضع أسْوأ ممّا قبل الإنتفاضة، في تونس ومصر، حيث احتكر الجيش في مصر السلطة، وتقاسم العوائد الإقتصادية مع فئة من البرجوازية، كانت مستفيدة من فترة حكم حسني مبارك، وقضى الجيش والأجهزة الأمنية على هامش الحركة الذي كان مُتاحًا قبل الإنتفاضة، فيما تقاسمت حركة الإخوان المسلمين (النهضة) السلطة في تونس مع البرجوازية "الرّثّة" (غير الصناعية والزراعية، وغير المستثمرة في قطاعات الإنتاج) ومع الفئات التي استفادت من فترة حكم زين العابدين بن علي، وهي نفس الفئات التي أثارت غضب التونسيين والتونسيات، سنة 2008 (الحوض المنجمي) وسنة 2010...
تسارعت وتيرة التحولات التي عرفتها تونس، منذ سنة 2011، سنة الإنتفاضة، وهي تحولات سلبية، من وجهة نَظَر أغلبية المواطنين، حيث عاد اللصوص إلى الحُكم، مع شُيُوخ الدّين السياسي المُتَأَمْرِك والمُتَصَهْيِن، من زُعماء الإسلام السياسي "المُعتدل" (الإخوان المسلمين)، الذين انسجموا بسرعة في منظومة الفساد، وأَثْرَوْا فِقْهَ تبرير الإستغلال والإستعمار والهيمنة والتّبَعِيّة للخارج (أوروبا وأمريكا وتركيا الأطلسية)، فتعمّقت الفَجْوَة الطّبَقِيّة، وارتفعت نسبة وحجم الفقر والبطالة والفساد، وأدّى اتساع حَيّز التفاوت الطبقي إلى تأجيج مَشاعر الإحباط، والخوف من المستقبل، ممزوجة بمشاعر الغضب، وهي ليست مشاعر تأسست على وَهْمٍ، بل بُنِيت على حقائق تُؤَكِّدُها الأرقام والإحصائيات، فارتفعت محاولات الشباب مغادرة البلاد، بحثًا عن فُرص عيش حقيقية أو مُتَخَيَّلَة في أوروبا أو في أي مكان آخر، غير تونس، مخاطِرِين بحيواتهم التي انخفضت قيمتُها عندهم، فباتُوا لا يجدون في هذه الدّنيا، وفي هذه البلاد، ما يستحق الحياة، لأن معظم قيادات اليسار، التي يُفْترَضُ أن تُدافع على مصالح الكادحين والفُقراء، تشكلت من فئات برجوازية صغيرة وانتهازية، بعيدة عن واقع الفُقراء والمُنْتِجِين وصغار المُزارعين، والعاطلين عن العمل، وخاصة من خريجي الجامعة التي (الجامعة) لم تَعُد تُمَكِّنُ من الإرتقاء في درجات السُّلَّم الإجتماعي، وتتشكل قيادات اليسار من فئة يُمكن شِراؤها بمنصب أو بحوافز مالية، أو بمقعد في البرلمان، أو بمنصب يُيَسِّرُ عملية الإندماج في البيروقراطية النقابية، أو بسمح بإدارة منظمة "غير حكومية" مُمَوّلة من أوروبا أو اليابان أو كندا أو الولايات المتحدة، لأن معظم هذه القيادات تبحث عن حُلُول فَرْدِية، وما الخطاب عن التفاوت الطبقي وعن الإمبريالية سوى غلاف أو قِشْرَة رقيقة، سرعان ما تزول، عند أول امتحان، فانخرطت معظم قوى هذا الرّهْط من اليسار، في منظومة الديمقراطية على الطريقة الغربية، والتي تقتصر على البحث عن موقع، عبر المُشاركة في انتخابات دَوْرِيّة، لا يمكن أن يفوز بها سوى من يمتلك المال ووسائل الإعلام وشبكات الفساد والرشوة، وبذلك غابت هذه القوى عن ساحة النضال الطبقي والإجتماعي اليَوْمِي، ولم تَعُدْ مهتمّة بالبحث عن إرساء نظام بَدِيل، وعن حُلُول لمسائل هامة مثل التنمية والإكتفاء الذاتي الغذائي ووضع حد لتهرّب الأثرياء من الضرائب، وللإحتكار وللتبعية وهيمنة الشركات الأجنبية على ثروات البلاد، وإلغاء الدّيون الخارجية المُتراكمة، والقضاء على الإستغلال واضطهاد العديد من الفئات الإجتماعية، وغير ذلك من المسائل التي لن تَبْحَثَ البرجوازية واليمين ("الحداثي" أو الدّيني) عن حُلول لها، لأن مصالح هذه البرجوازية انتعشت من خلال الفساد والسرقة واستغلال موارد الدّولة (أي مال وعرق الشعب الكادح)، والسّهَر على مصالح الإمبريالية وشركاتها، مقابل حمايتها من ثورات داخلية مُحْتَمَلَة...
