81- من دروس القران التوعوية - العمل الصالح؟

بسم الله الرحمن الرحيم
81- من دروس القران التوعوية :
العمل الصالح في الاسلام :
العمل هو نشاط مقصود له دوافع تحث وتدفع للقيام به واداءه ؛ وكلمة عمل تشمل النشاط الفعلي الادائي المادي وتشمل القول و النشاطات ذات المعاني المعنوية؛ كالتعبير والخطاب والجدال ...
وتتنوع الاعمال بتنوع مناحي الحياة واغراضها واعراضها ؛ فهناك اعمال قتالية حربية عسكرية؛وهناك اعمال طبية وعلاجية؛ واعمال سياسية؛واعمال اقتصادية؛ومنها التجارية والزراعية والصناعية ..
وهناك اعمال تعليمية ؛ ومنها التفكير والنقاش والكتابة والبحث العلمي ...
وكل عمل لا بد وان يكون وراءه مقصد يرجوا الفاعل تحقيقه؛ وكذلك يرجوا القائل ايصاله ... فالاعمال انما هي ثمرة الافكار والمفاهيم والقيم .. والاقوال انما هي نقل الصور الذهنية بالالفاظ واشارات ورموز اللغة التعبيرية الى اذهان الاخرين ... والعمل سواء كان فعلا ام قولا  الذي لا غاية ولا مقصد منه انما هو لهو لا قيمة له في الحياة وربما كان اثما او قاد الى الاثم ...
فقد ورد في صحيح البخاري بسنده عن وقاص الليثي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
وهذا الحديث اصل عظيم من اصول الدين وقواعده؛ حيث انه يوضح ان الأعمال أساسها النيات، والعمل دائر مع النية قبولا ورداً، ولأن الله أوحى إلى الأنبياء جميعاً ثم إلى خاتمهم محمد  ﷺ أن الأعمال بالنيات؛ لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البَيّنَة: 5] ..
وقد اكد الله تعالى على العناية بالقول فقال :- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)الاحزاب}..
والعمل سواء كان فعلا ام قولا محاسب عليه الانسان ؛ ذلك ان الله تعالى خلقك ليس عبثا ؛ بل لتحقيق غاية ارادها من وجودك في هذه الحياة؛ وهي العبادة التي خلق لها الجن والانس كما في قوله تعالى :- {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)الذاريات} ..
والانسان بجنسه مُستخلف خلف الجن في الارض لما فشل الجنة في القيام بما أُستخلف فيه الانسان بعدهم ؛ { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)الاحزاب؛ ولاحظ انه سبحانه اعقب هذه الاية بذكر عقاب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات لانهم يتنصلون ويراوغون في اداء مهمة الامانة التي حملها الانسان .. فقال سبحانه : {لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (73)الاحزاب...
فمهمة الاستخلاف اقتضت حمل امانة العبادة وتشمل الاعمال من الاقوال والفكر المنتج لها والمعبرة عنه كما تشمل الاعمال  الفعلية والدوافع القيمية والمفاهيم الدافعة لاحداثه ؛ ثم ادراك الصلة بالخالق في الفعل والقول والموجودات ؛ ثم ادامة الصلة بالتقرب والخضوع لله في اعمال التعبد البدني والمادي والمالي والقولي والفكري .. لاستقامة العمل الفعلي والسلوكي بالتالي بمقتضى شرع المُستَخلِف سبحانه للمُستَخلَف الذي هداه الله اليه ليتبعه ؛ { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)الانعام}..
وهذا الاستخلاف ايضا يقتضي العمارة لهذه الارض واقامة الحضارة والمدنية عليها؛ والانسان موكول اليه عمارتها من ربه الذي استعمره فيها؛فمنها خلقه تعالى وفيها يعيده ومنها يبعثه تارة اخرى؛ للحياة الاخرى ..
{وَ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61)هود} ..
ان العمل الصالح قولا او فعلا هو الفعل والقول المشروع ؛ المباح او الواجب او المندوب؛ والعمل الطالح ضد الصالح وهو المحرم ؛ وبين التحريم والاباحة يكون المكروه!!!
وعليه فانه لا يجوز لمخلوق مهما بلغت منزلته ان يُكلف انسانا ما يُعيقه عن طاعة ربه واتباع امره وشرعه؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ وانما الطاعة في المعروف .. وتدبر هذه الايات البينات من الذكر الحكيم:- { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)الكهف} ...
والعمل الصالح يشمل كل فعل او قول؛ فيه صلاح الانسان فردا ونوعا؛ علما وثقافة ودينا وخلقا؛ وما فيه صلاح حياته وبقاءه ومعاشه؛فيشمل صحته وكفالته في كبره وعجزه وفقره وحاجته؛ و يشمل طرق الوصول الى اقوات الارض المبثوثة فيها للخلائق الذين يشتركون العيش على ظهرها؛ وما فيه صلاح الارض وعمارتها ؛ ويشمل مجاهدة وقتال وردع المفسدين الذين يُفسدون في الارض وينهجون نهج ابليس عدو الانسانية والبشرية ...
فلذلك جاء الامر بالتزام امر الله الذي شرع فقال سبحانه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)هود}...
