الذباب الإلكتروني.. أهداف تآمرية خبيثة بعيدة المدى

الذباب الإلكتروني.. أهداف تآمرية خبيثة بعيدة المدى

الذباب استخدم لتلميع صورة بن سلمان وتخويف معارضيه

السعودية والإمارات تشنان حملات واسعة لتجنيد المشاهير والمؤثرين في وسائل التواصل

333 ألف دولار أنفقتها أبوظبي لتنظيم حملة على وسائل التواصل الاجتماعي

لجان إلكترونية مهمتها التشويش على الأخبار الحقيقية والمعلومات الموثقة بأخرى مزورة

جريمة اغتيال خاشقجي بدأت بالتجسس على حسابه الشخصي على تويتر

في سبيل دعم أجنداتها ومخططاتها التي تستهدف وتؤثر بشكل بالغ في استقرار المنطقة ككل أنشأت كل من السعودية والإمارات حسابات إلكترونية وهمية ومشبوهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لاستخدامها في شن حملات إعلامية لتشويه صورة قطر وشيطنتها وربطها بتمويل ودعم الإرهاب، علاوة على الترويج لمساع أبوظبي والرياض فيما يتعلق بتمرير صفقة القرن التي تستهدف إجهاض القضية الفلسطينية التي تعتبر القضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية.

كما تستخدم نفس هذه الحسابات أيضاً الوهمية في تلميع سياسات أبوظبي والرياض وتجميل صورتهما والتغطية على الجرائم والفظائع التي ترتكباها ضد مواطنيها ولإلهاء الرأي العام وتخديره وتضليله عن حقيقة الأزمات الداخلية والخارجية من قبيل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسعي إلى تغيير ثوابت المجتمع الخليجي وأخلاقياته العربية والإسلامية الأصيلة، هذا بالإضافة إلى شغله عما يدور في حرب اليمن والمؤامرات المنسقة ضد دول المنطقة، تلك التي تسببت فيها وتبنتها سياسات وليي عهد السعودية وأبوظبي.

وظهر في السنوات الأخيرة مصطلح "الذباب الإلكتروني" وهو يطلق على الحسابات الإلكترونية الوهمية والمزيفة التي استخدمتها أبوظبي والرياض بصورة واسعة لتوجيه الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي نحو اتجاه معين يتوافق مع توجهاتهما الجديدة، وذلك من أجل تضليل الشعوب وإلهائها عن القضايا الملحة والأزمات الراهنة التي تعاني منها بلدانهم، بالإضافة إلى تغييب الوعي العام ومصادرة الحقيقة والتغطية على الانهيارات الاقتصادية في البلدين والتي نتج عنها انتشار البطالة والتضخم وغلاء الأسعار وانتشار الجريمة والمخدرات في الأوساط الشبابية.

وشنت السلطات السعودية والإماراتية حملات واسعة لتجنيد المشاهير من العلماء والإعلاميين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وحثهم على دعم السياسات التي تنتهجها وذلك مقابل تمتعهم بالحرية بالإضافة إلى تقديم مكافأة مالية لهم مقابل أي تغريدة يقومون بنشرها وتتضمن الإساءة والانتقاد لسياسات دولة قطر، ويحدث ذلك على الرغم من تكرار مسؤولي نظامي أبوظبي والرياض على أن الأزمة مع قطر صغيرة جداً جداً!!.

كما مارست هذه الدول إرهاباً وترهيباً ضد مواطنيها وذلك بعد ان أصدرت قوانين تجرم التعاطف مع دولة قطر أو إظهار أي دعم أو تأييد لها في الحياة العامة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وتصل العقوبات للمخالفين لهذه القوانين إلى السجن مدة تتراوح بين 5 إلى 15 سنة بالإضافة إلى فرض غرامات مالية تصل قيمتها إلى 500 ألف درهم إماراتي.

وظهر نشاط الذباب الإلكتروني بكثافة في بواكير اندلاع الأزمة الخليجية التي نتج عنها فرض حصار جوي وبحري وبري على دولة قطر من قبل كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، حيث قامت بتكون منصات ولجان الكترونية لإدارة عمل الذباب الالكتروني وتوجيهه لشن هجمات شعواء على دولة قطر تضمنت الترويج لأخبار كاذبة وفبركات إعلامية، وسعت الحملة ضرب النسيج الاجتماعي القطري من خلال نشر الفتنة القبلية وتأليب الرأي العام المحلي ضد الحكومة، وباءت كل هذه المحاولات بالفشل بسبب إلتفاف الشعب القطري حول حكومته الرشيدة وإعلانه الولاء لها وتأييده الكامل لكل توجهاتها القائمة على صون السيادة الوطنية القطرية والاستقلالية وعدم السماح لأي دولة بالتدخل في شؤون الدولة الداخلية.