على مستوى السياسة الخارجية، كان نظام حكم "الترويكا" في تونس، بقيادة الإخوان المسلمين، ورئاسة المنصف المرزوقي (أجير لدى قَطَر) يُسَهِّلُ إرسال الإرهابيين والإرهابيات إلى سوريا، وإلى ليبيا، وكان من الأنظمة العربية التي قطعت علاقاتها مع سوريا، منذ بداية الحرب، بل استضاف الإخوان المسلمون والمنصف المرزوقي مؤتمرًا ضم الفصائل الإرهابية في سوريا، والدول الإمبريالية والرجعية الدّاعمة لها... أما بشأن القضية الفلسطينية، فقد أعلن راشد الغنوشي، في مؤتمر واشنطن إنستتيوت (وهي منظمة صهيونية أمريكية) أنه غير معني بالشأن الفلسطيني، وأدلى بحديث لإذاعة الجيش الصهيوني، فيما اعتبر "محمد مرسي"، عندما كان رئيسًا منتخبًا لمصر، شمعون بيريس "صديقه العزيز"، وبشكل عام، لم تتغير طبيعة النظام في تونس وفي مصر، بعد الإنتفاضَتَيْن...
بعض الأُسُس النظرية لحكم الإخوان المسلمين:
لم تُشارك حركة النهضة (الإخوان المسلمون) في الحركات الإحتجاجية بتونس، ولكنها تُمثل قوة مُنظّمة، وذات قاعدة شعبية مُنضبطة، انضباطًا عسكريّا "أعْمَى" (عكس الإنضباط الواعي)، وتحظى بدعم قوي من الإمبريالية الأمريكية والأوروبية، بالإضافة إلى صهاينة النفط في الخليج، ومكّنتها مجمل هذه العوامل من الإنقضاض على السلطة، بالتحالف مع قوى أخرى، من النظام الذي قاده الحزب الدستوري (بورقيبة وبن علي )، ومن رجال الأعمال، لأن برنامج الإخوان المسلمين لا يطمح إلى تغيير قواعد الإقتصاد وتوزيع الثروات، بل يمثل مجموعة من الخطط الرأسمالية الليبرالية، التي تندرج ضمن منظومة "التّبَعِيّة"، أي مجموعة دول "الجنوب" الخاضعة للهيمنة الإمبريالية، والتي لا تسعى للخروج من وضع خادم رأس المال الإحتكاري الأجنبي...
تأرجحت تصورات حركة "النهضة" ("الإتجاه الإسلامي"، سابقًا) بين مفهوم "الحاكِمِيّة" (أبو الأعلى المودودي) و"ولاية الفقيه" (شيعة إيران)، وبرز ذلك من خلال ملف نشرته مجلة "الإتجاه الإسلامي" (المعرفة)، وزَيّنت الغلاف صور حسن البنا وأبو الأعلى المودودي وسيد قطب والخُمَيْنِي، وتطورت تصريحات راشد الغنوشي من معارضة الديمقراطية الإنتخابية "لأن أغلبية جاهلة، لن تنتخبَ سوى حاكم جاهل"، وهو ما قاله أيضًا "علي بالحاج"، في الجزائر، سنة 1991، إلى اعتبار "أنّ الدّولة ليست أكثر من مجرد أداة من أدوات الجماعة (الإسلامية) في تحقيق أهدافها"، وعندما تتعرض "النهضة" للقمع، يبحث زعماؤها عن سند لدى اليسار ومنظمات حقوق الإنسان، فتتغير تصريحات الغنوشي وزعماء "النهضة"، ليكتب الغنوشي، أثناء وبعد مرحلة إقامته في بريطانيا: "إنّ المفهوم الحديث للشّورى التي زكاها الإسلام، هو الدّيمقراطية البرلمانية"، فيما بقي الخطاب أو الإعلام الدّاخلي يؤكّد: "تبقى الجماعة (الإسلامية) متحكمة في الدّولة، ولها اليد العُليا، لكي تتماشى القوانين مع الشريعة الإسلامية..."