هل يضمن ويغرم المشعوذ والساحر ما اتلفه؟؟...

سؤال:- هل يضمن الساحر والمشعوذ ما أفسد او ما تسبب به من فساد؟؟
الجواب:- بسم الرحمن الرحيم والحمد لله رب والصلاة والسلام على نبيه الامين وبعد:-
السحر في اللغة:- عبارة عن كل ما لطف مأخذه، وخفي سببه وسحره خدعه. وفي الشرع: "مختص بكل أمر يخفى سببه، ويتخيل من غير حقيقة، ويجري مجرى التمويه والخداع، ومتى أطلق ولم يقيد أفاد ذم فاعله، قال تعالى: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ} (116) سورة الأعراف، يعني موّهوا عليهم حتى ظنوا أن حبالهم وعصيهم تسعى.قال الله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}(66) سورة طـه.
ان الله تعالى حرم الشعوذة والسحر، قال تعالى في سورة طه : { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } وقال تعالى في سورة البقرة : { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } ، واخرج البزار بسنده في مسنده من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كَفَر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) . وفي الحديث الصحيح، الذي رواه الشيخان: البخاري و مسلم في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: (اجتنبوا السبع الموبقات -يعني: المهلكات- قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). وقال صلى الله عليه وسلم :-{ من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة } رواه مسلم .
كما وحرم علينا العمل بلا معرفة واحاطة تامة بما نريد القيام به من اعمال خاصة او عامة فقال:- (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36] وقال سبحانه:- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]). فلذلك قَالَ صلى الله عليه واله وسلم: (مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا، فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ).أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ. فلذلك قال الفقهاء رحمهم الله ان من افسد شيئا او اتلفه فعليه ضمانه. كما ويجوز للمتضرر اخذ العوض من المتسبب بالايذاء والضرر وهذ ما دلت عليه الايات الكريمة التالية:-
قال تعالي: ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره علي الله ، إنه لا يحب الظالمين ) الشوري ٤٩- والسيئة هي ما اساء الانسان وسمي الجزاء للجاني على جنايته سيئة لانه يسوءه فيردعه ومثله قوله تعالي: ( فمن إعتدي عليكم فإعتدوا عليه بمثل ما إعتدي عليكم ) البقرة ٩٤ - وسمي اعتداء لان الاصل في المسلم التحريم لدمه وماله وعرضه فلما اعتدى اباح الاعتداء عليه مماثلة ومشاكلة بما يوقع الردع والزجر
وقال تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) النحل ٢٦- والاصل في العقوبات انها زواجر تزجر عن الاعتداء والاساءة وروادع تردع الاخرين ممن يرون او يسمعون بانزال العقوبة وجوابر لانها تجبر الاثم عمن عوقب على اثمه وسيئته التي اقترف. والاصل في العقوبة ان تكون رادعة ومن جنس العمل.
و في الحديث عن أنس رضي الله تعالي عنه قال – أَهدت بعضُ أزواجِ رسول اللَّه صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ طعامًا في قصعةٍ فضربت عائشةُ القصعةَ بيدِها فألقت ما فيها فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ:-( طعامٌ بطعامٍ وإناءٌ بإناءٍ.) رواه الترمذي. والشاهد هنا المماثلة في تعويض التلف وضمان المُتلف بمثله .
وبناءً على ما سبق وتاصيلا عليه، فان المشعوذ المدعي تطبيبا، وكذا الساحر والكاهن المشعبذ ، اذا اعطوا انسانا او حيوانا دواءً او عملاً يوضع له في طعام او شراب فاضر بمتعاطيه ، فانهم مُجرمون مغرمون ، وعليهم ضمان ما اتلفوا وتعويض المتضرر عن ضرره، وان تسببوا بقتله ووفاته، قيدوا به عقوبةً، ولزمتهم ديته جزاءً، والله تعالى اعز واعلم واحكم. وعليه فان على عاقلة من اشتهر بذلك من اقاربه وعشيرته زجره ونهيه والاخذ على يده لمنعه من اجرامه والحاق الاذى بالناس وممتلكاتهم والا فهم شركاء له في الاثم والعدوان.
فان قيل هنا ما ذنب العاقلة لتجرم وتعقل عن المشعوذ او الساحر؟؟
نقول ان الاسلام يبني مجتمعات متكافلة متضامنة متناصحة ، وكما انهم يطالبون بدمه ان قُتل او ارشه ان تضرر ، فكذلك عليهم عقل الدية ان تسبب باذى الغير وقتله ، وفي ذلك مدعاة للردع المجتمعي ....فهو ان خفي عن صاحب السلطان لا يخفى عن اقاربه وذويه ، فوجب عليهم منعه من ان يلحق بهم تبعات سفاهاته وخزعبلاته ...
نسال الله ان يعلمنا ويفقهنا ويقينا شر الحسد والنفث في العقد والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

سؤال:- هل يضمن الساحر والمشعوذ ما أفسد او ما تسبب به من فساد؟؟
الجواب:- بسم الرحمن الرحيم والحمد لله رب والصلاة والسلام على نبيه الامين وبعد:-
السحر في اللغة:- عبارة عن كل ما لطف مأخذه، وخفي سببه وسحره خدعه. وفي الشرع: "مختص بكل أمر يخفى سببه، ويتخيل من غير حقيقة، ويجري مجرى التمويه والخداع، ومتى أطلق ولم يقيد أفاد ذم فاعله، قال تعالى: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ} (116) سورة الأعراف، يعني موّهوا عليهم حتى ظنوا أن حبالهم وعصيهم تسعى.قال الله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}(66) سورة طـه.
ان الله تعالى حرم الشعوذة والسحر، قال تعالى في سورة طه : { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } وقال تعالى في سورة البقرة : { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } ، واخرج البزار بسنده في مسنده من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كَفَر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) . وفي الحديث الصحيح، الذي رواه الشيخان: البخاري و مسلم في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: (اجتنبوا السبع الموبقات -يعني: المهلكات- قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). وقال صلى الله عليه وسلم :-{ من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة } رواه مسلم .
كما وحرم علينا العمل بلا معرفة واحاطة تامة بما نريد القيام به من اعمال خاصة او عامة فقال:- (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36] وقال سبحانه:- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]). فلذلك قَالَ صلى الله عليه واله وسلم: (مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا، فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ).أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ. فلذلك قال الفقهاء رحمهم الله ان من افسد شيئا او اتلفه فعليه ضمانه. كما ويجوز للمتضرر اخذ العوض من المتسبب بالايذاء والضرر وهذ ما دلت عليه الايات الكريمة التالية:-
قال تعالي: ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره علي الله ، إنه لا يحب الظالمين ) الشوري ٤٩- والسيئة هي ما اساء الانسان وسمي الجزاء للجاني على جنايته سيئة لانه يسوءه فيردعه ومثله قوله تعالي: ( فمن إعتدي عليكم فإعتدوا عليه بمثل ما إعتدي عليكم ) البقرة ٩٤ - وسمي اعتداء لان الاصل في المسلم التحريم لدمه وماله وعرضه فلما اعتدى اباح الاعتداء عليه مماثلة ومشاكلة بما يوقع الردع والزجر
وقال تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) النحل ٢٦- والاصل في العقوبات انها زواجر تزجر عن الاعتداء والاساءة وروادع تردع الاخرين ممن يرون او يسمعون بانزال العقوبة وجوابر لانها تجبر الاثم عمن عوقب على اثمه وسيئته التي اقترف. والاصل في العقوبة ان تكون رادعة ومن جنس العمل.
و في الحديث عن أنس رضي الله تعالي عنه قال – أَهدت بعضُ أزواجِ رسول اللَّه صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ طعامًا في قصعةٍ فضربت عائشةُ القصعةَ بيدِها فألقت ما فيها فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ:-( طعامٌ بطعامٍ وإناءٌ بإناءٍ.) رواه الترمذي. والشاهد هنا المماثلة في تعويض التلف وضمان المُتلف بمثله .
وبناءً على ما سبق وتاصيلا عليه، فان المشعوذ المدعي تطبيبا، وكذا الساحر والكاهن المشعبذ ، اذا اعطوا انسانا او حيوانا دواءً او عملاً يوضع له في طعام او شراب فاضر بمتعاطيه ، فانهم مُجرمون مغرمون ، وعليهم ضمان ما اتلفوا وتعويض المتضرر عن ضرره، وان تسببوا بقتله ووفاته، قيدوا به عقوبةً، ولزمتهم ديته جزاءً، والله تعالى اعز واعلم واحكم. وعليه فان على عاقلة من اشتهر بذلك من اقاربه وعشيرته زجره ونهيه والاخذ على يده لمنعه من اجرامه والحاق الاذى بالناس وممتلكاتهم والا فهم شركاء له في الاثم والعدوان.
فان قيل هنا ما ذنب العاقلة لتجرم وتعقل عن المشعوذ او الساحر؟؟
نقول ان الاسلام يبني مجتمعات متكافلة متضامنة متناصحة ، وكما انهم يطالبون بدمه ان قُتل او ارشه ان تضرر ، فكذلك عليهم عقل الدية ان تسبب باذى الغير وقتله ، وفي ذلك مدعاة للردع المجتمعي ....فهو ان خفي عن صاحب السلطان لا يخفى عن اقاربه وذويه ، فوجب عليهم منعه من ان يلحق بهم تبعات سفاهاته وخزعبلاته ...
نسال الله ان يعلمنا ويفقهنا ويقينا شر الحسد والنفث في العقد والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

محمد بن يوسف الزيادي كتب:: سؤال:- هل يضمن الساحر والمشعوذ ما أفسد او ما تسبب به من فساد؟؟
الجواب:- بسم الرحمن الرحيم والحمد لله رب والصلاة والسلام على نبيه الامين وبعد:-
السحر في اللغة:- عبارة عن كل ما لطف مأخذه، وخفي سببه وسحره خدعه. وفي الشرع: "مختص بكل أمر يخفى سببه، ويتخيل من غير حقيقة، ويجري مجرى التمويه والخداع، ومتى أطلق ولم يقيد أفاد ذم فاعله، قال تعالى: {سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ} (116) سورة الأعراف، يعني موّهوا عليهم حتى ظنوا أن حبالهم وعصيهم تسعى.قال الله تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى}(66) سورة طـه.
ان الله تعالى حرم الشعوذة والسحر، قال تعالى في سورة طه : { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى } وقال تعالى في سورة البقرة : { وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } ، واخرج البزار بسنده في مسنده من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَن أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كَفَر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) . وفي الحديث الصحيح، الذي رواه الشيخان: البخاري و مسلم في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: (اجتنبوا السبع الموبقات -يعني: المهلكات- قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). وقال صلى الله عليه وسلم :-{ من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة } رواه مسلم .
كما وحرم علينا العمل بلا معرفة واحاطة تامة بما نريد القيام به من اعمال خاصة او عامة فقال:- (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36] وقال سبحانه:- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]). فلذلك قَالَ صلى الله عليه واله وسلم: (مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا، فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا، فَهُوَ ضَامِنٌ).أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ. فلذلك قال الفقهاء رحمهم الله ان من افسد شيئا او اتلفه فعليه ضمانه. كما ويجوز للمتضرر اخذ العوض من المتسبب بالايذاء والضرر وهذ ما دلت عليه الايات الكريمة التالية:-
قال تعالي: ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره علي الله ، إنه لا يحب الظالمين ) الشوري ٤٩- والسيئة هي ما اساء الانسان وسمي الجزاء للجاني على جنايته سيئة لانه يسوءه فيردعه ومثله قوله تعالي: ( فمن إعتدي عليكم فإعتدوا عليه بمثل ما إعتدي عليكم ) البقرة ٩٤ - وسمي اعتداء لان الاصل في المسلم التحريم لدمه وماله وعرضه فلما اعتدى اباح الاعتداء عليه مماثلة ومشاكلة بما يوقع الردع والزجر
وقال تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) النحل ٢٦- والاصل في العقوبات انها زواجر تزجر عن الاعتداء والاساءة وروادع تردع الاخرين ممن يرون او يسمعون بانزال العقوبة وجوابر لانها تجبر الاثم عمن عوقب على اثمه وسيئته التي اقترف. والاصل في العقوبة ان تكون رادعة ومن جنس العمل.
و في الحديث عن أنس رضي الله تعالي عنه قال – أَهدت بعضُ أزواجِ رسول اللَّه صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ طعامًا في قصعةٍ فضربت عائشةُ القصعةَ بيدِها فألقت ما فيها فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ:-( طعامٌ بطعامٍ وإناءٌ بإناءٍ.) رواه الترمذي. والشاهد هنا المماثلة في تعويض التلف وضمان المُتلف بمثله .
وبناءً على ما سبق وتاصيلا عليه، فان المشعوذ المدعي تطبيبا، وكذا الساحر والكاهن المشعبذ ، اذا اعطوا انسانا او حيوانا دواءً او عملاً يوضع له في طعام او شراب فاضر بمتعاطيه ، فانهم مُجرمون مغرمون ، وعليهم ضمان ما اتلفوا وتعويض المتضرر عن ضرره، وان تسببوا بقتله ووفاته، قيدوا به عقوبةً، ولزمتهم ديته جزاءً، والله تعالى اعز واعلم واحكم. وعليه فان على عاقلة من اشتهر بذلك من اقاربه وعشيرته زجره ونهيه والاخذ على يده لمنعه من اجرامه والحاق الاذى بالناس وممتلكاتهم والا فهم شركاء له في الاثم والعدوان.
فان قيل هنا ما ذنب العاقلة لتجرم وتعقل عن المشعوذ او الساحر؟؟
نقول ان الاسلام يبني مجتمعات متكافلة متضامنة متناصحة ، وكما انهم يطالبون بدمه ان قُتل او ارشه ان تضرر ، فكذلك عليهم عقل الدية ان تسبب باذى الغير وقتله ، وفي ذلك مدعاة للردع المجتمعي ....فهو ان خفي عن صاحب السلطان لا يخفى عن اقاربه وذويه ، فوجب عليهم منعه من ان يلحق بهم تبعات سفاهاته وخزعبلاته ...
نسال الله ان يعلمنا ويفقهنا ويقينا شر الحسد والنفث في العقد والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.