حقيقة الذكر والذاكرين

موضوع: حقيقة الذكر والذاكرين 2021-06-16, 7:33 am

بسم الله الرحمن الرحيم
((....وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (41))ال عمران
الحمد لله كلما حمده الحامدون وكلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون
والصلاة والسلام على حبيبه وخاتم انبياءه وخيرة خلقه محمد وعلى اله الاطهار وصحابته الاخيار ودعاة الاسلام الابرار الى يوم الدين وبعد:-
ان النفس الانسانية كالجسد الذي يحملها .. تمرض وتصح...تشقى و تسعد .. ترتقي وتسفل .. تسموا وتسقط ..
وهي بحاجة كالجسد الذي يحملها الى الوقاية قبل الاصابة ... لتقوية مناعتها ضد امراض النفوس، التي تظلمها وتطفيء نورها .. وتفقدها مناعتها فتنهار قواها، وتنخر بنيانها الفطري السليم..
وهي ايضا بحاجة للمعالجة اذا ما انتابتها الاوبئة ، واسقطتها فريسة تفتك بها امراض النفوس، فتشذ بها عن مسار الهدى والاستقامة والفطرة ...
والدارس لايات القران الكريم المتدبر لها ، يجد ان المنهج القراني الرباني قد عني بالنفس الانسانية وبنائها بناءا صحيحا مستقيما ايما عناية، ورعاها ايما رعاية.. فخط لها مسارا ..ووضع لها منهاجا.. يستجيب لنوازع الخير ويغرسها فيها وينميها ويزكيها .. ويحول بينها وبين نوازع الشر ودواعي الانحراف.. بما قرر لها من اساليب التربية والترويض والتهذيب الروحية والفكرية والسلوكية و الاخلاقية القيمية.
ومن ابرز تلك الوسائل ..ذكر الله..عز وجل..فنجد القران الكريم يستنفر الطاقات البناءة في الانسان، و يستفز القوى الكامنة الخيرة في نفسه، من اجل البناء المجتمعي السليم ، والاعمار الحضاري القويم ، لما فيه صالح الانسانية وخيرها وسعادتها في الدارين .. الدنيا والاخرة .
والذكر ذكران: 1- ذكر من نسيان او غفلة، فيتذكر المسلم فيعود ولا يتمادى في غفلته ، قال تعالى (ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون)) الاعراف- 201
2- و ذكر ادامة ومداومة، وهو ما اعتاده المؤمن من تعويد لسانه وقلبه على ان يلهج دوما بذكر الله ، وحضوى دائم لخشية الله ومراقبته في كل وقت وحين وفي وعلى كل حال ، قال تعالى ذكره:-((الذين يذكرون الله قياما وقعودا و على جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار))191-ال عمران
ولاحظ معي اخي الكريم ان الذكر من اسباب انارة البصيرة كما في اية الاعراف المذكورة اعلاه .. (ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون)) ... كما و ان الذكر دافع للتفكر والاعتبار والاخلاص بالتوجه لله كما في اية ال عمران السابقة.. (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) . فلذلك اعتبرت مجالس العلم ذكرا لانها تعلمك كيف تنقاد لمرضاة ربك.
وبدوام الذكر تتقد جذوة الحب الالهي في النفس، وتستنير البصيرة وينجلي البصر ، فلا يعتري الرؤية غروب..وتتجلى للمؤمن فيوضات الرحمة .. و يستشعر جمال اللطف الالهي .. وسعة العطاء الرباني ..
ان الذكر لايعني مجرد لقلقة باللسان.. ولا حركات بالجثمان..بل هو تعبير اللسان عما استقر في الجنان، واستيقنه القلب والوجدان، من توحيد خالص والتزام بانقياد تام، واستسلام تجسده الجوارح في السلوك.. يحجزها عن مقارفة الذنوب والاثام ، ويمنعها من ارتكاب الخطايا وقرب الحرام...ويدفعها بقوة للالتزام والقيام بالواجبات والاحكام .. وهذا هو الذكر ..وهذه حقيقته..
ان الذكر الحق انما هو الدافع لصالح العمل .. الحاجز عن باطله ، و المانع من فاحشه ...
اما الذاكر .. فهو من ذكر الله عند المحارم فامتنع .. والذاكر لامر الله فامتثل.. .والمستغفر المقلع اذا اذنب ، و اعلم ان المستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزيء بالله والعياذ بالله .........
اللهم ارزقنا ذكرك وشكرك وحسن عبادتك....
اللهم اجعلنا ممن يذكرك على الدوام حق ذكرك ولا تجعلنا من الغافلين..ولكم احبائي السلام والتحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.