كانت جمهورية البندقية أكثر الصليبيين عدواة وأشد الصليبيين علي المسلمين وكانت المعارك بينهم وبين العثمانيين لا تحصي وكانوا في فترة ضعفهم يدافعون الجزية للعثمانيين , وكانوا قد حصلوا علي أمان لترويج تجارتهم في الإمبراطورية العثمانية , ومع ذلك عندما مر القائد علي كتخدا نائب مدير ترسانة غليبولي بسفينتين حربيتين من الخليج يقع تحت سيطرتهم , وكان أندريا دوريا القائد الصليبي المعروف هناك , فقرر الهجوم علي السفن التركية , وقامت معركة إلا أن كثرة الأعداء أضعفت المجاهدين , وكانت المعركة قد استمرت من الفجر إلي العصر وفي نهاية المعركة غرقت السفينتين , وأخذ من بقي من المجاهدين أسرى , كما أخذ علي كتخدا باشا أسير .
بعث لطفي باشا بعض رجاله في أربع سفن حربية إلي الخليج حتى يتحدث في مسالة الأسر , فهجم أندريا دوريا سفن وأخذها بالرغم من أنهم قد بذلوا جهود ليقنعوهم بأنهم ذاهبون بالسفارة إليهم , ولم يقتنعوا فأغرقوا السفن في البحر وقتلوا كل من فيها بكل خسة وحقارة , إلا أن فتى ألقى بنفسه في البحر , وبينما كان سابحا مستعينا بقطعة خشب , صادفته إحدى سفن الأسطول , وأتوا به إلي لطفي باشا , الذي أرسل إلي سلطان سليمان بكتابا يشرح له ما حدث فقرر السلطان محاصرة الخليج , ذهب السلطان بإسطول كبيرا وحاصر الخليج وبعد حملات شديدة وقتال رهيب , جاء موسم الشتاء , فرحم السلطان الجنود وبعث إلي إلياس باشا برفع الحصار ولكن خير الدين باشا طلب من السلطان موصلة الحصار لكن السلطان أصر علي رأيه , وقال : إن جنديا واحدا من جنودي أغلي عندي من قلعة , فأمر بترك القلعة , لكن خير الدين باشا طلب منها أن يتركه في بعض السفن فوافق السلطان
فاختار خير الدين باشا من الأسطول ستين سفينة , فقام خير الدين بضربة جزية جوكا بالمدافع , ثم تظهر بالانسحاب , فخرج أسطول العدو من خلفه , فهجم خير الدين عليه ودمر أسطولهم ودخل الجزيرة , ثم سار إلى جزيرة آكنه , وكان لها حصن قوى محكم , فأخرج المدافع وحاصره , وظل يضربه ثلاثة أيام حتى استسلم أهله في اليوم الرابع , وأخذ من هناك أربعة الآف وثمانمائة أسير , وأخذ أموالهم , ثم سار إلي جزيرة مرتد فضربها بالمدفع واستولى عليها , وأخذ ألفين ومائتين أسيرا .
ثم سار إلي جزيرة بارا فقاتلهم طويلا إلا أن البنادقة لم يستلموا فشدد الباشا الحصار وأختراق أسوارها بالمدافع ودخلها بقوة السيف , وأخذ منها غنائم لا تحصى , ولما وصل إلى (ناقشا) قاومه أهلها , ثم رضوا بدفع الجزية , ثم ذهب إلى بقي جزر الخليخ وفتحها كلها في ظرف عشرة أيام , وأخذ منها خمسة عشر ألفا من الأسرى , ثم فرض على ست جزر الجزاية قدرة با خمسة آلاف قطعة ذهبية , ثم رجع إلي اسلام بول , فخرج أهلها لأستقبال البطل وكان علي رأسهم السلطان نفسه .
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }