اصطفاء امة الاسلام بوراثة الرسالة !!!

***بسم الله الرحمن الرحيم***
اصطفاء امة الاسلام واختيارها على غيرها من الامم لحمل الرسالة الخاتمة:-
قال الله تبارك و تعالى :-﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾ [الذاريات: ٥٦]
وقد اصطفى عز و جل امة محمد صلى الله عليه واله وسلم من بين الخلائق لتكون امة رسالته والامناء على هدايته و احكام دينه و وارثة نشره في الارض فقال : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة/143 . وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في تفسير هذه الآية تبين أن المراد من قوله تعالى: (أمة وسطاً ) أي : عدلاً خياراً . فالوسطية هنا ليسن من المنتصف بين اثنين والا كان هنا للتفاضل بين متساوين، وهذا غير صحيح ، لان امتنا امة هدي وهداية والامم الاخرى امم ضلالة وغواية !!، ومن تلك الاحاديث ما روى الامام البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُدْعَى نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلام يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ لَهُ : هَلْ بَلَّغْتَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ؛ فَيُدْعَى قَوْمُهُ فَيُقَالُ لَهُمْ : هَلْ بَلَّغَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ أَوْ مَا أَتَانَا مِنْ أَحَدٍ , قَالَ : فَيُقَالُ لِنُوحٍ : مَنْ يَشْهَدُ لَكَ ؟ فَيَقُولُ : مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ , قَالَ : فَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) قَالَ : الْوَسَطُ الْعَدْلُ ) وزاد الامام أحمد : ( قَالَ : فَيُدْعَوْنَ فَيَشْهَدُونَ لَهُ بِالْبَلاغِ , قَالَ : ثُمَّ أَشْهَدُ عَلَيْكُمْ ) .
وقد جعل تعالى الله خيرية هذه الامة فائمة مستمرة ما قامت واستمرت بالامر بالمعروف مما اقره الشرع وطلبه ،وما نهت عن المنكر مما نهى عنه الشرع و رفضه .. قال الله تعالى :- ﴿ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ﴾ [ آل عمران: 110].
وقد وصفهم الله تعالى وبشر بهم في الكتب السابقة فقال سبحانه

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا(29 الفتح) ..
ومن اعظم مهام هذه الامة والمهمة التي اعطتها وسطية مكانتها وعلوها على الامم هي وراثتها لامر الرسالة والتبليغ والنشر لدين الله عز وجل ونشره مع النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته كما فعل الصحابة الكرام، وبعد النبي كما فعل الخلفاء الراشدون الذين خلفوا رسول الله في مهمة التبليغ واقامة امور الدين وتنفيذ احكامه في الارض !! فقال سبحانه وتعالى :- ﴿قُل هذِهِ سَبيلي أَدعو إِلَى اللَّهِ عَلى بَصيرَةٍ أَنا وَمَنِ اتَّبَعَني وَسُبحانَ اللَّهِ وَما أَنا مِنَ المُشرِكينَ﴾ [يوسف: ١٠٨]. فكان التكليف بالدعوة والتزام طريقتها له صلى الله عليه واله وسلم وبالطبع من معه ومن ثم لكل من تبعه ممن اتى ويأتي بعده ..- انا ومن اتبعني- .
ومما سبق يتضح لنا ما يلي:-
1- ان الغاية من خلق عالم الجن الخفي العاقل المكلف وعالم الانس الظاهر العاقل المكلف هو عبادة الله تعالى بالمعنى الشمولي للعبادة ، والذي يتمثل في الانقياد والاستسلام لله تعالى باتباع احكامه وتجنب نواهيه في كل امور حياتنا ،،(ان محياي ومماتي لله رب العالمين) ... ( ولا تموتن الا وانتم مسلمون) ،،، (ورضيت لكم الاسلام دينا) ،،، (ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) .....
2- ان الله تعالى قد جعل هذه الامة اشرف الامم واعلاها مكانة بسبب وراثتها لمهمات الانبياء والرسل بامر هم بالمعروف ونهيهم عن المنكر سواء فيما بينهم او لسواهم من الامم الاخرى .. وهذا لا يتحقق حتى تسعى الامة لتبوء مكانة الصدارة والسيادة والريادة في العالم، لتتمكن من قيادة الامم والشعوب وتوجيهها لسبيل الحق والرشاد .. وهذا يتطلب من الامة حمل الرسالة والعيش من اجلها، وبذلك تكون قد نصرت الله تعالى فينصرها الله تعالى ويثبتهم في الارض ويمكن لهم ويستخلفهم، بان يجعلهم الدولة الاولى في العالم التي تراقب تصرفاته وتوجه معاملاته، و تكون حارسة الخلق والفضيلة في العالم ، وتفرض احكام شرعها ودينها ورسالتها التي تحملها على الواقع العالمي والمجتمع الدولي.. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]. فان فعلوا ذلك عبادة لله ونصرة لدينه استحقوا تحقق وعد الله الذي وعد في قوله تعالى تعالى:- (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا، ومن كفر من بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (55النور) ..
3- ولتحقيق ذلك كله عليهم اقتفاء اثر النبي صلى الله عليه وسلم ودراسة سيرته خطوة خطوة ليحققوا النصر والنصرة ويكتب لهم ولدينهم الانتصار، فالسيرة هي الطريقة لتنفيذ تبليغ الرسالة وايصالها لمختلف الاماكن والامصار ،ونحن مأمورون باتباعها لقوله تعالى في خواتيم سورة يوسف:
﴿ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾[ يوسف: 108] ...
وفقنا الله واياكم لاتباع منهج الحق والسداد للسير على طريق الرشاد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

» الرسالة التاسعة الى الحجيج
» الرسالة الثامنة للحجيج
» الرسالة العاشرة الى الحجيج