دليم

وكشفت تقارير إستخباراتية واخبارية دولية ان الذباب الالكتروني السعودي قام بتكوينه والإشراف عليه المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني "دليم" الذي اقيل من منصبه بسبب دوره في جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده باسطنبول في الثاني من اكتوبر 2018، ويقوم دليم بالتنسيق مع أبوظبي بتوجيه الاعلام السعودي للهجوم على قطر وتشويه سمعتها من خلال تناول مواقف سياسية ملفقة ضدها ومن ثم يقوم الذباب الإلكتروني بتداول هذه الأخبار الكاذبة بصورة مكثفة والترويج لها على تويتر وفيسبوك وغيرها من وسائل الإعلام الجديد.

وفي سبيل تحقيق الهدف الذي تنشده السلطات السعودية والاماراتية من نشاط الذباب الالكتروني قامت بتجنيد مبرمجين متخصصين يعملون بالجهات الحكومية والأمنية بالاضافة الى موظفين يعملون في مجال تكنلوجيا المعلومات ومن بينهم موظف يعمل في شركة تويتر وذلك من اجل إدارة نشاط الذباب الإلكتروني بصورة آلية والتمكن من نشر مئات الآلاف من التغريدات التي تدعم مواقف ابوظبي والرياض المشبوهة، وقدرت تقارير أن الذباب الإلكتروني السعودي يقوم يوميا بنشر أكثر من 100 ألف تغريدة جزء منها يدعم بن سلمان ونظامه، والجزء الآخر يعمل بشكل أساسي على الهجوم على دولة قطر ونشر أخبار كاذبة عنها، علاوة على التطاول على الرموز الوطنية القطرية.

وأكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الاستخبارات الغربية قد كشفت عن موظف بشركة تويتر يدعى علي الزبارة "سعودي الجنسية"جندته استخبارات بلاده للتجسس على حسابات المعارضين والمنتقدين لسياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وكان أول ضحايا عمليات التجسس على حسابات المعارضين للنظام السعودي الصحفي جمال خاشقجي الذي اغتالته فرقة أمنية سعودية داخل القنصلية السعودية باسطنبول في اكتوبر من العام الماضي.

تجسس

ووفقاً للتسجيلات الصوتية التي تحصلت عليها صحيفة واشنطن بوست الأمريكية من المعارض السعودي المقيم في كندا عمر عبدالعزيز، فقد كان خاشقجي ينسق مع عبدالعزيز لتدشين وتنفيذ عدة مشاريع إعلامية وبصورة سرية، وأهم هذه المشاريع هو مشروع "النحل الإلكتروني" الذي اقترحه عبدالعزيز وحظي بتأييد خاشقجي، ويستهدف المشروع التصدي للأخبار الكاذبة والحملات المقرضة التي ينشرها الذباب الإلكتروني على مواقع التواصل الإجتماعي وخصوصاً تويتر الذي يحظي بمتابعة كبيرة من قبل الشعب السعودي.

وبعد أن تزايدت الحملات المنظمة التي تستهدف تشويه صورة قطر والنيل من قياداتها ورموزها الوطنية في انتهاك أخلاقي يعتبر الأول من نوعه في منطقة الخليج، علاوة على الترويج الممنهج لتوجهات أبوظبي والرياض وتحسين صورتها المشوهة أصلا، اكتشفت شركة تويتر وجود حسابات وهمية مزيفة بأعداد ضخمة تعمل بصورة نمطية وموجهة لخدمة أغراض معينة بنسق منظم وباستخدام مفردات مكررة وتتمركز ادارتها في أبوظبي والرياض، وأكدت تقارير أن عدد الحسابات الوهمية في تويتر قد بلغ مليون حساب في السعودية و500 ألف حساب في الإمارات، وتعرضت الشركة على إثر ذلك الى حملة انتقادات واسعة من قبل وسائل الإعلام العالمية، الأمر الذي استدعى الشركة العالمية الى اتخاذ موقف حازم ضد هذه الحسابات الوهمية حيث أصدرت قراراً بإغلاق هذه الحسابات الوهمية.

