من دروس سيدنا ابراهيم سلام الله عليه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث المساء اسعد الله مساءكم
هكذا ينبغي ان يكون المسلم ,, درس يعلمنا اياه سيدنا ابراهيم عليه ونبينا افضل الصلاة والتسليم حيث قال :- (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ) [الزخرف:26-27]. وقد علمنا ما قص الله في القرآن الكريم, وسيرة نبيه وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام, ما يشفي العليل, ويروي الغليل, من نبذه أعداء الله, ونفرته منهم، حتى من أبيه, الذي هو أخص الناس به من جهة النسب, الذي هو بضعة منه. قال تعالى: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) [التوبة: 114]، وعاداه, وعادى قومه في الله, لما رآهم تنكروا عن طاعة الله, وارتكبوا الشرك بالله, ورفضوا دين الله. وقد أمرنا الله سبحانه بالإقتداء به, ومن آمن معه. كما قال سبحانه (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة: 4]. ويقول الله- وهو أصدق القائلين-: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24].
فالمسلم يتخذ مواقفه بناء على عقيدته ومنطلقا من الاحكام الشرعية المنبثقة عنها . وعلى اساس دين الله تكون الموالاة والمعاداة..وليس على اساس المنافع والمصالح ولا روابط الدم والمسكن وغيرها من الروابط الهابطة.
لان عقيدة المسلم هي مقياس فكره واساس بناء عقله ..والاحكام الشرعية هى مقياس سلوكه وضابط اعماله ومكيف عواطفه ومشاعره . وعليه ينبغي للمسلم ان يكون في مواقفه ملتزما فكرا بعقيدته ,,, وسلوكا باحكام شريعته . ومشاعره وعواطفه تبعا لذلك وذلك لان المسلم لاينبغي له ان يغضب او يرضى الالله ولا يحب او يكره الا فيه . وقد قال النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في الحديث الصحيح :- " ثلاث من كن فيه؛ وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله، أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء, لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار"؟.
وقال: " لا يؤمن أحدكم, حتى أكون أحب إليه من والده, وولده, والناس أجمعين"؟.
ولهذا لما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء, إلا من نفسي". فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فقال له عمر: "فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الآن يا عمر". ومحبة الله تعالى تقتضي محبة رسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة رسوله تقتضي اتباعه وطاعته كما قال سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران:31]، فكيف حال من تخلف عن أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم, وهو يدّعي محبة الله؟ وكيف حال من ركن إلى أعداء الله, وهو يدّعي محبة رسول الله؟.
قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
أتحب أعداء الحبيب وتدّعي حباً له ما ذاك في إمكان
وكذا تعادي جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان
جعلنا الله, وإياكم ممن حفظه الله في دينه, وقوى إيمانه ويقينه.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.