نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نبيل - القدس

البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
ابرز المواضيع - اضغط على الكتابة

شجرة العشاق وثمرة الأشواق - نبيل القدس

اعذب الكلام قسم الشعر

قضايا للمناقشة

اعلام وشخصيات

براعم المنتدى - اطفالنا

إبداعات الأعضاء - أشعار وخواطر
معرض الصور

غناء عراقي
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث


 

المواضيع الأخيرة
» حديث الصباح - الانانية والنزعة الفردية!!!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitimeاليوم في 8:12 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 41- الحلقة الواحدة والاربعون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitimeاليوم في 5:57 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 40-الحلقة الاربعون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-15, 11:11 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» وقفة مع حديث لا تحاسدوا ولا تناجشوا ...
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-15, 2:40 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» حديث الصباح ---السياسة عمل الانبياء !!!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-15, 1:59 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» لا فراغ لدى المسلم !!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-15, 12:26 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 39- الحلقة التاسعة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-14, 10:39 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 38- الحلقة الثامنة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-14, 5:43 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» الاهتمام بامور المسلمين و وجوب نصرتهم
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-12, 11:39 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 37- الحلقة السابعة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-12, 9:53 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 36- الحلقة السادسة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-11, 11:28 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» موعظة الصباح لمن نوى الحج !!!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-11, 7:12 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 35-الحلقة الخامسة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-11, 12:24 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

»  ( ثقافة لص ) - د . رغدة محمود حمد
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-09, 5:02 pm من طرف نبيل القدس ابو اسماعيل

» شركة برمجة تطبيقات في مصر - تك سوفت
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-09, 4:35 pm من طرف سها ياسر

» الجاهلية واكرام الحجيج
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-09, 6:11 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» أسوأ انواع الكذب !!!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-09, 4:03 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» اللعب بالعالم !!!!!!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-07, 9:01 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» من الفتن والمحن التي تصيب الامة واصابتها !!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-07, 6:07 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 7- الحلقة السابعة من حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-06, 6:37 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» يا عالي الهمة - محمد بن يوسف الزيادي
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-04, 11:26 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» من احداث وحواديث زمان ...
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-04, 12:05 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» احوال الناس في العبودية !!!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-03, 11:41 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» حديث ليلة الجمعة - من مذكرات قادة الجهاد !!
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-03, 11:38 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» الحق والباطل ضدان لا يجتمعان
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-03, 10:39 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» طال الغياب
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-01, 11:49 pm من طرف نبيل القدس ابو اسماعيل

» انتي حره - الشاعره اميره سالم
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-01, 5:36 pm من طرف نبيل القدس ابو اسماعيل

» بين العقل والوحي
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-05-01, 3:38 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 6- الحلقة السادسة من حديث الاثنين
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-04-30, 10:18 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» لا شيء يجمعنا
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2024-04-30, 7:25 pm من طرف نبيل القدس ابو اسماعيل

المواضيع الأكثر شعبية
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني
دعاء الهى انت تعلم كيف حالى....كلمات رائعه لمشارى راشد///خوخه
اسماء الجن الكفار و المسلمين
ومدحت بطيبة طه - صلى الله على محمد - مديح نبوي ولا أجمل
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
صباح الخير- مسا الخير-منتدانا -النبيل- بعيونكم ولعيونكم صباح الخير-سلام الله عليكم -مساء الخير -ليلة سعيدة ///سعيد الاعور 29.02.2012
بيت من الشعر اذهلني - الشاعر كريم العراقي
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
صورة اعجبتني لنجعلها صفحة لكل من عنده صورة مميزة او كريكاتير او منظر رائع ومميز/سعيد الاعور
مقهى المنتدى
عداد للزوار جديد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 68 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 68 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 720 بتاريخ 2011-02-21, 11:09 pm
تصويت
المواضيع الأكثر نشاطاً
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
مقهى المنتدى
تعالو نسجل الحضور اليومي بكلمة في حب الله عز وجل
صورة اعجبتني لنجعلها صفحة لكل من عنده صورة مميزة او كريكاتير او منظر رائع ومميز/سعيد الاعور
صباح الخير- مسا الخير-منتدانا -النبيل- بعيونكم ولعيونكم صباح الخير-سلام الله عليكم -مساء الخير -ليلة سعيدة ///سعيد الاعور 29.02.2012
صفحة الاستغفار اليومي لكل الاعضاء ـ لنستغفر الله على الاقل 3 مرات في الصباح والمساء//سعيد الاعور
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
سجل حضورك اليومي بالصلاه على نبي الله
من هنا نقول صباح الخير - مساء الخير - زهرة اللوتس المقدسية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
نبيل القدس ابو اسماعيل - 38791
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية - 15399
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
معتصم - 12434
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي - 3956
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
sa3idiman - 3588
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
لينا محمود - 2667
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
هيام الاعور - 2145
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
بسام السيوري - 1763
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
محمد القدس - 1219
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
العرين - 1193
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
أفضل 10 فاتحي مواضيع
نبيل القدس ابو اسماعيل
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
زهره النرجس
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
معتصم
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
معمر حبار
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
هيام الاعور
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
د/موفق مصطفى السباعي
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
sa3idiman
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
لينا محمود
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_rcapفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_voting_barفلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1026 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ماريمار فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 66022 مساهمة في هذا المنتدى في 20027 موضوع
مواضيع مماثلة
عداد زوار المنتدى
free counterAmazingCounters.com


 

 فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نبيل القدس ابو اسماعيل
المدير العام
المدير العام
نبيل القدس ابو اسماعيل


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 38791
تاريخ التسجيل : 18/03/2009

فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق Empty
مُساهمةموضوع: فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق   فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق I_icon_minitime2020-04-15, 9:33 pm

فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق

ندوة "مركز الحوار العربي" في واشنطن مع الدكتور شوقي قسيس*

الأربعاء 23/5/2012



*تعريف بالدكتور شوقي قسيس

(1947-2017)

وُلد شوقي إبراهيم قسيس في حيفا قبل سقوطها في يد اليهود بسنة واحدة. وهو من أهالي قرية الرامة الجليلية التي نشأ وترعرع فيها ودرس في مدارسها. أنهى دراسته الجامعية عام 1979 بشهادة "دكتوراة" في علم الميكروبات من جامعة تل أبيب، وسكن منذ ذلك الحين في الولايات المتحدة حيث عمل أستاذاً وباحثاً قي علوم الأحياء والعلوم الطبية. نشر أبحاثه واكتشافاته في أكثر من مائة مقالاً في المجلاّت والدوريات العلمية المتخصصة، وقدّم نتائج أبحاثة في مؤتمرات علمية عالمية؛ كما سجّل أربعة اختراعات. وكان عضواً في عدد من الجمعيات العلمية الأمريكية والعالمية. عام 2003 انتقل ليعمل أستاذاً في قسم اللغات في إحدى جامعات مدينة فيلادلفيا، حيث أسّس فيها قسم اللغة العربية وقسم اللغة العبرية. تفرّغ منذ عام 2009 ليكتب تجربته كعربي فلسطيني عاش في دولة اليهود، وليكتب في أمور تتعلق بلغة وأدب وتاريخ ودين وحضارة العرب. وصدر له  عدة كتب، منها: سلسلة "صدق الشعراء ولو كذبوا"، وسلسلة "لعبة العرب: ببلادهم، بتاريخهم، بأعلامهم، بحضارتهم، بأدبهم وبلغتهم"، وكتاب "مشروع لتغيير أساليب تدريس اللغة العربية" في المدارس. ساهم بشكل فعّال في النشاطات السياسية والاجتماعية والثقافية للجالية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة. تزوّج من نادرة حنا-قسيس، وأنجبا: ليلى، أسما، وأُسامة. انتقل إلى رحمة الله في شهر شباط من العام 2017.


سأتطرّق في هذه الندوة إلى كتابين، الأول: "حيفا ليست قرطبة"، وهو كتابي الذي صدرت الطبعة الأولى منه عن دار الفارابي في بيروت في نيسان عام 2011. والآن صدرت طبعة ثانية منقَّحة ومع إضافات عن "مكتبة كل شيء" في حيفا، وعنImage Tec Publishing Systems (كمال حزبون) هنا بالولايات المتحدة في منطقة فيلادلفيا.

وَطَني، يا فَلاّحاً عَرَبِيّا

طَوَّقَهُ جُنْدُ بْريطانيا الْـ -كانَتْ- عُظْمى،

نَزَعوا حَطَّتَهُ وَعِقالَهْ

وَحَشَوْا رَأْسَهُ في قُبَّعةٍ أوروبيّةْ.

وَطَني، يا فَلاّحاً عَرَبِيّا

صَدَرَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَرْطِنَ بِالإيدِشْ وَالْعِبْرِيّةْ

لكِنّي أَعْلَمُ أَنَّكَ لَمْ تَنْسَ اللغةَ الْعَرَبِيّةْ... لن تنسى اللغةَ العربية.

(سميح القاسم)

***

لكني أعلم أنّكَ لن تنسى اللغةَ العربية. وأنا أيضاً أعلم أنّ حيفا الفلسطينية، بعكس قرطبة الأندلسية، سوف تبقى مدينة عربية، ومن هنا كان عنوان كتابي. فحيفا، برأيي، هي المدينة العربية الوحيدة التي بقيت داخل الخط الأخضر كمركز مدني بكل مؤسساته. وتشير المعطيات السكانية إلى ازدياد مطرد للوجود العربي في حيفا (من خمسة آلف في عام تسعة وأربعين إلى أكثر من مائة ألف اليوم)، وإلى سيطرة العرب على قطاعات واسعة من اقتصادها ومرافئها الاجتماعية والحضارية. وقد عاينت مؤخّراً في زياراتي المتكررة إلى المدينة كيف أنّ أحياءً كاملة في المدينة تحوّلت من أحياء يهودية خالصة إلى أحياء عربية. وتحتل حيفا، مسقط رأسي، حيزاً مهماً من الكتاب، وهناك باب يحمل عنوان "حيفا ليست قرطبة".

لماذا ألكتاب:

لقد صدرت دراسات وتحليلات عديدة – بالعربية والعبرية والإنجليزية – عمّا حدث في فلسطين قبل وخلال وبعد عام ثمانية وأربعين. لكننا لا نجد شيئاً تقريباً عن تدوين التجربة الإنسانية للفلسطينيين الذين بقوا على أرضهم بعد عام ثمانية وأربعين، وعن كيف تعاملوا، بأفرادهم وبطوائفهم المختلفة، مع ما حدث ومع الوضع الشاذ الذي فُرض عليهم وأصبحوا يعيشونه في دولة اليهود. فتوثيق الروايات الشفوية عن هذه التجربة الفريدة من نوعها يكاد يكون معدوماً.

فالكتاب هو عبارة عن حكاية غير كاملة، لكنّها مفصلة، تروي تجربة هذا "الفلسطينيّ المنسيّ". وقد فعلت ذلك مازجاً بين تعامل الأفراد والجماعات مع هذا الوضع الشاذ وبين التجربة الإنسانية في الحياة بشكل عامّ. وذلك من خلال رواية تجربتي كفرد، وكذلك تجربة أبناء جيلي وجيل آبائي وجيل أبنائي... تجربة مَن وُلد ونشأ في ظروف مجتمعية غير عادية، حيث العلاقة بالمكان أقلُّ ما يقال عنها إنّها علاقة مضطرِبة. وهي حكايات رويتها من الذاكرة بأسلوب خالٍ من المؤثرات المسرحية، ومعتمداً إيقاعاً درامياً وتعاقباً سردياً يلتقي فيه المبكي بالمضحك والمحكي بالفصيح والنثر بالشعر وسيرتي الذاتية بسيرة من حولي. ورغم أنها حكايات متعددة الأزمنة والأمكنة والشخصيات إلا أنها تشكل ذاكرة واحدة هي ذاكرة الحياة وذاكرة الموت.

في الفصول الأولى من الكتاب عرضٌ لأحداث أذكرها من مرحلة الطفولة. فقد دخلت إلى جمجمة طفل هو أنا واستخرجت منها كلَّ ما علق بذاكرته من صور وانطباعات عن الأحداث، وعرضتها بالطريقة التي رآها ذلك الطفل. ثمَّ حللت كيف تعامل معها، وكيف أثّرتْ عليه وساهمت في بلورة مواقفه وخياراته بعدما نضج. في الفصول الأخرى من الكتاب تطرقت إلى أحداث مرت بي بعدما نضجت، ومعظمها مرتبط بالهوية الوطنية والعلاقة مع الأرض من ناحية، وبالعلاقة مع الدولة العبرية من الناحية الأخرى. وقد توقفت عند ظواهر اجتماعية عدة لاحظتها في المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني، وشرحت رؤيتي لتلك الظواهر، وطرحت ما أراه مناسباً من طرق التعامل معها ومن أساليب معالجتها. كذلك دخلت في أدق التفاصيل عن سمات المجتمع الفلسطيني القروي، بعاداته وتقاليده، بالعلاقات الاجتماعية بين أفراده، وبظروفه وأحواله المعيشية. وكلّما طلبت المناسبة، تكلمت عن المحاصيل الزراعية وطرق جمعها وتحضيرها للاستهلاك، وعن الأدوات التي كان الفلسطينيون يستعملونها آنذاك، وعن تحضير المؤن السنوية من برغل وكشك وجبنة ولبنة مكبوسة وغيرها.

