وجوب اتباع الطريقة الشرعية لاقامة الدولة الاسلامية
المسلم هو المستسلم المنقاد في أمره وفكره وشأنه كله لله, وليس له مصدر لتفكيره واجتهاده واحكامه وسلوكه وتصرفاته الا وحي الله, الموحى به الى رسوله صلى الله عليه وسلم, الذي ارسله بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة, وهاديا وسراجا منيرا كافة للناس, فلا ينطبق عليه وصف الاسلام بصدق؛ الا اذا سلم قياده لله فكرا وسلوكا بانقياد واذعان ورضى وقبول .
ومن أجل ذلك انزل الله عز وجل كتابا فصل آياته, وجعله تبيانا لكل شيء يعرض للمسلم في حياته وطلب منه تدبر هذا الكتاب اثناء قراءته وجعل قراءته عبادة وتدبره من اعظم العبادات (افلا يتدبرون القرءان ام على قلوب اقفالها ).
وفي موضوع الدعوة للاسلام والسير في مراحلها المفصلة في كتب السيرة المعتبرة والاحاديث الصحيحة المروية في مسيرة النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة الى هذا الدين العظيم واقامة كيانه في الارض بدولة تجسد افكاره ومفاهيمه وتقيم احكامه كانت هذه الطريقة قرآنية بحتة ابتداء من اول كلمة نزلت الامر بالتفكير والتعلم والتثقف (اقرأ ) فكانت دار الارقم ابن ابي الارقم ثم (يأيها المدثر قم فأنذر) فكانت دعوة الاصدقاء والمقربين ثم (وأنذر عشيرتك الأقربين ) فكانت جمعت الصفا ثم (فاصدع بما تؤمر )فكانت دعوة قريش جميعا ايدها قوله تعالى (لتنذر ام القرى ) فلما تبلدت مكة ام القرى امامه سلام الله عليه انزل عز وجل قوله (ومن حولها ) فانطلق طالبا للنصرة من مختلف القبائل خارج مكة فلما حصلت له النصرة امر بالهجرة فاقام الدولة ولعلكم تذكرون طلب عمر رضي الله عنه من النبي سلام الله عليه في مكة اي قبل الدولة بما معناه الا نميل على اهل هذا الوادي --يقصد مكة -- ميلة رجل واحد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لم نؤمر بعد .
اذاً الدعوة أمر وتكليف رباني, وكذلك طريقتها, هي كبقية الأحكام الشرعية, بيان رباني وتكليف شرعي, لا يعدل عنه الى سواه والا لا تكون النتيجة شرعية, فمن توضأ بماء الورد ليس بمتوضئ, ومن صلى الركعة بركوعين واربع سجدات ليس بمصل. فالحكم الشرعي فكرة وطريقة هو من الله تعالى, والا لا يعتبر مشروعاً, قال الله تعالى: ( فاستقم كما امرت )وقال سبحانه وتعالى: (قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعن )فكل من اتبع النبي مقيد باتباع طريقته واستبصارها.
اما لماذا لم يبحث الفقهاء الاكارم السابقون الطريقة, فانهم عرفوا الفقه بانه العلم بالمسائل الشرعية العملية المستنبطة من ادلتها الشرعية......وبالقيد (العملية) اخرجوا البحث في المسائل النظرية من هذا العلم, وحيث ان الدولة كانت في زمانهم قائمة من عهد النبوة, وتعاقب على قيادتها الخلفاء, ولم يكن مسلم عادي فضلا عن عالم يتصور او يقع بخاطره زوال الحكم بالاسلام, وزوال دولته, فالبحث اذاً في هذا الامر سيكون ضربا من الخيال بالنسبة لهم وليس من الفقه في شيء في حقهم . .
فلما احتجناه نحن وجدناه في كتاب لم يفرط الله فيه من شيء, فاستنبطه عالمنا وشيخنا الجليل الشيخ المجتهد المطلق تقي الدين النبهاني رحمة الله عليه, وعلى هذه الطريقة اقام حزبا عملاقا اسمه حزب التحرير, غايته وهدفه استئناف الحياة الاسلامية, التي لا تكون الا باقامة الخلافة الراشدة الثانية بعون الله وكونها راشدة لا تكون لا بسلطان مغتصب ولا متغلب بل باختيار الناس ورضاهم لانها عقد مراضاة بين الامة ومن تختاره لتمنحه سلطانها فالسلطان للامة لها الخيار في منحه من تشاء وبغير ذلك لا تكون راشدة بل اما ان تكون ملكا عضوضا اي يعض الناس ويؤذيهم بالتغلب والغصب لسلطانهم واما ان يكون جبرية تلبس ثوب الاسلام والاسلام منها براء.