، وتَتَجَنّبُ قيادات حركات الإسلام السياسي الخوض العلني في وظائف الدولة (ضمن السّياق التّاريخي)، ومفهومها، المُرْتَبِط بالأرض (الوطن) والشعب وطبيعة السلطة، وعلاقتها بالشعب، كأفراد أو مجموعات، في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها... كما لا يتعرض نقاش الحركات الإسلامية، المنبثقة عن الإخوان المسلمين، للعلاقة غير المتكافئة مع الإستعمار الجديد (الإمبريالية) ولذلك تواصلت الهيمنة، بل تعزّزت، تحت حكم الإخوان المسلمين في تونس وفي مصر، وتواصلت عمليات النهب والسيطرة على الثراوت، كما لم يتردّد راشد الغنوشي ومحمد مرسي في خطب ودّ الإمبريالية الأمريكية والصهيونية، وأظهرت تجربة حكم الإخوان المسلمين في المغرب وتونس ومصر واليمن والسودان، أن "الحركة الإسلامية"، بكافة فُروعها وأصنافها، وتلْويناتها، منخرطة في المشروع الراسمالي الليبرالي المُعَوْلَم، بقيادة الإمبريالية الأمريكية وأدواتها، مثل صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية، ولم تطرح أي من هذه الحركات مواجهة الهيمنة "الغربية" (أو "النّصرانية")، سواء على الصعيد السياسي أو الإقتصادي، أو التصدّي للمشروع الصهيوني في فلسطين، وفي الوطن العربي، رغم إجماع (أو شبه إجْماع) شعوب العرب والمُسْلمين حول هذه القضايا، وتَوَسّعَ وتعمّقَ مشروع "التغريب"، وانتشَرَ الإبتذالُ في ظل حكم الإخوان المسلمين...
أما أدبيات "حزب العدالة والتنمية"، الحاكم في تركيا الأطلسية، وقُدوة الأحزاب الإخوانجية العربية، فتُعلن (الأدَبِيّات) أن الحزب يستهدف (خلال مرحلة "صفر مشاكل مع الجيران"، قبل الإنقلاب المشبوه وقبل انقضاض الإخوان المسلمين على كافة مؤسسات وأجهزة الدولة) "تقليص وظيفة الدّولة، وحصر نشاطها في الأمن والخدمات الأساسية..."، أي تطبيق حَرْفِي لمفاهيم الإقتصاد النيوليبرالي، واقتصاد السوق، كما يُحدّده صندوق النقد الدّولي، مع طموح قوي لتكون تركيا "قوة إقليمية، في منطقة واسعة، تمتد من منطقة البلقان إلى القوقاز، ومن وسط آسيا إلى الشرق الأوسط"، بحسب وثائق برنامج الحزب... (المرجع: كتاب "إشكالية الدولة الإسلامية... تصور الحركات الإسلامية المعاصرة" معين محمد الرفاعي، نشر دار "بيسان" - بيروت، الطبعة الأولى، سنة 2017- 709 صفحة)...
اليسار، قوة احتجاج، في خدمة أهداف الغَيْر:
لم يُنظّم اليسار انتفاضة 2010/2011، ولم يُشرف عليها، بل كان أفراد من اليسار السياسي والنقابي في مقدمة مسيرات الإحتجاج، لكن لم يكن الإخوان المسلمون ضمن أي احتجاج، وليس من عاداتهم مُساندَة أو دَعْمَ أي كان، باستثناء أعضاء حزبهم، وطلبت قيادات "النهضة" من عناصرها عدم المُشاركة في انتفاضة تونس، لأن القيادة كانت تُفاوض النظام (في جنيف، وفي بروكسل، وغيرها) لإطلاق سراح مساجين الإخوان (وليس العفو التشريعي العام، أو إطلاق سراح كافة مساجين الرأي) وعودة المنفيين من أوروبا، ورغم مُشاركة مُناضِلِي اليسار، كأفراد، كانت الإنتفاضة عَفْوِيّة وبدون قيادة وبدون أهداف مُحدّدة، وبدون بديل للنظام المَرْفُوض، رغم الشعارات التي كانت ذات طابع طَبَقِي ووطني...