عرض سريع لبعض فصول الكتاب:

يبدأ الكتاب برواية ما دار بيني وبين والدي من حديث حين أتى (بالمواصلات العامّة) من الرامة في الجليل إلى بئر السبع في النقب ليسحبني إلى البيت، وذلك قبل أيام قليلة من نشوب حرب حزيران، سبعة وستين، حيث كنت في السنة الأولى لدراستي الجامعية. وقد قررت البقاء في الحرم الجامعي الخالي تقريباً من الطلاب كي أكون قريباً من جمال عبد الناصر، لاعتقادي بأنّه سيأتي لإنقاذنا. يومها رويت لوالدي عن أول أمر أذكره من حياتي، أو أذكر ومضات سريعة ومقطعة منه. وهو أمر لم أكن متأكداً إن كان قد حدث لي فعلاً، أم أنّه ليس إلاّ بقايا حلم، فذكرته لوالدي طالباً مساعدته. أخبرني الوالد أنّ ما ذكرته له هو أمر حدث في الثامن عشر من نيسان عام ثمانية وأربعين، وأنّ ما وصفته هو القارب الذي استقلته العائلة في حيفا لتصل به إلى عكا في طريق هروبها إلى الرامة بعدما سقطت حيفا بيد اليهود، وكانت سنّي يومها أربعة عشر شهراً فقط. في ذلك اليوم شعرت أن علاقتي مع والدي تعدت علاقة الأب بالبنين لتصبح أيضاً علاقة الصديق بالصديق.

في الأبواب الثلاثة الأخرى من الفصل الأول، وعنوانه "ومضات"، تكلمت عن أحداث من مرحلة طفولتي المبكرة، بعد حادثة القارب، وأكثرها متعلق باحتلال قريتي، الرامة، في خريف عام ثمانية وأربعين. وقد دخلت بإسهاب في كل ما عاينته من أحداث ومآسي، وفيما سمعته من كل واحد من أهل البلد عن تلك الأحداث. كنت أعيش في بيت جدي لأمي في مجمع "بيت ستي" بعد وصولي مع عائلتي من حيفا. أمّا والداي فقد ذهبا إلى بيروت مع أخي البكر. وهذه عينة مما عاينته آنذاك وأنا في مجمع بيت ستي، وسني لم تتجاوز السنتين:

·        رأيت كيف نسفوا قسماً من مجمع بيت جدي لأمّي. ما زالت مناظر الرعب والهلع ومنظر الغبار الكثيف أمام عينيّ حتى يومنا هذا.

·        عاينت كيف جمّعوا عدداً من شباب البلد في ساحةٍ في الطرف الشرقي من القرية، وأوقفوهم في الطابور، وأخذوا ينتقون منهم مجموعة للطخ. وقف الشباب في الطابور وهم يعلمون ما فعله الصهاينة قبل أيام في قرية عيلبون المجاورة، حيث صفوا الشباب خارج الكنيسة وأطلقوا عليهم النار، فقتلوا بدم بارد ستة عشر شاباً من قرية لم يحارب أهلها أحداً (وقد غنى محرم فؤاد في أواخر الخمسينات أغنية بعنوان "كنيسة عيلبون"). وقد اهتم القتلة بأن يصل الخبر إلى الرامة بأسرع وقت، فيدب الرعب في الأهل ويرحلون. لكنّ الأهل في الرامة لم يرحلوا.

·        لذا رحّلوا جميع العائلات المسيحية من الرامة. وقع قرار الترحيل على رؤوسهم وهم يتناولون طعام فطورهم أو وهم يحتسون قهوة الصباح، وكان على ربّ العائلة أن يتخذ في ذات اللحظة قراراً يبدو لأول وهلة بسيطاً، لكنّه قرارٌ مصيريٌّ... قرار موت أو حياة؛ أن يقرر على الفور: ماذا يحملون معهم من الضروريات... كم يحملون من البطانيات لتقيهم من النوم في العراء... كم يأخذون من ماء الشرب ومن الطعام للأطفال... وكيف يوزعون الحمل على بعضهم حين يكون عليهم تسلق جبل حيدر متجهين شمالاً مشياً على الأقدام، وبين آهات الحبالى وأنين المسنين وبكاء الأطفال. إلى أين يذهبون؟ بعضَ البالغين قد أدرك أنّ أوامر الترحيل تقضي بأن يرحلوا خارج فلسطين، إلى لبنان. وكانت الأوامر تقضي بأن يكون الرحيل فورياً، وأن تُترك أبواب المنازل مفتوحة، والمنزل الذي يجدون بابه مقفلاً ينسفونه.

·        اكتشفت من هو "إسحق شلوفيتش" بعد احتلال الرامة بأيام قليلة: ألجميع في بيت ستي ملتفين حول رجلٍ صغيرِ الجسمِ، وجهُه أحمر، أسنانه كبيرة وبارزة من فمه، وهو يبتسم بخبث ملحوظ. عرفت في الحال من هو، رغم أنّ لباسَه اختلف عما كان يلبسه من قبلُ. إنّه "إسحق شلوڤيتش"، الرجل الذي كان يتردّد على البيت كلّ يومٍ تقريباً قبل الاحتلال. تذكّرت أنّه كان لطيفاً جدّاً معي، يضعني في حضنه ويلاعبني، لكنني تذكرت أيضاً أنني ما ارتحت إليه لحظةً. أزعجتني فيه أمور كثيرة، منها أنّه كان يأتي إلى البيت ويأكلُ من خبزِنا كأحدِنا، رغمَ أنه يبدو بالتأكيد خارجاً عن المكان، ولا ينتمي إلى الناس. شعرت أنّه كان دائماً يحاول إرضاءَ جدّي. وقد راودتني كلّ هذه الأحاسيس عنه واسترجعتها في لحظة حالما رأيته لابساً البزّة العسكرية. رأيت الجميع ملتفّين حولَه، لكنّ نظراتِهم كلَّها مصوّبةٌ نحوي. ينادونني وهم يبتسمون بسمات مرتبكة...  كوميدية، ويقولون: "شوقي! هذا عمّو اسحق... تعال سلّم عليه. شو؟ نسيته؟ مش عارفه؟" ما زالت هذه الجملة تطنّ في أذنيّ حتى يومنا هذا، وما زال شعوري حين سمعتها واضحاً كلَّ الوضوح. رغمَ صغرِ سنِّي شعرتُ بعدم الصدق في ضَحِكاتِهم وفي أقوالِهم. وبقيتُ في مكاني لا أتحرك... أنظرُ إليه برعب وهلع. في اللحظات الأولى لم أدرِ سببَ رعبي منه، لكن سرعان ما استحوذت عليّ بزّتُه العسكرية ذات اللون الخاكي والأزرار اللامعة على الكتفَين... أخافتني، فهربت بعد حين وارتميت في حضن جدّتي. هو أيضاً لم يقتربْ مني، ولم يكلّمْني. ظلّ واقفاً ينظرُ إليّ من بعيد بعينَي قحبة، وابتسامةٌ خبيثةٌ تعلو شفتيه. هذا اليهوديٌّ بلغاريٌّ كان يتردّدُ على بيت جدِّي للتجسس وأخذ المعلومات. ولاحقاً كان أحد قواد الفرقة التي احتلّت القرية، إن لم يكن قائدها الأعلى. وعندما أكملوا احتلالَهم عاد بحجة الاطمئنان على أفراد العائلة؛ ولكي يمُنَّ عليهم بأنه هو السببُ في سلامتِهم، والدليلُ أنّه هو الذي سحب أحدَ أولادِ عمّتي من طابور الشبّاب الذين انتخبوهم للطخّ. أو ربّما عاد ليأخذ منهم صكّ الولاء له ولزمرته. لقد اطمأنّوا إلى إسحق في الماضي فهو ضيفٌ عزيز، لكنّهم اكتشفوا اليومَ أنه لم يكن رجلاً عاديّاً، بل مجنّداً، وبرتبةٍ عالية، في المنظّمات الصهيونية الإرهابية. وكان وجوده مع العائلة قبلَ الاحتلال جزءاً من وظيفته. ولعلّ كلَّ بلدةٍ في فلسطين كان لها إسحقُها!!!

كانت هذه عينة صغيرة مما حدث في قرية لم يحارب أهلها أحداً! ولم يهدموا فيها إلاّ دارَيْن. فماذا حدث في القرى التي طُهِّرَت من أهلها وسُوِّيَت بالأرض؟! لا أحتمل حتى التفكير في ذلك!

ألفصل الثاني، "وجهاً لوجه مع الوطن"، وهو من ستة أبواب. أتكلم فيه عن الفترة ما بين 1950 و 1960. وفي هذه الأبواب عدة محاور، منها: وضع أسرتي والظروف المعيشية الصعبة بعد الاحتلال. سرد لتجربة واحدة من تجاربنا الكثيرة والمريرة مع دولة عرقية هاجرت إلينا من الغرب. أول مواجهة لي مع ابن الكلب، الموت. استكشافي لمعالم الوطن حين كنت أتجول في "جنات عدنٍ" الجليلية راكباً حصاناً، وأوحي من خلال السرد إلى أنّ هذا الوطن الصغير كان متسعاً لنا رغم كثرة الغرباء فيه.

ألمحور الأخير هو تجربتي، وأنا طفل، مع مدينة حيفا، وهي تجربة تمثل خير تمثيل ماذا يعني الاغتراب في الوطن. زرتها للمرة الأولى مع والدَيَّ وأخي في أوائل سنة خمسين، ولا أزال أذكر تلك الزيارة بتفاصيلها، وزرتها بعد ذلك عدداً من المرات مع والدَيّ قبل أن أبلغ السابعة من العمر. منذ الزيارة الأولى شعرت أنّ هذه المدينة تعاديني... إنّها مليئة بالأغراب، وهي لا تتكلم لغتي! هل يعيش أهالي القرى، أينما كانوا على وجه الأرض، في وطنٍ مدنه لا تتكلم لغتهم ومليئة بالغرباء؟ أو ربّما أنا هو الغريب الدخيل، والأغراب هم أصحاب وأهل حيفا. تولدت عندي (وعند أبناء جيلي) عقدة بالنسبة للمدينة ما زلت أعاني منها حتى يومنا هذا. لم أُشفَ من عقدتي حين زرت الناصرة لأول مرة (مع عمّي) وأنا في السابعة من عمري. لا أزال أذكر شعوري حين وطئت قدماي أرض الناصرة... إنّه شعور حيرة وتخبط بين نقيضين: أنا بلا شكّ في مدينة، لكنّ هذه المدينة تتكلم لغتي، فهل هذا معقول!؟ حتّى الآن تحتفظ الناصرة بمكانة خاصة في قلبي، إذ كانت أوّلَ من دلّني على أنّ وطني لم يترجم بأكمله. (رحم الله محمود درويش: "والأرض تورثُ كاللغة"). رغم كل ذلك لم تَشفِني الناصرة من عقدة الاغتراب في المدينة، فالناصرة بقيت في عينَيّ قرية كبيرة.

إلى أن كان يوم... إلى أن كان يوم زرت فيه، مع زوجتي، قاهرة المُعِزّ عام 2004، (باب "هنا القاهرة"، الفصل الرابع). كانت تلك الزيارة هي المرّة الأولى التي تطأ فيها قدماي أرضاً لدولة عربية، وفي ذلك لوحده ما يكفي لتهيُّجٍ عاطفيٍّ غيرِ مسبوقٍ. حين دخلت مطار القاهرة وسمعت الإعلانات تخرج من مكبرات الصوت بالعربية، وسمعت الموسيقى الخلفية لعبد الوهاب أو لغيره من عمالقة الموسيقى العربية، وسمعت موظف الجوازات يلقي عليّ التحية بالعربية بصوت كأنّه زقزقة العصافير "دا انتَ نَوَّرْتِ مَصرِ يا باشا"، حين سمعت لغتي في كل مكان خرجت من المطار وأنا لا أرى طريقي، إذ انهمرت الدموع من عينَيّ. لقد وقفت لأول مرة في حياتي وجهاً لوجه أمام مدينة عملاقة... من أكبر مدن العالم، وهي مدينة لا تعاديني... تتكلم لغتي، وهي ليست مدينةَ ما... إنّها القاهرة. لمست بالفعل كيف أنّ "الأرض بتتكلِّم عربي... إلأرض الأرض".

وكأنّ ذلك لا يكفي، فقد ارتميت، بعد أربع سنوات بالضبط من زيارتي إلى القاهرة، في أحضان دمشق الشام وكأنني طفلٌ أَعادوهُ إلى أَبَوَيْهِ (باب "أهلكِ التاريخُ من فُضلتِهِمْ"، الفصل الرابع).

***

لقد أطلت الكلام في هذا الموضوع، لكن أن تصبح لاجئاً شريداً فهذا مأساة، أما أن تغترب في وطنك أو يغترب هو عنك، فهذا يتعدى حدود المأساة.

ألمحور الأساسي في الفصل الثالث، وعنوانه "فلسطين"، يدور حول مشاكل الناس مع الخطط المنهجية والجهنمية في دولة اليهود للسطو على ما تبقى من أراضي العرب. وأروي في أبوابه المختلفة الكثير عن تصرفات وأقوال الناس من حولي فيما يتعلق بالدولة العبرية: والدي، أساتذتي، جيراني، وجميع أهل البلد. فتصرفات هؤلاء الناس وأقوالهم جعلتني أدرك وأعي، وأنا بعد في العاشرة، وضعنا الشاذّ: نحن، أصحابَ البلد ، تحوّلنا بين عشية وضحاها إلى أقلية تعيش في ظلّ دولةٍ تُعرِّف نفسها أنّها دولة لليهود، وفقط لليهود، فأخذت تفرض على أهل البلد الأصليين شروطها وقوانينها العرقية والمجحفة. هؤلاء الناس فشلوا في صدِّ المعتدي وفي الحفاظ على الوطن. لكنّهم نجحوا في تزويدي، وأبناءَ جيلي، بالإرادة والتصميم على تزويد الجيل القادم بما يحتاجه كي ينجح في المهمة التي لم ننجح فيها. ويُطِلُّ عليّ طيف سميح القاسم منشداً:

يَدُكَ الْمَرْفوعةُ في وَجْهِ الظّالِمْ

رايةُ جيلٍ يَمْضي

وَهُوَ يَهُزُّ الْجيلَ الْقادِمْ:

قاوَمْتُ، فَقاوِمْ

أما الفصل الرابع والأخير، "بين الوطن والمهجر"، فبدأته بباب خصصته لذكرى أستاذي وصديقي المرحوم شكيب جهشان، وكان أستاذ اللغة العربية في ثانوية الرامة لنصف قرن من الزمن، وقد درَّسني من الصف الخامس وحتى نهاية الثانوية. كتبت هذا الباب في خريف 2002 تلبية لرغبة شكيب جهشان الذي لم يعش ليقرأه. وشكل ما كتبته له النواةَ التي بنيت عليها فكرة الكتاب. وفيه أروي ذكرياتي عن: مرحلة الدراسة الثانوية، سكناي في حيفا بعد تخرجي من الثانوية، عملي كأستاذ للعلوم في ثانويتَي الرامة في الجليل وكفر قرع في المثلث الشمالي، وقسم منه يدور حول الهجرة إلى أمريكا وسكناي فيها حتى عام 2002.

وشكيب جهشان هو حقّاً ظاهرة فريدة من نوعها في تدريس العربية. على يدَيه بدأت رحلة لم تنتهِ بعد مع لغتي... على يديه عشقت لغتي. على يديه تكتشفُ أنّ اللغةَ هي مخزونُكَ الحضاريُّ الذي يعمِّقُ انتماءكَ القوميّ. تكتشفُ عمقَكَ الحضاريَّ في القرآن وفي مؤلّفاتِ الجاحظ، أبي العلاء وابنِ خلدون والفراهيدي والغزّالي، وفي ابتكاراتِ واكتشافاتِ الرازي وابنِ الهيثم والبتّاني والخوارزمي وابن رشد وبن سينا. تكتشفُ أنّ "الكوميديا الإلهية" لدانتي هي تقليدٌ لـ "رسالةِ الغفران"، وأنّ روايةَ "إميل" لجان جاك روسو جذورُها في "حيّ بن يقظان". هذا هو شكيب جهشان.

في باب "حيفا ليست قرطبة" (من الفصل الرابع) أروي تجربتي مع حيفا كهلاً (عامي 2008، 2009). وفيه أبين الأسباب والمعطيات التي أقنعتني بأن حيفا ستكون مدينة عربية لا أوروبية.

في باب "حكاية جيل سيأتي" شرحت الأوضاع غير المحمولة التي يعيشها جيل أحفادي داخل الخط الأخضر، وبينت أن أوضاعاً كهذه لا يمكن أن تدوم. وفيه أيضاً أَبرزت الصمود الأسطوري للفلسطيني أينما كان: من جحيم المخيمات اللبنانية... إلى (نعيم) الدولة العبرية... إلى الجدار وحواجز التفتيش في الضفة الغربية... إلى السجن المفتوح في غزة الأسطورية. قال محمود درويش مرة عن هذا الصمود الفلسطيني: "نجحنا في شيء واحد فقط: نجحنا في ألاّ نموت". لكنّ خيرَ من عبّر عن "فن البقاء" الفلسطيني هذا كان الشاعر تميم البرغوثي، وذلك حين قال في قصيدة "ألْمَوْتُ فينا وَفيهِم الْفَزَعُ":

وَالدَّهْرُ حَيْثُ  سارَ الْقَوْمُ يَتَّبِعُ
يَأْخُذُ عَنْهُمْ فَنَّ الْبَقاءِ فَقَـدْ
وَكُلَّما هَمَّ أَنْ يَقولَ لَـهُـمْ





يَشْهَدُ أَحْوالَهُمْ وَيَسْتَـمِـعُ
زادوا عَلَيْهِ الْكَثيرَ وَابْتَدَعوا
بِأَنَّهُمْ مَهْزومونَ، ما اقْتَنَعوا



الكتاب الثاني هو:

ألمهد العربي

المسيحية المشرقية على مدى ألفَي عام والعلاقة المتبادلة مع الإسلام

تأليف سميح غنادري

سميح هو أيضاً ابن الرامة، ويعيش منذ عقود في الناصرة. متزوج من راوية إميل حبيبي، وأنجبا ثلاث بنات، وسميا ابنتهما البكر "يُعاد" على اسم بطلة رواية "المتشائل" الشهيرة لإيميل حبيبي. وهو كاتب وناشط سياسي، وكان أحد قياديي حزب التجمع الديمقراطي العربي منذ تأسيسه. وسميح هو ابن لعائلة من طائفة الروم الأُرثوذكس، لكنّه علماني حتى النخاع. غالباً ما كناّ نزاود، هو وأنا، على بعضنا في الإلحاد والكفر. ألم يقل الشاعر القروي، رشيد سليم الخوري؟:

سَلامٌ عَلى كُفْرٍ يُوَحِّدُ بَيْنَنا





وَأَهْلاً وَسَهْلاً بَعْدَهُ بِجَهَنَّمِ

صدرت قبل شهرين في حيفا الطبعة الرابعة لهذا الكتاب القيِّم والمهم، وكانت الطبعة الأولى منه قد صدرت في الناصرة في حزيران، 2009 (أربع طبعات خلال أقل من ثلاث سنوات).