وفي سياق ذي صلة، وبعد ان كشفت تقارير استخباراتية حقيقة الذباب الإلكتروني بثت "BBC" البريطانية "النسخة العربية" تقريراً لتوضيح طريقة عمل اللجان الإلكترونية التي تقود وتوجه حملات التشويه على منصات التواصل الاجتماعي، حيث قالت فيه إن هذه اللجان يقوم عملها في الأساس على التشويش على الأخبار الحقيقية والمعلومات الموثقة التي تكشف تدهور الأوضاع الداخلية والتردي الاقتصادي والاجتماعي الذي لحق بالسعودية والإمارات جراء توجهاتها الجديدة المتهورة والقمعية، كما تعمل اللجان على ترهيب وتهديد المخالفين لتوجهات سلطات البلدين، وكبتاً للحريات وتكميماً للأفواه شنت سلطات الرياض وأبوظبي حملات اعتقالات واسعة طالت علماء ورجال دين وناشطين وناشطات ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي وكل الذين لم يدعموا نظامي بن زايد وبن سلمان.

وبالتزامن مع عمل الذباب الإلكتروني أنفقت أبوظبي والرياض مئات الملايين من الدولارات على عقود مع شركات علاقات عامة في أمريكا وبعض الدول الغربية يقوم علمها بالتركيز على دولة قطر وتشويه صورتها من خلال تنظيم مؤتمرات مدفوعة الثمن تستخدم منصاتها لبث إشاعات عن دولة قطر وربطها بعمليات تمويل الإرهاب ودعمها له وذلك من خلال إعلانات يتم نشرها على مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما كشفته شبكة إن بي سي الاخبارية الأمريكية في تقرير خاص عن الذباب الالكتروني واللجان التي تديره، حيث اكدت أن دولة الإمارات قد قامت بالتعاقد مع شركة تحليل البيانات الإلكترونية كامبريدج أناليتيكا مقابل نشرها لأخبار ومعلومات كاذبة ضد قطر، كما كشف تقرير الشبكة الأمريكية عن وثائق لشركة كامبريدج أناليتيكا تم إيداعها لدى وحدة تسجيل وكلاء الأجانب بوزارة العدل الأمريكية، أن دولة الإمارات دفعت لها 333 ألف دولار، لتنظيم حملة على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك خلال عام 2017، من أجل تشويه سمعة وصورة قطر والنيل من موقعه المرموق في خريطة المجتمع الدولي.

وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي أنفقتها كل من أبوظبي والرياض على الحملات المقرضة التي استهدفت تشويه سمعة دولة قطر الا انها فشلت فشلا ذريعا وذهبت كل هذه الأموال هباء منثوراً، بل وانقلب السحر على الساحر بعد أن كشفت تقارير عن جرائم حرب ارتكبتها القوات الإماراتية والسعودية في اليمن، كما كشفت تقارير استخباراتية عن علاقة وثيقة بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجريمة اغتيال خاشقجي التي نفذتها فرقة أمنية من بينها حراس شخصيين لبن سلمان وأشرف عليها كل من دليم واللواء المقال احمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات السعودية حينها، ووقع نظامي أبوظبي والرياض في شر أعمالهم بانتهاكاتهم المستمرة لحقوق الانسان وممارساتهم القمعية ضد المعارضين والمنتقدين من مواطنيهم، ودورهم التخريبي في اليمن وأفعال المراهقة السياسية التي تنتهجانها فأصبحتا بذلك تحت مرمى نيران انتقادات المجتمع الدولي ووسائل الإعلام العالمية.

وبالمقابل حظيت دولة قطر بثقة المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، بعد ان تمكنت من إدارة الأزمة الخليجية بكل حنكة ودبلوماسية، وعززت مكانتها الريادية كدولة داعمة للإستقرار والأمن والسلام والتنمية المستدامة في كل العالم، الأمر الذي أنعكس إيجاباً على مكانتها الدولية وسمعتها الطيبة كوسيط نزيه لحل النزاعات الخلافات الدولية، ودعمها لكل السياسات والاستراتيجيات التي تستهدف مكافحة الإرهاب وتمويله، علاوة على دورها المشهود في العمل الإنساني العالمي.