الانسانُ خُلق انسانا ولم يُخلق حيواناً....!!!
اول من قال عن الانسان انه حيوان هو ارسطو الفيلسوف اليوناني الشهير حيث قال :- الانسان حيوان ناطق.
وجاء من بعده من اهل الضلال وكرسوا هذا المفهوم في اذهان الناس واصبح الانسان يصنف على انه صنف من اصناف الحيوان لدرجة ان داروين ذهب به ضلاله وقلة هداه ان يضع نظرية التطور التي يفترض فيها ان الانسان تطور عن القرد.
والحقيقة ان الانسان خلق انسان وكرمه الله تعالى بالعقل والمعرفة والتفكير وعلمه ما يلزمه من معلومات واسماء ومسميات تجعله يحكم بعقله على الوقائع والاشياء التي تعرض له علمه سبحانه ما لم يعلم واهله لمهمة اعمار الارض والاستخلاف فيها بعد ان سخرها وما فيها له من جمادات واحياء.
والاحياء في الخلق هم الملائكة والجن والانس والحيوانات باصنافها ودرجاتها وعوالمها المتعددة وكذا النبات كونه ينمو ويحيا ويموت.. والعاقلات في المخلوقات كما يستقرأ ذلك من القران الكريم هم الملائكة والجن والانس، وكما اننا نقول عن الجن انها كائنات حية وكذلك عن الملائكة، فكذلك يجب ان نقول عن الانسان، فهو صنف من الاحياء وليس من البهائم والحيوانات، الا من ضل سبيل ربه فهو اضل من الانعام سبيلا على وجه المجاز وليس الحقيقة، لانه لم يرتق بما آتاه الله تعالى من عقل ونوره بالهداية والوحي ليكون على وعي تام وعصمة من الزلل والسفول والانحدار.
ولعل ما دفع الفلاسفة والمناطقة الى اعتبار الانسان المخلوق الكريم حيوانا هو عقلية القياس ، التي ضلوا بها واضلوا كثيرا من الخلق يوم قاسوا الخالق عز وجل على المخلوقات، لانه غائب الذات حاضر الاثار فلم تنكره العقول، ولكن اخضعوه بالقياس لنظام المخلوقات ، حيث قاسوا واجب الوجود عقلا الغائب ذاتا عن مدارك الحس على الحاضر في ابحاث الذات، فكان التيه والزيغ والضلال، والتوهم والتجسيم والتجسيد...وكذلك ضلوا بما رأوه من تشابه في الخلق بين بنية الحيوان الجسدية وبنية الانسان الجسدية فحكموا على الانسان بالحيونة. وضموه في تصنيفاتهم الى عالم الحيوان. وربما لوجود الشبه الجنيني اثناء مراحل التكوين والتكاثر لاستمرار الاجناس في الوجود....ولم يلفت ذلك انظارهم ليروا وحدة الخالق ووحدانيته في وحدة نظام الخلق والايجاد والابداع، فخلق الانسان يتشابه وخلق الحيوان من الناحية الجنينية مع وجود الاختلافات الشاسعة في فترة الحمل ومدة الرضاعة وفترة قدرة الجنين على المشي والبلوغ وغير ذلك من فروق وفروق في عدد الكروموسومات وشيفرة الوراثة التي تحملها ،وعدم قدرة الدماغ عند الحيوان على الربط والتفكير بعكس الانسان.
﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [سورة الزمر الآية: 6]. فالانسان خلق انسانا والحيوان خلق حيوانا مسخرا للانسان لخدمته والانتفاع به. والانسان ليس حيوان بل هو كائن حي عاقل مفكر ناطق. وكل صنف من اصناف الخلق خلقه الله كما هو وبثه في الوجود وفق ارادة ومشيئة حكيمة ولا يحيط بعلمه احد سبحانه له الامر من قبل ومن بعد وبيده الخلق وله الملك و الحكم وهو على كل شيء قدير. وتاملوا هذه الايات الكريمة من سورة الجاثية:- بسم الله الرحمن الرحيم
حم (1) تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (
وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ (9) مِّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ ۖ وَلَا يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَٰذَا هُدًى ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ (11) ۞ اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.