الالحاد بالالحاد (2)

الالحاد بالالحاد (2)
في سبعينات القرن العشرين الماضي كان من مقررات مناهج تدريسنا في مادة الاحياء للاول الثانوي، وحدة دراسية بعنوان نظرية التطور والارتقاء، تشرح للطلبة نظرية داروين التي كان يعتمدها ان ذاك الشيوعيون والملاحدة واللادينيون، لتفسير وجود الحياة ونشات الاحياء على الارض، وكانوا يفسرون وجود الاحياء بتطورها عن مادة يسمونها الكاوسرفات على ما اذكر ويعتبرون الكاوسرفات هي اصل الاحياء لاالتي تطورت عنها الخلية الحية، فتطورت تلك الخلايا ذات النشاة الكاوسرفية وبفعل ما اسموه قانون الطفرة الذي تعرضت له البدائيات الحية ، حسب وهمهم وزعمهم الى اسماك ثم بحسب قانون الطفرة الموهوم الى برمائيات ثم الى بريات وطيور، وكانوا يفسرون تطور واختلاف اجناس الكائنات الحية، بنظرية اخرى من منتجات نظرية داروين يسمونها نظرية الاهمال والاستعمأل، والتي بموجبها اصبحت بعض الاسماك افاعي ثم سحالي وحراذين وزواحف ثم فارا وحشرات وطيور ثم قردا فبشرا سويا!!!
وعلى ما اذكر ان كاتب الوحدة الدراسية تلك والتي فرضها على شبيبة في مقتبل عمرهم العقلي كان يستدل على اثبات تلك النظرية الباطلة وماتولد عنها من اوهام ومزاعم واهية باطلة باية من القران الكريم استخدمها الناعقون المضبوعون بكل ما هو غربي حتى الهراء والسخف والتفاهات، وهي قول الله تعالى: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا 13 وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح: 13، 14]؛ والتي جاءت لتدلل على طبيعة التغير في المراحل العمرية للإنسان والتكرار المستمر لهذا التغير، سواء كان على مستوى الفرد لوحده أو على مستوى الناس عموماً؛ ليكون دليلٌ على عظمة الله تعالى وتفرده بالألوهية، وموطن من مواطن الاعتبار المفضي إلى توجه القلب إليه سبحانه، وتعظيمه وتوقيره كما ينبغي لجلاله تعالى،قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره: «وقد خلقكم حالاً بعد حال، طوراً نطفة، وطوراً علقة، وطوراً مضغة»، وقال البغوي رحمه الله في تفسيره: «تارات، حالاً بعد حال، نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، إلى تمام الخلق».
ويبقى المراد من كلام الله تعالى هو المعنى الأصلي العام، وهو حالٌ بعد حال. وعليه فإن مسألة «الأطوار» لا تتوقف عند تمام خلق الإنسان، بل تستمر معه إلى يوم البعث والنشور، لهذا قال الله تعالى موضحا لنا هذه الاطوار مفصلا لها: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ 12 ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ 13 ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْـمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَـحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْـخَالِقِينَ 14 ثُمَّ إنَّكُم بَعْدَ ذَلِكَ لَـمَيِّتُونَ 15 ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: 12 - 16]، وقال أيضاً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْـمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ 5} [الحج: ٥]؛ فمن هذه الآيات يتبين لك أن الإنسان من مبتدئه إلى منتهاه يعيش مراحل متغيرة، لا يثبت على حال ولا يستقر على قرار.
ثم لا يتوقف التأمل ولا الدهشة من هذه العبرة، حتى يأتيك موطن آخر من مواطن العبر والاتعاظ، ليس بعيداً عن الأول، بل هو جزء منه، لكن الغفلة تحجب أبصارنا عن رؤيته، أحياناً، إنه الطبائع والخصائص والملابسات الكامنة في هذه الأحوال والتارات:
ففي بطن الأم: النطفة والعلقة والمضغة وبناء العظم والاكتساء باللحم وشق الحواس؛ مراحل وأحوال، لكل مرحلة طبيعتها وخصائصها واحتياجاتها الحسية والمعنوية.
وبعد الولادة: المهد والطفولة والبلوغ والفتوة والرشد والأشد والكهولة والشيخوخة؛ مراحل وأحوال، لكل مرحلة طبيعتها وخصائصها واحتياجاتها الحسية والمعنوية.
فلله الحكمة البالغة، وله القدرة الباهرة، كيف أحكم هذا الخلق! ويسر له أسباب حياته وسبل معاشه في كل مرحلة وحال! إنها مسألة تستوقف المؤمن دهراً لا يمل ولا يكل من تأملها، فسبحانك ربنا ما قدرناك حق قدرك.
ان هذا التبدل والتغير في أحوال الناس الجسمانية والعمرية ما جعله الله تعالى محل اعتبار واتعاظ، ودليلاً على التوحيد والعبودية. لقد جاء الخطاب القرآني ليقول إن هذه المسألة كافية في دلالة القلب على معبوده الحق سبحانه: {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا 13 وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا 14} [نوح: 13، 14]، لا لكون الإنسان لا ينفك عن هذا التبدل والتغير من حال إلى حال بطريقة ليس له فيها اختيار فحسب، بل لأن هذا التبدل والتغير - أيضاً - لا يطرأ على الله جل شأنه، فهو الذي يغيِّر ولا يتغير، دائم الكمال والجمال والجلال، لا يعتريه ضعف البشر ولا عوزهم ولا التغيير والتبديل الذي يعتري الكائنات: {قل هو اللَّهَُ أحدٌ اللهُ الصمد} الاخلاص.
واما الملاحدة المؤمنون بنظرية داروين ومنتجاتها الوهمية والتخييلية التي لا تمت للعلم بصلة فانه حسب قانونكم المزعوم وهو ما اسميتموه قانون الاهمال والاستعمال يجب ان يكون اضخم واطول عضو في جسم الانسان اللسان لانه اكثر شيء استعملته السلالات البشرية عبر سنين وجودها في الحياة فهو احق بالطول والضخامة من رقبة الزرافة والجمل....
والسؤال هنا للملاحدة اخبرونا بربكم عن نوع السمكة التي خرجت من البحر لتغرس نفسها شجرة ليتناسل عنها اصناف الاشجار والثمار والمزروعات وباي اردة انغرست ونشات وصنع نسلها وسلالاتها واستعمر شجرا وثمارا وغرسا؟؟؟!!