25- من دروس القران التوعوية- الحق يراد به الباطل!!

بسم الله الرحمن الرحيم
25- من دروس القران التوعوية :-
الحذر من الحق عندما يُراد به الباطل :-
من سنن الله تعالى في هذا الوجود والحياة الصراع الدائم بين الحق والباطل؛
فالمتتبع التالي لآيات القران الكريم يجد هذه السنة واضحة وضوح الشمس؛
من تلك الآيات التي تقرر هذه الحقيقة وتؤكد وجود هذه السنة؛ قوله تعالى: {كذلك يضرب الله الحق والباطل} (الرعد:17)، ووقوله عز وجل: {ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم} (محمد:3)
فلذلك وكي لا يلتبس الحق بالباطل على اهل الايمان سمى الله تعالى كتابه يالفرقان في سورة اسماها الفرقان ليهتدي به اهل العقل والتفكير للتفريق بين الحق والباطل :-
{تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا ﴿١﴾الفرقان}...
ذلك ان الحياة الدنيا دون صراع حقها مع باطلها وشرها مع خيرها؛ تصبح رتيبة لا مكان فيها للابتلاء والاختبار ؛ وكأنها حياة الخلود والبقاء لا حياة الاختبار و الابتلاء؛ فهذه السنة التي أقام الله عليها الحياة الدنيا، تندرج في المحصلة في سنة الابتلاء التي خلق الله العباد لأجلها، ولتقرير المصير بها في الحياة الاخرة الابدية:- {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا(2)الملك}.
يقول الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله أن "المصارعة بين الحق والباطل شأن قديم، وهي من النواميس التي جُبِلَ عليها النظام البشري". ويقرر الشهيد سيد قطب تقبله الله هذه الحقيقة أيضاً، حيث يعتبر أن المعركة "لا تفتر بين الحق والباطل، وبين الإسلام والجاهلية، وبين الشريعة والطاغوت، وبين الهدى والضلال".
ومع ان نتيجة هذا الصراع في القران محسومة عقائديا وايمانيا؛وأن الهزيمة في النهاية واقعة في جانب الطرف المدافع عن الباطل. نجد هذا المعنى في قوله سبحانه: {فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون} (الأعراف:118)، وقوله عز وجل: {ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} (الأنفال: Cool

، وقوله تعالى: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا} (الإسراء:81)، وقوله عز من قائل: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق} (الأنبياء:18)، وقوله سبحانه: {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} (سبأ:49)، وأخيراً لا آخراً قوله تعالى: {ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته} (الشورى:24).
نعم؛ رغم رسوخ هذه النتيجة عقائديا الا ان الكفار يصرون على باطلهم : قوله سبحانه: {ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق} (الإسراء:56)، ولما ايقن الكفار وخاصة اهل الكتاب ان المقارعة بالسيف او بالحجة مقابل الحجة محسومة النتيجة لصالح الحق؛ فلذلك لجأوا وما يزلون الى اسلوب تلبيس الحق بالباطل لتزيين باطلهم وشرعنته باظهاره انه موافق لما عند اهل الايمان والدين الحق؛ فكشف الله تعالى امرهم ونهاههم عن ذلك تحذيرا وتوعية لنا فقال سبحانه:- {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(42)البقرة}. قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره:-(يقول تعالى ناهيا لليهود عما كانوا يتعمدونه ، من تلبيس الحق بالباطل ، وتمويهه به وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) فنهاهم عن الشيئين معا ، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به ؛ ولهذا قال الضحاك ، عن ابن عباس ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب .
وقال أبو العالية : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) يقول : ولا تخلطوا الحق بالباطل ، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .
ويروى عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس ، نحوه .
وقال قتادة : ( ولا تلبسوا الحق بالباطل ) [ قال ] ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام ؛ إن دين الله الإسلام ، واليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله .).ا ه.. قال طنطاوي في تفسيره الوسيط:- "ولدعاة الضلالة طريقتان فى إغواء الناس :
إحداهما: طريقة خلط الحق بالباطل حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر وهى المشار إليها بقوله تعالى: (وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل) .
والثانية: طريقة جحد الحق وإخفائه حتى لا يظهر، وهى المشار إليها بقوله تعالى: (وَتَكْتُمُواْ الحق) .
وقد استعمل بنو إسرائيل الطريقتين لصرف الناس عن الإِسلام،" ا ه
ولتزيين باطلهم وتلبيسه بالحق وتسويقه، فانهم استخدموا اهل النفاق على مر الازمان للترويج لبضاعتهم؛ ومنهم الخطباء المفوهون والمجادلون وحتى اصحاب الاقلام المأجورة؛لانه وكما يُقال:-القلم احد اللسانين- ؛ فلا بد من الوعي والحذر لأن النبي ﷺ قال لنا: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان))رواه أحمد . وقد اخبرنا الله تعالى في كتابه محذرا و قاصاً علينا خبر أولئك القوم من المنافقين:- {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى}(سورةالتوبة: 107)، فإذاً هؤلاء أقاموا مسجداً، لكن ليس ليعبد الله فيه ويوحد، وإنما للتفريق بين المؤمنين، وليكون مكاناً للإضرار وتجمع أعداء الله ونحو ذلك. واليوم كم من مساجدنا بقي سالما من الاضرار بالدين الحق واهله..!!؟ وكم من مساجدنا بقي منبره سليما من تلبيس الحق بالباطل لتزينه في نفوس عامة المسلمين!!؟ وكم معهد وكم جامعة وكلية بُنيت لضرب مفاهيم الاسلام وعقيدته وفكره واحكامه بأيدي ابناء جلدته المتكلمون بلسانه؟؟!!
ولذلك قال لنا ﷺ في حديث ((دعاةٍ على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها))، قال في وصفهم ((هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا))رواه البخاري ومسلم ..نسال الله البصيرة والسلامة لابناء امتنا من اهل مكر السوء - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

» 9- من دروس القران التوعوية-أ-القران ارشدنا لمعرفة العملية العقلية
» 24- من دروس القران التوعوية
» 17- من دروس القران التوعوية - الاجتهاد و التقليد