وكتاب "المهد العربي" يخضع لجميع أسس البحث العلمي السليم والمحايد، والأمانة العلمية واضحة فيه من خلال الاستشهاد المتكرر بالمصادر التاريخية وبمصادر تاريخ الكنيسة وبالنصوص الدينية المسيحية (الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل ورسائل الرسل) والإسلامية (القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة). والكتاب، إلى ذلك، مكتوب بأسلوب شيق وسلس، وقراءته سهلة وممتعة.

وهذا عرض سريع للأفكار الرئيسية في الكتاب:

المسيحية حتى الفتوحات العربية:

·        ألمسيحية هي ابنة هذا الشرق العربي، ولدت من رحم عربي ونشأت في مهد عربي، ومن هنا عنوان الكتاب. وهي لم يُصَدِّرْها الغربُ إلينا، كما يحلو للبعض أن يعتقد. والعرب المسيحيون هم ليسوا من بقايا الصليبيين، كما يحلو للبعض الآخر أنْ يتَّهِمَ، إنهم من نسل قبائل عربية مسيحية كانت في شبه الجزيرة العربية واليمن والهلال الخصيب منذ القرون الأولى للميلاد.

·        ألمسيحية الأولى هي دين شهادة واستشهاد، والإمبراطورية الرومانية هي قاتلة المسيحيين بمساعدة ودعم ومشاركة الكهنة اليهود. عدد من الشهداء المسيحيين الأوائل كانوا عرباً.

·        ألمسيحية ليست مجرد محاولة إصلاح لليهودية أو "يهودية جديدة"، بل هي عهد جديد ودين جديد نقيض الدين اليهودي: دين لجميع الأمم، يوم السبت، "ليس ما يدخل فم الإنسان يدنسه"، الختان، الطقوس والذبائح...

·        في فلسطين نشأت المسيحية، وفي البلاد السورية عموماً نما عودها، ومنها انطلق التبشير بها في العالم. كان ذلك وسط فنائين معاديين لها: فناء عام يمثل الإمبراطورية الرومانية الوثنية، وفناء محلي يتمثل في الدين اليهودي الانعزالي. وفي فلسطين وُلد ونشأ السيد المسيح: بيت لحم، الناصرة، نهر الأردن، أورشليم، كفر ناحوم، المجدل، طبريا، قيساريا، عمواس، أريحا، الرامة، كفر كنا (قانا الجليل)، وغيرها من مدن وأنهار وصحاري وجبال فلسطين.

·        يرد ذكر العرب للمرة الأولى في "أعمال الرسل" بخصوص التكلم بألسنة مختلفة، بما فيها العربية، في الاجتماع الأول لتلاميذ المسيح والمسيحيين الأوائل في علية صهيون في أورشليم.

·        يرد في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية أنّه بعد اعتناقه المسيحية في دمشق "ذهبتُ على الفور إلى بلاد العرب".

·        انتشرت المسيحية في قرونها الأولى في بلاد يقطنها قبائل وشعوب عربية: بلاد الشام، بلاد الرافدين، شبه الجزيرة العربية مع اليمن، بالإضافة إلى مصر التي لم تكن قد تعربت بعد.

·        في بلاد الشام قامت العاصمة الأولى للمسيحية... في أنطاكيا السورية (وفيها أُطلِق لأول مرة على المؤمنين بالدين الجديد اسم المسيحيين)، لا في روما أو القسطنطينية. وفي بلاد الشام وبلاد الرافدين ومصر تأسست المدارس اللاهوتية الأولى: ألإسكندرية، وأنطاكيا، والرها (شمال شرق سورية)، ونصيبين (في بلاد الرافدين). وهذه المدارس كانت بمثابة معاهد علمية وجامعات بكل ما في الكلمة من معنى.

·        وفي هذه البلاد عدد من كبار اللاهوتيين، ومن الشهداء، ومن الأساقفة والبطاركة، كانوا عرباً. وإنّك لتجد أنّ القداس الإلهي والتراتيل في الليثورجيا الكنسية في جميع الكنائس في المشرق العربي في هذه الأيام جميعها تتلى باللغة العربية الفصحى. وقد أثرى اللاهتيون العرب التراث الديني للمسيحية، وشارك لاهوتيون عرب ومندوبون عن القبائل والعشائر العربية مشاركة فعالة في كل واحد من المجامع المسكونية السبعة (من مجمع نيقية الأول سنة 325 وحتى المجمع الأخير الذي انعقد في نيقية أيضاً عام 787) وساهموا في الجدل والخلافات اللاهوتية التي استعرت فيها.

·        كذلك كانت هناك ممالك عربية اعتنق ملوكها أو رعاياها أو كلاهما النصرانية، ومنها:

o       مملكة الرها الصغيرة في شمال شرق سورية. اعتنق ملكها العربي، الأبجر التاسع (179 – 214) المسيحية قبل أن يعتنقها قسطنطين بـ 130 سنة. فأصبح بذلك أول حاكم مسيحي لدولة في العالم، وأصبحت المسيحية لأول مرة في التاريخ ديانة رسمية لدولة. وبهذا يكون العرب هم أول من أسّس "دولة مسيحية".

o       ألأنباط: وصلت المسيحية إلى مملكة الأنباط العرب في البتراء منذ إنشائها، وهناك مصادر لمؤرخي الكنيسة الأولين تشير إلى أنّ المجوس الذين "أتوا من الشرق" وقدموا الهدايا للمولود الجديد في بيت لحم كانوا من الأنباط. والعرب الذين ذكرهم بولس والذين ذكرتهم الأناجيل أيضاً كانوا الأنباط. ويعتقد بعض مؤرخي الكنيسة أنّ أقوى ملوك الأنباط، الحارث الرابع (9 ق.م. – 40 م) اعتنق النصرانية سراً على يد بولس. وكلمة "حنيف" الدالّة على دين يؤمن بإله واحد تعود إلى أصل آرامي نبطي. والخط العربي الحديث الذي دُِوّن فيه القرآن الكريم هو الخط النبطي.

o       مملكة تدمر (بالميرا أو مدينة النخيل) وسط الصحراء السورية، وهي مملكة عربية اعتنق معظم عربها المسيحية. ورغم أن أقوى وأشهر ملوكها: أذينة (ملك العرب)، ثم زوجته من بعده، زنوبيا أو الزباء بنت عمرو، كانا وثنيَّيْن، إلاّ أن الزباء كانت تميل إلى المسيحية وتدعم المسيحيين الملاحقين من قبل روما. وقد فرضت تعيين بولس السمسياطي (الذي برز في بلاط أذينة) أسقفاً على أنطاكيا (261 – 267).