لم يبدأ الإخوان الملسمون بالظهور، سوى بعد ثلاثة أيام من فرار زين العابدين بن علي (يوم 14/01/2011)، وكانت تسمح لهم المساجد بالتلاقي، خلال سنوات الحَظْر، فأعادوا تنظيم حزبهم بسُرْعَة، بفضل المال والإعلام الخليجيّيْن، وكذلك بفضل القاعدة الشعبية التي كانت تدعمهم كمُضْطَهَدِين، وفَسّرَ العديد ممن منحوهم أصواتهم، بأنهم اختاروا الإخوان المسلمين، لأنهم صَدّقوا زعماء "النهضة" عندما ادّعَوْا أنهم "يخافون الله" فلا يستولون على المال العام، وجَرّبُوا السّجون، فلا يَضْطَهِدُون أبناء الشعب، وأظهرت التّجربة سريعًا، أن الإخوان المُسلمين في تونس وفي مصر وفي المغرب واليمن وتركيا، وغيرها، يتشبّثُون بالحُكْم، ويتحالفون مع الشيطان، من أجل المُحافظة على المناصب والمال والحوافز المادية، ويتحالفون مع رجال الأعمال اللصوص والفاسدين، ومع زُعماء ورُموز نظام حزب "الدستور" في تونس (حزب بورقيبة وبن علي) ومع حزب حسني مبارك، في مصر، وأقر الإخوان المسلمون في تونس وفي مصر قوانين تُعفِي لصوص الأنظمة السابقة من المحاسبة ومن العقاب، بعنوان "المُصالحة"، وأصبح الإخوان المسلمون أداة غسيل أو "تَدْوِير" الأنظمة السابقة، بدعم من الإتحاد الأوروبي والإمبريالية الأمريكية (التي تُطلق عليهم صفة الإسلام السياسي "المُعتدل" ) وصندوق النقد الدولي، وأَعاد الإخوان المسلمون في تونس كما في مصر إحياءَ المُمارسات الزّبائنية للأنظمة التي انتفضت ضدها الشُّعُوب، وبدل اهتمام الدّولة بالفُقراء، عبر توفير العمل والمسكن والرعاية الصحية والتعليم، أصبح الإخوان المسلمون يُوَفِّرُون بعض الخدمات الإجتماعية والمساعدات، عبر آلية تَربُطُ الفقراء بالحزب الحاكم، واستخدموا المساجد، ليس "لِذِكْر الله"، وإنما لإعادة إنتاج العلاقات الزّبائنية، ورَبْط الفقراء والعاطلين عن العمل والمُهمّشين بجهاز الحكم، عبر الحزب الذي تمكّن، بفضل هذه الأساليب، من السيطرة على الأحياء الشعبية، وعلى سكان المناطق الفقيرة، الذين انتفضوا ضد الدّساترة، ليجدوا أنفسهم تحت رحمة الإخوان المسلمين، وكانت النتيجة، حصول "النهضة" (الإخوان المسلمين) على أغلبية مُطْلَقَة، أو نِسْبِيّة، في كافة الإنتخابات التي جرت في تونس، منذ انتخابات المجلس التأسيسي (تشرين الأول/اكتوبر 2011) إلى الإنتخابات التشريعية سنة 2019...
يُفْتَرَضُ توجيه كافة السّهام نحو النظام والأحزاب الحاكمة، واليسار ليس جزءًا من منظومة الحُكم (في تونس أو في مصر)، لكن يتعين تحليل أسباب وهَن اليسار، وأسباب فَشَلِهِ في صياغة البدائل، وفَشَلِهِ في قيادة النضالات، والإستيلاء على السّلطة، عندما كان ذلك مُمْكِنًا، ليس عبر الإنقلابات، بل عبر "الشرعية الثّوْرِيّة"، وعبر الدفاع عن مصالح جمهور العُمال وصغار المزارعين والكادحين والمُنْتِجِين والفُقراء...
كان اليسار (دون الخَوْض في التفاصيل) متواجدا بقوة نسبية في نقابات الأُجَراء (الإتحاد العام التونسي للشغل)، وفي منظمات ما سُمِّيَ "المجتمع المدني" (حقوق الإنسان والحقوق الإقتصادية والإجتماعية) ومجالات الثقافة وغيرها، لكن مكونات اليسار، والتيارات القومية، لم تكن تمتلك برنامجًا أو بديلاً للنظام القائم، ولم تَدْرُسْ أو تَطْرَحْ بدائل ممكنة وقابلة للتطبيق، لنمط الإنتاج السائد، ولنمط التنمية ولم تكن هذه الفصائل تمتلك رُؤْيَة أو برنامجًا يهدف تدبير الموارد الكفيلة بالإستثمار في القطاعات المُنْتِجَة، واستيعاب البطالة والقضاء على الفقر، والإهتمام بالزراعة، لتحقيق الإكتفاء الذاتي الغذائي، وقطع الصلة مع مؤسسات "بريتن وودز" (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...)، وغير ذلك من الحلول للإقتصاد التابع، وعمومًا لم يُنتج اليسار بحوثًا ودراسات وبرامج تُؤَهّله لقيادة حركات التّغْيِير الجذري، ناهيك عن حُكْم البلاد، كما لم يُنتج قيادات ورموز شعبية، مثلما الحال في أمريكا الجنوبية، بل ساهم يسار تونس في إجهاض تجمعات "القَصَبَة" وفي تحويل إطار، "لحماية الثورة"، إلى إطار إصلاحي قانوني، سنة 2011، وطالب اليسار بمجلس تأسيسي، دون أن ينتج دراسات أو مُقترحات، حول محتوى الدستور الجديد، ولا عن موازين القوى، فكان الدستور الجديد صورة لميزان القوى بين فئات من البرجوازية المرتبطة مصالحها بالإمبريالية، وزادت القوانين التي فَصّلت هذا الدّستور من تَقْنِين أو شَرْعَنَة التركيبة الطّبقية للدولة وتقنين وشَرْعَنَة الإستغلال، وغير ذلك من النتائج السلبية العديدة التي جناها التقدميون والكادحون والفُقراء من مرحلة ما بعد 2010، وعلى أي حال فإن النضال ضمن مؤسسات النظام القائم، لا يمكنها أن تتجاوز بعض الإصلاحات الشكلية أو الطفيفة، ولذلك يناضل اليسار والشيوعيون من أجل نظام آخر، لكن ذلك يتطلب يسارًا جِدِّيًّا، يُناضل في أماكن العمل وفي الأحياء والمناطق الشعبية، عبر توحيد حركات الإحتجاج المختلفة، ومن أجل بعض الإصلاحات، على مدى قصير، ومن أجل تغيير جذري، على مدى متوسط أو طويل، وتحويل الغضب الذي يتسم برد الفعل، إلى ثورة تتسم ببناء بديل "مُسْتَدام"، مع فئات المُنْتِجِين والكادحين والفُقراء، وكل المُتَضَرِّرِين من النظام القائم...
لم تتمكّن قُوى "الجبهة الشعبية" (ائتلاف حركات قَومية واشتراكية) من الإستفادة من نضالات عديدة حصلت بعد 2011، وأهمها نضالات شباب المناطق المحرومة في سليانة والقصرين وسيدي بوزيد، ونضالات مُزارعي "جمنة" الذين فَرَضُوا تسييرًا ذاتيا لأراضيهم التي استعادوها، بعدما استولى عليها الإستعمار الفرنسي، ثم الدولة التونسية، ونضالات سُكّان جُزُر "قرقنة" ضد نَهب الشركات الأجنبية للطاقة، ونضالات شباب منطقة حقول النفط في جنوب البلاد (تطاوين - البُرْمَة - الكامور)، والإحتجاجات ضد إفلات الفاسدين من العقاب، والإحتجاجات ضد قانون المالية الذي يفرض ضرائب و"تضحيات" جديدة، يتحملها الفُقراء والأُجراء، بينما يستفيد الأثرياء من امتيازات إضافية (ميزانية 2018)، وغيرها من النضالات، التي أظْهَرت تَوفُّرَ الأرضية الخصبة للتغيير الجذري، فكانت فُرَصًا مهدورة، للإرتقاء بالنضالات المطلبية، وتحويلها إلى نضالات طبقية، ضد التحالف الطبقي الحاكم، الذي دعم منظومة الحُكْم المبنية على السرقة والفساد وإهدار المال العام والثّروات الطبيعية...
إن ما ذُكِرَ عن تونس، يمكن سَحْبُه على مصر، في خُطُوطِهِ العامة، وليس في التفاصيل، فلكل من الحالتين خصُوصِيّتها...
نواقص الإنتفاضات، أو الحلقة المفقودة:
انطلقت معظم الإحتجاجات من الوضع الإقتصادي والإجتماعي، وظهر ذلك في المطالب المعيشية التي كانت أساس كل حركات الإحتجاج، لكن الإنتفاضة تميزت بغياب القوة المنظمة لها، والتي كان يمكن أن تَقُودَها، وتُصَوِّبَ الأخطاء، باتجاه تحقيق الأهداف المَرْسُومة، وتميزت كذلك بغياب البرنامج وعدم وضوح الأهداف، وغياب خطط لتحقيق المطالب والشعارات المرفوعة، التي أطلقت شرارة الإنتفاضة، في ظل وضع سياسي كان مُغْلَقًا (سنة 2010 و 2011)، يمنع العمل السياسي، خارج حزب السلطة، ويقمع الحريات الأساسية، ولذلك لم تتمكن الإحتجاجات من تأسيس آلية للتغيير الاجتماعي، مما يَسَّرَ على الأنظمة الحاكمة، ومن وراءها (الإمبريالية الأمريكية والأوروبية) تغيير رأس النظام في تونس ثم في مصر (بإشراف مباشر من ممثل الإمبريالية الأمريكية "جيفري فلتمان"، السفير السابق في لبنان) وبقي النظام قائمًا، بل وقع تعزيزه بإدماج بعض القوى الرجعية التي كانت خارجه، مع بقاء السلطة ضمن دائرة الهيمنة الرأسمالية الإمبريالية، وبذلك وقع احتواء الإنتفاضة من قِبَل دوائر السلطة، مع تغيير شكل الهيمنة، فأصبح الشعب (أو من يُشارك في عملية الإنتخابات) يُساهم، بشكل غير مباشر، في عملية النّهب وارتفاع الأسعار والدّيون، لأن أجهزة السّلطة أصبحت تحت إشراف هيئات مُنْتَخَبَة، وليست مَفْرُوضة بالقُوّة، أو بتزييف نتائج الإنتخابات...
ترك انهيار اليسار فراغًا كبيرًا في الساحة، وبرز ذلك في انتفاضات 2010/2011، كما في احتجاجات لبنان والعراق والجزائر، حيث يبدو واضحًا افتقار القوى المشاركة في الإحتجاجات ضدّ السياسات الاقتصادية، للأدوات الضرورية لإنجاح وتطوير هذه الإحتجاجات، كالقيادة القادرة على تنظيم الصّفُوف، وتغيير التكتيكات، بحسب رُدود النظام، ولبناء تحالف القُوى المتضررة من السياسات النيوليبرالية، ما جعل المنظمات المَوْصُوفة "غير حكومية"، أو ما سُميت منظمات "المجتمع المدني" (التي انخرط بها عدد هام من مناضلي اليسار) تملأ الفراغ، في مُحاولة لقيادة الإحتجاجات، وإعادة توجيه بوصلتها نحو المُطالبة (أو الإكتفاء) بإصلاحات طفيفة، لا تعرقل مسار الهيمنة الإمبريالية المباشرة، أو الهيمنة بواسطة الشركات العابرة للقارات وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي، ولكي لا تُطالبَ جماهير المُنتفضين بإلغاء الدّيون، وتأميم الثروات، وبدل ذلك ارتفعت الديون الخارجية وزادت وتيرة الخصخصة، وتفكيك القطاع العام، في مجالات النقل والسكن والصحة والتعليم والكهرباء والمياه وغير ذلك من القطاعات الحيوية...
أظهرت احتجاجات الشُّعوب العربية، من المغرب إلى العراق، افتقاد القوى التقدمية إلى برامج وسياسات وخطط وتحالفات ذات صبغة طبقية، للدّفاعِ عن مصالح العُمّال والكادحين والأُجراء والفُقراء، ضد سلطة رأس المال، ووكلائِه (البرجوازية الكُمبرادورية)، ومنظماتِه، ولِخَلْقِ أو تعزيزِ موازين القوى لمصلحة الفئات المتضررة من السياسات النيوليبرالية، واستغلال الفراغ أو انهيار السّلطة الذي حصل (لفترة وجيزة) في تونس وفي مصر، لافتكاك السلطة، وتجسيد التّغيير الذي تُطالب به حُشُود المُتظاهرين والمُعتصِمين في ساحات "القصبة" (تونس) و"ميدان التحرير" (القاهرة)...
كانت الإنتفاضات عَفْوِيّة، فَجّرَها الضّغْط الإقتصادي والإجتماعي، ولم تَكُنْ مُؤامرة كما يُشير البعض، وإنما استغلّت القوى الإمبريالية والمنظمات غير الحكومية، وقوى الدّين السياسي، وغيرها، وضع الإنفجار، والفراغ واستغلّتْ غياب قيادات تُعبِّر عن إرادة المُنْتَفِضِين، لتستوْلِي قوى رجعية (مثل الإخوان المسلمين، أو من النظام السابق)، على السلطة، بدعم من الإتحاد الأوروبي ومن الولايات المتحدة، وما وراءهما من شركات عابرة للقارات، ومن منظمات "غير حكومية"، فيما يُراقب الأُسْطُول السادس (الأسطول الأمريكي في البحر الأبيض المتوسّط)، والسفارة الأمريكية، وسفارات الإتحاد الأوروبي، الوضع عن كَثَب...
لا يَبْدُو أن القوى التقدمية واليسار استفادت من هذه التّجارب (وهي ليست الأولى)، بل تدهوَرَ وضعها، ولم تطرحْ (أو لم تَنْشُرْ) أحزاب اليسار في تونس أو في مصر أو في غيرها تقييمات واستخلاصات، من هذه التجارب (التي كلفت الفُقراء غاليا)، وبالأخص لم تطرح آفاقًا مستقبلية، لتجاوُزِ هذا الوضع...
لم تهتم الإنتفاضات العربية بشكل، وطريقة إدارة الثروات، أو بفك الإرتباط مع الإمبريالية، ورغم مُشاركة العديد من الشبان المُتخرجين من الجامعات، لم يقع تطوير خطط لمشاركة ذوي المواهب والكفاءات في برامج تنمية اقتصادية وتكنولوجية، وغيرها من الخطط التي تُمكّن من توظيف هذه القدرات، ضمن برنامج تنمية شاملة، بل لاحظنا ارتفاع عدد الباحثين وذوي المؤهلات العلمية، الذين هاجروا، أو وقع تهجيرهم، إلى أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، فيما اشترت مَشْيَخَة "قطر"، بعض الباحثين والمُدرّسين الجامعيين اللاهثين وراء المال...
لن يمكن للإنتفاضات العفوية أن تتحول إلى ثورة واعية، في غياب أداة ثورية، وبرنامج ثوري، وأهداف ثورية، تعمل على "فك الإرتباط" مع أسباب الغضب، أي القطع مع استنزاف الموارد، ومع احتكارها والإستحواذ عليها من قِبَل الشركات العابرة للقارات، وتعمل على الإعتماد على الذات، بدل الإقتراض ومراكمة الدُّيُون، ووجب العمل على إلغاء الدّيُون، وتوجيه الموارد نحو الإستثمار في الزراعة، وفي تصنيع فائض الإنتاج الزراعي، الذي يضطر الفلاحون إلى إتلافه، والإستثمار في الطاقات المتجددة التي يمكن تطويرها عبر استغلال الشمس والرياح، وفي تحويل المواد الأولية، الزراعية أو المعدنية، بدَل تصديرها خامّة، ويُؤدّي تطبيق مثل هذا البرنامج البسيط إلى تشغيل فائض العَمالة، وإلى استغلال قُدُرات عشرات الآلاف من الشباب المُعطّلِين، من ذوي المُؤهّلات العلمية، ولكنه يتطلب الإستعداد لمواجهة الإمبريالية وأدواتها من شركات احتكارية ومؤسسات مالية، خصوصًا صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية، ولنا في الإنقلابات التي تنظمها الولايات المتحدة في أمريكا الجنوبية دليل على ما ينتظر أي نظام وطني أو تقدّمي أو اشتراكي، في الوطن العربي...
يُشكّل غياب هذه الأداة الثّورية، الحلقة المفقودة في الإنتفاضات العفوية، سواء في بلاد العرب، من تونس 2010 إلى لبنان والعراق 2019، أو في غيرها من بلاد العالم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhoob-alsdagh.yoo7.com
 
الإنتفاضات، بين العفوية والإحتواء:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نبيل - القدس :: اخبار - مقالات سياسية - :: مقالات سياسية-
انتقل الى: