تدبر اية الصبر والمصابرة والرباط ...

بسم الله الرحمن الرحيم
تدبر اية من الذكر الحكيم:-
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونصلي ونسلم ونبارك على نبيه صلى الله عليه واله وسلم وبعد:-
قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200ال عمران) ...
الاية فيها نداء وامر بالصبر وامر ثان بالمصابرة وامر ثالث بالمرابطة ،وفيها بعد القيام بهذه الطلبات وعد ورجاء للمؤمنين بالفلاح وهو غاية تحقيق النجاح والتوفيق والسداد، ولنبحث في تفاصيل ذلك :
1- ابتدأت هذه الاية الكريمة بالنداء للمؤمنين، و في النداء تنبيه للسامع ودعوة للاستماع وطلب للاستجابة ... فطلبت منهم طلبات يؤدونها لعلهم باداء تلك الطلبات والاستجابة للاوامر يفلحون وينجحون في تحقيق مبتغى رسالتهم ، التي بها ابتعثهم الله للعالمين ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم :
2- واول الطلب من المؤمنين بالصبر ..و الناظر لمعاني الصبر في معاجم اللغة يجد انه يجتمع فيه معاني وهي:- الحبس و المنع و الشدة و الضم ... وهو نقيض الجزع .. فالصابر الذي يضم نفسه ويجمعها على عدم الهلع و الجزع مما يلحق به من نوائب او مصائب او اقدار ..او مما يطلب منه من اعمال يتطلب الاتيان بها الشدة والقوة والعزم .. .
وقال الجرجاني في التعريفات عن الصبر - (هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله) .
وقال الراغب في مفردات القران عن الصبر هو:- (حَبسُ النَّفسِ على ما يقتَضيه العَقلُ والشَّرعُ، أو عَمَّا يقتَضيانِ حَبسَها عنه)...
وعرفه ابن القيم في كتابه الروح بانه: ( ثباتُ القلبِ على الأحكامِ القَدَريَّةِ والشَّرعيَّةِ. ) .
قال سيدنا علي رضي الله عنه :-
لا تَجزَعَنَّ إِذا نابَتكَ نائِبَةٌ -- واصبر ففي الصّبر عند الضّيقِ متَّسعُ
إن الكريمَ إذا نابتهُ نائبةٌ -- لَم يَبدُ مِنهُ عَلى عِلّاتِهِ الهَلَعُ
ومن تعريفات العلماء "للصبر" في اللغة والاصطلاح يتضح لنا أنه حبس النفس على ما تكره، وذلك يشمل الصبر على فعل الطاعة، ولو كرهت ذلك نفس الصابر، مثل: القيام لصلاة الفجر في أيام البرد القارص، مع شدة ثقل النوم ورغبة النفس في الاستمرار على الراحة وبقاء الجسم متغطيا بما يقيه البرد، ومثل الصبر على مقارعة الأعداء في ميدان القتال، أمام هجمات الأعداء بالنبال والسيوف، أو في عصرنا الحاضر البنادق وقذائف المدافع والصواريخ، و تحت نقع غبار الخيل أو الدبابات أو أزيز الطائرات ذات السلاح الفتاك. وقد جاء العديد من الايات والاحاديث تبين فضله وعظيم ثوابه واجره ...
3- وهنا قد ينفد صبر الصابر، فتغلبه نفسه وهواه والشيطان، فيترك طاعة الله، أو يرتكب معصيته، فيأتي دور المصابرة ، وهي الطلب الثاني في الاية الكريمة ... و أما المصابرة، فهي أن يجاهد المسلم نفسه مجاهدة لا تنقطع، حتى يحقق المجاهد رضا ربه عنه، بفعل الطاعة وترك المعصية، ذاكرا قول الله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)(99)) الحجر. وذاكرا كذلك قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78 الحج) .
فالمصابرة ان يثبت المؤمن على صبره ويلازمه ويستمر عليه حتى ينفد صبر عدوه وهو ثابت، فينصره الله على عدوه ويهزمه، وقد يكون صبره دقائقَ محدودةً مصابرةً تجلب النصر، ونفاد صبره في دقائق قد يجلب الهزيمة. فقد قيل للامام العالم المجاهد البطل الشهيد الملقب باسم للبطّال:
(ما الشجاعة؟ قَالَ: صبرُ ساعة) .
فطلب الصبر و طلب المصابرة من المؤمنين هما طلب نفسي .. اي لتهيئة النفس وتوطينها على الصبر ومن ثم المصابرة على متطلبات الدعوة وحفظ كيان الامة القائمة بدعوة الله تعالى التي ابتعثها الله وانتدبها تعالى لها واختارهم جنودا له لادائها وذلك بقوله سبحانه :- ﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِی كُنتَ عَلَیۡهَاۤ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن یَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن یَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمَـٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [البقرة ١٤٣] . وبقوله تعالى ووعدهم بالغلبة الدائمة لاعداءهم ونسبتهم اليه تعالى نسبة تشريف وتكريم في سورة الصافات :- (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173 الصافات) .و وصفهم الله تعالى بالولاء الخالص له والبراءة من غيره واعتبرهم حزبه وانصاره واولياءه وايضا هنا نسبهم اليه تعالى نسبة تكريم وتشريف واعلاء شأن لهم بين العالمين فقال: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) الحشر .
وهنا بعد الاعداد العقائدي العقلي وتهيئةالنفس للقبول و وقف النفس على طاعة الله تعالى في اداء اوامره واجتناب نواهيه ياتي الدور العملي والمادي وهو الرباط :
4- و الرباط في اللغة من الربط وهو علاقة بين طرفين كربط المعاني بالالفاظ و كربط الدابة بالحبل وكارتباط الرجل بالمرأة في علاقة الزواج وكربط البلدتين بطريق يصلهما ببعض وقالوا :ربَط جأشُه :اشتدّ قلبُه فلم يهرب عند الفزع ورَبَطَ الشيءَ رَبَطَ رَبْطًا: شَدَّهُ ،وربط الله على قلبه: صبّره وقوّاه
وربَط الله على قلبه: قوّاه بالسّكينة والطمأنينة والصَّبر .... ورابط على الامر واظب وداوم عليه .. وهذا الاخير منه اخذ المعنى الشرعي للرباط ،الذي يشمل المواظبة على الحذر و الاعداد والاستعداد للعدو بالمال والسلاح الذي يرهبه، ويحقق الردع ،و يصنع الامن و الامان للمؤمنين ويحفظ بيضة الاسلام ، كما يشمل الرباط الصبر والمصابرة اي دوام الصبر مهما كلف من اعباء وتحمل المصائب والابتلاءات والشدائد وان توالت وتتابعت، و تحما تبعات الاقامة في الثغور لردع ورد العدو المتربص للغدر بالمؤمنين، فيتواصون بالصبر والثبات على منهج الحق، وما يحقق لهم ولامتهم واجيالها المتتابعة العزة والكرامة والسؤدد.
ولهذا أمر الله تعالى بالصبر والمصابرة معا ثم اعقب امره بهما بالامر بالمرابطة على الاستعداد والاعداد لقتال العدو، فقال تعالى: (ياأيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (آل عمران:200) فلم يكتف بالأمر بالصبر وحده ولكن اضاف اليه المصابرة والمرابطة .
ان لم يفعل المؤمنون ذلك فهم في خسران مبين وهزائم تتوالى، ولا يفلح لهم امر ،ولا ينتهي خسرانهم الا اذا استجابوا لاوامر ربهم تعالى ..
بسم الله الرحمن الرحيم (وَٱلۡعَصۡرِ (1) إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ (2) إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ (3) سورة العصر
وهنا نقول يا ويح من ينتظرون الجنة والمغفرة وهم على الفراش والارائك متكئوت، والقدس تنادي وغزة والضفة واكنا ف بيت المقدس تستغيث وتستنجد ، يا ويحهم من قوله تعالى:- (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) البقرة (214)
وقوله: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) آل عمران: (142) - فلن تنفعهم صكوك غفران القاعدين ودعاية
الخوالف من المثبطين والواهمين ، فالجنة كما قيل عروس مهرها الارواح والنفوس.
وانا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اجعلنا ممن سمع قولك فاستجاب واطاع واجعلنا ممن سمع نداءك فلبى وعمل وصبر وصابر وممن تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

محمد بن يوسف الزيادي كتب:: بسم الله الرحمن الرحيم
تدبر اية من الذكر الحكيم:-
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونصلي ونسلم ونبارك على نبيه صلى الله عليه واله وسلم وبعد:-
قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200ال عمران) ...
الاية فيها نداء وامر بالصبر وامر ثان بالمصابرة وامر ثالث بالمرابطة ،وفيها بعد القيام بهذه الطلبات وعد ورجاء للمؤمنين بالفلاح وهو غاية تحقيق النجاح والتوفيق والسداد، ولنبحث في تفاصيل ذلك :
1- ابتدأت هذه الاية الكريمة بالنداء للمؤمنين، و في النداء تنبيه للسامع ودعوة للاستماع وطلب للاستجابة ... فطلبت منهم طلبات يؤدونها لعلهم باداء تلك الطلبات والاستجابة للاوامر يفلحون وينجحون في تحقيق مبتغى رسالتهم ، التي بها ابتعثهم الله للعالمين ليخرجوا الناس من الظلمات الى النور باذن ربهم :
2- واول الطلب من المؤمنين بالصبر ..و الناظر لمعاني الصبر في معاجم اللغة يجد انه يجتمع فيه معاني وهي:- الحبس و المنع و الشدة و الضم ... وهو نقيض الجزع .. فالصابر الذي يضم نفسه ويجمعها على عدم الهلع و الجزع مما يلحق به من نوائب او مصائب او اقدار ..او مما يطلب منه من اعمال يتطلب الاتيان بها الشدة والقوة والعزم .. .
وقال الجرجاني في التعريفات عن الصبر - (هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله) .
وقال الراغب في مفردات القران عن الصبر هو:- (حَبسُ النَّفسِ على ما يقتَضيه العَقلُ والشَّرعُ، أو عَمَّا يقتَضيانِ حَبسَها عنه)...
وعرفه ابن القيم في كتابه الروح بانه: ( ثباتُ القلبِ على الأحكامِ القَدَريَّةِ والشَّرعيَّةِ. ) .
قال سيدنا علي رضي الله عنه :-
لا تَجزَعَنَّ إِذا نابَتكَ نائِبَةٌ -- واصبر ففي الصّبر عند الضّيقِ متَّسعُ
إن الكريمَ إذا نابتهُ نائبةٌ -- لَم يَبدُ مِنهُ عَلى عِلّاتِهِ الهَلَعُ
ومن تعريفات العلماء "للصبر" في اللغة والاصطلاح يتضح لنا أنه حبس النفس على ما تكره، وذلك يشمل الصبر على فعل الطاعة، ولو كرهت ذلك نفس الصابر، مثل: القيام لصلاة الفجر في أيام البرد القارص، مع شدة ثقل النوم ورغبة النفس في الاستمرار على الراحة وبقاء الجسم متغطيا بما يقيه البرد، ومثل الصبر على مقارعة الأعداء في ميدان القتال، أمام هجمات الأعداء بالنبال والسيوف، أو في عصرنا الحاضر البنادق وقذائف المدافع والصواريخ، و تحت نقع غبار الخيل أو الدبابات أو أزيز الطائرات ذات السلاح الفتاك. وقد جاء العديد من الايات والاحاديث تبين فضله وعظيم ثوابه واجره ...
3- وهنا قد ينفد صبر الصابر، فتغلبه نفسه وهواه والشيطان، فيترك طاعة الله، أو يرتكب معصيته، فيأتي دور المصابرة ، وهي الطلب الثاني في الاية الكريمة ... و أما المصابرة، فهي أن يجاهد المسلم نفسه مجاهدة لا تنقطع، حتى يحقق المجاهد رضا ربه عنه، بفعل الطاعة وترك المعصية، ذاكرا قول الله تعالى: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)(99)) الحجر. وذاكرا كذلك قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78 الحج) .
فالمصابرة ان يثبت المؤمن على صبره ويلازمه ويستمر عليه حتى ينفد صبر عدوه وهو ثابت، فينصره الله على عدوه ويهزمه، وقد يكون صبره دقائقَ محدودةً مصابرةً تجلب النصر، ونفاد صبره في دقائق قد يجلب الهزيمة. فقد قيل للامام العالم المجاهد البطل الشهيد الملقب باسم للبطّال:
(ما الشجاعة؟ قَالَ: صبرُ ساعة) .
فطلب الصبر و طلب المصابرة من المؤمنين هما طلب نفسي .. اي لتهيئة النفس وتوطينها على الصبر ومن ثم المصابرة على متطلبات الدعوة وحفظ كيان الامة القائمة بدعوة الله تعالى التي ابتعثها الله وانتدبها تعالى لها واختارهم جنودا له لادائها وذلك بقوله سبحانه :- ﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِی كُنتَ عَلَیۡهَاۤ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن یَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن یَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِیرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِینَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیُضِیعَ إِیمَـٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [البقرة ١٤٣] . وبقوله تعالى ووعدهم بالغلبة الدائمة لاعداءهم ونسبتهم اليه تعالى نسبة تشريف وتكريم في سورة الصافات :- (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173 الصافات) .و وصفهم الله تعالى بالولاء الخالص له والبراءة من غيره واعتبرهم حزبه وانصاره واولياءه وايضا هنا نسبهم اليه تعالى نسبة تكريم وتشريف واعلاء شأن لهم بين العالمين فقال: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) الحشر .
وهنا بعد الاعداد العقائدي العقلي وتهيئةالنفس للقبول و وقف النفس على طاعة الله تعالى في اداء اوامره واجتناب نواهيه ياتي الدور العملي والمادي وهو الرباط :
4- و الرباط في اللغة من الربط وهو علاقة بين طرفين كربط المعاني بالالفاظ و كربط الدابة بالحبل وكارتباط الرجل بالمرأة في علاقة الزواج وكربط البلدتين بطريق يصلهما ببعض وقالوا :ربَط جأشُه :اشتدّ قلبُه فلم يهرب عند الفزع ورَبَطَ الشيءَ رَبَطَ رَبْطًا: شَدَّهُ ،وربط الله على قلبه: صبّره وقوّاه
وربَط الله على قلبه: قوّاه بالسّكينة والطمأنينة والصَّبر .... ورابط على الامر واظب وداوم عليه .. وهذا الاخير منه اخذ المعنى الشرعي للرباط ،الذي يشمل المواظبة على الحذر و الاعداد والاستعداد للعدو بالمال والسلاح الذي يرهبه، ويحقق الردع ،و يصنع الامن و الامان للمؤمنين ويحفظ بيضة الاسلام ، كما يشمل الرباط الصبر والمصابرة اي دوام الصبر مهما كلف من اعباء وتحمل المصائب والابتلاءات والشدائد وان توالت وتتابعت، و تحما تبعات الاقامة في الثغور لردع ورد العدو المتربص للغدر بالمؤمنين، فيتواصون بالصبر والثبات على منهج الحق، وما يحقق لهم ولامتهم واجيالها المتتابعة العزة والكرامة والسؤدد.
ولهذا أمر الله تعالى بالصبر والمصابرة معا ثم اعقب امره بهما بالامر بالمرابطة على الاستعداد والاعداد لقتال العدو، فقال تعالى: (ياأيها الذين ءامنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (آل عمران:200) فلم يكتف بالأمر بالصبر وحده ولكن اضاف اليه المصابرة والمرابطة .
ان لم يفعل المؤمنون ذلك فهم في خسران مبين وهزائم تتوالى، ولا يفلح لهم امر ،ولا ينتهي خسرانهم الا اذا استجابوا لاوامر ربهم تعالى ..
بسم الله الرحمن الرحيم (وَٱلۡعَصۡرِ (1) إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ (2) إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ (3) سورة العصر
وهنا نقول يا ويح من ينتظرون الجنة والمغفرة وهم على الفراش والارائك متكئوت، والقدس تنادي وغزة والضفة واكنا ف بيت المقدس تستغيث وتستنجد ، يا ويحهم من قوله تعالى:- (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين ءامنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) البقرة (214)
وقوله: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) آل عمران: (142) - فلن تنفعهم صكوك غفران القاعدين ودعاية
الخوالف من المثبطين والواهمين ، فالجنة كما قيل عروس مهرها الارواح والنفوس.
وانا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اجعلنا ممن سمع قولك فاستجاب واطاع واجعلنا ممن سمع نداءك فلبى وعمل وصبر وصابر وممن تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

» وقفات تدبر مع اية الاعراف 22
» الصبر ضياء
» إصدار للمكتب الإعلامي لشبكة الجهاد والرباط : دعاء لأهل العراق /1 .