وختاما نختم بالذي هو خير : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)الاحزاب}....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم
81- من دروس القران التوعوية :
العمل الصالح في الاسلام :
العمل هو نشاط مقصود له دوافع تحث وتدفع للقيام به واداءه ؛ وكلمة عمل تشمل النشاط الفعلي الادائي المادي وتشمل القول و النشاطات ذات المعاني المعنوية؛ كالتعبير والخطاب والجدال ...
وتتنوع الاعمال بتنوع مناحي الحياة واغراضها واعراضها ؛ فهناك اعمال قتالية حربية عسكرية؛وهناك اعمال طبية وعلاجية؛ واعمال سياسية؛واعمال اقتصادية؛ومنها التجارية والزراعية والصناعية ..
وهناك اعمال تعليمية ؛ ومنها التفكير والنقاش والكتابة والبحث العلمي ...
وكل عمل لا بد وان يكون وراءه مقصد يرجوا الفاعل تحقيقه؛ وكذلك يرجوا القائل ايصاله ... فالاعمال انما هي ثمرة الافكار والمفاهيم والقيم .. والاقوال انما هي نقل الصور الذهنية بالالفاظ واشارات ورموز اللغة التعبيرية الى اذهان الاخرين ... والعمل سواء كان فعلا ام قولا الذي لا غاية ولا مقصد منه انما هو لهو لا قيمة له في الحياة وربما كان اثما او قاد الى الاثم ...
فقد ورد في صحيح البخاري بسنده عن وقاص الليثي سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
وهذا الحديث اصل عظيم من اصول الدين وقواعده؛ حيث انه يوضح ان الأعمال أساسها النيات، والعمل دائر مع النية قبولا ورداً، ولأن الله أوحى إلى الأنبياء جميعاً ثم إلى خاتمهم محمد ﷺ أن الأعمال بالنيات؛ لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البَيّنَة: 5] ..
وقد اكد الله تعالى على العناية بالقول فقال :- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)الاحزاب}..
والعمل سواء كان فعلا ام قولا محاسب عليه الانسان ؛ ذلك ان الله تعالى خلقك ليس عبثا ؛ بل لتحقيق غاية ارادها من وجودك في هذه الحياة؛ وهي العبادة التي خلق لها الجن والانس كما في قوله تعالى :- {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)الذاريات} ..
والانسان بجنسه مُستخلف خلف الجن في الارض لما فشل الجنة في القيام بما أُستخلف فيه الانسان بعدهم ؛ { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)الاحزاب؛ ولاحظ انه سبحانه اعقب هذه الاية بذكر عقاب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات لانهم يتنصلون ويراوغون في اداء مهمة الامانة التي حملها الانسان .. فقال سبحانه : {لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (73)الاحزاب...
فمهمة الاستخلاف اقتضت حمل امانة العبادة وتشمل الاعمال من الاقوال والفكر المنتج لها والمعبرة عنه كما تشمل الاعمال الفعلية والدوافع القيمية والمفاهيم الدافعة لاحداثه ؛ ثم ادراك الصلة بالخالق في الفعل والقول والموجودات ؛ ثم ادامة الصلة بالتقرب والخضوع لله في اعمال التعبد البدني والمادي والمالي والقولي والفكري .. لاستقامة العمل الفعلي والسلوكي بالتالي بمقتضى شرع المُستَخلِف سبحانه للمُستَخلَف الذي هداه الله اليه ليتبعه ؛ { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)الانعام}..
وهذا الاستخلاف ايضا يقتضي العمارة لهذه الارض واقامة الحضارة والمدنية عليها؛ والانسان موكول اليه عمارتها من ربه الذي استعمره فيها؛فمنها خلقه تعالى وفيها يعيده ومنها يبعثه تارة اخرى؛ للحياة الاخرى ..
{وَ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ (61)هود} ..
ان العمل الصالح قولا او فعلا هو الفعل والقول المشروع ؛ المباح او الواجب او المندوب؛ والعمل الطالح ضد الصالح وهو المحرم ؛ وبين التحريم والاباحة يكون المكروه!!!
وعليه فانه لا يجوز لمخلوق مهما بلغت منزلته ان يُكلف انسانا ما يُعيقه عن طاعة ربه واتباع امره وشرعه؛ فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ وانما الطاعة في المعروف .. وتدبر هذه الايات البينات من الذكر الحكيم:- { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاءَ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَٰلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108) قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)الكهف} ...
والعمل الصالح يشمل كل فعل او قول؛ فيه صلاح الانسان فردا ونوعا؛ علما وثقافة ودينا وخلقا؛ وما فيه صلاح حياته وبقاءه ومعاشه؛فيشمل صحته وكفالته في كبره وعجزه وفقره وحاجته؛ و يشمل طرق الوصول الى اقوات الارض المبثوثة فيها للخلائق الذين يشتركون العيش على ظهرها؛ وما فيه صلاح الارض وعمارتها ؛ ويشمل مجاهدة وقتال وردع المفسدين الذين يُفسدون في الارض وينهجون نهج ابليس عدو الانسانية والبشرية ...
فلذلك جاء الامر بالتزام امر الله الذي شرع فقال سبحانه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)هود}...
وختاما نختم بالذي هو خير : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)الاحزاب}....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته