العلاقة بين اللغة والفكر من منظور القدامى والمحدثين
الشبكة العربية العالمية: نور الدين شريف أويس
نقد ودراسات
الخميس, 25 تشرين1/أكتوير 2012 22:10
الحمد لله الذي جعل اختلاف اللغات والألوان آية من آياته، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ولاهادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له في ذاته وصفاته وأفعاله،
خلق السموات بلاعمد، وبسط الأرض على ماء فجمد، وقسم الأرزاق ولم ينس أحد. ونشهد أن سيدنا وحبيبنا وقدوتنا ومخرجنا من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الإيمان والهداية محمدا رسول الله-صلّى الله عليه وسلم-بلغ الرسالة وأد الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله عنا به الغمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لايزيغ عنها إلا هالك صلوات الله وتسليماته عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن موضوعنا في هذا المقالة بعنوان )العلاقة بين اللغة والفكر من منظور القدامى والمحدثين( قمت بتقسيمه إلى فصلين: الفصل الأول: يتناول هذا الفصل تعريف اللغة لغة واصطلاحا، ونشأتها، ووظيفتها وقيمتها، وما تميزت به اللغة العربية من بين لغات الأرض. ويحتوي على مبحثين: المبحث الأول: تحدثت فيه عن تعريف اللغة ونشأتها. أما المبحث الثانى: عن وظيفة اللغة وقيمتها، وما تميزت به اللغة العربية من بين لغات الأرض. أما الفصل الثاني: تناولت فيه الفكر وأهميته، والعلاقة بين اللغة والفكر، و يحتوي كذلك على مبحثين: المبحث الأول: تحدثت فيه عن الفكر وعرفته لغة واصطلاحا، وتناولت مفهوم الفكر وقيمته وأهميته في الإسلام. أما المبحث الثاني: فتناولت الحديث فيه عن العلاقة بين اللغة والفكر، وذكرت آراء العلماء المحدثين حول هذه القضية، ونظرة الإسلام للفكر، ثم ختمت الفصل بالملخص والخاتمة والتوصيات. واللهَ أسأل أن يوفقنا لكل ما فيه رضاه، ويقطعنا عن كل شيء سواه، اللهم وفقنا لكل ما فيه رضاك، واقطعنا عن كل شيء سواك، آمين. وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الفصل الأول
اللغة ونشأتها، ووظيتها وقيمتها، وماتميزت به
اللغة العربية عن سائر اللغات.
المبحث الأول: تعريف اللغة ونشأتها:
تعريف اللغة لغة: كلمة(لغة) مصدر على وزن (فعلة) من لغوت أي تكلمت، أصلها لغوة ككرة وقلة وثبة، كلها لاماتها واوات، وقيل: أصلها لغيٌ أو لغو، والهاء عوض. واللغو النطق يقال: هذه لغتهم التي يلغون بها أي ينطقون، قال الأَزهري: واللُّغة من الأَسماء الناقصة وأَصلها لُغْوة من لَغا إِذا تكلم.وقال الكسائي: لغا فى القول يلغى، وبعضهم يقول يلغوُا، ولغى يلغي، لغة، ولغا يلغو لغوا: تكلم . وفي الحديث: (من قال يوم الجمعة والإمام يخطب لصاحبه صه فقد لغا) أي تكلم. وقال ابن شميل فقد لغا أي فقد خاب. وألغيته أي خيبته. وفي الحديث: (من مسى الحصى فقد لغا) أي تكلم.[1]
تعريف اللغة اصطلاحا: أولا: مفهوم اللغة في التراث الإسلامي:
1-اللغة عند ابن جني
حد اللغة أصوات يعبر بها كلُّ قوم عن أغراضهم) ويؤكد هذا التعريف عددا من الحقائق المتصلة باللغة وهي:
1-اللغة ظاهرة صوتية. 2- اللغة لها وظيفة إجتماعية، لكونها أداة للاتصال بين أفراد المجتمع، ووسيلة لتعبيرهم عن أغراضهم. 3- اختلاف اللغة باختلاف المجتمع.
2-اللغة عند ابن تيمية (أداة تواصل وتعبير عما يتصوره الإنسان ويشعر به. فهي وعاء للمضامين المنقولة، سواء أكان مصدرها الوحي، أم الحس، أم العقل. وهي أداة لتمحيص المعرفة الصحيحة، وضبط قوانين التخاطب السليم. ويستفاد من مفهوم ابن تيمية للغة السمات التالية:
1- أن للغة وظيفة اتصالية وتعبيرية.
2- أن لها علاقة بالعقل والتصور والمشاعر.
3- أن هناك صلة بين العناصر الشكلية والمعاني النقلية.
4- أن للغة أهمية في نقل المعرفة وتمحيصيها .
3-اللغة عند ابن خلدون (هي عبارة المتكم عن مقصوده، وتلك العبارة فعل لساني ناشيء عن القصد بإفادة الكلام، فلا بد أن تصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لها، هو اللسان، وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتها). يتضمن هذا التعريف عدة مسائل هي:
1- أن اللغة وسيلة إتصالية إنسانية إجتماعية، يتملكها متكلم اللغة، ويعبر بواسطتها عن آرائه واحتياجاته، ومتطلباته.
2- أن اللغات تختلف من مجموع إلى آخر، طبقا لما اصطلح عليه أفراد كل مجتمع .
3- أن اللغة نشاط إنساني عقلي إرادي يتحقق فى حدود عادة كلامية لسانية.
4- أنها تصبح ملكة لسانية بتكرار استعمالها.
4-اللغة عند عبد القاهر الجرجاني (هي عبارة عن نظام من العلاقات والروابط المعنوية التي تستفاد من المفردات والألفاظ اللغوية بعد أن يسند بعضها إلى بعض، ويعلق بعضها ببعض، في تركيب لغوي قائم على أساس الإسناد. وتمثل نظرية "النظم" مجمل جهود عبد القاهر الجرجاني في تحليل التراكيب والنصوص اللغوية. والنظم هو نظم للمعاني وليس نظما للألفاظ والحروف والأصوات.[2]
5- اللغة عند ابن الحاجب في مختصره: (حدُّ اللغة كلُّ لفظٍ وُضعَ لمعنى).
6-اللغة عند الأسنوي في شرح منهاج الأصول: اللغاتُ : (عبارةٌ عن الألفاظ الموضوعة للمعاني).[3]
ثانيا: مفهوم اللغة عند بعض المحدَثين العرب:
1-أنيس فريحة: عرف اللغة بأن (اللغة ظاهرة سيكولوجية، إجتماعية، ثقافية، مكتسبة، لاصفة بيلوجية، ملازمة للفرد، تتألف من مجموعة رموز صوتية لغوية، اكتسبت عن طريق الاختبار معاني مقررة في الذهن، وبهذا النظام الرمزي الصوتي تستطيع جماعة ما أن تتفاهم وتتفاعل)
2-عمادحاتم: واللغة عند عماد حاتم وسيلة التفاهم بين البشر يكتسبها الإنسان من المحيط الذي يعيش فيه. فهي لاتولد بولادة الإنسان ولا ترتبط بخصائصه البيولوجية، أو العرفية، بل هي ظاهرة تخضع للشروط التي يعيشها المجتمع الإنساني. وهي تنعدم وتتلاشى بانعدام ذلك المجتمع.[4]
3-نايف خرما: نهج نايف خرما منهج تشارلزهوكت Charles Hocket في عدم إيجاد تعريف محدد للغة، فناقش أهم خصائص اللغة الإنسانية التي أوردها هوكت، ومنها أن الإنسان يستخدم الجهاز الصوتي للحديث باللغة، والجهاز السمعي للاستماع إليها. واللغة إصطلاحية تواضعية، تعبر عن الأفكار الذهنية المجردة، ويتوارثها الخلف عن السلف في مجتمع إنساني معين، وتتسم بالازدواجية على المستويين الصوتي، والتركيبي، وباستطاعة البشر أن يستخدموها في الإشارة إلى أشياء وأحداث بعيدة عن المتكلم زمانا ومكانا، ويتصف مستخدم هذه اللغة بالقدرة على الابتكار والإبداع.
ثالثا: مفهوم اللغة عند بعض المحدَثين الغربيين:
1-اللغة عند دي سوسير (هي نظام من الإشارات المغايرة، وأنها-على المستوى الاجتماعي (Langage) –مقدرة في الكلام الإنساني متوفرة في الناس الأسوياء بالوراثة، والتي يتطلب تطويرها المثيرات البيئية الصحيحة. ورأى أنها نظام ذهني يتم بموجبه ربط العناصر اللغوية على المستوى الفونولوجي، أو الصرفي، أو النحوي. واللغة هي كل ما يمكن أن يدخل في نطاق النشاط اللغوي من رمز صوتي، أو كتابي، أو إشاري، أو اصطلاحي. فهي بذلك نظام من العلامات الإصطلاحية ذات الدلالة الإصطلاحية. ذهب دي سوسير إلى أن اللغة جانبا فرديا، وآخر إجتماعيا، ولايمكن إدراك أحد الجانبين في استقلال عن الآخر.
يستخلص من مناقشات دي سوسير لمفهوم اللغة أنها:
1- تنظيم من الإشارات (الرموزية) المغايرة.
2- تنظيم ذهني مرتبط بعناصر لفظية لها مستويات.
3- ظاهرة إجتماعية.
4- واقع مكتسب واصطلاحي.
5- لها وجود على ثلاث مستويات: اللغة التي هي الظاهرة الذهنية الإنسانية، واللسان وهو الوجه الاجتماعي للغة، والكلام وهو الممارسة الفردية للنظم اللغوية.
1-اللغة عند ليونارد بلومفيلد: أن عملية التكلم تخضع لتأثير المثير والإستجابة للمثير. وأن اللغة لاتختلف على العموم عن أنماط السلوك البشري الأخرى.
ينطلق بلومفيلد من النظرة السلوكية في علم النفس ليقدم هذا المفهوم الذي يركز على سمات معينة للغة وهي:
1- أن اللغة عادة كلامية إنسانية.
2- أنها لاتختلف عن أنماط السلوك البشري الأخرى في تأثر المثير والإستجابة للمثير.
3- أنها تختلف من مجتمع لآخر.
4- أنها أصوات تحتوى على دلالات.
5- أن التكلم يخضع لعملية آلية من علاقة مباشرة بين المثير والإستجابة.
رابعا: مفهوم اللغة في الإسلام:
للإسم نظريته المتميزة في اللغة، وحقيقتها، ووظيفتها. فليست اللغة مجرد وسيلة للتواصل بين أفراد الجنس البشري، بل إنها نعمة من نعم الله التي لاتحصى على الإنسان، وهي خاصية تميزه عن غيره من المخلوقات، ووسيلة تحقق ما أراده الله له من تحمل مسئولية الخلافة على الأرض، ويستعين الإنسان بها في تنفيذ كثير من الواجبات التي كتبها الله عليه، ودرء الكثير من المفاسد والمخاطر، وبها يقرر الإنسان السوي اعتقاده، ويبرزه. عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-"الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح". تتكامل اللغة مع العقل لإثبات أفضلية الإنسان على غيره من المخلوقات كما اقتضت الحكمة الإلهية. قال تعالى: (الإسراء:70) ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ وفي صدد عرض ظواهر رحمة الله على خلقه تقرن الآية القرآنية نعمة البيان اللغوي بنعمة تنزيل القرآن، وتعليمه، وخلق الإنسان المميز بهذا قال تعالى: (الرحمن: 1-4) ﴿الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَان﴾.[5]
نشأة اللغة:
الفريق الأول: منهم الجاحظ، وابن فارس، وأبو علي الفارسي: اتجه كثير من اللغويين العرب إلى أن اللغة توقيفية، علمها الله للإنسان وحجتهم في ذالك قوله جل وعز: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (البقرة آية:31).
وهناك فريق آخر: رأى أن اللغة اصطلاح من صنع البشر: منهم الأخفش الأوسط، وأبي الحسن الأشعري، وابن جني فى أحد موقفيه، وطائفة كبيرة من المعتزلة. وقد أحسن عدد من اللغويين في الجمع بين الرأيين فقالوا: إن اللغة هي من عند الله، والله قد جعل قدرة في الإنسان على أن يصطلح من اللغة حسب حاجته . وذهب بعضهم إلى أن أصلها محاكاة للأصوات المسموعة :كدوي الريح، وخرير الماء ، ثم ولدت اللغات فيما بعد. قلت: وهذا يبعد كثيرا عن الصواب، ذالك لأن التجارب أثبتت أن من ولد في جزيرة لا يسكنها معه أحد من البشر فإنه ينشأ بلا شيء من اللغات ولا يهتدى لشيء من أوضاعها ومصطلحاتها ولما كان آدم أبو البشر وحيدا في هذه الدنيا فإنه بدون توقيف من الله تعالى سيكون حاله هو حال ذالك الإنسان الذي ينشأ وحيدا في جزيرة من الجزائر بعيدا عن جنس البشر ولا يمنع هذا من ابتكار بعض الناس ألفاظا وكلمات أو اقتباس بعض اللغات من بعض كما هو مشاهد في تداخل لغات العالم في العصر الحاضر .[6]
هذه النظريات نظريات للقدماء وتبعهم كثير من المحدثين. وثمة نظريات أخرى يطلق عليها عادة اسم النظريات البيلوجية، أو النظريات الحديثة التي تعتبر متفرعة على نحو ما عن نظرية المحاكات السابقة.
وأهم هذه النظريات ما يلي:
نظرية المؤثرات الخارجية (Ding-Dong) يرى أصحاب هذه النظرية أن (هناك صلة وثيقة بين ما ينطق به المرء من أصوات، وبين مايدور في خلجه من أفكار، ويرون أن كل أثر خارجي يتأثر به المرء يستلزم النطق ببعض الأصوات)
نظرية الغريزة: تعد هذه النظرية بمثابة امتداد للنظرية السابقة لاعتقاد أصحابها أن اللغة الإنسانية الأولى نشأت من صيحات-مصدرها الغريزة الإنسانية-للتعبير عن الفرح أو الحزن أو الألم أو ما شابه ذلك.
نظرية الغناء: يرى القائلون بهذه النظرية أن اللغة الإنسانية قد نشأت عن الغناء الفطري ذي الإيقاع الرتيب، الذي تحول إلى لغة في نهاية الأمر.
نظريات أخرى: هناك من اعتقد أن اللغة قد نشأت كمجموعة من الأصوات والآهات التي تصاحبها قيام مجموعة من الناس بمجهود عضلي شاق، كتلك التي تصدر عن مجموعة الصيادين عندما يستخرجون شباكهم من النهر.[7]
وأميل إلى النظرية الأولى التي قال بها ابن فارس، وأبو علي الفارسي، وهي نظرية التوقيف والإلهام؛ لاستنادها إلى أدلة شرعية قوية تتماشى والفطرة الإنسانية. والله أعلم.
المبحث الثانى: وظيفة اللغة وقيمتها:
وظيفة اللغة عند اللغويين العرب: اللغة لها وظيفة إجتماعية، لكونها أداة للاتصال بين أفراد المجتمع، ووسيلة لتعبيرهم عن أغراضهم. أن للغة وظيفة إتصالية وتعبيرية، أن للغة أهمية فى نقل المعرفة وتمحيصيها. أن اللغة وسيلة إتصالية إنسانية إجتماعية، يتملكها متكلم اللغة، ويعبر بواسطتها عن آرائه واحتياجاته، ومتطلباته، أن اللغة نشاط إنساني عقلي إرادي يتحقق في حدود عادة كلامية لسانية. أن اللغة وسيلة للتفاهم والتفاعل، وهي وسيلة التفاهم بين البشر يكتسبها الإنسان من المحيط الذي يعيش فيه.
وظيفة اللغة عند المحدَثين الغربيين: أن اللغة وسيلة لتوصيل العواطف والأفكار والرغبات والأغراض عن طريق نظام من الرموز الصوتية. أنها أداة اتصال تحلل وفقها خبرة الإنسان بصورة مختلفة في كل تجمع إنساني، وينتهي هذا التحلل إلى وحدات صوتية لها محتوى دلالي. أن اللغة وسيلة للتعبر عن الأفكار الذهنية المجردة، ويتوارثها الخلف عن السلف في مجتمع إنساني معين، وتتسم بالإزدواجية على المستويين الصوتي، والتركيبي، وهي وسيلة أيضا لاستخدامها في الإشارة إلى أشياء وأحداث بعيدة عن المتكلم زمانا ومكانا.
وظيفة اللغة وحقيقتها وقيمتها في الإسلام: اللغة نعمة وأداة بيان: للإسم نظريته المتميزة في اللغة، وحقيقتها، ووظيفتها. فليست اللغة مجرد وسيلة للتواصل بين أفراد الجنس البشري، بل إنها نعمة من نعم الله التي لاتحصى على الإنسان، وهي خاصية تميزه عن غيره من المخلوقات، ووسيلة تحقق ما أراده الله له من تحمل مسئولية الخلافة على الأرض، ويستعين الإنسان بها في تنفيذ كثير من الواجبات التي كتبها الله عليه، ودرء الكثير من المفاسد والمخاطر، وبها يقرر الإنسان السوي اعتقاده، ويبرزه. عن علي رضى الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-"الإيمان معرفة بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح".
تتكامل اللغة مع العقل لإثبات أفضلية الإنسان على غيره من المخلوقات كما اقتضت الحكمة الإلهية. قال تعالى: (الإسراء:70) ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ وفي صدد عرض ظواهر رحمة الله على خلقه تقرن الآية القرآنية نعمة البيان اللغوي بنعمة تنزيل القرآن، وتعليمه، وخلق الإنسان المميز بهذا البيان. قال تعالى:﴿الرَّحْمَنُ*عَلَّمَ الْقُرْآنَ*خَلَقَ الْإِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾. (الرحمن: 1-4).
اختلاف اللغات آية وتحد: ينظر الإسلام إلى اختلاف اللغات بأنه آية من آيات الله، وأن فيه داعيا للمسلم للتفكير، وتحديا لاكتشاف أوجه الاختلاف، والعمل على إيجاد لائتلاف، والسعي إلى تحقيق التعارف بين بني البشر. إن اختلاف اللغات برهان على قدرة الله المطلقة في إدارة شؤون الخلق، وآية من آياته المسطورة في كونه الواسع قال تعالى: (الروم: 22) ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾
المقدرة اللغوية عطاء من الله: يفهم من قوله تعالى: (الرحمن: 3-4) ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ*عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ أن قدرة الإنسان على الإفصاح عما في ضميره فطرية، وأن الله هو الفاطر له على هذا السلوك، ليستعين به في التعامل مع بني جنسه.
ومن قدرة الله تعالى أن يحرم الإنسان من النطق، أو يسلب صفة نطق أعضائه التقليدية، فيمنحه لعضو آخر من أعضاء جسم الإنسان، ففي يوم القيامة يوم لاينفع مال ولابنون، تستخرج الشهادة من غير أجهزة الكلام. قال تعالى: (يس: 65) ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ ويومئذ يستنكر الإنسان شهادة جوارحه عليه قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (فصلت:21). ومن قدرة الله تعالى أن يُكسب صفة النطق في مرحلة الطفولة المبكرة قبل السن العادية للكلام، كما حدث للنبي عيسى عليه السلام (المائدة :110) ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ وفي (مريم: 29-30) ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾ وقد يكسب الله تعالى صفة النطق الإنساني لغير الإنسان من الحيوانات أو الجمادات، فعن سعيد بن جبير قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "وليأتين هذا الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به، ويشهد على من يستلمه بحق" ومن علامات الساعة الكبرى خروج الدابة من الأرض فتكلم الناس قال تعالى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ*وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾. (النمل: 28) كما أنه تعالى قد يهب لبعض خلقه فهم لغات الحيوانات ويقدره على التعامل معها قال تعالى: (النمل: 16) ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ*وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ وقال تعالى أيضا في نفس السورة (18-19) ﴿حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ [8]
ونذكر هنا لطيفة ذكرها سيد قطب في كتابه: (في ظلال القرآن) في قوله تعالى: (البلد: 9) ﴿وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ﴾-نستعيرها منه للإستشهاد بنعم الله المتتالية علينا- حيث يقول: " ولسانه وشفتاه وهما أداة البيان والتعبير؛ وعنهما يملك الإنسان أن يفعل الشيء الكثير . والكلمة أحياناً تقوم مقام السيف والقذيفة وأكثر؛ وأحياناً تهوي بصاحبها في النار كما ترفعه أو تخفضه . في هذه النار . . « عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي-صلى الله عليه وسلم- في سفر ، فأصبحت يوماً قريباً منه، ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ، ويباعدني عن النار . قال : » سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلت : بلى يا رسول الله . قال : الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل شعار الصالحين. ثم تلا قوله تعالى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ. . . ﴾ . ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: كف عليك هذا، وأشار إلى لسانه. قلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ « رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه."[9]
قيمة اللغة وتوجيهها في الإسلام: وجه الإسلام إلى خطورة الاستخدام اللغوي، وحسن الاستغلال الوظيفة اللغوية، ونبه إلى الآثار المترتبة على إساءة استخدام اللغة. إن اللغة على الرغم من أهميتها، وسيلة خطيرة، وإن حسن الشكر على نعمة البيان اللغوي الذي حباها الله الناس يكون بحسن استغلالها، وإن سوء استغلالها كفران للنعمة.
فالكلمة لها أثرها الفاعل، والإنسان مسؤول أمام الله عن أو جه استخدامه للغة، وعن توظيفه لأعضاء النطق والسمع. ولقد أشار القرآن الكريم إلى خطورة استخدام اللغة، وحساسية ما يصدر عن المرء من حديث. قال تعالى: (ق: 18) ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ وقال أيضا: (الأحزاب: 71) ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لايلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لايلقي لها بالا يهوى بها في جهنم." وقد تناول الإمام أبو حامد الغزالي عشرين آفة من آفات اللسان، وبين عظيم خطر اللسان، وفضيلة الصمت.[10]
فضل اللغة العربية على سائر اللغات : وتميزت اللغة اللغة العربية عن غيرها من سائر لغات الأرض بما يأتي: 1-أنها لغة القرآن الكريم الذي أنزله الله عز وجل بواسطة جبريل الأمين، على قلب الرسول النبي الأمي الأمين، محمد خاتم الأنبياء والمرسلين-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين- بلسان عربي مبين. قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾. (الشعراء: 192-195).
2-أن اللغة العربية لغة خاتم الأنبياء والمرسلين سيد نا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل الخلق أجمعين باتفاق الأمة، فلغته إذن أفضل اللغات.
3-أنها محفوظة؛ لأن الله-سبحانه وتعالى- قد حفظ القرآن، وهي محفوظة بحفظ الله تعالى للقرآن، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: 9).
الفصل الثاني
الفكر وقيمته وأهميته، والعلاقة بين اللغة والفكر.
المبحث الأول: الفكر وقيمته وأهميته:
تعريف الفكر لغة: ( فكر ) في الأمر فكرا أعمل العقل فيه ورتب بعض ما يعلم ليصل به إلى مجهول. و( الفكر ) إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول ويقال لي في الأمر فكر نظر وروية وما لي في الأمر فكر ما لي فيه حاجة ولا مبالاة ( ج ) أفكار.[11]
تعريف اصطلاحا: الفكر: هو عملية استخدام العقل في إنتاج المبادئ والمفاهيم عن شيء معين، وإصدار الأحكام واتخاذ المواقف تجاهه. وهو عملية ذهنية استدلالية تستدعي قدرات معرفية عالية للربط بين القضايا والأحداث الواقعية في مجتمع معين، والمفاهيم المكونة عنها. ويتطلب الفكر كفاءة لغوية لصياغته، والتعبير عنه، وتناقله بين أفراد مجتمع معين، أو الجنس البشري عامة.[12]
مفهوم الفكر في الإسلام:
مصطلح الفكر الإسلامي من المصطلحات الحديث، وهو يعني كل ما أنتجه فكر المسلمين منذ مبعث رسول الله-صلّى الله عليه وسلم-إلى اليوم في المعارف الكونية العامة المتصلة بالله سبحانه وتعالى والعالم والإنسان، والذي يعبر عن اجتهادات العقل الإنساني لتفسير تلك المعارف العامة في إطار المبادئ الإسلامية عقيدة وشريعة وسلوكا. 12
قيمة الفكر: التفكير سمة من السمات التي تميز الإنسان عن غيره من الكائنات الأخرى، والتفكير فريضة أرسى أسسها الإسلام ورسخ مهاراتها في عقول أبنائه، فليس هناك دين أعطى العقل والتفكير مساحة كبيرة من الاهتمام مثل دين الإسلامي وعندما يخاطب القرآن المسلم فإنه يركز على عقله ووعيه وتفكيره، ولأهمية التفكير للإنسان المسلم وردت كلمة تفكير أو مرادفاتها (يتفكرون-يبصرون-يعقلون-يتذكرون...إلخ)[13]
أهمية التفكير في الإسلام:
التفكير له أهمية عظيمة في الإسلام، لذلك نرى فقهاء المسلمين يحددون معنى المكلَّف بأنه المسلم البالغ العاقل، فجعلوا البلوغ والعقل شرطا في التكليف، وأما الصبي والمجنون فلا يكلفان، استنادا إلى قول رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم- (رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق).[14] وفضل الله تعالى الإنسان على سائر المخلوقات من الحيوانات وغيرها بالعقل والنطق وغير ذلك من النعم التي لاتعد ولاتحصى قال تعالى:﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ (الإسراء: 70) يقول فخر الدين الرازي في تفسير هذه الآية "أنه قال في أول الآية: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ﴾ وقال في آخرها : ﴿وَفَضَّلْنَـاهُمْ﴾ ولا بد من الفرق بين هذا التكريم والتفضيل وإلا لزم التكرار، والأقرب أن يقال: إنه تعالى فضل الإنسان على سائر الحيوانات بأمور خلقية طبيعية ذاتية مثل العقل والنطق والخط والصورة الحسنة والقامة المديدة، ثم إنه تعالى عرضه بواسطة ذلك العقل والفهم لاكتساب العقائد الحقة والأخلاق الفاضلة، فالأول هو التكريم والثاني هو التفضيل"[15]
والإنسان خليفة الله في الأرض، حمَّله الله الأمانة الكبرى التي أبت السموات والأرض والجبال أن يحملنها، وحملها الإنسان. قال تعالى: (الأحزاب: 72) ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾. وقد حث القرآن الكريم العباد على التفكير في الكون والحياة والتغيرات والكائنات فقال تعالى: (البقرة: 164) ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ.... لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ وقال تعالى: (الغاشية: 17-21) ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ*وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ*وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ*وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ*فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ وقال تعالى: (آل عمران: 191) ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
وأما الرسول الكريم- صلَّى الله عليه وسلم- فقد حول هذا الاتجاه القرآني الصريح إلى واقع عملي شجع فيه المسلمين على الاجتهاد العقلي والتدبر والتفقه في شؤون الحياة كافة وفرق بوضوح بين الوحي الإلهي وبين التفكير الإنساني وأدرك الصحابة الكرام ذلك؛ فكانوا كثيرا مايقفون أمام الرسول- صلَّى الله عليه وسلم- فيسألونه فيما إذا كان الذي يعرضه عليهم وحيا إلهيا أم رأيا رآه؟ فإذا أخبرهم أن ذلك كان منه اجتهادا وتفكيرا، فكروا بدورهم وعرضوا آراءهم أمامه –صلَّى الله عليه وسلم- كما حدث قبيل معركة بدر من مشاورة أصحابه ونزوله عند رأي الحباب بن المنذر الذي قال "يارسول الله: أرأيت هذا المنزل، أمنزل أنزلكه الله، ليس لنا أن نتقدم ولانتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة قال يارسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نُغَوِّر ما وراءه من القُلَب. فقال رسول الله-صلَّى الله عليه وسلم- لقد أشرت بالرأي.
بهذه الأدلة السابقة تبين لنا بوضوح أهمية التفكير في الإسلام، وكيف كان الرسول الكريم –صلَّى الله عليه وسلم – يطبقه واقعيا كما رأينا، وجاء الصحابة الكرام والتابعين -رضي الله عنهم- وعرفوا أهمية التفكير، فعدوا الاجتهاد بضوابطه الشرعية أصلا من أصول الدين. وذلك مثل القياس والاستحسان وتحقيق المصالح وسد الذرائع ورفع الضرر وما إلى ذلك من وجوه الاجتهادات الأخرى.[16]
المبحث الثاني: العلاقة بين اللغة والفكر:
إن حركة التفكير في الإنسان ذات ارتباط وثيق باللغة، فهناك توافق بينهما، وتفاعل، وتلازم. إن مفردات اللغة ترمز إلى فكر، وكل لفظة تتضمن فكرة، أوصورة ذهنية ترسخ في العقل عن طريق التجربة والاختبار.
اللغة وسيلة للتعبير عن الفكر، ووعاء يحتويه، وهناك تأثر وتأثير بينهما. فهل اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة؟ أم هل هناك فكر مجرد لايعتمد على لغة؟ أم أن اللغة هي التي تحدد مسار الفكر وترسم له حدوده؟ أم أنها مجرد وسيلة للتعبير عن الفكر، وأن الأخير هو الموجِّه لها؟ أم أن الفكر كلام داخلي يعتبر مرحلة من مراحل اللغة؟ تلك مسائل تثار عن نمط علاقة اللغة بالفكر في حقول علوم اللغة، والنفس، والفلسفة، والمنطق. نذكر الآراء حول هذه القضية في الصفحات الآتية:
أ-ذهب علماء النفس مثل (جون واطسونJohn Watson ) إلى أنه لاتمييز بين اللغة والفكر، فالتفكير نوع من الكلام الداخلي المنطوق على مستوى الحنجر فقط. وكان )سكنر(Skinner يعد التفكير نوعا من السلوك البشري مثل السلوك اللغوي تماما، ولذا لايجوز التمييز بينهما على أنهما شيئان مختلفان.
ب- رأى (هردرHerder) و (همبولت Humboldt) و (سابير Sapir) وغيرهم أن للغة تأثيرا كبيرا على الطريقة التي يفكر بها أفراد الممجتمع الذين يتكلمون تلك اللغة، وتختلف عن طريقة تفكير أفراد مجتمع آخر يتكلمون لغة أخرى.
ج- وجد رأي آخر في العلاقة بين اللغة والفكر يقول بأن لغة مجتمع ما في وضعها المعيش تساعد أفراد المجتمع على التفكير والنظر إلى العالم بطريقة ما، ولكن اللغة لاتساعد، ولاتمنع من التفكير والتصرف بطريقة أو طرق أخرى.
د- ينظر إلى اللغة من وجهة نظر صياغة الواقعReality Construction بأنها تمثل الوقع الذي اخترعه البشر، بدلا من القول بأنها تعكس عناصر من اواقع الخارجي الموضوعوعي.
ه- سلك تشومسكي ممسلك الاتجاه العقلي متأثرا بأمثال (ديكارت) و(همبولت) من العقلانيين الذين يرون أن العقل الإنساني هو وسيلة المعرفة. فقد ركز (ديكارت) على أن أهم فرق بين الإنسان والحيوان يكمن في القدرة على اللغة، فالإنسان قادر على اللغة، والحيوان عاجز عنها. أما (همبولت) فيؤكد أن اللغة إنما هي "عمل العقل" وأن هناك عوامل تكمن تحتها، فأشار إلى ما أسماه بشكل اللغة، وبين أن للغة شكلين، شكلا خارجيا آليا، وآخر داخليا عضويا. ورأى تشومسكي أن شكل اللغة لدى همبولت، يعني "امتلاك اللغة" وبنى على ذلك نظرية التوليد. ورأى أن علم اللغة قادر على أن يسهم إسهاما حقيقيا في دراسة العقل البشري ومعرفة طبيعته.
اعتقد تشومسكي أن الإنسان وهب عدة قدرات محددة يطلق عليها اسم "العقل" وهذا العقل أو هذه القدرات تقوم بدور حاسم في اكتسابنا للمعرفة، وتمكننا من القيام بدور مستقل عن أي عامل خارجي في البيئة المحيطة بنا.
وساعدت نظرة تشومسكي للعلاقة بين اللغة والعقل على توضيح ما أسماه بالقواعد الكلية التي يشترك فيها عدد من اللغات، وعلى تطبيق القواعد التحويلية في تحويل التركيب الباطني، إلى التركيب السطحي، وعلى بيان مبادئ الربط والعمل في التركيب اللغوية.[17]
نظرة إسلامية للفكر:
يلزم في هذا الصدد أن نوضح أبعاد العلاقة بين اللغة والفكر في فهم القرآن الكريم، واستيعاب الرسالة الإسلامية عامة.
إن الإسلام رسالة عالمية قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (سبأ: 24)، وخطابه للناس جميعا، والمصدران الأساسيان له تحويهما اللغة العربية، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (يوسف: 2)، وإن حسن فهم الإسلام يستدعي معرفة معهود الخطاب لدى العرب في فترة نزول القرآن الكريم وورود السنة النبوية المبينة له، ويستدعي المعرفة بالمواقف الخطابية المصاحبة لهما، وفهم الوقائع الاجتماعية الحاضرة، من أجل تطبيق أفضل للتوجيهات الربانية النبوية.
والخطاب الإسلامي يحمل معاني حضارية إنسانية يسهل التعبير عنها في اللغات كلها مع اختلافها، وتعين على التقارب بين الأجناس البشرية في التطبيق العلمي والقدوة الحسنة التي اعتمدت عليها الدعوة الإسلامية في انتشارها داخل الجزيرة العربية وخارجها.
ويفهم الفكر الإسلامي في اللغات الإسلامية أو لغات المسلمين من استناد هذا الفكر إلى العقيدة الإسلامية، وهي القوة المحركة للذاكرة الإدراكية لأعضاء المجتمع الإسلامي.
ويتم تكوين التراكيب اللغوية بتنظيماتها النحوية، والصرفية، والصوتية، والدلالية من خلال الذاكرة الإدراكية الفردية والجماعية. فإذا انطبعت الذاكرة بالعقيدة الإسلامية لدى جماعة لغوية معينة اقتربت لغتها من لغات الجماعات اللغوية التي تشاركها فيها، ومن ثم تتشابه أفهامها للحقائق والوقائع، وتتقارب تعبيراتها عنها، وتصوراتها لها. فإذا أسلمت جماعة معينة أسلم فكرها وأسلمت لغتها.[18]
الملخص:
هذه المقالة تتناول العلاقة بين اللغة والفكر، تحدثت في الفصل الأول عن تعريف اللغة لغة واصطلاحا، والمفاهيم المختلفة في تعريف اللغة لدى القدامى والمحدثين من العرب والغربيين، ومفهوم اللغة في الإسلام، ثم تحدثت عن نشأة اللغة والنظريات المختلفة في هذا الصدد، ووظيفة اللغة وقيمتها عند اللغويين العرب والمحدثين الغربيين، وذكرت وظيفة اللغة وحقيقتها وقيمتها في الإسلام، وختمت الفصل بما تميزت به اللغة العربية من بين سائر لغات الأرض.
أما الفصل الثاني: تناولت فيه الحديث عن تعريف الفكر لغة واصطلاحا، ومفهوم الفكر وقيمته وأهميته في الإسلام، ثم تحدثت عن العلاقة بين اللغة والفكر،- وهي علاقة وثيقة ذات ارتباط شديد- وذكرت أيضا آراء العلماء المحدثين حول هذه القضية، وختمت الفصل الثاني بنظرة إسلامية حول الفكر، ثم الملخص والخاتمة والتوصيات.
الخاتمة: تم بعون الله عز وجل هذه المقالة، وموضوعها ذات علاقة وثيقة بفقه اللغة وعلم اللغة؛ حيث تتناول الحديث عن أصل اللغة، والعلاقة بين اللغة والفكر في منظور القدامى من العرب والمحدَثين من العرب والغربيين، وتوصل هذه المقالة إلى نتائج أهمها ما يأتي:
1- أن تعريف اللغة لدى القدامى يتشابه مع تعريف اللغة عند المحدثين من العرب والغربيين من الناحية الصوتية والوظيفية.
2- أن معظم التعريفات الحديثة للغة مأخوذة من تعريف ابن جني، أو فرع منه.
3- أن نظرة الإسلام للغة تختلف عن النظريات الأخرى العلمانية.
4- أن التفريق بين اللغة والفكر من الأمور الصعبة؛ لأن اللغة والفكر ذات علاقة وثيقة قوية لايمكن التفريق بينهما.
5- أن الفكر الإسلامي يعتمد أولا وأخيرا على توطيد وترسيخ العقيدة والمبادئ الإسلامية الأساسية المستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
التوصيات: بعد الانتهاء من هذه الدراسة، فإن الباحث يوصي بما يأتي:
1- الإهتمام بكتب التراث العربي القديم ففيه فوائد كثيرة لطلاب اللغة العربية.
2- الإعتناء بمادة (إسلامية المعرفة) لما لها من علاقة قوية بديننا الإسلامي.
3- اختيار مدرس له روح دينية عالية، وخلفية إسلامية، لتدريس مادة (إسلامية المعرفة) كي يستفيد منها طلاب الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي.
4- الكشف عن الأفكار الغربية السيئة المنتشرة الدخيلة في اللغة والآداب العربية، حتى تظهر للطالب المسلم فيبتعد عنها ويجتنبها.
5- ترسيخ الأفكار الإسلامية المنبثقة من العقيدة الإسلامية الصحيحة في قلوب أبناء المسلمين.
وأخيرا أتقدم بشكري الخاص للجنة التي قامت بهذه الندوة الطيبة وإن دل هذا على شئ فإنما يدل على حبهم لنا جميعا، وأسأل الله تعالى أن يجزيهم عنا خير الجزاء، واللهَ أسأل أن يغفر للجميع، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم. آمين. وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ولله الحمد في الأولى والآخرة
قائمة المصادر والمراجع
1-أضواء على الدراسات اللغوية المعاصرة، نايف خرما، (كويت: مجلس وطنى ثقافة و فنون وآداب،1979م) ط2،
2-بحوث في اللغة والفكر، د. إبراهيم عبدالله رفيدة، (منشورات كلية الدعوة الإسلامية، ط 1، 2005م).
3-تعليم التفكير الناقد، قراءة في تجربة تربوية معاصرة، عبد العزيز عبد القادر المغيصيب. ط [بدون].
التفسير الكبير، الإمام الفخر الرازي، ط 1.
4-الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جني. (عالم الكتب-بيروت) ت- محمد علي النجار.4 .
5-دراسات في إسلامية اللغة والأدب، أ.د. أبو سعيد محمد عبد المجيد.
6-دراسات لغوية في الصاحبي-الخصائص-المزهر، د.أمين محمد فاخر. ط[بدون].
7-شرح مشكل الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، ت- شعيب الأرنؤوط، (مؤسسة الرسالةسنة النشر 1408هـ - 1987م) لبنان: بيروت.
8-الصاحبي في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها، لأبي الحسين أحمد بن فارس،ت-أحمد حسن (بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، ط1، 1418ه-1997م).
9-في فقه اللغة وقضايا العربية، د. سميح أبو مغلي، دار مجدلاوي للنشر،1987م. ط1
10-في ظلال القرآن: سيد قطب، المجلد السادس، ج30، دار الشروق، ط10، 1402ه-1982م.
11-الفصحى لغة القرآن، أنور الجندي، (دارالكتاب اللبناني، ومكتبة المدرسة، ط [بدون] 1402-1982.
12-لسان العرب: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري (دار صادر – بيروت) الطبعة الأولى
13-اللسانيات المعاصرة للدارسين في الجامعات الماليزية، د. عاصم شحادة علي،(ماليزيا: الجامعة الإسلامية. 1430ه-2009م، ط 1).
14-من قضايا اللغة العربية والنقد والبلاغة، د. عبد الرؤوف مخلوف،( الكوييت: مكتبة الفلاح،ط1 1401ه-1981م.)
15-من قضايا الفكر الإسلامي المعاصر، (الندوة العلمية للشباب الإسلامي،ط3، 1404ه-1984م.)
16-مدخل إسلامى إلى اللغويات العامة. د. أحمد شيخ عبد السلام، الطبعة الأولى،1420هـ -2000م. مركز الأبحاث الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية.
17-معجم الوسيط، إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار، (دار النشر : دار الدعوة) تحقيق مجمع اللغة العربية.
18-مقال مستقبل اللغة العربية في نيجيريا: الشيخ إبراهيم صالح الحسينى .
19-مقدمة في فقه اللغة العربية واللغات السامية: د. عبد الفتاح عبد العليم البركاوي، الطبعة الثانية.
20-المزهر في علوم اللغة وأنواعها، للإمام السيوطي، دارالكتب العلمية-بيروت، ط-الأولى، 1998، تحقيق فؤاد علي منصور.
فهرست الموضوعات
الموضوع رقم الصفحة
المقدمة 1
الفصل الأول: اللغة ونشأتها، ووظيتها وقيمتها، 2
وماتميزت به اللغة العربية عن سائر اللغات
تعريف اللغة لغة واصطلاحا 2
مفهوم اللغة في التراث الإسلامي 3
مفهوم اللغة عند بعض المحدثين العرب 4
مفهوم اللغة عند بعض المحدثن الغربيين 5
مفهوم اللغة في الإسلام 6
نشأة اللغة 7
نظرية البيلوجية 8
وظيفة اللغة 9
اختلاف اللغات آية ونعمة 10
قيمة الكلمة وتوجيهها في الإسلام 12
فضل اللغة العربية على سائر اللغات 13
الفصل الثاني: الفكر وقيمة وأهميته والعلاقة بين اللغة والفكر. 14
تعريف الفكر لغة واصطلاحا 14
أهمية الفكر 15
العلاقة بين اللغة والفكر 17
نظرة إسلامية للفكر 19
الملخص والخاتمة 20
التوصيات 21
قائمة المصادر والمراجع 22
فهرست الموضوعات 23
[1] ابن منظور، لسان العرب، مادة (لغا) (دار صادر-بيروت) ط 1،ج15، ص 250. وانظر إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار، معجم الوسيط، مادة (لغا) (دار النشر: دار الدعوة الإسلامية). ت- مجمع اللغة العربية، ج2، 831.
2 أحمد شيخ عبد السلام . مدخل إسلامى إلى اللغويات العامة. الطبعة الأولى،1420هـ ، 2000م .مركزالأبحاث الجامعة الإسلامية العالمية الماليزيةزصـ64إلى66.
[3] الإمام السيوطى، المزهر في علوم اللغة وأنواعها، دارالكتب العلمية-بيروت،ط-الأولى، 1998، تحقيق فؤاد علي منصور،ج1،ص 12 .
[4] .أبو سعيد محمد عبدالمجيد، دراسات فى إسلامية اللغة والأدب، صـ9.
5-مدخل إسلامى إلى اللغويات العامة، صـ67-68-69-70،وانظرصـ118-119
[6] الشيخ إبراهيم صالح الحسينى رئيس هيئة العلماء في نيجيريا، مقالة، بعنوان (مستقبل اللغة العربية فى نيجيريا) موقع السيادة (بتصرف)
[7] عبد الفتاح عبد العليم البركاوي، مقدمة في فقه اللغة العربية واللغات السامية، ط.الثانية، ص20-22.
[8] مدخل إسلامي إلى اللغويات العامة، صـ 122-123.
[9] سيد قطب، في ظلال القرآن، المجلد السادس، ج30، ص 3910-3911، ط1، دار الشروق 1402-19982م.
[10] مدخل إسلامي إلى اللغويات العامة، صـ 121 .
1 إبراهيم مصطفى ـ أحمد الزيات ـ حامد عبد القادر ـ محمد النجار: المعجم الوسيط دار النشر: دار الدعوة، تحقيق/ مجمع اللغة العربية ط،،[بدون].
11 مدخل إسلامي إلى اللغويات العامة صـ 86.
12 عبد العزيز عبد القادر المغيصيب، تعليم التفكير الناقد، قراءة في تجربة تربوية معاصرة صـ 2. ط [بدون]
13 أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، شرح مشكل الآثار، تحقيق شعيب الأرنؤوط، الناشر مؤسسة الرسالة،سنة النشر 1408هـ - 1987م مكان النشر لبنان/ بيروت، ج 10، صـ 151.
[15] الإمام الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج21، ص 15-16، ط1.
[16] أنظر: دراسات في إسلامية اللغة والأدب، ص 26-27. (بتصرف).
[17] مد خل إسلامي إلى اللغويات العامة، ص 86-92.
[18] المصدر نفسه، ص 92-94.