o       مملكة الغساسنة أو آل جفنة: وكانت أقوى مملكة عربية مسيحية، بملوكها وبرعيتها (وهم من اليعاقبة، أتباع الطبيعة الواحدة وضد التثليث). كذلك نصَّر الغساسنة العديد من القبائل العربية التي قطنت في حدود مملكتهم. نشأت في حوران في جنوب غرب سورية، وسيطرت على مناطق واسعة من بلاد الشام، وآخر عاصمة لهم كانت الجابية في الجولان السوري. ومن ملوكهم الذين ساهموا في الصراع الكنسي والصراع مع الإمبراطورية على قضية الطبيعة الواحدة كان الحارث بن جبلة (529 – 569، وكيف أقنع فيلبوس الإمبراطور الروماني العربي السوري بالتسامح مع النسطوريين، ثم باعتناق النسطورية)، وابنه المنذر بن الحارث (569 – 582)، ثم ابنه النعمان بن المنذر (582 – 583). وقد نفت الإمبراطورية كلاّ من المنذر والنعمان ابنه إلى صقلية ليموتا في منفاهما كشهيدين. تبلورت في أيام الغساسنة الهوية العربية للكنيسة، وقد ترجموا أجزاء من الأناجيل وبعض الصلوات في الليثورجيا الكنسية إلى العربية.

o       مملكة المناذرة في العراق، وعاصمتها الحيرة. دامت أكثر من ثلاثة قرون، وكان أكثر رعاياها من النصارى (ومنهم القديس الناسك يعقوب العامودي)، على أنّ معظم ملوكها كانوا وثنيين إلى أن تنصّر المنذر بن ماء السماء (514 – 533) بعد حادثة بؤسه ونعيمه المعروفة. وبعده تنصر ابنه النعمان بن المنذر (أبو قابوس، 558 - 613). ففي الحيرة أصبح الملوك على دين رعيتهم بدل أن يكون الناس على دين ملوكهم.  

·        وكانت أيضاً قبائل عربية تدين برمتها بالنصرانية، أو انتشرت النصرانية في بعض بطونها. نذكر منها كلب وتنوخ ولخم وغسان في بلاد الشام، وتغلب (مع بطونها العديدة) في حوض الفرات وفي شمال شرق شبه الجزيرة. كذلك اعتنق عدد من أبناء كندة وبكر وائل وطيء النصرانية. ولا ننسَ اليمن وكعبة نجران فيها. فقد انتشرت المسيحية بين الحميريين. ولا ننسَ المذبحة الكبيرة التي ارتكبها ذو نواس اليهودي بحق الحارث بن كعب وقبيلته النصرانية في نجران، وذكرها عدد من المصادر التاريخية، وكذلك في القرآن الكريم (حادثة الأخدود: أكثر من 300 إنسان دُفنوا أحياء): "قُتِلَ أَصْحابُ الأُخْدود. ألنارُ ذاتُ الْوُقودْ... وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلونَ بِالْمُؤمنينَ شُهودْ... إنَّ الَّذينَ فَتَنوا الْمُؤمنينَ وَالْمُؤْمِنات ثُمَّ لَمْ يَتوبوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمٍ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَريقْ" (ألبروج، 1‑10).

المسيحية العربية في دولة الخلافة العربية الإسلامية:

يُبرز المؤلف التعامل المتسامح والحضاري الذي تعامل به الدين الإسلامي وخلفاء الإمبراطورية العربية الإسلامية مع النصارى. وذلك مقابل الجرائم التي ارتكبتها الإمبراطورية الرومانية الوثنية ضد المسيحيين، وتلك التي ارتكبتها الإمبراطورية المتنصرة – وكذلك الكنيسة كمؤسسة - ضد الوثنيين، وضد كل من خالفها الرأي من المسيحيين أو كل من رأى المسيحية بشكل يختلف عن رؤيتها وتصورها لها.

كذلك يدحض المؤلف، بالمنطق وبالبينات، المزاعم التي بثّها بعض المستشرقين (وربّما آمن بها بعض العرب) من أن الرسول العربي الكريم تتلمذ على يد الراهب بحيرى أو على يد ورقة بن نوفل ابن عم زوجته خديجة.

·        في القرآن الكريم: ألنصارى في القرآن هم أهل الكتاب، وهم "أقربهم مودةً للذين آمنوا". ويأتي إقرار ذلك، وأيضاً مطالبة المسلمين بألاّ يحاوروا النصارى إلاّ "بالتي هي أحسن"، في العديد من السور القرآنية (منها: ألمائدة 46 و 69 و 82، ألبقرة 62 و 253، آل عمران 55 و 64، ألتوبة 111، ألعنكبوت 46، ألنحل 125). ومريم بنت عمران هي "مصطفاة وأطهر نساء العالمين". وهي الأنثى الوحيدة المذكورة بالاسم في القرآن الكريم، وقد ورد ذكرها في القرآن 34 مرة. ثمّ هناك سورة مريم وسورة آل عمران. والسيد المسيح أو عيسى بن مريم هو رسول ونبي اصطفاه الله، وتكلم في المهد، وأعطاه الله القدرة على صنع العجائب. في الواقع، لم يرد في الأناجيل أن المسيح هو كلمة الله، بل ورد ذلك في القرآن الكريم (ألنساء، 171). أمّا قضية الجزية، وخاصة الآية: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللهُ ورسوله ولا يدينون دينَ الحقِّ من الذين أوتوا الكتب حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون"، (ألتوبة، 29). فقد نزلت الآية يوم غزوة مؤتة ضد الروم. ويجتهد المؤلف ليعطي الآية تفسيرها الذي تستحقه: تفسير يُدين من يدعي أنّ معناها حاربوا أو اقتلوا النصارى. والجزية ليس فيها تحقير أو إهانة، فمعروف أنّ من لا يحارب مع جيش دولته يدفع الجزية، حتى في القرن الواحد والعشرين. إجمالاً، لقد أبلى المؤلف، برأيي، بلاءً منقطع النظير في دحض مزاعم البعض (من نصارى ومسلمين) من أنّ القرآن الكريم يتهم النصارى بأنّهم "كافرون" وأنهم "فاسقون" وأنّهم "مشركون"، وذلك في الصفحات 235 إلى 240 من كتابه.

·        عامل الرسول العربي الكريم النصارى باحترام وليونة وتسامح. أقترح أن يقرأ كل من يقتني الكتاب باب "تعامل الرسول محمد مع النصارى" (ص 245 – 251) ليدرك الموقف الإيجابي والحضاري للرسول من أهل الكتاب. بهذا الصدد تجدر الإشارة إلى وصية أبي بكر لجنوده قبل معركة أجنادين (634) بين الرملة والخليل في فلسطين، وقد انتصر فيها العرب المسلمون بقيادة خالد بن الوليد (حين فشل العرب، بعد معارك دامت أياماً عديدة في أجنادين، في أن يقهروا جيش الروم، قال أبو بكر قوله الشهير: "والله لأُنسِيَنَّ الروم وساوسَ الشيطان بخالد بن الوليد". ثمّ أمره بالتوجه فوراً مع ثُلث جيشه من أرض العراق إلى فلسطين)، وفي الوصية ترداد لقسم مما أوصى به الرسول جيشه قبل معركة مؤتة، وجاء في وصية أبي بكر: "وإنّي موصيكم بعشر كلمات فاحفظوهنّ: لا تقاتلوا شيخاً فانياً ولا صبيّاً صغيراً ولا امرأةً، ولا تهدموا بيتاً ولا بيعة، ولا تقطعوا شجراً مثمراً، ولا تعقروا بهيمة إلاً لأكل، ولا تحرقوا نخلاً ولا تُغرقوه..."

·        ألعهدة العمرية لأهل بيت المقدس (638): عهدة حضارية راقية، لا بمفاهيم تلك الحقبة فحسب، بل أيضاً بمفاهيم القرن الواحد والعشرين. وليت الدول (المتحضرة) في أيامنا ترتقي إلى أخمصَي العرب المسلمين في أخلاقهم في الحروب. كتب عمر العهدة بخط يده وشهد عليها بالتوقيع أربعة، خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان، وتسلمها منه صفرونيوس، البطريرك العربي للقدس، وسلّمه مفاتيح المدينة. يذكر المؤلف بالتفصيل العهدة العمرية، ثمّ يعدد ويحلل الأسباب والدوافع التي جعلت الخليفة عمر، بالمقابل، يأمر بترحيل مسيحيي نجران من أرض اليمن.

·        موقف عمر الحضاري (حتى بمفاهيم هذه الأيام) من الملك الغساني جبلة بن الأيهم حين داس أحد "السوقى" على ثوبه. كذلك ما قام به سيدنا عمر من إعفاء بني تغلب من دفع الجزية حين رفضوا أن يسلموا، وذلك حتى لا يرحلوا إلى بلاد الروم.

·        بقيت بلاد الشام ومصر وأقسام من بلاد الرافدين مسيحية بغالبيتها الساحقة لأكثر من قرنين من الزمن. ودمشق، عاصمة الخلافة الأموية، كان غالبية سكانها أيام الأمويين من النصارى. وبقي القسم الأكبر من نصارى بيت المقدس على دينهم.

·        في عهد بني أمية كان للكنيسة في البلاد السورية لوحدها خمسة بطاركة، وكان النصارى يرتدون صلبانهم (إن أرادوا) أينما ذهبوا (باستثناء فترة حكم عمر بن عبد العزيز، وكانت لأربع سنوات فقط.

·        في عهد بني أمية برز أعظم لاهوتي في تاريخ الكنيسة على الإطلاق، وهو يوحنا الدمشقي (675 – 749)، وكان ابنه سمعان الدمشقي ذا مركز كبير في الخلافة الأموية، ومن أقرب المقربين إلى عبد الملك بن مروان بعد الأخطل التغلبي. تجدر الإشارة إلى ما يروى في كتب الأدب عن عبد الملك (باني المسجد الأقصى، وأحد أعظم الملوك على الإطلاق) والأخطل التغلبي، وذلك لما في هذه الرواية من دلالة على موقف عبد الملك الراقي والمتسامح. كان عبد الملك، كلما أخذته نشوة الطرب والإعجاب بما يلقيه الأخطل (النصراني الذي يُعتبر بحق "وزارة إعلام" الدولة الأموية) على مسامعه من أشعار، يقاطع الأخطل قائلاً: "أَعِدْ، أَعِدْ يا عدوَّ الله!" وقال للأخطل مرةً: "لِمَ لا تُسلمُ يا غَيّاث؟" فأجابه الأخطل بثلاثة أبيات من الشعر:

وَلَسْتُ بِصائِمٍ رَمَضانَ طَوْعاً
وَلَسْتُ بِواقِفٍ أَبَداً أُنادي
وَلكِنّي سَأَشْرَبُها شَمولاً





وَلَسْتُ بِآكِلٍ لَحْمَ الأَضاحي
كَمِثْلِ الْعَيْرِ حَيَّ عَلى الْفَلاحِ
وَأَسْجُدُ عِنْدَ مُنْبَلَجِ الصَّباحِ

فما كان من عبد الملك حين سمع هذه الأبيات إلاّ أن قال: "أحسنتَ يا عدُوَّ الله!"

·        ولا ننسَ "قوافل المأمون"، ومعظم رجالها من النصارى واليهود، وقد انهمكوا بتجميع كتب العلم والفلسفة وبالترجمات منذ العهد الأموي.

·        ولا ننسَ صرخة "وامعتصماه!" من سيدة نصرانية ضايقها الروم. وحين أُخبِر الخليفة المعتصم بذلك قال: "لبَّيكِ يا أختاه!" ثم أرسل إلى ملك الروم رسالة يقول فيها: "من أمير المؤمنين إلى كلب الروم. سأرسل إليك جيشاً يكون أولُه عندك وآخره عندي".

·        بالمقابل: يذكر المؤلف بموضوعية التجاوزات والإجحاف الذي كان يحصل بين حين وحين بحق النصارى. لكنّ ذلك شكل الاستثناء لا القاعدة.

·        في الفصل الرابع: الصليبيون وجرائمهم والمذابح التي ارتكبوها بحق نصارى ومسلمي المشرق العربي على حد سواء.

·        في الفصل الخامس والأخير: أيام العثمانيين، العلاقة مع الغرب والاستعمار الكنسي في فلسطين، وروّاد النهضة العربية الحديثة من النصارى العرب.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alhoob-alsdagh.yoo7.com
 
فلسطين.. وتاريخ المسيحية في الشرق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ‎(( لم نجرم المسيحية ولم نصفها باﻹرهاب !!)) ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻟﻤﺒﺪﻋﺔ إﺣﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺗﻜﺘﺐ عن الارهاب العالمي :
» من معاناة المسلمين في فلسطين - كلاب الجيش الإسرائيلي تنهش يد شاب فلسطيني في فلسطين
» مشروع المشير السيسي يضع الأساس للدولة المسيحية في وادي النطرون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
نبيل - القدس :: اخبار - مقالات سياسية - :: مقالات سياسية-
انتقل الى: