استجابة لأمر الله تبارك وتعالى وتلبية لندائه الخالد "انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله" كان الالتقاء والتجمع ثم الفرز والنفير والجهاد فالتحمت القلوب المؤمنة وتشابكت الأكف وهتفت الحناجر تحت راية واحدة ولشعار واحد "الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا" لينطلق المارد الفلسطيني المسلم عبر سنوات الهجر والطمس والتغييب القسري معلناً قراره التاريخي في يوم من الأيام الخالدة بنسماتها وإشراقاتها من شهر أيار (مايو) من عام 1990 بإشعال أحد أهم قناديل الجهاد على أرض الرباط.. كتائب الشهيد عز الدين القسام. ويستمر العطاء ويتصاعد لا تحاصره اعتقالات ولا دماء ولا قيود، فتنتقل شعلة الجهاد والكفاح المسلح من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع العز والكرامة إلى مدينة غزة ومخيماتها في أقصى الشمال لتنطلق من بعدها مجموعة "الشهداء" بعد أن طورد مجاهدوها إلى الضفة الغربية تدرب شبابها وتشاركهم الجهاد على أرضنا الطاهرة الطيبة.
شكلت قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام مجموعتها الأولى في المنطقة الشمالية من قطاع غزة في بداية عام 1991، وعرفت هذه المجموعة باسم "مجموعة الشهداء" تعمل بشكل أساسي في قتل رموز العمالة الخطرين إلى حين الحصول على قطع سلاح لتسليح أفراد المجموعة استعداداً لتنفيذ عمليات عسكرية ضد دوريات وجنود الاحتلال. وعلى الرغم من وجود من هو أكبر منه سناً وأقدم منه في المرتبة التنظيمية، إلا أن ما يتمتع به الشهيد عماد عقل من ذكاء وفطنة وخفة حركة إلى جانب حذره واستعداده الدائم جعلت قيادة الكتائب ومجاهدي المجموعة يختارونه ضابطاً لهم ينقل التعليمات والأوامر والخطط وكل ما يتعلق بشأن المجموعة من وإلى القيادة.
تكونت المجموعة من تسعة مجاهدين هم: عماد عقل ضابطاً، ومحمد أبو العطايا، ومحمد أبو عايش، ومجدي حماد، وغسان أبو ندى، ومحمد حرز ، ونهرو مسعود، وطلال صالح، وبشير حماد. وراح هؤلاء المجاهدون يصوبون سكاكينهم وخناجرهم إلى صدور المجرمين الساقطين في شباك العمالة والخيانة بتخطيط متقن وعمليات نوعية جريئة أثارت جنون اليهود. فقد كانت المجموعة تخطف العميل وتحقق معه مستفيدة مما لديه من معلومات ومسجلة اعترافاته على أشرطة تسجيل كوثائق للإدانة وأدلة لا يمكن إنكارها ثم تنفذ فيه حكم الله إذا رفض التوبة . وكان لهذه العمليات الناجحة وقع بالغ عند الجماهير لما لها من أثر واضح في تطهير المجتمع من العناصر الفاسدة التي سممتها المخابرات الإسرائيلية. وظل الناس يتابعون في شغف عمليات الكتائب التطهيرية في غزة وجباليا والشيخ رضوان ومخيم الشاطئ.
مجموعة الشهداء في كتائب عز الدين القسام
أعضاء المجموعة ،، تاريخ الميلاد ،، السكن ،، الوضع الحالي
عماد حسن إبراهيم عقل ،، 1971 ،، م. جباليا ،، استشهد بتاريخ 24/11/1993
غسان مصباح عبد الحميد أبو ندى ،، 1969 ،، م. جباليا ،، استشهد بتاريخ 2/5/1991
محمد عبد الكريم سالم أبو العطايا ،، 1968 ،، حي الرمال ،، معتقل منذ 29/7/92- حكم بالسجن المؤبد 17 مرة
محمد جميعان أبو عايش ،، 1967 ،، حي الرمال ،، معتقل منذ 29/7/92- حكم بالسجن المؤبد 5 مرات
محمد علي محمد حرز ،، 1968 ،، حي الدرج ،، معتقل منذ 29/7/92- حكم بالسجن المؤبد 8 مرات
مجدي أحمد حماد ،، 1965 ،، م. جباليا ،، معتقل منذ 26/12/91- حكم بالسجن المؤبد 6 مرات
طلال طلب محمد صالح ،، 1969 ،، حي الزيتون ،، مطارد - تمكن من الخروج من قطاع غزة
بشير عودة عثمان حماد ،، 1967 ،، م. جباليا ،، مطارد - تمكن من الخروج من قطاع غزة
نهرو محمود مصطفى مسعود ،، 1971 ،، م. جباليا ،، مطارد - تمكن من الخروج من قطاع غزة
استمرت المجموعة تعمل في مجال التحقيق وتصفية العملاء الخطرين في المنطقة الشمالية من القطاع بانتظار تزويدها بالسلاح لمواجهة اليهود، حيث كان العميل يحيى الأحول أول عميل يتم تصفيته من قبل المجموعة ثم تبعه محاولة القضاء على المجرم مصطفى المشلوح، وهذا له قصة خاصة مع المجموعة. حيث قررت المجموعة الحصول على السلاح عن طريق تصفية أحد العملاء المسلحين على الرغم من خطورة هذه العملية كون المجموعة التي ستهاجمه لا تملك إلا الخناجر والمسدسات البلاستيكية (للتخويف)، وقد يدفعون الثمن جراء ذلك، وقد دفعوا بالفعل ثمن ذلك روح شهيدهم البطل غسان أبو ندى.
ففي اليوم الثاني من أيار (مايو) من عام 1991، خرجت المجموعة في سيارتين لتصفية العميل مصطفى المشلوح وهو من العملاء الخطرين جداً، فبيته محصن وعليه حراسة من جانب العملاء أنفسهم بالإضافة إلى كونه مُدرّباً على السلاح، حيث كان يخرج في الصباح الباكر إلى إحدى المستوطنات اليهودية القريبة ليتولى الإشراف على تدريب أتباعه من العملاء على مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة، إلا أن مجموعة الشهداء أصرت على مطاردته على أمل الحصول على ترسانة الأسلحة التي يحتفظ بها في سيارته والتي تشمل عدة مسدسات ورشاشات من نوع (ام-16) وعوزي. وما إن خرج المجرم مصطفى المشلوح من منزله متجهاً إلى المستوطنة حتى اعترضته المجموعة محاولة إيقافه والسيطرة عليه قبل أن يسحب السلاح عليهم، غير أن القدر يأبى إلا أن يسير كما حدده الله، إذ نجح المجرم في سحب مسدسه وإطلاق النار قبل أن يتمكن المجاهدان غسان أبو ندى ومحمد أبو العطايا من السيطرة على السيارة رغم تمكن غسان من الإمساك بعجلة القيادة وحرف السيارة عن الشارع. فاستشهد المجاهد البطل غسان أبو ندى إثر إصابته برصاصة في الرأس وهرب العميل بعد أن سحب الرشاش العوزي الذي كان إلى جانبه، فحمل المجاهدون غسان وكان ما يزال على قيد الحياة وانطلقوا به إلى المستشفى المعمداني القريب من المكان بعد أن حطموا سيارة العميل. وقد استشهد غسان أبو ندى قبل وصوله إلى المستشفى الذي كان يعمل به رحمه الله، وكانت آخر الكلمات التي تلفظ بها الشهادة الخالدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
كان لهذه العملية الأثر الكبير على أفراد المجموعة وبخاصة الشهيد القائد عماد عقل الذي كان يتحرق شوقاً للحصول على السلاح وقتال اليهود. وبعد توقف لمدة قصيرة، استأنفت المجموعة عملياتها التطهيرية في المنطقة التي كانت تعمل فيها وتمكنت من قتل خمسة عملاء وإصابة سادس بجراح.